المجمع العام التقويمي للرهبانية الأنطونية: تجدّد والتزامٌ بخدمة الإنجيل والإنسان

عن الأمانة العامة للرهبنة الأنطونية

برمانا، لبنان، الاثنين 28 يوليو 2008 (Zenit.org).

الأمانة العامة للرهبانية الأنطونية البيان الآتي:

في الفترة الممتدّة ما بين 21 و 25 تموز 2008 عقد الرهبان الأنطونيون في ديرهم الأم، مار شعيا، مجمعهم العام التقويمي برئاسة قدس الأب العام الأباتي بولس تنوري وحضور الآباء المدبّرين والرهبان من لبنان وسوريا وبلدان الإغتراب. وبعد خلوة روحية لمدّة ثلاثة أيام حول الإنتماء والصلاة والفقر توقف الأنطونيون عند قضايا رهبانية وكنسيّة واجتماعية وإنسانيّة وتربويّة وقانونيّة، بالإضافة إلى درس سُبل جديدة للعيش الرهباني وللرسالة وسبل الالتزام في خدمة الإنجيل والإنسان.

وفي ختام المجمع العام أصدروا البيان الآتي:

                                              

أولاً- التجدد الروحي للحياة الرهبانية:

 تناول رهبان المجمع، ومن خلال العودة الى الجذور الروحية، الصعوبات التي تحيط بالتزامات الحياة الرهبانية، والتحدي المتزايد الذي تحمله الحياة العصرية، ولاسيما التقدم التكنولوجي، لكل راهب. ودعوا إلى مواكبة هذا التقدم مع الحفاظ على القيم والمبادئ التي نذروا أنفسهم لها. وهذا التقدم يتطلب مضاعفة الجهد لمتابعة الرسالة الروحية والاجتماعية والوطنية باستخدام كل الوسائل، بما فيها هذه التكنولوجيا التي أرادها الله لخدمة البشر.

 

ثانياً: التزامٌ بتعاليم الكنيسة:

شدّد رهبان المجمع على دور الرهبانية الانطونية الملتزمة تعاليم الكنيسة، ومنها توصيات السلطة الكنسية ولا سيما مقرّرات المجمع البطريركي الماروني، وعلى التعاون مع أساقفة الأبرشيات وجميع الرهبانيات، وأصحاب الإرادة الصالحة، خصوصا في الميدان الاجتماعي لتفعيل الدور التاريخي للكنيسة المارونية واستمراريتها وشهادتها المسكونية ومسيرتها الحضارية في لبنان والعالم العربي، خصوصاً وأن الرهبانية  كانت  ولا تزال، وإلى جانب الكنيسة الأم، الملاذ لشعبها في الشدائد والمصائب. وانطلاقا من هذا الدور التاريخي يجدّد الأنطونيون التزامهم الالتصاق أكثر فأكثر بشعبهم ومساندته خصوصا في زمن الشدائد   والمحن، وايلاء الشأن الاجتماعي اهتماماً كبيراً في الظروف الصعبة التي يمر بها أبناء الوطن اليوم، مسيحيين ومسلمين، مقيمين ومغتربين.

 

ثالثا: على صعيد الإنتماء الرهباني:

يلتزم الأنطونيون ما تقرّه قوانينهم ويعتبرون أنّ انتماءهم الرهباني هو هبة من الله لنمو الكنيسة وخدمة الإنسان، ويعبّرون عن هذا الإنتماء بالتأكيد على عيشٍ صادقٍ للمشورات الإنجيلية ولحياة التأمل والصلاة مجسّدين كل ذلك في خدمة الإنسان وتعزيز حقوقه. ولذلك كانت أكثر جلسات المجمع مكرّسة لدرس القوانين الرهبانية وإدخال التعديلات اللازمة عليها لتتوافق مع التشريعات الكنسية الجديدة وتنمّي الأصالة الرهبانية وتسهّل خدمة الإنسان.

 

 

 رابعاً: على صعيد العمل التربوي والثقافي:

أكد الأنطونيون على التزام مؤسساتهم التربوية والجامعية والثقافية، رسالة الكنيسة في تعزيز التعليم والتثقيف وتأمينهما للجميع وخصوصاً للأكثر فقراً، من أجل أن تدوم أديارهم ومؤسساتهم مجالاتِ ترقٍ وتلاقٍ للإنسان، كل إنسان، بهدف تعزيز حوار الأديان والثقافات والعمل على تعزيز العيش المشترك بين جميع الناس، والشهادة على أن العلم والإيمان يلتقيان ليسعفا الإنسان في مواجهة التحديات التي تهدّد كرامته وبيئته وسلامة فكره.

