هل تعرف المسيح ام تعرف معلومات عنه؟

أن الكثيرين منا كمسيحيين يظنون انهم  يعرفون المسيح ، وفي الواقع نحن نعرف معلومات كثيرة عنه ، وهنا على كل منا أن يتساءل : هل اعرف المسيح حقيقة ؟

 هناك نوعان من الناس ، نوع يدعي معرفته بالمسيح ويعرف عنه معلومات كثيرة وربما يكون محافظا على اداء الفروض الطقسية ومعلما للكتاب المقدس ولكنه في نفس الوقت يعيش انفصاما بين ما يقول وما يفعل . نوع اخر بدأ في معرفة المسيح لكن عليه أن يتعمق في  معرفته وعلاقته مع شخص الحبيب،  فمعرفة المسيح ليست مجرد معلومات لكنها علاقة شخص بشخص . نحن  كأولاد الله صرنا نعرف المسيح؛ وأصبحت لنا علاقة شخصية به، لكننا سنظل نكتشف نواحيَ جديدة في شخصيته لأنها شخصية غير محدودة.

إذ أننا كلما اكتشفنا شخصية المسيح بشكل أعمق، تشوقنا أن نتعرف به أكثر.سعى الرسول بولس باستمرار لأن يزداد في هذه المعرفة فكان شعاره :  « أنا لست أحسب نفسي أني قد أدركت»  (فيلبي 13:3). سعى ليعرف المسيح وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته. هناك فرق بين أن نعرف قيامة المسيح وبين أن نختبر قوة القيامة؛ وبين أن نعرف آلام المسيح وبين أن نختبر شركة آلامه؛ وبين أن نعرف موت المسيح وبين أن نندمج في هذا الموت عملياً وبطريقة اخري : المعرفة المطلوبة هي أكثر من معرفة نظرية، إنها معرفة واقعية وعملية. فعندما نتعرف بشخصية المسيح في العمق يصبح هذا الشخص بطلاً في حياتنا، بطلاً يملأ أفكارنا ويسبي عواطفنا. يصبح هدف حياتنا ومحور طموحنا. نعبده ونفرح به ونتعزى برفقته. وإلا تصبح حياتنا جافة وجامدة، ويصبح المسيح بالنسبة إلينا تمثالاً من دون حياة، شخصاً خلصنا من خطايانا في الماضي وانتهى الأمر.

لذلك يوصينا الكتاب بالقول:«  انموا في النعمة وفي معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح » (2بطرس 18:3). ما لم يوجد نمو، فهنالك موت، وما نعرفه علينا أن نطبّقه. فبعدما علّم المسيح قال: « من يسمع أقوالي هذه ويعمل بها أشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر. فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبّت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط»  (متى 24:7).  فعلاقتنا القوية بالمسيح تجعلنا نتخطي كل الصعوبات وتجعلنا نصمد ونتحدى الرياح مهما كانت شدتها ، فالمسيح مصدر قوتنا ومصدر رجاؤنا في كل الظروف.

إن الرب يكشف لنا عن شخصيته من خلال معاملاته؛ وما نتعلّمه بشكل نظري ، يمكن أن تنسخه نظرية أخرى ، لكن ما نختبره يدخل في عظامنا ، يصبح جزءا منا ، لذلك يقول المرنم:«  جميع عظامي تقول يا رب من مثلك…» (مزمور 10:35).  لا يكفي أن نسمع عنه ونقرأ عنه ونتكلم عنه ولا حتى أن نخدم باسمه، « أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة». ويصرّح المسيح:«  إني لم أعرفكم قط»  (متى 22:7-23). أنا لم أعرفكم في العمق، لم تكن بيني وبينكم شركة أو صلة، لم يوجد اندماج واتحاد مع رب الحياة ومصدر الحياة.

 

والسؤال لك عزيزي القارئ  هل تعرف المسيح حقيقة ؟ أن معرفتنا للمسيح  تتطلب منا أن نمكث معه في صمت ومجانية ، نسمعه ونتحدث اليه ، نتعلم منه من خلال علاقته بالاشخاص والطبيعة والاشياء ، نتحد به ونعيش في شركة معه في سر الافخارستيا  ونصير واحدا معه ، ونقتفي اثاره ، نتشبه به ونعيش حياته ،  ليصبح مركز حياتنا وكنائسنا وتحركاتنا ، وعندما نتعرف على المسيح وبشكل عميق، نسمح له أن يتبنّى أمورنا. يحمل قضايانا وهمومنا ومشاكلنا، شرط أن نوكّله بذلك؛  لنصلي بعضنا لاجل بعض.

الاخت سامية صموئيل  

من راهبات القلب الاقدس