فلنجعل من الاخوة أكثر من مثال، بل واقعا

كلمة الكاردينال جان لوي توران في مقر الأمم المتحدة

روما، الأربعاء 19 نوفمبر 2008، (Zenit.org)

ننشر في ما يلي  مداخلة الكاردينال جان لوي توران، رئيس المجلس الحبري للحوار بين الاديان، حول موضوع " ثقافة السلام"( النقطة 45)، خلال الدورة الثالثة والستين من الجمعية العمومية للامم المتحدة، في نيويورك، يوم الاربعاء 12 نوفمبر 2008.

سيدي الرئيس،

انضم بسرور الى كل من سبقوني على هذه المنصة، للتعبير، باسم بعثتي، عن شديد الامتنان لنوعية الاستقبال الذي احطنا به .

اتشرف بنقلي اليكم التشجيعات القلبية من قبل البابا بندكتس السادس عشر، الذي يعتبر ان ثقافة السلام هي حاجة، كما يشهد تعليمه. وقد حظي بفرصة التعبير، هنا بالذات، عن التقدير الذي يكن به لنشاطات الامم المتحدة.

وكيف لا نذكر اليوم ، في الواقع، من خلال هذه المناسبة التي تجمعنا-"ثقافة السلام"- ان الأمم المتحدة ، من طبيعتها ورسالتها، يجب ان تكون مدرسة للسلام ! هنا، في الواقع يجب ان نتعلم دائما ان نتصرف آخذين بعين الاعتبارالطموح والمصالح الشرعية للجميع. هنا كافة الدول الاعضاء بكل كرامة وبالتبادلات اليومية مثل القرارات الكبرى بامكانها ان تنمي الحس بالانتماء الى نفس العائلة. بمجهودكم لتخطي منطق القوة البسيط وترك مكان لقوة القانون ولحكمة الشعوب، تصبحون "صانعي سلام"!

في كل اسبوع ، يجتمع الملايين من المؤمنين في كنيسهم ، في كنائسهم، في جوامعهم، وفي اماكن أخرى للعبادة للصلاة، حيث يقومون باختبار الاخوة، حيث يحققون الوحدة في التنوع. يذكرون الجميع بأن" الانسان لا يحيى فقط بالخبز"! هذه " المعرفة بالتصرف هي التي نرغب في وضعها بمتناول الجميع. من خلال دعوتنا للدخول الى الاعماق، للانسجام مع الذات ، مع الآخرين والخليقة، تعطي الديانات معنى للمغامرة البشرية.  

لهذا، يجب بادىء ذي بدء، طبعا، ان يكون المؤمنون متناسقين وجديرين بالتصديق. لا يمكنهم استعمال الدين لقمع حرية الضمير، لتبرير العنف، لنشر الحقد والتعصب، او لزعزعة الاستقلال السياسي والديني.

من ناحية آخرى، بالمشاركة في الحوار العام في المجتمعات التي ينتمون اليها، يشعر المؤمنون انهم مدعوون للتعاون على دفع المصلحة الجماعية التي ترتكز على قاعدة من القيم  المشتركة للجميع، مؤمنين او غير مؤمنين: قدسية الحياة ، كرامة الانسان، احترام حرية الضمير والمعتقد، التعلق بالحرية المسؤولة، قبول الآراء في تنوعها، الاستعمال السيلم للعقل، تقدير الحياة الديمقراطية ، المحافظة على الثروات الطبيعية، وهذا تعداد للبعض منها فقط.

في يناير الماضي ، خلال مؤتمر مدريد، أكد المشاركون المنتمون لديانات مختلفة، في البيان الختامي،" بأن الحوار هو حقيقة اساسية في الحياة. انه وسيلة مهمة لجعل الشعوب تتمكن من اللقاء، لتقوية تعاونهم… للبحث عن الحقيقة ، مسهمين بذلك في سعادة البشرية" . هذا هو الحوار الذي نمارسه هنا ، هذه الايام!

في النهاية سيدي الرئيس، اريد ان اتكلم الان باسم الكنيسة الكاثوليكية ،لأّؤكد للجماعة الدولية مشيئة رعاتها وكذلك مؤمنيها الاستمرار بتقديم لكافة اخوانهم واخواتهم في الانسانية روح الاخوة، قوة الصلاة، والأمل، ذلك الذي يقدمه المسيح " الذي دمر حائط البغض الفاصل بين الاخوة الاعداء" (أفسس2،14). تلك هي القيم التي تلهم نشاطنا على الارض، حيث الانسان يتعذب ويأمل.

عسانا جميعا ودون ان نتخلى عن خصائصنا الثقافية والدينية ، نرسم الطريق نحو عالم أكثر ثباتاً و تضامناً! فلنذهب أبعد من  التقبل و التسويات غير الأكيدة! فلنصنع من الأخوة أكثر من مثال بل واقعاً!

نقله الى العربية الأب ماجد مارون – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)