خواطر كهنوتية: (1) البتولية

" فأنا أتمنى لو كان جميع الناس مثلى .." أكو 7/7.

          … ما أجمل أن يتشبه الكاهن بمعلمه فى حياة البتولية ، وكذلك بالتلميذ الحبيب يوحنا البتول ، والعذراء مريم البتول وطغمات من المكرسين والمكرسات الذين عاشوا البتولية بكامل معناها روحيا ً وجسديا ً . ولكن ماذا تعنى البتولية للكاهن فى زحمة حياته الرعوية ؟ أو كيف يعيش الكـــاهن بتوليته فى حياة التكريس للرب ؟ .

للأسف نتيجة الضغوط الرعوية الكثيرة ، والهرولة الرسولية ، ربما فقدنــا المعنى الروحى للبتولية ، ونشكر الله إذا عشناها جسديا ً .  ولكن لانستطيـــع أن نفرق بين الروح والجســد لذلك يجب أن نعيش بتوليتنا بكامل معناها بمعنى أن يكون  انسجام ووئام بين الروح والجسد . وأن نكون متيقظين دائمـــا ً لحضور العريس فى حياتنا مثل العذارى الحكيمات . لأن زحمـــــة العمـــل الرعــوى تسرق منا هذا الحضور أو بالتالى تـُفقده فنعيش على مستوى جسدى فقط وهذا يعكر صفو حياة المكرس .

فأساس تكريسنا هو أن نـــكون مع يسوع أولا ً ثم يرسلنا للخدمة ثانية . فالإقـــــامة مـــع الرب أساس أختيارنا له .  " فسمع التلميذان كلامه فتبعا يسوع فرآهما يتبعانه فقال لهما " ماذا تريـدان " قالا رابى أى يا معلم أين تقيم  فقال تعالا وأنظرا ، فذهبــا ونظـــــرا أين يقيـــم فأقامــا معــــه فى ذلك الـــيوم . " يو1 /37-39  .  لذلك يقول المكرس مع داود النبى نصيبى هو الرب هكذا قالت نفسى .

 فالرب نصيبه وحظه وميراثه .

والرب غيور جدا ً يريد أن يكون الأول والأخير ، البداية والنهاية ، الآلف والياء ، فى حيــاة المكرس لايريد شريكا ً معه لأنه يستحق وحده أن يكون ملكا ً على الحياة .

فيملك على القلب والروح والجسد ويُـنقى وُيطـهر كل شى فيصرخ الكـاهن مع مار بولس الرســـــول قائلاً الحياة لـــىًّ هى المسيح والموت ربــح ، وإن عشنا للرب نعيش وإن متنا للرب نـــموت إن عشنا وإن متنـــا فللرب نحن .

فحياة المكرس أصبحت ملكا ً لمعلمه وسيده ، لذلك لاينشغل بأى شىء فى خدمته سوى إكرامه وعمل إرادته ، ولا يهتم بشأن الغد ، وينشغل بأمور عالمية ، لأنه يثق أن حياته فى يد قديرة . فيلقى بكل ثقة وإيمان كل همومه وهموم رعيته ومخدوميه بين يدى الرب ، فالرب يدبر كل شىء لخيره .   فهو منذ أن كُـرس للرب قد خُـــتم بختم مَـلكـَه ، وهـــذه هـــى البتولية فى معنــاها العميق ،   فالمكرس مرتبط أرتباط وثيق بمن كرس له حياته ، فأصبح الرب كل شىء فى حياته ،   والخدمة ماهى الا وسيلة فقط وليست غاية فى ذاتها ، إنما الهدف هو الرب .

     لذلك اسأل ذاتك لمن أنت مُـكرس حياتك هل للخدمه والعالم أم للمسيح ومن خلال ذلك تخدم شعب الله .

أبونا بيشوى يسى أنيس