 

خامساً: الوضع اللبناني والمسيحي:

أعتبر رهبان المجمع أن الرهبانية واعية للنزف الكبير في المجتمع اللبناني والمشرقي، والمسيحي بشكل خاص، وهي تعمل جاهدة على توجيه نشاطاتها والتزاماتها للحدّ من مخاطر الهجرة ومن نتائج التهجير، وذلك من خلال خلق الأنشطة وفرص العمل لمقاومة النزوح الحاصل في قرى الأطراف، بالإضافة إلى السعي لتأمين متطلبات الحياة الكريمة والحاجات المتعددة للمواطنين في هذه المناطق. لذلك تبدو الحاجة ملحة اليوم إلى تعزيز أنشطة الرهبانية في الميادين الاجتماعية والثقافية، كونها الحاجة الأولى لشعبنا ليثبت على أرضه ويترّسخ.

واستناداً إلى ذلك تعي الرهبانية ضرورة استعادة المسيحيين لدورهم الوطني والتاريخي الذي تميزوا به، ولاسيما في الحفاظ على الكيان وفي جمع شمل الطوائف اللبنانية حول مشروع وطني توحيدي، خصوصاً وأنهم كانوا رواد النهضة العربية منذ القرن السادس عشر، ورواد اليقظة العربية منذ القرن الثامن عشر، والساعين إلى بناء  لبنان التعددي والديمقراطي منذ مطلع القرن العشرين، وهم اليوم أيضاً، مدعوون إلى عملية انقاذ جديدة من خلال توحيد صفوفهم حول مشروع سياسي وطني جامع يؤكّد على ان لبنان هو أكثر من وطن لأنه رسالة.

وقد ثبت أكثر من أي وقت مضى ان هذا الوجود المسيحي المنفتح والجامع هو ضرورة من اجل درء الفتن المذهبية والطائفية التي تهدد الوطن- الرسالة.

سادساً: الإنتشار في بلدان الإغتراب:

إنّ الرهبانية إذ تولي اهتماماً كبيراً للعمل الرعوي والثقافي والإنساني في بلدان الإنتشار، تقدّر تعاون المغتربين مع الأنطونيين وتتمنى أن يأتي هذا التعاون بثماره المرجوّة لخير الكنيسة والوطن والأشخاص. كما أنها تعمل على تعزيز انفتاحها على العالم العربي وفقاً لما دعا إليه الإرشاد الرسولي رجاء جديد للبنان، وذلك باستحداث المؤسسات الكفيلة بتعزيز الانتماء الكنسي والتواصل بين الإخوة الذين فرّقت بينهم الصراعات وصعوبات تأمين الحياة الكريمة على أرض الأجداد.

سابعاً: ملف المفقودين:

 وإذ كانت الرهبانية لم تتدخل في السجال الإعلامي الخاص بالمفقودين، احتراماً منها لوعود أعطيت لها وتأمل بتنفيذها، فإنها لا تزال تصلي من أجل هؤلاء ليرعاهم الرب بعنايته وليكشف مصيرهم وخصوصاً مصير أخوينا المغيبين الراهبين الأنطونيين البير شرفان وسليمان أبو خليل اللذين تؤكّد الرهبانية إصرارها على استنكار ما حصل لهما وتطالب بالكشف عن حقيقة تغييبهما.

 

ثامناً: ختام

وفي ختام أعمال المجمع صلى رهبانه من أجل السلام في لبنان والعالم وخصوصاً من أجل قداسة الحبر الأعظم البابا بندكتوس السادس عشر ومن أجل غبطة السيد البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير والمسؤولين الروحيين والمدنيين وفي مقدمتهم فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وجميع القادة آملين أن يضاعفوا جهودهم لإخراج لبنان من دائرة العنف لتي تعصف به منذ أكثر من ثلاثين عاما وقيادة السفينة الى شاطئ الاستقرار والسلم الأهلي الدائم ودعم جهود فخامة الرئيس بتطوير الدولة اللبنانية وعصرنتها بهدف تأمين المساواة والعدالة الاجتماعية لجميع أبنائها وخصوصاً الشباب الذين هم أمل الكنيسة والوطن ويحقّ لهم بغدٍ أفضل ومشرق.

ويأمل الأنطونيون أن تتحوّل العنصرة الجديدة التي عاشوها في مجمعهم الرهباني علامة رجاء فاعلة للكنيسة وللبنان وللعالم.