فكرة عقد سينودس للكنيسة في الشرق الأوسط

اقتراح قدمه رئيس أساقفة كركوك في العراق

بقلم إيزابيل كوستورييه

روما، الثلاثاء 17 فبراير 2009 (ZENIT.org)

إن "توحيد نهج" المسيحيين في الشرق الأوسط هو الهدف الذي يقترح من أجله المونسنيور لويس ساكو، رئيس أساقفة كركوك (العراق) تنظيم سينودس للكنيسة في الشرق الأوسط.

ففي حديث إلى مجلة الواحة يوضح المونسنيور ساكو أن اقتراحه لعقد سينودس هو ناجم عن ضرورة دحض "المعاناة التي تسحق المسيحيين في الشرق الأوسط ودحض مختلف التحديات التي ترهقهم".

وأقر قائلاً: "نحن جماعة صغيرة بحاجة إلى المساعدة في سبيل مواجهة كل هذه المشاكل". وقد جاء ذلك قبل استعراض سلسلة من المصاعب وأهمها "بالتأكيد الهجرة المسيحية من مناطقنا"، حسبما أوضح.

"إن خطر زوال المسيحيين من الشرق الأوسط في المستقبل القريب هو خطر حقيقي بالنسبة إلى المونسيور ساكو". فكشف قائلاً: "إننا قلقون جداً حيال إمكانية تطابق مصير المسيحيين في هذه البلاد مع مصير المسيحيين في تركيا أو إيران حيث يقتصر وجودهم على أعداد قليلة جداً".

مشكلة أخرى أشار إليها الأسقف العراقي خلال الحديث معه وهي مشكلة الراعوية فأوضح: "غالباً ما نختبر اليوم غياب برنامج رعوي ملائم للوضع الذي نعيشه ونتساءل عن كيفية إعداد برنامج يتكيف مع إخوتنا المؤمنين".

على سبيل المثال ومن خلال التفكير بالعلمانيين، يتكرر السؤال: "كيف يمكنهم أن يعيشوا ويظهروا إيمانهم في السياق الاجتماعي الثقافي الذي يغوصون فيه؟ كيف لنا أن ندرك وجود المسيحيين في الميدان الاجتماعي والثقافي في الشرق الأوسط؟"

كما أشار إلى أن هناك أسئلة أخرى تحتاج إلى أجوبة كالإصلاح الليتورجي، وتنشئة الإكليريكيين والرهبان، والتحدي الآخر المتمثل في "التلاقي مع المسلمين".

"إذاً هناك الكثير من المسائل العصرية المهمة التي يجب حلها" كما تابع المونسنيور ساكو الذي يعتبر بأنه إن كان "الكرسي الرسولي قادراً على رعاية سينودس لإفريقيا وآخر لآسيا، فلمَ لا يرعى سينودساً للمسيحيين في الشرق الأوسط؟"

وبالسؤال عن ردة فعل البابا على هذه الفكرة، أجاب المونسنيور ساكو أن "الأب الأقدس قال لي أيضاً بأنها فكرة سديدة".

ووفقاً للمونسنيور ساكو فإن بلدان المنطقة التي ينبغي أن يضمها هذا السينودس هي العراق ولبنان وسوريا والأردن ومصر وفلسطين، مع ضم مختلف المذاهب في المنطقة: الكلدان والسريان والأرمن والأقباط والموارنة والملكيين.

إلا أنه في سبيل التنظيم وهيكلة عمل السينودس، يعتبر المونسنيور ساكو أنه لا بد من "تشكيل لجنة مختلطة تشمل عارضين من مختلف الكنائس والبلدان، وممثلين عن الكرسي الرسولي، وخبراء في تنظيم أحداث مماثلة" مقدراً أن التحضير الكامل يستغرق "أكثر من سنة".

أهداف السينودس

بالسؤال عن النتائج التي قد تنبثق عن اجتماع مماثل، طرح المونسنيور ساكو فكرة الوحدة التي يمكن أن يشكلها هذا السينودس للمسيحيين في المنطقة إن تم تزويدهم بتوجيهات موحدة.

واعترف "بأننا بحاجة إلى صف موحد" موضحاً أن "لحياة الكنيسة هدف واضح هو التبشير بالإنجيل. إلا أننا حالياً لا نملك فكرة موحدة حول كيفية تجسيد هدف مشابه وحول طريقة ترجمته فعلياً في حياتنا اليومية".

وفي ما يتعلق بإمكانية إيجاد سبل للحد من هجرة المسيحيين من المنطقة، اعترف المونسنيور ساكو أنه لا بد من العمل على هذا المستوى. بيد أن "الحقيقة هي أننا لا نملك استراتيجيات لمساعدة المسيحيين على عدم المغادرة وعلى العودة في النهاية"، على ما قال مستنتجاً "بأنهم لن يرجعوا" وبأن "الأشخاص الذين ظلوا في بلادهم سيغادرون قريباً لأن ما من أحد يهتم بهم ويسعى إلى إيجاد حل لهم".

هذا واعتبر رئيس أساقفة كركوك أنه لا بد أولاً من "درس وفهم الأسباب الفعلية لهذا الهرب، والتفكير لاحقاً بالحلول" لأن "الأمر برمته متروك للارتجال". هنا تعجب معتبراً أنه "من غير الممكن الاستمرار على هذا المنوال".

هذا ويساعد السينودس في إيجاد طريقة جديدة للحوار مع المسلمين من خلال البحث عن "أسلوب جديد لا يعتمد على التبرير أو المجادلة". في هذا الصدد أشار المونسنيور ساكو إلى أنه يتعين على الكنيسة "اتخاذ المبادرات وإلا لن يقوم أحد بالخطوة الأولى. لذا ينبغي على الكنيسة أن تتصدر درب الانفتاح على اللقاء".

البوادر الإيجابية

بعد الانتخابات الإقليمية التي أجريت في 31 يناير في 10 محافظات عراقية من أصل 14 والتي انتهت بهزيمة الأحزاب الدينية المتطرفة، عقب المونسيور ساكو على ذلك قائلاً أن هذه النتائج هي "مصدر رجاء" للمسيحيين وللعراق كله إلا أنه ينبغي على "هذا الرجاء أن يتجسد في الحياة اليومية، لكي لا يظل خيالاً أو حلماً".

ومضى في القول بأن هناك "بوادر إيجابية لا بد من الاستفادة منها في مساعدة الجماعة المسيحية على البقاء والرجاء والشهادة".

"إن المسلمين ليسوا جميعاً أصوليين أو إرهابيين، فالعديد منهم طيبون يمكن التعايش معهم"، حسبما قال المونسنيور ساكو المقتنع بأن يجب فقط "إيجاد الطريقة المناسبة في النظر إليهم" أي "إيجاد الطريقة والأسلوب مع التشديد كثيراً على الأسلوب".

والسؤال الذي يجب أن نطرحه دوماً على أنفسنا، وفقاً لرئيس أساقفة كركوك هو: "ما هي الكلمات التي يجب أن نستخدمها مع المؤمنين المسلمين؟"

أخيراً، "إن دماء الشهداء المسيحيين الخمسمئة" الذين قتلوا خلال السنوات الأخيرة والذين دعا المونسنيور ساكو إلى تذكرهم واحداً واحداً، تشكل بالنسبة إليه "دعوة ورجاءً". فإيمانهم وصلاتهم ودماؤهم يدعون إلى "عدم مغادرة هذه البلاد، والبقاء من أجل الشهادة وإعلان الإنجيل"