كلمة الأب لومباردي حول الإعلام الكاثوليكي

(1)

 

"الإعلام من أجل الوحدة"

مدريد، إسبانيا 42 فبراير 2009 (ZENIT.org)

ننشر في ما يلي القسم الأول من الكلمة التي ألقاها الأب اليسوعي فيديريكو لومباردي، مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي، الاسبوع الماضي حول موضوع "الإعلام الكاثوليكي: تجربة الكرسي الرسولي الإعلامية" خلال اجتماع سنوي للجنة الاتصالات التابعة لمجلس أساقفة إسبانيا.

***

لطالما كانت الكنيسة ناشرة الرسائل إذ أن التبشير هو جزء من طبيعتها. لذلك، يجد دوماً المبشرون بالإنجيل وسائلهم الخاصة من أجل حمل رسالة الإيمان إلى الآخرين ابتداءً من الكلمة الحية ووصولاً إلى الكتابات الأولى ونسخها من أجل مضاعفتها.

بعد قرون عديدة، سرعان ما أصبحت الصحافة السبيل الأساسي في عملية التبشير. أخيراً تميز القرن الأخير بورود وانتشار كثيفين لوسائل إعلامية جديدة: السينما، الإذاعة، التلفزيون، الاتصالات الإلكترونية عبر الإنترنت، الرسائل الإلكترونية وغيرها. وقد حاولت الكنيسة استخدام كافة هذه الوسائل بغية القيام برسالتها في مختلف مجالاتها.

فتقدمت وسائل الإعلام الفاتيكانية عبر التاريخ على الشكل الآتي: من الطباعة والمنشورات في القرن السادس عشر إلى الاوسيرفاتوري رومانو سنة 1861 ومن ثم إلى إذاعة الفاتيكان سنة 1931، ومركز التلفزة الفاتيكاني سنة 1983 وأخيراً إلى الإنترنت في التسعينيات.

رؤية إيجابية لوسائل الإعلام الاجتماعية وتطورها

لطالما أدركت سلطة الكنيسة تطور وسائل الإعلام الاجتماعية مكرسة لها العديد من المداخلات والوثائق لكيما يتحدث المرء عن عقيدة الكنيسة حول الإعلام الإجتماعي.

عديدة هي وثائق البابوات. فقد كرس المجمع الفاتيكاني الثاني مرسوماً لها (Inter Mirifica) عقبته التعليمات الرعوية حول العمل (Communio et Progressio اتحاد وتقدم 1961). نتيجة لذلك كان المجمع فرصة مناسبة من أجل تحفيز الاتصالات بين الكنيسة والعالم إذ نشأ عنه المجلس الحبري لوسائل الاتصالات الإجتماعية ودار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي كـ "باب مفتوح" بين الكرسي الرسولي وعالم الاتصالات الاجتماعية.

بكل موضوعية تسلط وثائق الكنيسة الضوء على المشاكل المتعلقة بالاتصالات الاجتماعية وعلى المخاطر والالتباسات التي يتضمنها استخدامها. إلا أنه من غير الممكن إنكار أنها تعكس جملة وجهة نظر إيجابية – وحتى متفائلة – حول تطور الاتصالات الاجتماعية وحول الإمكانيات التي تقدمها من أجل تطبيق رسالة الكنيسة. فتبدو عناوين الوثائق بذاتها ملفتة: “Miranda Prorsus” (الاختراعات التقنية الاستثنائية)، “Inter Mirifica” (الاكتشافات التكنولوجية الرائعة)، “Communio et Progressio” (اتحاد وتقدم).

أعتقد بأنه لا بد لنا من مشاركة هذا الموقف مع الآخرين ومحاولة نشره. لذا أوصي بعدم اتخاذ موقف الخائف من الاتصالات الاجتماعية ووسائلها أو التحامل عليها بل بالقيام بكل ما هو ممكن بغية الاستفادة من الإمكانيات الرسولية المطروحة في استخدام وسائل الاتصالات في اتجاهين أساسيين هما:

–        إعلان الإنجيل ورسالة الكنيسة

–        بناء المشاركة والوحدة الكنسية

إننا نجد تجديداً في تفكير الكنيسة وتعليماتها حول الاتصالات الاجتماعية في الوثائق التي ينشرها المجلس الحبري للاتصالات الاجتماعية على مر الأيام (منها الكنيسة والإنترنت، الأخلاقيات في الاتصالات الاجتماعية، الأخلاقيات في الإعلان وغيرها). كما أن سلسلة الرسائل في اليوم السنوي للاتصالات الاجتماعية تساعد سنوياً على التعمق أكثر بالنقاط والمشاكل المحددة ذات الطابع الأخلاقي والتربوي والرعوي مساهمة بذلك في تطور إدراك مشترك لمشاكل الإعلام في الكنيسة جمعاء. هذا وأن رسالة هذه السنة حول "وسائل تكنولوجيا جديدة وعلاقات جديدة" هي إحدى الرسائل الأكثر فعالية بين الرسائل الأخيرة. وإنني أعتبر أنه من الإيجابي جداً إطلاق هذه المواضيع على المستوى الدولي إذ تشجع على تطور وتبادل التجارب ومبادرات التعاون بين مختلف البلدان، كالعمل الذي يتم في إسبانيا وإيطاليا حول وسائل تكنولوجيا جديدة وعلاقات جديدة في العناية الرعوية بالشبيبة. كيف تعمل تجربة ارتياد شبكة xt3 التي طورها الأستراليون من أجل إغناء يوم الشبيبة العالمي على دعم العلاقات بين الشبيبة من مختلف أنحاء العالم والاستمرار بعد اليوم في سيدني؟ وكيف يرتبط إعداد اليوم في مدريد بهذه التجربة؟

