كيف نعلّم أولادنا الإصغاء

إعداد سلام سيدة

من الصعب أن يصغي الأولاد إلى الآخرين عندما يكونوا في سنّ تتوجّه فيه جميع الطاقات نحو تعميق التجارب الخاصة! كيف ندّرب الأولاد إذاً على إصغاء متبادل؟

إنّ التعبير الكلاميّ واكتساب القراءة والكتابة هو محور النشاط الفكريّ للأولاد منذ سن السابعة. فبين 7- 12 سنة، تأخذ الكلمات أهمية متزايدة، ويُعبِّر الأولاد من خلالها عن أشياء أكثر فأكثر. وهكذا ينفتح الأولاد على الآخرين وعلى العالم.

سن التعبير اللفظي

تقود هذه القدرة اللفظية الجديدة الأولاد بين 7- 12 سنة إلى:

إثبات الذات. يقول الأولاد: «أنا». مثلاً، يجرؤون على طلب أن يُعطى لهم الوقت للفهم: «أنتَ تتكلم كثيراً، لا أسمع شيئاً»، هذا ما قاله يوماً أحد الأولاد للمرّبي في لقاء التعليم.

 

التعبير عن مشاعرهم

إنّهم قادرون في سن الثامنة على أن يقولوا هل يحبون أم لا. إنّه السن الذي تشغل فيه العلاقات الثنائية مكاناً متميّزاً، وتكون غالباً متدرجة. فنسمع بنتاً تقول عن صديقتها: «إنّها ثاني أفضل صديقة لديّ».

طرح الأسئلة

 إنّهم يتخطّوا في هذه المرحلة سن الأسئلة المتتالية، الّتي تُطرَح لفهم كيف يسير العالم من حولهم.

العوامل المساعدة

الإصغاء:

يمضي الأولاد من 7- 12 سنة كثيراً من الوقت في النقاش مع رفاقهم، وهذا ما يعطيهم الفرصة للمقارنة معهم، وبالتالي معرفة مكانتهم. فيتدرّبون هكذا على الإصغاء المتبادل. أصغوا إليهم أولاً: كيف نطلب من ولد الإصغاء إلى الآخرين وهو الذي لم يُصغىَ إليه أبداً؟ وإذا لم يسأله أحدٌ يوماً: «كيفَ حالكَ»، «قل لي ما الّذي فعلتَه اليوم؟».

الصمت:

أعطوا قيمة للصمت: إنّه يسبق الكلام ويمهّد للإصغاء والفهم. فمعرفة إحلال الهدوء ضروري كي يصغي الواحد إلى الآخر.

الصداقة:

عزِّزوا ميلهم إلى الصداقة: لا غنى عن الرفاق (واحد أو اثنان) في نضج الولد، لأنّه بحاجة إلى مَن يستمع إليه.

مسيرتكم

أصغوا إلى الأولاد وهم يروون حياتهم اليومية، دعوا كلّ واحد يعبّر وامنعوا الأحاديث الجانبيّة، كي تبيّنوا أنّ عند كل شخص شيئاً هاماً ليقوله. فيحثهم هذا على الفعل ذاته مع الآخرين.

علّموهم احترام كلام الآخرين. لا تترددوا في أن تطلبوا من الذي سيتكلّم أن يُعيد صياغة ما قاله رفيقه الّذي تكلّم قبله.

ساعدوهم على أن يفضّلوا اختيار الصمت للإصغاء إلى الآخر بدل أن تفرضوا أنتم الصمت عليهم. ولا يوجد طريقة واحدة بل عدة طرائق تؤدي إلى الصمت: نَوِعوا اقتراحاتكم.

هيئوا المكان: وضع المجموعة في الصالة له دور في تواصل الأولاد مع بعضهم بعضاً. فبوضعيّة الدائرة يتخاطبون بسهولة. أمّا وضعيّة الصف، أي متوجّهين نحو المرّبي، فتجعلهم يتحدثون معه فقط.

حدّدوا مع الأولاد منذ اللقاء الأول كلّ ما يبدو لكم أساسيّ لسير المناقشات بشكل جيد: لا سخرية، لا إهانة، كل واحد يتكلم بدوره عندما يكون الآخر قد انتهى.

كونوا مرنين! يحتاج بعضهم إلى الحركة أو الإمساك بشيء كي يركّز. نحن نظنّ أنّهم لا يستمعون ولكن هذا خطأ.

استأنسوا الولد الخجول أو المنزوي الذي لا يتكلّم أبداً. وأيضاً حثّوا بلطف الولد الثرثار كي يستمع إلى رفاقه. بيّنوا له أنّنا نحافظ على انتباه الآخرين إلينا حتى إن لم نكن دوماً الشخص الّذي يتكلّم.

انتبهوا إلى السؤال: ففي غالب الأحيان، يجيب الأولاد باقتضاب. حاولوا أن تطرحوا أسئلة تتطلّب إجابات طويلة.

 مثلاً، بدل كيف نساعد الآخرين؟ نسأل: ارووا حالات نستطيع فيها أن نساعد الآخرين.

استعملوا ديناميكية المجموعة: إنّ المجموعة في الصفّ أهم من المجموعة الصغيرة التي يفضّلها الـ 7-12 سنة، وحيويتها تستطيع أن تحثّهم على المشاركة أكثر.

أجيدوا الدعابة بلطف: فمع قليل من المزاح، وبضع نكات وكلمات حلوة يمكن أن يُقال الكثير، وتستطيع المجموعة أن تتوسّع في أدائها، مع الحرص على ألاّ تخرج الدعابة الأولاد من جو الجديّة.

استخدموا اللعب: مثلاً، توضع عصا أو أيّ شيء آخر، ولا يحقّ الكلام إلاّ لمَن تكون في حوذته. وحين ينتهي، يعطي المربّي العصا للّذي يليه أو للّذي طلب الكلام بعده. ويمكن استعمال ميقاتيّة لتحديد زمن الكلام. الأولاد يحبون هذه الأشياء، ويحبّون خوض التحدي المقترح، كأن يتكلّم الولد طوال دقيقة لا أكثر ولا أقل.

تستطيعون أيضاً إعادة صياغة سؤال طرحه أحد الأولاد. ثم يكتب كل واحد إجابته وما يريد قوله. استعرضوا ما كتبوه، الواحد تلو الآخر، مع توضيح أنّ على كلٍّ منهم أن يختار قراءة إجابة واحدة من الإجابات التي كتبها. فهذا ما يسمح للجميع أن يعبِّروا.

 عن موقع جمعية التعليم المسيحي بحلب