خواطر كهنوتية (4) الصداقة

 

أبونا بيشوى يسى أنيس

     " الويل للعالم مما يوقع الناس فى الخطيئة ولابد أن يحدث ما يوقع فى الخطيئة. ولكن الويل لمن يسبب حدوثه ". مت 18/7

– لاعيب ولا لوم أن يكون لخادم الرب أصدقاء، أحباء، مقربين إليه .

فقد كان للرب يسوع أصدقاء مثل يوحناالحبيب الذى إتكأ على صدر يسوع، وكذلك لعازر وأختاه فى بيت عنيا، وبيت القديس بطرس فى كفر ناحـــوم بالجليل، فقد كان الرب يتردد كثيرا عند لعـــازر، ومار بطرس، حتى إنه قال لتلاميذه حبيبنا لعازر قد مات.

– والخـــادم في حياته الرسولية له أصدقاء كثيرين، وما أكثر الذين يفتخرون بذلك، فمنهم أصدقـــاء المنفعة المتبادلة من كلا الطرفين، وهذه الصداقة لا تدوم طويلا حسب الظروف، وأصدقـــاء يرتاح إليهم ويشاركهم آلامه وأفراحه ويستطيع أن يبوح لهم بأسراره ربما يكونوا شركاء له فى الخدمة.

– ومنهم أيضا أصدقــاء للراحة النفسية والعاطفية، ففى وجودهـــم والحديث معهم يشعر براحة نفسية ودفء عاطفى وتعويض لشىء ما ينقصه، فقد يـُشبع عاطفيـــا من خـــلال الأحاديث الحــارة وتبادل المشاعر، وللأسف قى غياب هذه الصداقة يشعر بالوحدة والكآبة والمرارة، والفراغ الداخـــلى، فقد إرتبط بهم فلا يستطيع أن يتحمـــل البعد عنهم، ويصبح قلبه مشتتا منقسما، وفكره مشتتا، وخدمتـــه مبعثرة، ولا يجد طعما لحياته، وتصبح خدمته روتينية وبدون حرارة، لأنـه نسى أن كل من يشرب من هذا الماء يعطش، وأن الذى يعطى التعزية ويضمد جروح القلب وحده، هو الرب يســـوع فقط، فتعزيات البشر إلى حين، وزائلة.

– نعم يحق لك أن تصـــادق من تشاء، ولكن إعــلم جيدا أن الصديق الحقيقى فى بعــده عنك لايتركك مشتتا بسبب تعلقك به عاطفيا، واحذر أيضــــا أن تكون صداقتك سبب عثرة لأصدقائك فلا تدعهــــم يدخلون الملكوت، بسبب ما يعرفونه عنك من خلال هذه الصداقة وما يتم فيها من أحــاديث وخلافه، فيتعرض صديقك لتجربـة وعثرة، وربما يبتعد عن الرب وينحرف، فتجعله إبن جهنم بــــدلا من أن يكون إبن السماء ووارث للمسيح، إياك وهذه الصداقة فهى مزيفة، أنانية، شهوانية، لا تليق بخــادم رب الأرباب وملك الملوك. إنما ليكون هدف صداقتك طاهرا، مجانيا، فتقـدم لصديقك شخص الرب دوما، ليكون معك فى السماء بعد الموت، كما كان معك هنا على الأرض.

وتذكر قــول مار بولس لتلميذه تيموثاوس، لا تــدع أحد يستخف بشبابك، بــل كن قدوة للمؤمنين فى الكلام والتصرف والمحبة والأيمان والتعارف. أت 4/12.