هذا ما يمهد تأملاً مهماً باعتقادي حول العلاقة بين الوسائل التقليدية والحديثة في خدمتنا الكنسية.

الجميع يعلم أن هناك اليوم عدد كبير من الأشخاص الذين لا تصلهم مباشرة رسالة الكنيسة إلا أن الإعلام يمكنه الوصول إليهم لذا من واجبنا محاولة استخدام هذه الوسيلة لا بل أكثر من ذلك هذه الوسائل – بسبب تعددها وتنوعها – بغية إعلان الإنجيل.

يشهد الإعلام تطوراً ملحوظاً بخاصة في المجتمعات الأكثر تقدماً ولا بد لنا من الانتباه إلى إدراك الطرق الجديدة التي يجب أن نستخدمها لنصل إلى مستمعينا على نحو أفضل. ولا بد من أن يكون هذا الانتباه مصحوباً بحذر حكيم. غالباً ما تستخدم الأجيال الصاعدة أو جماعات معينة وسائل جديدة من الاتصالات الاجتماعية إلا أن آخرين يحافظون على تعلقهم بعاداتهم ومن هنا يجب ألا نتخلى عنهم. وغالباً ما يحافظ الإعلام "التقليدي" على أهميتهم، فمن السخيف وضعهم جانباً والسماح للانجراف وراء سحر وسائل التكنولوجيا الجديدة وبالتالي التخلي عن مجموعة مهمة من القراء والمستمعين.

عندما أفكر في خدمة إذاعة الفاتيكان وأحاول إدراك التقدير الكمي للمستمعين، ألاحظ بشكل عام أنه وعلى الرغم من أن عدد المستمعين إلى المحطات الإذاعية التي تعيد البث ليس كبيراً إلا أنه يفوق عدد زوار شبكة الإنترنت.

فالبرنامج التشيكي على سبيل المثال له صفحة على الإنترنت تحظى بزيارة كثيفة من قبل العالم الناطق بالتشيكية، إذ يصل عدد الزيارات إلى 300000 سنوياً، حوالي ألف يومياً. بيد أن البرنامج اللاسلكي تعيد بثه الإذاعة الكاثوليكية للإرسال التي يتفاوت عدد المستمعين إليها بين 50000 و90000 يومياً. مما يعني أنه يجب أن نكون حذرين وواقعيين عند تقييم الحجم الفعلي لمختلف وسائل الإعلام.

إلا أن العديد من الشبان اليوم يستخدمون العديد من وسائل الاتصالات عبر الإنترنت، الآيبود أو الهواتف الجوالة وغيرها. كما أن هناك أهدافاً وتطورات عظيمة في هذا المجال. لذا يجب أن نقدر على الاستفادة منهم وإيجادهم من خلال هذه الوسائل الجديدة من الاتصالات مقدمين لهم إشارات على وجودنا وأجوبة عن أسئلتهم وحاجاتهم. إن رسالة هذا العام بمناسبة اليوم العالمي للاتصالات الاجتماعية تشجع كثيراً في هذا الصدد. لن أتوقف كثيراً عند هذا الأمر لأنه سيكون موضوع جلسة أخرى من جلساتكم إلا أنني سأطرح ملاحظتين.

ملاحظتي الأولى هي أن سرعة هذا التطور قد تبث في نفوسنا أحياناً شعوراً بالخوف من فقدان الروابط مع التاريخ إلا أننا محاطون بالعديد من الشبان الأكفاء الذين يمكنهم مساعدتنا: لا بد لنا من تشجيعهم على عيش حياتهم بثقة ولا بد لنا من الإصغاء إلى اقتراحاتهم. وإنني أعتقد أنه من الممكن بذلك التقدم من غير قلق بل بإبداع في عالم الإعلام الجديد. فبالنسبة لي، أطلع دوماً على الإعلام الجديد مثل الاستخدام المنتظم للبودكاستينغ، إنتاج "الأخبار المصورة" ونشرها على يوتيوب، من خلال معاوني وليس من خلالي أو من خلال من هم أعلى مقاماً مني. كما أنني أرى أن الازدهار الجيد لحضور الكنيسة الإيطالية الواسع على شبكة الإنترنت ناتج عن إبداع القواعد الشعبية المدعوم والمنسق مع مبادرات ملائمة أكثر مما هو ناتج عن استراتيجية مفروضة من سلطة عليا.

