الكرسي الرسولي حول التمييز والحوار بين الأديان

"إدراك دور الأديان المهم ضمن المجتمع"

جنيف، سويسرا، الثلاثاء 24 مارس 2009 (Zenit.org)

ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها رئيس الأساقفة سيلفانو توماسي، مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى مكاتب الأمم المتحدة في جنيف، بتاريخ 16 من مارس الجاري في إطار الجلسة العادية لمجلس حقوق الإنسان.

***

سيدي الرئيس،

في تقريرها الأخير، أطلعت المقررة الخاصة المعنية بحرية الدين والمعتقد مجلس حقوق الإنسان بأنها "تتسلم بانتظام تقارير عن انتهاك حقوق أعضاء منتمين لأقليات دينية وجماعات ضعيفة، تسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية". ففي العديد من أنحاء العالم، ما تزال الأقليات الدينية، بما فيها الأقليات المسيحية، تعاني يومياً من التمييز والتحامل. إن الكرسي الرسولي يعبر عن قلقه حيال حالات التعصب الديني المتزايدة ويدعو الدول إلى اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة – التربوية والقانونية والقضائية – المطلوبة من أجل ضمان احترام الحق في حرية الدين وحماية الأقليات الدينية من التمييز.

وفي إطار اجتماعها الأول حول "التعصب والتمييز ضد المسيحيين"، شددت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا على أن إنكار حقوق الجماعات المسيحية لا يحصل فقط حيث تشكل أقلية، لا بل أن التمييز والتعصب موجودان أيضاً حيث يشكل المسيحيون الأغلبية في المجتمع. يرى وفدي أن عدداً من الدول التي كانت ملتزمة سابقاً بعلاقة متوازنة وسليمة بين الكنيسة والدولة، أصبحت الآن تؤيد أكثر فأكثر سياسة علمانية جديدة ترمي إلى تقليص دور الدين في الحياة العامة. في هذا الصدد، يدعو الكرسي الرسولي هذه الدول إلى أن تكون شاملة وتدرك الدور المهم الذي يمكن أن تؤديه الديانات ضمن المجتمع. ففي الواقع أن الديانات تساهم في تعزيز القيم الأخلاقية والاجتماعية التي تتخطى المفهوم الفردي للمجتمع والتنمية، وتنشد المصلحة العامة وحماية كرامة الإنسان واحترامها.

سيدي الرئيس،

في الخريف الماضي، نظم مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان ندوة للخبراء حول المادتين 19 و20 من الاتفاقية الدولية حول الحقوق المدنية والسياسية للمساهمة في توضيح النقاش حول بعض النقاط المحتملة على مستويات مكملة.

على الرغم من أن المسألة المتعلقة بالقيود حول الحق في حرية التعبير بقصد احترام المعتقدات الدينية للأشخاص هي مسألة شرعية – هذه القيود واردة في قوانين العديد من الدول بما فيها الدول الغربية – إلا أن الكرسي الرسولي يرى أن اتفاقية دولية أخرى لا تفي بالغرض. يعتقد وفدي أن تطبيق المبدأ العالمي لحرية الدين يشكل أفضل حماية، وأنه يجب على كل دولة أن تنظر في تشريعاتها الوطنية وتفكر في كيفية التشجيع على مناقشة صريحة ومتسمة بالاحترام بين أفراد الديانة الواحدة، وبين الممثلين عن مختلف الديانات والأشخاص الذين ليس لهم أي معتقد ديني. ومع ذلك فلا بد من الاعتبار دوماً بأن الحق في الحرية الدينية مرتبط جوهرياً بالحق في حرية التعبير. فعندما لا يتمتع أتباع الديانات بالحق في التعبير عن رأيهم بحرية، فليس هناك ما يضمن لهم حرية الدين. وعندما لا يحق للأشخاص بالالتزام في مناقشة صادقة حول فضائل أو نقائص ديانة ما، يتم إنكار الحق في الحقيقة وعرقلة الحق في اختيار أو تغيير الدين أو المعتقد.

شكراً سيدي الرئيس.

نقلته من الإنكليزية إلى العربية غرة معيط – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)