الحوار اللاهوتي بين الكاثوليك والأرثوذكس يحتاج إلى أرضية الثقة التي تتولد بفضل العلاقات الشخصية

الكاثوليك والأرثوذكس سيركزون على مسألة "الأولية البطرسية" في عام 2009

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، 22 يناير 2009 (Zenit.org).

لقد عززت الكنيسة الكاثوليكية علاقاتها مع الكنيسة الروسية على الصعيد اللاهوتي والحياتي، خصوصًا بعد تقارب كبير وصداقة شخصية بين مسؤولين دينيين من بطريركية موسكو والكرسي الرسولي.

ففي مقالة صدرت في جريدة الأوسيرفاتوري رومانو لأمين سر اللجنة الكاثوليكية للتعاون الثقافي مع الكنائس الأرثوذكسية في المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين، تحدث ميلان جوست عن الخطوات الكثيرة التي تم القيام بها في السنة الأخيرة منطلقًا من الزيارة الرسمية للكاردينال فالتر كاسبر، رئيس المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين إلى روسيا، التي سلطت الضوء على أهمية اللقاءات الشخصية بين الكنيستين.

يكتب جوست: "إن العلاقات الشخصية بين المسيحيين هي وسيلة ناجعة لتعزيز الشركة. وهذه العلاقات لا تبغي استبدال الحوار اللاهوتي بل تعزيز الثقة المتبادلة الضرورية لكي يتم الحوار اللاهوتي".

وعلق على زيارة كاسبر إلى روسيا بمناسبة عيد القديسين كيريلوس وميتوديوس شفيعي أوروبا بالقول: "كانت الغاية من هذه الزيارة تعزيز معرفة الكنيسة الارثوذكسية الروسية وتقليدها الروحي والثقافي الغني".

وقد تقبلت الأوساط الأرثوذكسية هذه الزيارة بشكل إيجابي، وعبرت عن تقديرها عبر قبول دعوة كاسبر إلى المشاركة في اللجنة المشتركة للحوار اللحوار اللاهوتي التي تدرس العلاقات مع الأرثوذكس، إنطلاقًا من عام 2009.

"لهذا القبول أهميته الكبرى، لأن غياب البعثة الارثوذكسية عن اللجنة حتى الآن، كان يؤثر سلبًا على مقررات اللجنة".

هذا وكان كاسبر قد التقى خلال زيارته البطريرك ألكسيس الثاني، وجرى حوار ودي دام أكثر من ساعة. وقد ترأس الكاردينال عينه البعثة الكاثوليكية التي شاركت في دفن البطريرك الذي رقد بالرب في الأسابيع القليلة الماضية.

وأخيرًا اعتبر جوست أن هذه العلاقات "الخاصة" تحتاج إلى أن تتقوى لأنها تستطيع بعون المسيح أن "تجترح العجائب، حتى عندما يبدو وكأن المسيرة نحو الشركة تسير ببطء كبير".

تقرير إيجابي

هذا وكان المونسينيور ألوتيريو فورتينو، نائب أمين سر المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين قد صرح في تقرير حول عمل اللجنة المشتركة التي تمثل الكنيستين أن الحوار بين الأرثوذكس والكاثوليك على الصعيد اللاهوتي والحياتي يتقدم بشكل ملحوظ.

وأشار إلى أن برنامج اللجنة المشتركة لهذه السنة قد وضع بين أولياته التعمق في درس وفهم أولية أسقف روما في الألفية الأولى.

البابا يشكر لأجل التقدم في العلاقات المسكونية

هذا وعلق الأب الأقدس بندكتس السادس عشر أيضًا بشكل إيجابي على الخطوات الملموسة التي تمت نحو الوحدة التامة في عام 2008، شاكرًا الله على كل ما ممكن الكنائس من إحرازه في هذه السنة.

وقد جاءت كلمات البابا في معرض المقابلة العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان، والتي كرسها للحديث عن موضوع أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيين في هذه السنة: "فتصيران شيئًا واحدًا".

وقال أسقف روما أن هذا "الأسبوع" يشكل "فرصة مؤاتية لشكر الرب لأجل ما مكننا أن نقوم به حتى الآن "لنقرب" أحدنا من الآخر" كمسيحيين.