أما الملاحظة الثانية فهي أنني أبذل شخصياً قصارى جهدي من أجل الحفاظ على استمرارية التقدم في الاتصالات وإعطاء صورة تكامل لخدماتها: انطلاقاً من الإعلام الأكثر تقليداً وصولاً إلى الإعلام الأكثر جدة لا بل أيضاً من الأكثر جدة إلى الأكثر تقليداً. من خلال أنباء إذاعة الفاتيكان ومركز التلفزة الفاتيكاني حاولنا توسيع حضورنا باستخدام يوتيوب ولكننا قدمنا في الصفحة الأساسية لقناة الفاتيكان على يوتيوب نظام وصلة يربط الزوار بطريقة يتمكنون من خلالها من الحصول على أخبار أكثر عمقاً تقدمها وسائل الإعلام التقليدية وشبكتها، أخبار وافرة وكاملة عن حياة الكنيسة وعن الزمن الحاضر، نصوص كاملة عن كلمات البابا ووثائقه، ومن الدخول إلى الموقع الرسمي لتوثيق الفاتيكان والتنسيق بين وسائل الإعلام والكرسي الرسولي. في المرة القادمة سوف أطلعكم عما إذا حصلنا على نتائج أفضل.

 

 (2)

رؤية مسيحية وكنسية حول الإعلام

دعونا الآن نفكر قليلاً في رسالتنا، أي في مهمتنا كأشخاص مسؤولين عن الإعلام الكاثوليكي وتحديداً عن الإعلام والاتصالات في خدمة الكنيسة، في أبعادها العالمية والمحلية. من المهم أن نلاحظ بأن هذه المهمة لم نسع إليها بأنفسنا أو ابتكرناها لأنفسنا بل إنها مهمة أوكلتها إلينا الكنيسة. وإنني شخصياً أشعر بها وأعيشها بشدة كما أنني أعتقد بأن الأمر سيان بالنسبة إليكم.

في الوقت عينه، ما ننقله بناءً على طلب من الكنيسة ليس رسالة نظرية بعيدة عن الحياة الفعلية للشعوب، لإخوتنا وأخواتنا الذين نعيش بينهم ومن أجلهم. من هنا تنبثق "فلسفة" إعلام معينة تميز مثلاً الأنباء الدولية لإذاعة الفاتيكان، وكذلك تميز باعتقادي نشرة لوسيرفاتوري رومانو الإيطالية. لسنا نحن من ابتكرنا محتويات الرسالة لكنها تصلنا فنقرأها بالعلاقة مع المشاكل الراهنة وتوقعات الجمهور ونترجمها ونوضحها و"ننشرها". إننا نرى بأن إعلان الكنيسة متعلق تعلقاً وثيقاً بواقع العالم فلسنا نفكر بإعلام كاثوليكي منفصل عن إعلام "دنيوي" وما يهمنا هو الإنسان، الإنسان ككل ومشاكله من منظور الإنجيل. نحن مهتمون طبعاً بحياة الكنيسة وأحداثها اليومية كذلك بحياة البشرية ومشاكل التنمية والعدالة والسلام والنمو الأخلاقي والروحي الإنساني فيها مع مخاطره ومشاكله. وتحاول أنباء إذاعة الفاتيكان ألا تكون فقط معلومات كنسية بل أيضاً معلومات كاملة. كما أن البابا بالنسبة لنا هو المعلق الأساسي حتى في ما يتعلق بأحداث البشرية الحالية التي يعلق عليها عادة بطريقة غير مباشرة من خلال تعاليمه ذات الطابع العام، وبطريقة مباشرة من خلال دعواته وتقييماته للتطورات الاجتماعية والسياسية المتعلقة بخير الشعوب والمجتمع.

طبعاً نسعى في هذا النشاط إلى تطبيق المعيار الأساسي للرؤية المسيحية للإعلام الملزمة لجميع وسائل الإعلام والتي يمكننا التذكير بها باختصار.

إنها خدمة الحقيقة والموضوعية واضعين أنفسنا في منظور مسيحي، مقدمين وقائع المشاكل، ساعين إلى مساعدة المستمعين على التفكير في قضاياهم وموضحين مواقف الكنيسة. وهناك العديد من المستمعين –من مختلف أنحاء العالم – الذين يعلموننا بأنهم يقدرون الإعلام غير القائم على المصالح الاقتصادية، السياسية أو الإيديولوجية، والمتميز عن سائر المحطات الإذاعية الدولية التي تعتمد على مصالح سياسية كبيرة.

إنها خدمة واقع لا ينبذ الله. ويشدد بندكتس السادس عشر على الحاجة إلى "واقعية" لا تقلص وقائع هذا العالم إلى مجرد موضوع واحد، إلى الاقتصاد والتكنولوجيا. لذلك من المهم عدم تفرقة الأنباء بين مقدسة ودنسة، كنسية ودنيوية بل إظهار أن البعدين الأخلاقي والديني هما جزءان أساسيان ومهمان في الحياة. ومن هنا تبرز أهمية "تسلسل" الأنباء، وترتيبها. ففي عالم مشوش ومضلِل، تقوم إحدى أهم خدماتنا على مساعدة شعوب هذا العصر على "التنظيم" في رؤية الامور والأحداث والتمييز بين ما هو مهم وخطير وما هو أقل أهمية وخطورة.

