بولـس الرســـول: رسول الامم

 

-إعداد ناجي كامل- 

ولد شاول سنة 5 ميلادية، وعرف بولس نفسه فى فيلبى 3/5 انه من نسل اسرائيل من سبط بنيامين ختن فى اليوم الثامن وهو عبرانى بن عبرانى، كانا والداه قد رزقا بصبية ثم رزقا به بعد طول انتظار لذا  اسماه شاول

( شاول وهو الاسم اليهودى وهو على اسم اول ملك يهودى من سبط بنيامين و يعنى  ان الله استجاب للتوسل).

واسمه الثانى بولس (و هو الاسم اليونانى  ويعنى الصغير)

كان شاول فريسى وارتبط بسلالة داوود من عائلة فلسطينية و تعلم لغة اجداده الارامية.وارتبط بالحركة الفريسية التى نشأت لتعيش الامانة فى ممارسة الشريعة ممارسة دقيقة.( وكان الفريسيون متعصبون لديانتهم الى درجة نستطيع  تسميته فى زماننا متطرفين ارهابيين)

– كانت طرسوس عاصمة قليقيلية (تركيا الان) باسيا الصغرى  موطنه ، مدينة تجارية و ملتقى الحضارة اليونانية و الحضارة الشرقية و بها جامعة(*) و تشتهر بصناعة الصوف و الكتان و الاقمشة و تشتهر ايضا بتجارة العطور و النبيذ.

– كان بولس ايضا مواطنا رومانيا منذ مولده (اعمال 22/25-29) و يفترض انه من عائلة غنية.

تعلم صناعة الخيام و قد تكون مهنة ابيه التى اخذها عنه فاتاحت له ان يعمل بيديه ليبشر دون ان يثقل على احد.

حيث قال … نجهد النفس فى العمل بأدينا ( 1كو 4/12)

 

من صفاته: انه روحانى، مفكر،  صاحب عاطفة انسانية ورقة فى التعامل لا يعرف الكذب ،حازم وشجاع

و يتميز بانه شخصية فلسفية ، متحمس و غيور و مندفع و متشدد يحب النقائض (الله و العالم ، الروح والجسد، البر والخطيئة، الحرف و الشريعة، الانسان الاول و الانسان الثانى ، النور و الظلام ) و يسوع اصبح فيما بعد محور حياته حتى انه  قال عنه : لست انا احيا بل المسيح يحيا فيا .

كان الصبى بولس يجلس فى المساء عند قدمى والده الذى يروى له القصص الدينية و الوطنية و التراثية عن الشعب اليهودى و كان يتحدث معه باللغة الارامية و اليونانية لذا عرف بولس اللغتين منذ صغره.

         وكان لليهود طريقة خاصة فى الثقافة  فعندما يبلغ الصبى (5) سنوات يتعلم الامور الهامة فى الشريعة و تكون تربيته اكثر جدية ووضوحا فكان يتعلم الصبى التوراه و مبادئ الشريعة و معانى الاعياد الكبرى و المناسبات الدينية و هذا طيلة  سنة و كان يقضى يوميا ساعتين.

         و عندما يبلغ الصبى (6) سنوات يذهب الى المدرسة و يتعلم التاريخ (تاريخ شعبه) و اللغات و علم الجغرافيا و التدرب على حرفة (تعلم بولس حرفة صناعة الخيام)

         و عندما يبلغ الصبى (8) سنوات كان الصبى يتعلم المزامير و التعاليم الدينية (السلوكيات)

         و عندما يبلغ الصبى (10) سنوات يبدا الصبى فى تعلم الشرائع الشفوية التى تتناقلها الاجيال و التى كانت تشبه الوصايا و المحظورات.

         و عندما يبلغ الصبى (13) سنة بعد تعلم الشريعة ،  يبدا فى ممارستها وممارسة  جميع الطقوس.

         استمد الشاب  شاول  ثقافته من جامعة طرسوس التى كانت منفتحة على مختلف الثقاقات من كافة الشعوب و جاء تاثير اورشليم على ثقافته الايمانية .

         تعلم شاول الفقه على يد غملائيل (**) و ذلك كان يتطلب جهدا و يتعين على الطالب ان يحفظ عن ظهر قلب النصوص المقدسة و تأويلات كبار الرابيين.

اهتم غملائيل بتعليم طلابه الخطابة و الوعظ و اتقن شاول فن النقاش و المناظرة و المرافعة .

         تعلم بولس العبرية لغه اجداده  و اليونانية لغة الثقافة و اللاتينية لغة الحكام و الارامية كانت اللغة الدارجة فى فلسطين.

          و عندما بلغ شاول (20) سنة  انهى تعليمه الاساسى و اصبح عالما فى التوراه و الشريعة(***) و بدا نشاطه التعليمى (الرابى) فى اورشليم وذهبها يهوديا وعاد منها متعصبا و متطرفا. 

