تصالح مع هتلر

عندما علم المسيح تلاميذه كيف يصلون قال لهم : " أغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا  للمذنبين الينا " ( متى 6 : 14 – 15 ) " فإنه إن غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم أبوكم أيضا زلاتكم ، وان لم تغفروا زلاتهم لا يغفر أبوكم أيضا زلاتكم "  فعدم مغفرتنا للناس يمنع غفران الله . أن غفران الله يجعل العالم  يتماسك معا ، بدون أنانية وبدون مصلحة شخصية ، أما الخطيئة والانانية فتهيج سخطا على الارض . فإن لم يوجد غفران سوف تسيطر الانشقاقات والانقسامات في جماعاتنا واديرتنا وكنائسنا ومجتماعاتنا .

 أن الغفران أختيار لكنه بالنسبة للمؤمنين ليس أمرا أختياريا بل وصية . أتي المسيح الى العالم لا ليدين العالم بل ليخلص العالم . يخبرنا الكتاب المقدس في ( رومية 5 : 8 ) أن الله بيًن محبته لنا ونحن بعد خطأة وعلى الصليب قال يسوع " يا ابتاه أغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون" لقد قدم يسوع غفرانه لكل العالم . انه ذلك الحب وذلك الغفران الذي يسألنا الله أن نعطيه لكي نقود الناس الى التوبة ، فالكرازة للعالم تعتمد على غفراننا . فإن لم نغفر لا يمكن أن نختبر قوة قيامة المسيح في حياتنا .

    يحكي احد القساوسة الامريكان فيقول : وجدت نفسي مستيقظا ذات ليلة في الثانية صباحا وقد شعرت أن الله يتحدث الىً قائلا : " إنك تحتفظ بمرارة في نفسك . انك لم تغفر ، وكنت لا اعرف الشخص الذي لم اغفر له . لذلك طلبت من الله أن يعًرفني من هو هذا الشخص. فقال لي الله " إنك لم تغفر لهتلر " فقلت " يا الهي … أن هتلر قد مات " فقال لي الله " أنني اعلم ذلك لكنه لم يمت من قلبك " وذكرني الله بعدد المرات التي كنت اقلد فيها هتلر ساخرا منه ، عندئذ ادركت إني كنت مقيدا . وقد دربني الله كيف أكون حساسا لروحه القدوس وللاخرين ، فأظهر لي القساوة التي كانت في قلبي تجاه شخص لم أقابله ابدا مثل هتلر. فقلت حسنا يارب ، إنني اريد أن اغفر لهتلر . وبعد ذلك أظهر لي الله شخصيات آخرى معروفة لي ، لا زالت على قيد الحياة تحتاج مني الى الغفران.

 عزيزي القارئ : ربما تستغرب لما يحكيه هذا القس ، لكن في الواقع كل منا يحتاج أن يتصالح مع هتلر ، لذلك علينا أن نبحث في داخلنا عن : من هو هتلر بالنسبة لي ؟ من هم هؤلاء الاشخاص الذين يحتاجون مني الى غفران ؟ فبمقدورنا أن نختار أن نحب اعدائنا ، هكذا طلب منا يسوع ، والحب دائما يشمل الغفران المتواصل . عندما يوصي المسيح بأمر ما فهناك الامكانية أن نفعل هذا الامر . وعندما تختار أن تغفر فإنه يساعدك . ولكي تغفر للاخرين عليك أن تكون قادرا على أن تغفر لنفسك ، وأن تتغلب على الغيرة التي بداخلك وأن تكتشف رحمة الله وأن تنزع من قلبك حب الانتقام والانانية والخوف ، وأن تنظر الى المصلوب  المجروح الذي " أخلى ذاته آخذا صورة عبد ، صائرا في شبه الناس . وأذ وجُد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت ، موت الصليب " ( فيلبي 2 : 7 – 8 ) . لقد شعر بكل ما نشعر به وهو يعرف ما عرفناه من معاناة وقد جُرب بكل الطرق التي يمكن أن نجُرب بها . ولهذا السبب يستطيع يسوع أن يبين لنا كيف نغفر وكيف نتلقى الغفران .

الأخت سامية صموئيل

مــن راهبــات الــقلـب الأقدس