إنها خدمة العدالة. لا بد لنا من الاهتمام بخاصة بالمناطق الفقيرة والحروب المنسية مواجهين اختلال التوازن الكبير في أنباء العالم بين "الشمال والجنوب" – سواء كان ذلك على الأنباء، إحدى إمكانيات الإعلام والحصول على المعلومات – ومقيمين الإمكانيات الكبيرة التي تملكها الكنيسة في سبيل رؤية أكثر عدالة للمشاكل بفضل تواصلها وحضورها القريب مع الشعوب في العديد من الأماكن في العالم (مع إرسالياتها، ونشاطاتها الإعانية وغيرها التي يمكنها أن تصبح النقاط الأولية للإعلام). إنني أفتخر بأن إذاعة الفاتيكان اختيرت المحطة الإذاعية صاحبة أكبر عدد من الأنباء متفوقة على الإذاعة والتلفزيون الإيطاليين (راي) بجميع قنواتها وذلك في بحث أجري مؤخراً في إيطاليا حول الإعلام الدولي حول الأنباء عن الصراعات و"الحروب المنسية" في عالمنا المعاصر.

إنها خدمة للسلام. يجب علينا السعي دوماً من أجل تشجيع التفاهم والحوار بين مختلف المواقف ومختلف الشعوب وليس من أجل التشديد على التناقضات. يجب أن نتمتع بالقدرة على "عيش" التوترات بصبر وتحمل الانتقادات التي ستوجه لنا. كما ينبغي علينا دوماً أن نستخدم بحزم لغة مفعمة بالاحترام والتوازن وخالية من العدائية مع الآخرين قادرة على إلهام رصانة الحكم والتفاهم المتبادل. لقد اكتسبت خبرة مهمة في إذاعة الفاتيكان عن صعوبة وأهمية مساعدة من يعيشون شخصياً صراعاً ما – أفكر في البلقان وإفريقيا، اللتين تناولهما العديد من كتابنا من مختلف الجماعات اللغوية – من غير السماح لأنفسهم بالانجذاب وإعطاء معلومات أو تقييمات غير كاملة كتلك التي يتفوه بها القسم الأكبر من الهيئات الإعلامية عن البلدان المتنازعة، بل بالتحدث دوماً كصوت الكنيسة التي تسمو فوق جميع الأطراف وتستمر بأي ثمن في الحث على الحوار والمصالحة والسلام.

في نطاق الإعلام من أجل السلام، يتمتع إعلام الكرسي الرسولي – وإعلامكم أيضاً – بمجال غني ومتجدد في المسكونية والحوار بين الأديان (هنا نفكر في طريقة حديثنا عن الإسلام، أو طريقة حديثنا إلى بلدان حيث يتألف قسم كبير من مستمعينا أو قرائنا من أشخاص غير كاثوليك وحتى غير مسيحيين على الرغم من أن عدد المسلمين في بلداننا الأوروبية كبير في أيامنا هذه). وبحسب تجربتنا فغالباً ما تواجهنا صعوبة ما كتلك التي واجهتنا مثلاً بعد كلمة البابا في ريغنسبرغ إلا أننا نتوصل في النهاية إلى نتائج إيجابية.

موقف المخاطب الكنسي وصفاته

إن المخاطب الكنسي – أكان الأسقف الذي تتعاونون معه أم أنتم أنفسكم كالناطقين باسمه أو باسم الأبرشية – هو الشخص الذي يجسد علناً ومن حين إلى آخر فكر جماعة الكنيسة وأحكامها وخياراتها. لذلك فإن الحفاظ على وجودها – أو وجودكم – في حقل الإعلام ليس ترفاً بل واجباً متوافقاً مع الرسالة الكنسية لأن العديد من الأشخاص يعتبرون – وكما ذكر آنفاً – بأنه ما من اتصال مباشر مع الكنيسة سوى الاتصال الإعلامي المقروء، المرئي أو المسموع.

أولاً لا يمكننا التوقف أبداً عن التشديد على استخدام لغة واضحة سهلة ومفهومة بغية الابتعاد عن التجريد والتعقيد أو التخصص. صحيح أن المضمون معقد أحياناً وأن الكلمات تتطلب التوضيح إلا أننا إن أردنا في النهاية نقل رسالة وطبعها في أذهان مستمعينا يجب أن نملك القدرة على الإشارة إلى جوهره الأساسي ببساطة ووضوح. وإن لم نقم بذلك، لا نستطيع التذمر لاحقاً من حصول عروض جزئية أو مضللة. إذاً إن قدمنا وثيقة ما، يجب أن نكون قادرين على تقديم عرض شامل، بيان موجز، أو جملة ملهمة على الرغم من أن قراءة الوثيقة الكاملة مطلوبة في سبيل فهم أعمق.