** ليس بولس بالنسبة لنا شخصية من الماضى / نتذكرها  و نكرمها بل هو ايضا معلمنا و رسولنا و المبشر بيسوع المسيح.

 

          اهتدائه : كانت خطب الرسل تهدد الاوضاع الدينية اليهودية وشاول عزم على محاربة هذا الدين الجديد و كان من اقسى مضطهدى تلاميذ يسوع (اع 2/8) فوافق على رجم اسطفانوس وحضر اعدامه وذهب الى دمشق مدعوما بموافقة الوالى ليطارد اتباع اسطفانوس . وفيما هو ذاهب لدمشق ظهر له يسوع (اعمال 1/9-5/22و12/16) وكان عمره تقريبا حينذاك 30 سنة.

         الاهتداء هو هبة من الله لم يأتى بجهد انسانى بل هو امتلاء من المسيح فوضع نفسه فى خدمته و اتحد به و يقرها بولس  :بنعمة الله صرت على ما انا عليه (1 كو 15/10)

 

         انقلاب دمشق:   كان شاول يعتقد انه يجب ان يقاوم اسم يسوع بكل جهده (اع 26/9) و عليه ان يضطهد المسييحيين ووافق على قتل اسطفانوس (اع 22/20)

انقلب ايمانه اليهودى فوصلت به الى الايمان بيسوع المسيح و رؤية دمشق هى ايضا دعوته كرسول.

(اما انا كرسول اما رايت يسوع المسيح (1كور 9/1) وهذا الظهور جعل بولس رسول الامم) 

         الكلمة التى  قالها يسوع لشاول على طريق دمشق : شاول لماذا تضطهدنى فيجيب : من انت يارب فاتى الجواب انا هو يسوع الذى تضطهده , وفهم شاول انه باطضهاده للكنيسة  يضطهد يسوع بالذات.

         كيف كان التغير ؟ عقائدى :يعيش الكلمة بالايمان فيخلع الانسان القديم و يلبس الانسان الجديد و كان فى حالة صراع دائم) – تحول شاول(بولس من مضطهد الى مبشر  من ضد تماما الى مع تماما)

 بعد الظهور الالهى بقى بولس ثلاثة ايام اعمى البصيرة حتى تتلمذ على يد حنانيا و اعتمد على يديه وابتدأ فى الكرازة .و عبر عن ايمانه " احيا بايمان ابن الله الذى احبنى وبذل ذاته من اجلى (غلاطية 2/20)

– إيمان بولس مبنى على خبرته و لمحبة يسوع له بشكل شخصى تماما وهو وعى بان المسيح واجه الموت لا لاجل سبب مجهزل بل حبا به، ببولس، وانه كقائم من الموت ، يحبه الان ايضا ، اى ان المسيح وهب ذاته لاجله.

– رحلاته التبشيرية :  قام بثلاث رحلات تبشيرية: الاولى من 44-49( اعمال 1/13 و28/14) الثانية من 49-52(اع 26/15و 22/18) و الثالثة من 53-58 (اع 23/18 و 14/21) ،(يقال انه ذهب الى فرنسا و اسبانيا و بلاد العرب (غلاطية 1/17-18)

 دعى اولا اليهود فقاوموه فتوجه الى الوثنيين(الذين كانوايعبدون  الاصنام ) ثم الى الامميين(الذين لا دين ولارب لهم) حتى تتم كلمة الله الى حنانيا : إخترته رسولا لى يحمل اسمى الى الامم (اع 9/15) ، دون ان يتخلى عن خلاص شعبه ، حتى قال عن نفسه :لقد جعلت معلما للامم بالايمان و الحق (1 تيمو2/7)

 وكان فى اسفاره مهتما ان يذهب ليبشر بالانجيل الى حيث لم يصل بعد .

 

         الكرازة : اخذ بولس يكرز فى المجامع بان يسوع هو الله و تآمر اليهود على القبض عليه و فتله

و على الرغم من ذلك كان يبشر بجرآة و تنقل من طرسوس الى قبرص و فيها امن على يدع الوالى سرجيوس واعتمد هو و اهل بيته ، استأنف بولس البشارة و عاد الى انطاكيا حيث صحبه لوقا و سيلا الى اسيا الصغرى و غلاطيه ثم اصطحب تيموثاوس الذى اقامه فيما بعد اسقفا و فى اثينا رد كثيرين الى الايمان.

عاد الى اورشليم و مكث بها سنتين ثم اسيا الصغرى فغلاطية، فافسس الذى اقام بها 3 سنوات و ظل يبشر و يعمد و كان عاملا بيده فى روميه.

 

حضر مجمع الرسل و بحث معهم   1- فرض الختان 2-العمل بشريعة موسى على الوثنيين الذين يرغبون فى الدين المسيحى و توصلوا الى انه لا يلزم الختان ولا العمل بشريعة موسى .