وذكر البابا اللقاءات اللاهوتية، والأخوية مثل تلك التي جمعته بالبطريرك المسكوني برثلماوس الأول، الذي وجه خطابًا أيضًا إلى جمعية سينودس الأساقفة. إضافة إلى استقبال كاثوليكوس الكنيسة الرسولية الأرمنية: صاحب القداسة كراكين الثاني إتشمياتزين، وصاحب القداسة أرام الأول من أنطلياس.

وبالحديث عن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية قال: "وأخيرًا، تقاسمت ألم بطريركية موسكو لأجل وفاة الأخ الحبيب في المسيح، قداسة البطريرك ألكسيس الثاني، وأستمر في شركة صلاة مع إخوتنا الذين يستعدون لانتخاب البطريرك الجديد في كنيستهم الأرثوذكسية الجليلة والعظيمة".

العمل المسكوني هو من أوليات البابا بندكتس السادس عشر

بحسب الأسقف برايان فاريل من المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، الخميس 22 يناير 2009 (Zenit.org).

إن العمل المسكوني هو من بين أوليات حبرية بندكتس السادس عشر، تمامًا كما هو الأمر مع البابوات منذ المجمع الفاتيكاني الثاني.

هذا ما صرح به الاسقف برايان فاريل في مقابلة إلى جريدة الاوسيرفاتوري رومانو، موضحًا أن الحوار يتقدم مع مختلف الطوائف المسيحية حتى ولو بسرعات متفاوتة في إشارة إلى تقدم الحوار مع الكنائس الأرثوذكسية، واستمرار بعض العقبات مع الجماعات الكنسية الإصلاحية.

وأضاف أمين سر المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين أن الدليل إلى الأهمية التي يوليها بندكتس السادس عشر للحوار المسكوني يعود إلى لقاءاته العديدة مع شخصيات مسكونية، وخطاباته الكثيرة التي تتطرق إلى موضوع الحوار المسكوني ووحدة المسيحيين.

حوار المحبة

وأوضح فاريل أن البابا يركز بشكل كبير على حوار المحبة، وقد تم إحراز تقدم كبير في هذا الصدد، خصوصًا مع الكنائس الشرقية والأرثوذكسية، بحيث تم تبادل زيارات رسمية عدة بين الكنيسة الكاثوليكية وهذه الكنائس.

وحوار المحبة بالضبط هو الذي سمح للحوار اللاهوتي، حوار الحقيقة، أن يتوصل إلى نتائج لم تكن متوقعة وممكنة في زمن سابق.

العلاقات مع الجماعات الكنسية في الغرب

على صعيد آخر، تأسف الأسقف لأن العلاقات مع الجماعات الكنسية الإصلاحية ما زالت مطبوعة بكثير من الشك وعدم الثقة، حتى ولو أن السنوات الأربعين الماضية من الحوار قد أسهمت في تخفيف الأحكام المسبقة وسوء التفاهم، إلا أن هناك فروقات كبيرة ما زالت قائمة.

ولخص فاريل هذه الفروقات في نوعين: العلاقة بين الكتاب المقدس والتقليد، وطبيعة كنيسة المسيح.

وتابع موضحًا أنه رغم التوصل سوية إلى القبول بعد التناقض بين الكتاب والتقليد، إلا أنها ما زالت هناك خلافات من بينها دور السلطة التعليمية في الكنيسة في شرح الكتاب المقدس.

أما بشأن طبيعة الكنيسة، فاعترف الأسقف أن "الوثيقة حول عقيدة التبرير" قد شكلت تقدمًا ملحوظًا، إلا أنها لم تزيل الصعوبات الكامنة وراء الاختلاف في فهم طبيعة الكنيسة، "بين نظرة روحية ومؤسساتية في آن – من الناحية الكاثوليكية – ونظرة روحية بحت من الناحية الإصلاحية".

رجاء للمستقبل

ولكن بالرغم من أن هناك الكثير من المسائل التي ما زالت عالقة، ومن ظهور مشاكل جديدة في الأفق، إلا أن "التوافق الذي تم التوصل إليه حتى الآن، والقائم على الشركة في المعمودية الواحدة، وغير ذلك من عناصر الإيمان المسيحي"، هو بادرة رجاء.

وأخيرًا ذكر فاريل أن المسكونية والوحدة هي "هبة من الله"، ورغم أن الحوار ليس ضمانة للوحدة المرجوة والمتمثلة بالشركة التامة في الافخارستيا، إلا أنه يشكل  ركيزة صلبة ودافعًا لتحقيق إرادة الرب بأن يكون جميع المسيحيون واحدًا.