هنا، أعطيكم مثلين حديثين عن عملي بخاصة تقديم وثيقة مهمة للكرسي الرسولي في دار الصحافة. وقد كانت الوثيقة مؤلفة من اثنتي عشرة صفحة. أما العرض فكان له تقديمان طويلان ومسهبان على الرغم من عمقهما؛ حتى أن الصحفيين لم تكن لديهم الإمكانيات ولا حتى الوقت من أجل الفهم والإيجاز إذ كان عليهم نشر المقالات والمداخلات الأولى سريعاً. من هنا إن كانت العروض غير مرضية فالخطأ صدر عنا وليس عنهم.

والمثال الآخر على ذلك يتمثل في القضية المربكة المتعلقة بأساقفة "لوفيفر". لقد رأينا مجدداً مدى صعوبة جعل "الحرم" أو "رفع الحرم" مفهومين. وأعتقد شخصياً أن كلمة "الحرم" اليوم هي كلمة مسيئة تثير أطيافاً من الاستجواب وانفعالات قوية لذا يجب تقديمها بعناية شديدة عند استخدامها.

إذاً يجب أن نكون دوماً صادقين وواضحين. لربما من غير الضروري ذكر ذلك إلا أنني رأيي مغاير. يجب أن تقال الحقيقة دوماً حتى عندما تواجهها أسئلة صعبة. وإلا سنقع عاجلاً أم آجلاً في التناقضات التي ستعوقنا بلا رحمة مسببة لنا الكثير من الأذى. فالضمير السلمي الذي ينبثق عن القول الدائم للحقيقة يشكل المقدمة الأساسية لمعالجة كل حالة بهدوء أياً كانت صعوبتها. وهذا لا يعني أنه ينبغي دوماً قول كافة الأمور فهناك أسباب وجيهة للتحفظ والحذر، ولكن في حال قول أي شيء فلا بد من أن يكون صحيحاً وأن نتحمل مسؤولية أقوالنا. الحقيقة هي مبدأ أساسي في ما يسمى بـ "نقل الأزمات" عندما تواجهنا الفضائح أو الأخطاء. فليس هناك أسوأ من التفكير بأن الوضع يتحسن من خلال إنكار الحقيقة.

أمام أسئلة تستحق الإجابة عنها، لا بد لنا من منح هذه الإجابة سريعاً من دون طول انتظار. من الجيد أن نستعد ونجيب – شخصياً أو عبر شخص مفوض – إذا تم الاتصال بنا هاتفياً أو عبر البريد الإلكتروني. هذا ما يولد المصداقية والثقة في حين أن التهرب أو التحفظ يولد انعدام الثقة وظهور الريبة. إن التوقيت بدوره مهم لكي لا تنمو حالات الإرباك ونسمح بانتشار الأنباء المغلوطة أو غير الدقيقة التي يصعب تصحيحها لاحقاً. يتعين علينا أن نتذكر دوماً بأن واجب الصحافيين يقوم على كتابة الأنباء – هذا هو عملهم، فكثيراً ما يجبرون على الكتابة في حال جرى الحديث عن موضوع ما – وبالتالي يعمدون في حال لم تتم الإجابة عن أسئلتهم إلى توسيع فرضيات أو تكهنات أو إعطاء تأويلاتهم الخاصة. يتعين علينا أيضاً إدراك أن الأنباء عبارة عن تدفق مستمر ومتجدد عبر الشبكة والمواقع فلا وقت للإجابة خلال النهار حتى حين طبع الصحف في اليوم التالي. لذلك الأفضل هو إعطاء الإجابة أو الأنباء الصحيحة بأقرب وقت ممكن. وبشكل عام من الأفضل توجيه الأنباء بالمسارعة إلى نقلها وليس الإسراع في السعي وراء أنباء خاطئة.

وبالطبع إن نوعية وسلطة المواقف والمداخلات مهمتان جداً. فالعزم لا يعني السعي وراء كلية الوجود في الإعلام أي السعي وراء سوء السمعة. يمكن للإعلام أن يكون غير مخلص إذ يسعد بخلق أنصار له وسرعان ما يتخلص منهم أو يحولهم في حالات أخرى إلى رق للصورة التي خلقها. لذلك، ينبغي أن نعرف جيداً معنى الرغبة في التواصل والقيام بذلك بطريقة مدروسة في أوقات مهمة. المثال هو أن نكون بأنفسنا مشرفين على الاتصالات فنخلق الفرص السانحة ونطلق الرسائل التي تخضعنا.