اضطهد كثيرا وابدى دائما استعداده للشهادة لا للسجن فقط بل الموت ايضا لاجل اسم الرب.(اع 21/13)

حاول اليهود قتله بالصلب واراد الوالى ان يجلده فاعترض بولس كونه مواطنا رومانيا وارسله قائد المئة الى الوالى فى قيصرية حيث مكث اسيرا لمدة سنتين و تظلم ورفع دعواه لى الملكاغريبا الذى اطلق سراحه حينما لم يجد ما يوجب الحكم عليه، و اقام فى روما سنتين يبشر بالانجيل فى جزيرة كريت و كنائس اسيا و كورنتس

 و يقال انه ذهب ايضا الى فرنسا و اسبانيا.

 

– جهاده و استشهاده :

ذكر بولس عن الامه فى التبشير :

 اشرفت على الموت مرارا ، جلدنى اليهود خمس مرات اربعين جلدة إلا واحدة، بالعصى ثلاث مرات (2كو 11/24) وعلى الرغم من سجنه و اضطهاده ومعناته للالام النفسية

 و الجسدية قال : "من يفصلنا عن محبة المسيح اشدة ام ضيق ام اضطهاد ام جوع ام خطر ام  سيف (رومية 8/35)"  و " نلعن فنبارك ، نضطهد فنحتمل ، يشنع علينا فنرد بالحسنى( 1كو 4/12)

-عانى التعب و الكد و السهر الدائم و الجوع و العطش والصوم الكثير والبرد و العرى (اع 11/23-29)

 و حينما  رجع الى روما حيث قبض عليه نيرون و القاه فى السجن و حكم بقطع راسه كما حكم على بطرس الصلب منكس الرأس وكان هذا فى سنه 67 ميلادية.

 

– سمات عمله الرسولى :

         طابعه الشامل حيث يكرز بولس لليهود فالوثنيين  لجميع الاوساط للاحرار و العبيد، الفلاسفة و المثقفين و الجهال و رفض ان يسجن الوثنيين المتحولين الى المسيحية فى إطار الممارسات اليهودية.

         حاول ان  يقنع من يبشرهم بان الانجيل يحقق احلامهم و امالهم

         لم يعمل بشكل فردى ففى رحلاته اصطحب معه تلاميذ امثال برنابا ، سيلا، يوحنا، و صار له معاونون مثل تيطس و تيموثاوس.

         دعى بولس لا الى فهم المسيح فقط بل معرفته هذه الدعوة يعنى سعيا مستمرا (هيا ننسى ما وراء نمتد الى قدام …)

 

 

 

     – كتاباته : كما استعمل بولس حد السيف استخدم ايضا سيف الكلمة (1 تسا 2/2-5)

كتب بولس 13 رسالة و وتنسب اليه رسالة (****)

* الرسائل الكبرى :1- رسالة رومية – 2- رسالتين الى كورتنس – 3-  رسالة الى غلاطية.

*رسائل الاسر وهو فى روما:4- افسس – 5- فيليبى – 6- كولوسى .

*7- رسالتين الى اهل  تسالونيكى

* رسائل رعوية الى افراد :8- رسالتين الى تلميذه  تيموثاوس – 9-  رسالة الى تلميذه تيطس – رسالة الى تلميذه فيلمون

* تنسب اليه رسالة الى العبرانين

من اقوال الاباء /  القديس اغسطينس يقول : من يحب المسيح كما احبه بولس يستطيع ان يفعل حقا كل ما يشاء.

 

         شوكة فى الجسد : اختلف المفسرون فيما يختص بمعرفة هذه الشوكة ربما انها كانت مرض جسمانى و لم يعرف تماما نوع هذا المرض. ولكن رغم هذه الشوكة فى الجسد كان الفرح ( وانا الان افرح بالآم التى اعانيها لآجلكم ولاجل هذا اتعبواجاهد بفضل قدرة الله التى تعمل فى بقوة : (كولوسى 1/24-39)

الفرح كان لا  يفارقه سواء فى سلوكه او كتاباته وكتب عن الامه هذه بانها احتمال المرض الطويل والم الجسد و التجارب كشركة مع المسيح فى الآمه بصبر وبدون تذمر ومع ذلك تضرع بولس من اجل هذه الشوكة وطلب ان يتحملها (تضرع ثلاث مرات ان تفارقه  فكان رد الله "تكفيك نعمتى لان قوتى فى الضعف تكمل:   2 كورنتس 12/9)

 

 

(*) جامعة طرسوس وجامعة الاسكندرية و جامعة اثينا كانوا  مثلث الحضارات القديمة

 (**) كان غملائيل معلما للناموس و عضوا بالسنهندرين يحترمه الشعب كله وكان  معتدلا و متسامحا (وهو الذى دافع عن الرسل  -اع 5/34-39)

(***) استخلص شاول من خلال التوراه الى يسوع و رسالته الخلاصية

         التوراه فى الخامسة – الميشنا او التقليد اللفظى فى العاشرة – التلمود (التعليم السلوكى )فى الخامسة عشر و فى الثامنة عشر كان على الشاب ان يتزوج.

(****) كتب بولس رسائله باللغة اليونانية الدارجة ، اسلوبه اقرب الى اسلوب علماء اليهود منه الى الاسلوب اليونانى فى تنسيق الكلام و تفصيله.