الـغـنـي الـفـقـيـر والـفـقـيـر الـغـنـي

 

فصل من انجيل القديس لوقا 16/19-31

اعداد الاب انطونيوس مقار ابراهيم

راعي الاقباط الكاثوليك في لبنان

                                                       

 

مـقـدمـــــــــة :

يبرز امامنا اخوتي المؤمنين في هذا النص خطين متناقضين هما خط الغنى وخط الفقر فهذان لايلتقيان ولايحبان بعضهما البعض كخط  الليل والنهار،النور والظلمة ، خط النعمة والخطيئة ، خط الحياة والموت، خط الخلاص والهلاك وهذا ما دفع في نهاية الأمر من وجود فوارق طبقية بين البشر ، وصراع بين الغنى والفقر ، بين الأأزمة والانفراج ويمكنا ان نقول بأن عمر هذا الصراع هو من عمر البشرية وقد بدأ مع قايين حيث دخل في صراع مع أخية بين القرابين المستجابة والقرابين غير المستجابة فنشأ بينهم الموت والحياة، الراحة والشقاء، السيء والحسن.

وكثير من الدول والمنظمات والهيئات والاشخاص على مر التاريخ يسعون بكل ما يملكون من أجل حلّ هذا الصراع والنزاع ويعملون الثورات والمظاهرات تحت ما يسمى الدفاع عن حقوق الانسان(الفقير) وربما يكون تحول هذا الى تبديا في الفوارق فأنقلبت الأوضاع الاغنياء صارو فقراء والفقراء صاروا اغنياء.

 

انجيل اليوم الذي يقدمة لنا الرب يسوع المسيح يعطى لنا الرجاء والايمان بحلّ هذا الصراع المرير،فيأخذ المسيح منطلقاً لعرضه المثل وربما قد يكون المنطلق له جذور في الروايات اليهودية القديمة ، فيروى أن رجل مصري من يهود الاسكندرية قد سافر الى عالم الموت وعاد الى الحياة وقال من كان صالحاً على الارض ، كان لة الاله صالحاً في الآخرة ومن كان شريراً كان له الاله شريراً، ربما يكون يسوع انطلق من هذا التعليم حتى يتيح لسامعية مفهوماً جديداً ومن جهة اخرى يقول يوحنا ذهبي الفم في اكثر من مقال له " لايقدر أحد أن يؤذي إنساناً مالم يؤذ الانسان نفسه" موضحاً القول أن الذي يسىء إلى الانسان هو سلوله في حياته وليس غناه أو فقره فليس كل فقر هو مقدس ولا كل غنى هو منجس، وهنا انقلب الوضع بين الارض والسماء ومشهد الارض يكشف لنا وجود شخصين

ا

 الخط الثاني ( الفقير)

الخط الأول ( الغني) 

1- فقير جداً وظهر فقره طيلة حياته

2–يلبس القروح والامراض(التراب والرماد)

3- متطرف في فقره "خط مفتوح"

4- لم يشعر بمذاق الحياة طلية ايامه

5- قلبه عطوف " حتى الكلاب التي تلحس قرحه

6-لوكان يملك القليل من المال ربما شارك الآخرين فيه لأنه تألم

7- مطروحاً عند الباب

8- لم يرى عطفاً يوماً واحداً في الغني

9-لم يفقد يوماً انسانيته

10- أُدينَ فنال الجزاء والرحمة

11-هناك الكثير على مثاله

 

1- غني جداً وهذا الغنى يظهر فيما يفعله يومياً

2-يلبس الارجوان (الثياب الفاخرة) ويقيم الولائم

3- متطرف جداً في غناه

4- لم يشعر ابداً باحتياج الاخر

5- قلبه قاسيٍ جداً

6- وحده استفادة مما وهبه الله من غنى ولم يفسح المجال لمشاركة الاخر

7- يسكن القصور والمنازل الشامخة

8- لم يرى في الفقير اي حق ليطعمه

9- انعدمت فيه الانسانية

10- أُدينَ إدانهً قاسية لاتوبه فيها ولا رحعه عنها

11- له خمسة اخوة يعيشون مثله

 

اخوتي الاحباء هذا الفقير لعارز بالرغم من الفقر المدقع والآلم الذي كان يعيشه إلا أنه كان حكيماً فلم يحمل مطلقاً أي حقد أو حسد تجاه الغني، فكثير من الفقراء ينظرون للاغنياء بنظرة الحقد الردىء ولا سيما من كانوا يناولون منهم بعض المساعدات أو قوتهم اليومي ، أما  لعازر كان حكيماً طيب القلب يلتوى مرارة الجوع ضعيف الجسم ولا من معزي له .يأتيه كلام ابراهيم بأنه وجد العزاء في السماء وجاء دورك ايها الغني يامن تنعمت بخيراتك مع اصدقائك برفهية لاحد لها من الترف والتطرف، الآن أنت تتألم وفريسة العذاب الابدي والنار الجهنمية.