من المهم أن نكون على طبيعتنا في الاتصالات. فكل فرد يتمتع بشخصيته الخاصة كمخاطب. على الرغم من أن بندكتس السادس عشر يختلف عن يوحنا بولس الثاني – كما نلاحظ أكثر فأكثر – إلا أنه قادر على مخاطبة السعب بأسلوبه الخاص. البعض منهم مقبول والآخر رزين، إلى آخره، ولكن المهم هو ملاحظة أن المخاطب هو شخص صادق مسؤول عن أقواله، قادر على نقل القناعات والانفعالات بعيداً عن استخدام لغة مبيتة، بيروقراطية و"كتابية" بالمعنى السلبي للكلمة. لا بد لنا أن نتذكر بأن الشهادة والتجربة المعاشة هما عموماً رسالتان أكثر فعالية من التفكير المفاهيمي أو الكلمات المطولة، فمن الجيد أن تنطوي اتصالاتنا على عناصر ومظاهر من هذا النوع.

أخيراً تجدر الملاحظة إلى أنه في حال وجود أمور تستوجب التحفظ وعدم الإعلان عنها لأسباب وجيهة، فإنه يحب عدم الكشف عنها ولو حتى للأصدقاء. فالتحفظ في عالم اليوم غير موجود أو ليست له قيمة، ومن هنا يجب ألا نأسف إن انتشرت أنباء من إصدارنا نحن. أعتقد أن التحول إلى مخاطب جيد يتطلب القدرة على التقيد بشروط الاتصالات، للتمييز بين ما يجب نقله والزمن الذي يجب نقله فيه، وبين ما يجب عدم نقله أو ما لم يحن وقت نقله بعد.

إضافة إلى المضمون، أعتقد أن هناك مظهراً لا بد من التشديد عليه وهو العناية الرعوية بوكلاء الاتصالات أي العلاقة مع الصحافيين والصفة الفردية لهذه العلاقة.

من الضروري التذكر دوماً بأنهم أشخاص حقيقيون يعانون من مشاكل إنسانية ضمن وظائفهم مع التوجيهات التي يتلقونها من مدرائهم والتي تتحكم أحياناً بحريتهم. أما السبل التي تؤدي إلى خلق تناغم أكبر يسهل الثقة والتفاهم المتبادلين فإنها تكمن في إظهار العناية والتفهم لهم، استغلال المناسبات للقائهم حتى شخصياً، دعوتهم إلى المشاركة في لحظات مشتركة (عيد شفيعهم القديس فرنسيس دو سال، اليوم العالمي للاتصالات الاجتماعية، بداية السنة الرعوية ونهايتها)، في أحداث في غاية الأهمية، أو شكرهم على الاهتمام الذي أبدوه في أحداث مهمة للجماعة الكنسية.

والملاحظة التي أعتبرها مهمة تتعلق بما يسمى بـ "نقل الأزمات" أي نقل أوضاع تثقل كاهل الكنيسة بسبب فضائح أو اتهامات خطيرة فتعرضها للانتقادات والتهجمات حتى في الإعلام. دعونا نفكر هنا في الأوضاع الأخيرة المتعلقة بالإساءات الجنسية. من الضروري الاستعداد لاحتمالات مشابهة. هذه المناقشة حظيت بدراسات أوسع (مثلاً سانتياغو دي لا سيربا، نقل الأزمات في الكنيسة، الأبرشية الأسقفية في جنوب كارولينا). أعتقد أنه لا بد من ذكرها هنا والتذكير ببعض النصائح الأولية:

التدبير الفعال الوحيد هو توقع المشاكل لتقليص المخاطر قبل أن تتحول إلى أزمة والاستعداد للأسوأ.

تحديد رسالة المؤسسة أولاً، من ثم تحديد الجمهور الذي توجه إليه، واختيار ناطق باسم المؤسسة وقنوات الاتصالات الملائمة.

عدم التفكير فقط بالجمهور "الخارجي" بل أولاً بأعمال الكنيسة "الداخلية" للحفاظ على ثقتها. في موضوع الضحايا: سيحكم الجمهور على الطريقة التي عومل بها الأشخاص الذين تأذوا – طوعاً أو قسراً – .

ملاحظات الجمهور مهمة تماماً كحقيقة الأحداث: لا بد من النظر إلى المشكلة بأعين الجمهور (هناك "محكمة الرأي العام") وإن ظن الناس أن هناك أزمة فالأزمة موجودة مسبقاً.

من الضروري السعي من أجل استعادة المبادرة، التحول إلى مصدر للمعلومات، التعاون مع السلطات، والاستجابة للإعلام.

من الضروري التحدث بصوت واحد ونقل رسائل متناغمة، واضحة، بسيطة ومتكررة. فالأصوات التي تعارض بعضها البعض تدمر ثقة المستمعين.

الكلمة الأساس هي "المصداقية" أي دوماً قول الحقيقة، فقط الحقيقة. ينبغي علينا ألا نكذب أبداً، نخفي الحقيقة أو إعلان أمور غير مثبتة. فكذبة واحدة كفيلة بتدمير المصداقية.

من الواجب نشر الأنباء السيئة دفعة واحدة (وليس تدريجياً) في أقرب وقت ممكن. وفي حال صدور أخطاء، يجب طلب المغفرة. هكذا فقط يُغفر لنا.

وفي ما يتعلق بشق "طلب المغفرة"، يتعين الانتباه إلى التبعات القضائية لكي لا تعتبر المسؤوليات غير قائمة. في الحالات الأكثر حرجاً، من المهم الاستعانة باستشارة قانونية.

