التنمية .. مفتاح الحياة على أرض الصعيد

 

إن القراءة فى ملف التنمية داخل أروقة الكنيسة الكاثوليكية بمصر تدفع الباحث إلى مزيد من الرغبة  فى التنقيب عن أدبيات التنمية فى الفكر الكاثوليكي ، ومن ثم التدليل عنها بصورة عملية من خلال البرامج التنموية والأنشطة الاقتصادية ، وصولاً إلى نتائج المؤشرات الاحصائية بعدد المستفيدين من تلك الأعمال وما طرأ على حياتهم من تحسن فكرى واقتصادى وبيئى . يمثل مكتب التنمية والخدمات الإنسانية بايبارشية أسيوط واحداً من المراكز التنموية ذات الخبرة الزمنية والانتشار الجغرافى على أرض أسيوط ، إذ يطلع المكتب بدوره فى الوقوف على كافة احتياجات القرى الفقيرة بالمنطقة والعمل على تقديم الخدمة الشاملة لذويها ، فى محاولة دؤبة نحو تغيير ملامح الحياة بأكثر القرى فقراً على أرض مصر .

التنمية فى فكر الكنيسة :

عن موقع التنمية فى فكر الكنيسة الكاثوليكية يقول الأنبا كيرلس وليم مطران أسيوط : منذ أن دعانى الله لرعاية إيبارشية أسيوط فى 3 يونيه 1990 ووضعت نصب عينى ركيزتين أساسيتين هما " التكوين والتنمية " ، وذلك لما للقطاعين من تكامل إنساني يقود إلى النهوض بالخدمة الرعوية  . وفى مجال التكوين الديني كانت البداية الاهتمام بشأن معهد التربية الدينية والندوات التكوينية الصيفية للشباب إلى جانب دعم الأنشطة الكنسية المتنوعة . أما عن مجال التنمية فقد تأسس مكتب التنمية بالمطرانية فى سبتمبر 1990 بهدف توفير حياة أفضل للإنسان المهمش والفقير وذوي الاحتياجات الخاصة لتحقيق ملء كرامة الإنسان من خلال المشاركة مع المجتمع المحلى فى بناء قدرات الفرد واحتياجاته لتحسين مستوى معيشته . ويؤكد سيادة المطران بأن البداية كانت متواضعة وانه على مدى السنوات ومع وضوح الرؤية تعددت البرامج وانتشرت الخدمات وزحف الخير على إلى أكثر من (20 ) قرية بمختلف أنحاء الايبارشية .

 

إستراتيجية المكتب :

حول استراتيجية مكتب التنمية بالمطرانية يتحدث أشرف نبيل عزيز مدير المكتب ويقول : يعمل المكتب مع جميع فئات المجتمع دون تفرقة فى الجنس أو الدين أو العقيدة فهدفه الإنسان واى إنسان بل وكل الإنسان . وللمكتب استراتيجية تتحقق من خلال خمسة برامج أساسية هى البرنامج الاقتصادى أو ما يعرف بالقروض ، برنامج الوعى الصحى للأطفال والامهات ، برنامج الثقافة التنويرية للشباب ، تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة ، وبرنامج الحفاظ على البيئة من التلوث . وبقراءة رقمية سريعة فقد بلغ عدد المستفيدين من البرامج المتنوعة حتى يونيو 2008 عدد ( 38229 ) مستفيد بمختلف أنحاء أسيوط . ولقد ساعد المكتب فى تحقيق مستوى أفضل للأسرة الفقيرة من خلال توفير قروض المشروعات الصغيرة للفئات المستهدفة بلغ عددها ( 7983 ) قرض موزعة على 16 قرية فى محافظة أسيوط وكان لها تأثير واضح فى زيادة مستوى دخل الأسر ورفع الوعى مما أنعكس بالإيجاب على النواحي الصحية والتعليمية والبيئية.

 

القروض الدوارة :

عن كيفية حصول الشباب على القروض وآلية السداد يقول عايد عياد مشرف بالبرنامج الاقتصادي : يهدف برنامج القروض الدوارة إلى منح قرض محدود حده الاقصى ( 3000 جنيه ) للشباب والسيدات بأقل فائدة فى السوق قد لا تصل إلى 12 بالمئة . ويتم ذلك عن طريق دراسة حالة الشخص الذى يتقدم بطلب القرض ثم جمع المعلومات عن نشاطه أو مهنته وكذلك إرشاده إلى المشروعات التنموية التى يعمل بها المكتب ولدينا خبرة فيها سواء فى التجارة أو الزراعة أو الثروة الحيوانية . ومتى حصل المقترض على المبلغ يتم منحه فترة سماح قد تصل إلى 6 أشهر ، كذلك يتابع المكتب المشروعات الصغيرة للمقترضين بصفة شهرية حتى يبدأ المشروع فى الانتاج والتوزيع . ويؤكد عايد أن أكثر الفئات المستفيدة من برنامج القروص هم من صغار المزارعين وعمال اليومية وربات البيوت .

 

البعد الاجتماعى :

إذا كان للبرنامج الاقتصادى دوره فى تحسين الدخول للأسر الفقيرة فإن للبعد الاجتماعى دوره فى منظومة التنمية وعن هذا البعد يقول مسعود مرزوق المشرف بالمكتب : إن التنمية عملية تراكمية شاملة لذا يتبع البرنامج الاقتصادى العديد من البرامج التى تقود إلى التنمية البشرية منها برامج التوعية الصحية والثقافة والتعليم ورعاية المعاقين من خلال الندوات التكوينية وورش العمل كذلك المتابعة الدورية للأسرة ( الأب – الأم – الأبناء ) ويرتبط بذلك أيضاً الاهتمام بالمبنى الصحى للعائلة من حيث سلامة البناء ونظافته وتوصيل المياه النقى والصرف الصحى و الكهرباء للأسر الاكثر فقراً . وعن حديث الأرقام فإن المستفيدات من برامج المرأة ( 4241 ) سيدة وفتاه ، ( 5108 ) برامج الشباب ، ( 5028 ) برامج الطفولة و ( 16369 ) برامج التوعية الصحية .

 

خبرات وأزمات :

وعن الأزمات التى واجهت مسيرة مكتب التنمية يعود أشرف نبيل مدير المكتب إلى الحديث ويقول الكوارث الطبيعية هى أصعب التحديات التى تضع المكتب على المحك أمام القيام برسالته ، ولعل كارثة السيول عام 1994 كانت من الأيام العصيبة فى حياة القرى الفقيرة وقد تعاون فى مواجهة الكارثة إلى جانب الحكومة العديد من الهيئات المحلية والتنموية . كذلك سقوط المنازل فى عدد من القرى مثل البلايزة والمشايعة والمساهمة فى عمليات الإيواء للأسر المتضررة . وايضاً نشوب الحرائق بالمنشاة الكبرى والواسطى وبنى محمديات ودير الجنادلة ، مثل هذه الكوراث هى بالفعل أزمات و لكن فى جميع تلك الأزمات تتدفق المعونات المادية والعينية من الهيئات والأفراد ذوى النيات الحسنة إلى جانب تقديرنا الكبير للشباب المتطوع ، والتى تؤكد مجهوداتهم بحق الطبيعة السخية لأبناء النيل .

أجرى التحقيق : ناجح سمعـان