 

إن المخرج الوحيد لهذا المأزق الانساني هو :

1-يغير الغني نظرته للفقير ويكتشف بعمق وايمان أن ما يملكه ليس خاصاً به وحده بل هو خيراً يُشرك فيه اخوته .

2- يفتح أذنيه ليسمع صراخ المساكين الذين ظلمهم.

3-يختار أن يعيش في عالم الحب للجميع ويتخلي عن حالة اللاحب للمساكين والفقراء.

4- يفهم بأنه مؤتمن من الله على هباته وإحساناته، والتي تجعله أن يقاسم ويشارك المتألمين  

    والمحتاجين.

تعليقات اباء الكنيسة لهذا النص :

القديس امبروسيوس يقول :

1-تمتع الفقير بقوةٍ عظيمة كان سرها في قبوله آلام الفقر بشكر

2- ليس الفقر غاية في ذاته ولا الغنى شر في ذاته ، انما حياة الانسان هي التي تقرر.

3- صار الغنى فقراً والفقر غنى فقد صار الغني في العذاب يتوق لنقطة ماء من الفقير

4- بين الغني والفقير هوة عظيمة إذ لايمكن تغيير المكافأة بعد الموت.

القديس يوحنا الذهبي الفم يقول :

1- لايقدر أحد أن يؤذي انساناً ما لم يؤذ الانسان نفسه.

2- ما يُسيء الى الانسان هو سلوكه في الحياة وليس الفقر او الغنى.

3-تحولّ الحرمان عند لعازر الى بركة فالملائكة حملته في مماته بفرح وتهليل للمائدة السماوية.

4- مات الغني ودفن وقد سبق هو فدفن نفسه في جسدة كالمدفون في المقبرة (الشهوات الجسدية)

 

ماذا يقدم لنا مثل الغني ولعازر لمفهومنا اليوم ؟

يذكر عاموس النبي هذا القول ويشدد عليه " ويلٌ للذين تمرغوا في الغنى والرفاهية وحسبوا انفسهم في أمان وسلام" وهنا سبق عاموس النبي خطاب يسوع على الجبل فقال كلمات قاسية جداً ومخيفة  "طوبي للفقراء وويلٌ للاغنياء" . إن الانجيل المقدس يهتم اهتماماً خاصاً بالفقراء فيطلب منا أن نفتح لهم اذاننا لنسمعهم ونتقبلهم بقلوبنا بكل محبةٍ وسخاء وإعطاء ذاتنا لإخوتنا ، فالمسيح حين بذل ذاته بذلها عن الجميع.

اخي المؤمن أما من الافضل على الغني أن يرحب بهذا الفقير المطروح عند عتبة الباب ينتظر الفتات الساقط من مائدته والكلاب تلحس قروحه ويضمه إليه معتبراً اياهاً اخاً له كاإخوته الخمس، فالغني يذكر بأن له خمسة اخوة وهو السادس ولكان ضم الفقير اليه لصار العدد سبعة وفي هذا اشارة الى الكمال.

 اخيراً صار الغني معوزاً ويطلب المعونة من الفقير الذي كان منطرحاً عند بابه جائعاً مريضاً فتبدل الحال وعرف كل واحد من هو الغني الحقيقي ومن هو الفقير بحق، وتبين أن لعازر الذي يعني الله يعين هو أغنى من الكل وأن الغني الآخر هو أفقر الجميع.

صلاة :

يارب يسوع انت قلت طوبي للفقراء بالروح فإن لهم ملكوت السماوات أعطنا هذه النعمة وعالمنا بأن نرى في الانسان لا مالاً يملكه أو ما نملكه، بل نرى فيه صورتك الالهيه.وأن نفهم جيداً بأننا وكلاء على ما أتمنتنا عليه وأن حسن تدبيره، ونكون لك شاكرين بقناعة ما نحن عليه ولا نطلب سوى خبزنا كفاف يومنا آمين

المراجع :

1-العهد الجديد القراءة الرعائية

2- يسوع الرب والمخلص مع القديس لوقا " القراءة الربية " الاب بولس الفغالي.

3- سِفرُ الكلمة ج 2 للمطران بولس يازجي مطران حلي للروم الارثوذكس

4-  وكلمهم بأمثال للأب فادي مسلم الأنطوني

5- تفسير انجيل لوقا للقمص تادرس يعقوب ملطي