(3)

الاتصالات في خدمة الوحدة الكنسية على كافة المستويات

إن وسائل الاتصالات الاجتماعية الكاثوليكية هي وسائل أساسية لبنيان الجماعة المسيحية والأسرة البشرية جمعاء.

في حال وجود اتصالات في الصحافة، أو الإذاعة أو التلفزيون التابعين للأبرشية، أو لغيرها، فلا بد من تشجيعها وتقييم نوعيتها وفائدتها والوسائل التي تتطلبها في حالات الضرورة؛ فأحياناً من الضروري إفساح المجال أمام مبادرات جديدة. اليوم مثلاً يجب ضمان حضور فعال للواقع الأبرشي على الشبكة. إلا أنه من الضروري التذكير دوماً بأن الاتصالات – بخاصة في الكنيسة – هي قيمة تتطلب طاقة وتستلزم تكاليف معينة، إلا أنها نادراً ما تولد العائدات. في هذا الصدد لا بد من مساعدة المسؤولين على التمتع برؤية بعيدة المدى والتذكر بأن هناك عائدات وتبعات غير مالية ولكنها مهمة. لذا من الجدير الاستثمار والإنفاق وإلا لن يتم التوصل إليها. كثيراً ما يتعين تخصيص وسائل مالية أو السعي وراء الحصول عليها بغية المساعدة في الاتصالات ليس فقط من ناحية تأمين الأدوات المادية بل أكثر من ذلك من ناحية إعداد أشخاص مؤهلين وأكفاء.

كما ذكرت آنفاً، على الاتصالات في أنبائها ونقلها للرسائل الأخرى، والشهادات، والأفكار الأخرى وغيرها أن تكون في خدمة الوحدة الكنسية.

إن "الاتصال من أجل الوحدة" أصبح بالنسبة إلي على مر الزمن شعاراً دائماً يلهم باستمرار كل عملي كمخاطب لذا أعتبر أنه لا بد من الإشارة إلى معاوني بضرورة الإلهام والتوجيه في عملهم كمراسلين في خدمة الكنيسة. إنه شعار واقعي إذ يرشد خيارات اللغة ومقاربة الإصغاء وحب الخير لجميع المستمعين، ومتعة خلق أوقات حوار وتفاهم متبادل في المجال المسكوني وبين الأديان وغيرها. إنها مقاربة حاسمة: أريد دوماً التكلم من أجل الوحدة لا التفرقة. أعتقد أنه ينبغي علينا جميعاً إدراك أن الاتصال هو السبيل القوي والفعال لبناء الوحدة الكنسية. هذه هي المقدمة لاتخاذ القرار الملموس بدعمه وتعزيزه بإخلاص.

والحديث عن الاتصال من أجل الوحدة واضح على مستويات عدة: في الأبرشية كما أيضاً خارج نطاقها في سبيل الانفتاح على آفاق المنطقة والبلاد والقارة والكنيسة جمعاء. فالاتصالات الاجتماعية هي السبيل الأساسي من أجل لم شمل المؤمنين يومياً مع الجماعة الكبيرة التابعة للكنيسة والمنتشرة حول العالم.

إنه موضوع لا أتوقف عن التفكير به لأنني أعتقد بأنه في سبيل تنمية بُعد وحدة الكنيسة جمعاء من خلال الاتصالات، لا بد من بناء جسور بين الكنائس المحلية وروما لأنه يشكل الرسالة الأساسية لوسائل الكرسي الرسولي التي عملت فيها طيلة 18 عاماً.

إنني مقتنع بأن الاتصال الجيد ضمن الكنيسة يحتاج إلى تكامل مختلف مستويات الاتصال الضرورية التي تكمل بعضها البعض: المستوى المحلي (الرعوي أو الأبرشي)، المستوى المتوسط (الوطني)، والمستوى العالمي. يجب على الأسقف ومؤتمر الأساقفة والبابا التواجد في آفاق الجماعة الكاثوليكية وكل مؤمن عضو في الكنيسة.

لقد نجح هذا الأمر في بلدان عديدة في استخدام وسيلة الاتصالات الإذاعية. وحصل ذلك أحياناً بطريقة إيجابية وفعالة ففي فرنسا مثلاً هناك إذاعات أبرشية موحدة في شبكة على الصعيد الوطني (الإذاعات المسيحية في فرنسا) تتلقى برامج إذاعة الفاتيكان وتعيد بثها بالفرنسية ضمن برامجها. أعتقد أن ها هو الحل الأفضل والأكثر توازناً ليس فقط من الناحية التقنية بل أيضاً من الناحية الكنسية.

أعتقد أنه لا بد من البحث في تلك البلدان عن سبل التعاون الأكثر فعالية في مجال الاتصالات الاجتماعية لكي نضمن في الوقت عينه نشاط الاتصالات المحلية والبعد العالمي الذي يعطي معنى شمولية الكنيسة جمعاء ووحدتها.

هذه هي النزعة التي أعطيت في العديد من البلدان وأعتبرها نزعة طبيعية.

في هذ الصدد، يجب النظر إلى وسائل اتصالات الفاتيكان كخدمة ترمي إلى توحيد الالتزام الأساسي الصريح للكنائس المحلية. نحن لا نعتبر أنفسنا قادرين على نحو مطلق على ضم جميع الاتصالات في الكنيسة ولكننا نعتبر أنفسنا النواة الأساسية في شبكة عظيمة منتشرة حول العالم.

هنا يمكنني التحدث بشكل ملموس عن إذاعة الفاتيكان التي تعد برامج في مختلف اللغات توضع بفعالية أكبر ضمن برامج الإذاعات الكاثوليكية التي تنمو في العالم أجمع والتي تتلقاها بانتظام عبر الأقمار الصناعية أو الإنترنت، فيما يخدم أولاً البث المباشر على الموجات القصيرة البلدان التي لا توجد فيها إذاعات كاثوليكية محلية.

هناك أمر مشابه نقوم به في مركز التلفزة الفاتيكاني يوفر لكافة التلفزات وكذلك للتلفزة الفاتيكانية – بصفة التلفزة الشعبية – صوراً عن نشاطات البابا التي تشكل نقطة ثمينة ومهمة في برنامجها. إلا أنه نظراً إلى تقدم التلفزة على شبكة الإنترنت – إذ أنها أقل كلفة وصعوبة – قررنا إنتاج أنباء مصورة موجزة عن النشاط اليومي للبابا والتعاون مع وكالات تلفزة كاثوليكية لإنتاج ونشر أنباء يسهل الحصول عليها.

أعتقد أنه من الضروري هنا تعداد الخدمات الإعلامية والوثائقية المتوفرة من روما. أذكر فقط أنه إضافة إلى إذاعة الفاتيكان ومركز التلفزة الفاتيكاني، يمكنكم إيجاد لوسيرفاتوري رومانو بلغات مختلفة (نشرات أسبوعية) – الموقع الإلكتروني www.vatican.va  الغني بالتوثيق والمعلومات (كذلك نشرة مكتب الصحافة مع النصوص الكاملة لكلمات البابا التي تُنشر فوراً، وأخبار خدمة الأنباء الفاتيكانية). والخدمات التي يقدمها المجلس الحبري للاتصالات الاجتماعية (worldvision للميلاد والفصح؛ شبكة الكنيسة الرقمية في أميركا اللاتينية وغيرهما). كما ستم الكشف عن معلومات أخرى في الوقت المخصص للأسئلة والأجوبة).

لمحة ختامية

ختاماً، أقول أن المرحلة التي نعيشها هي مرحلة فعالة تطرح احتمالات عدة على الاتصالات الكنسية ويجب أن نعيشها بهدوء وحماسة.

صحيح أن هناك قوى إعلامية ضخمة نشعر أمامها بالضعف والفقر إلا أن الكنيسة تتمتع بحيوية كبيرة وقرب من حياة الأشخاص الفعلية.

فرؤيتنا يجب ألا تتمحور بشدة على الكنيسة. فلا بد لنا من تحقيق التوازن بين الشمولية والقدرة الإبداعية المحلية، والقدرة على تشجيع المبادرات المحلية، ومعرفة كيفية نشر تجارب إيجابية وتبادلها، ومحاولة تنسيق ودمج المساهمات من أجل الاتصالات على مختلف الصعد، مع التقدير الدائم للقيمة الإعلامية والصادقة التي تقدمها لنا الكنيسة جمعاء.

يجب أن نتحلى بالإيمان لأن الروح يعمل. أود أن أذكر بكلمات المقطع الختامي للرسالة العامة الأخيرة ليوحنا بولس الثاني سنة 2005 المخصصة تحديداً لـ "التطور السريع في وسائل الاتصالات الاجتماعية":

"إلى العاملين في مجال الاتصالات، وبخاصة إلى المؤمنين العاملين في هذا المجال الاجتماعي، أجدد الدعوة إلى أنني رغبت منذ بداية خدمتي كراعي الكنيسة جمعاء في أن أقول للعالم أجمع: "لا تخافوا!"

لا تخافوا من وسائل التكنولوجيا الجديدة لأنها من الأشياء الرائعة! – Inter Mirifica الاكتشافات التكنولوجية الرائعة – التي وضعها الله في متناولنا لاكتشاف الحقيقة واستخدامها وإعلانها، بما فيها الحقيقة حول كرامتنا ومصيرنا كأبنائه وورثة الملكوت الأبدي.

لا تخافوا من معارضة العالم! فقد طمأنكم يسوع قائلاً: "فأنا قد انتصرت على العالم".

لا تخافوا من ضعفكم وعجزكم! فقد قال المعلم السماوي: "ها أنا معكم كل الأيام إلى انتهاء الزمان". احملوا رسالة الرجاء والنعمة ومحبة المسيح محافظين دوماً في هذه الحياة الفانية على فكرة الملكوت الأبدي" (رقم 14).