كلمة البابا في ختام شهر مايو المريمي

"بتواضعها، وجدت النعمة في عيني الله"

حاضرة الفاتيكان، الاثنين 01 يونيو 2009 (Zenit.org)

ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها بندكتس السادس عشر مساء السبت الفائت في حدائق الفاتيكان خلال احتفال مريمي تقليدي لاختتام شهر مايو.

***

إخوتي الأجلاء،

إخوتي وأخواتي الأعزاء،

أحييكم جميعاً بحرارة في ختام صلاة المساء المريمية التقليدية التي تختتم شهر مايو في الفاتيكان، والتي اكتسبت أهمية خاصة هذه السنة بحلولها عشية عيد العنصرة. إنكم من خلال تجمعكم معاً، ووقوفكم روحياً أمام العذراء مريم، وتأملكم في أسرار الوردية المقدسة، تعيشون مجدداً تجربة التلاميذ الأولين الذين اجتمعوا في غرفة العشاء السري مع "أم يسوع" "يداومون على الصلاة بقلب واحد" منتظرين حلول الروح القدس (أع 1، 14). ونحن أيضاً في هذا المساء ما قبل الأخير من شهر مايو نبتهل من تلة الفاتيكان حلول الروح البارقليط علينا، وعلى الكنيسة في روما، وعلى الشعب المسيحي أجمع.

يدعونا عيد العنصرة المجيد إلى التأمل في العلاقة بين الروح القدس ومريم، هذه العلاقة الوثيقة والمتميزة التي لا تنفصم. لقد اختيرت عذراء الناصرة مسبقاً لتصير أم الفادي بفعل الروح القدس، وبتواضعها وجدت النعمة في عيني الله (لو 1، 30). ففي العهد الجديد نرى أن إيمان مريم يجتذب الروح القدس. وهذا ما يظهر أولاً في الحبل بابن الله الذي يفسره رئيس الملائكة جبرائيل على هذا النحو: "الروح القدس يحل عليك، وقدرة العلي تظللك" (لو 1، 35). بعدها، ذهبت مريم مسرعة لمساعدة أليصابات وعندما سمعت نسيبتها المتقدمة في السن سلامها، قفز الجنين داخل بطنها بفعل الروح القدس (لو 1، 44)؛ وكان الحوار بين الوالدتين مستلهماً من روح الله، وبخاصة "التسبحة"، أي نشيد التسبيح الذي عبرت به مريم عن مشاعرها. كما أن حدث ميلاد يسوع وطفولته يجري بهداية واضحة من الروح القدس على الرغم من عدم ذكره دوماً. وقلب مريم المتناغم بشكل تام مع الابن الإلهي هو هيكل روح الحق الذي تحفظ فيه كل الكلمات والأحداث بإيمان ورجاء ومحبة (لو 2: 19، 51).

هكذا، يمكننا أن نثق بأن قلب يسوع الأقدس كان يجد دوماً في حياته الخفية في الناصرة "مسكناً" ملتهباً بالصلاة والانتباه الدائم إلى الروح القدس في قلب مريم الطاهر. والدليل على هذا التناغم الفريد بين الأم وابنها في العمل بحسب مشيئة الله هو عرس قانا. ففي وضع مماثل للعرس وزاخر برموز العهد، تتدخل مريم العذراء وتحدث إلى حد ما رمزاً من رموز النعمة الإلهية الوافرة، إذ تشير "الخمرة الجيدة" إلى سر دم المسيح. وهذا ما يرشدنا مباشرة إلى الجلجلة حيث تقف مريم عند الصليب مع المرأة الأخرى ويوحنا الرسول. فالأم والرسول فهما عهد يسوع أي كلماته الأخيرة وأنفاسه الأخيرة التي بدأ بها يرسل الروح، وفهما الصراخ الصامت لدمائه التي سفكها من أجلنا (يو 19: 25، 34). عرفت مريم مصدر الدماء التي تكونت فيها بفعل الروح القدس وعرفت أن هذه "القوة" المبدعة ستقيم يسوع من الموت، بحسب وعده.

على هذا النحو، يثبت إيمان مريم إيمان التلاميذ حتى اللقاء مع الرب القائم من بين الأموات الذي يستمر في مرافقتهم حتى بعد صعوده إلى السماء إذ ينتظرون العماد "بالروح القدس" (أع 1، 5). وفي العنصرة، تظهر مريم العذراء مجدداً كعروس الروح، وأم عالمية لجميع المولودين من الله من خلال الإيمان بالمسيح. لذلك فإن مريم هي لكل الأجيال مثال الكنيسة وقدوتها التي تسافر مع الروح القدس عبر الأزمنة مبتهلة عودة المسيح المجيدة: "تعال أيها الرب يسوع" (رؤ 22: 17، 20).

أصدقائي الأعزاء، نتعلم أيضاً في مدرسة مريم أن ندرك وجود الروح القدس في حياتنا، ونصغي إلى إلهاماته ونتبعها بكل طاعة. إنه ينمينا في كمال المسيح، في هذه الثمار الجيدة التي يعددها الرسول بولس في رسالته إلى أهل غلاطية: "المحبة والفرح والسلام، وطول البال واللطف والصلاح، والأمانة والوداعة وضبط النفس" (غل 5، 22). أرجو أن تمتلئوا بهذه الهبات وتسيروا دوماً مع مريم وفق الروح، وفيما أثني على مشاركتكم في هذا الاحتفال المسائي، أمنحكم من كل قلبي بركتي الرسولية.

البابا: " مريم هي لكل الأجيال مثال الكنيسة"

في ختام الشهر المريمي في الفاتيكان

الفاتيكان، الاثنين 01 يونيو 2009 (Zenit.org)

اختتم البابا بندكتس السادس عشر مساء السبت، عشية عيد العنصرة، الشهر المريمي في الحدائق الفاتيكانية.

والقى قداسته كلمة للمناسبة ذكّر فيها الحاضرين إنهم "يعيشون مجدداً تجربة التلاميذ الأولين الذين اجتمعوا في غرفة العشاء السري مع "أم يسوع" "يداومون على الصلاة بقلب واحد" منتظرين حلول الروح القدس".

"من تلهة الفاتيكان – قال بندكتس السادس عشر – نبتهل حلول الروح البارقليط علينا، وعلى الكنيسة في روما، وعلى الشعب المسيحي أجمع".

وأشار البابا الى أن عيد العنصرة يشكل دعوة " إلى التأمل في العلاقة بين الروح القدس ومريم، هذه العلاقة الوثيقة والمتميزة التي لا تنفصم. لقد اختيرت عذراء الناصرة مسبقاً لتصير أم الفادي بفعل الروح القدس، وبتواضعها وجدت النعمة في عيني الله". "إن قلب مريم المتناغم بشكل تام مع الابن الإلهي – تابع الحبر الأعظم – هو هيكل روح الحق الذي تحفظ فيه كل الكلمات والأحداث بإيمان ورجاء ومحبة".

"إن مريم – أضاف – هي لكل الأجيال مثال الكنيسة وقدوتها التي تسافر مع الروح القدس عبر الأزمنة مبتهلة عودة المسيح المجيدة: "تعال أيها الرب يسوع"".

وقبل إعطائه البركة الرسولية لجميع الحاضرين، ذكّر البابا إننا "نتعلم في مدرسة مريم أن ندرك وجود الروح القدس في حياتنا، ونصغي إلى إلهاماته ونتبعها بكل طاعة. إنه ينمينا في كمال المسيح، في هذه الثمار الجيدة التي يعددها الرسول بولس في رسالته إلى أهل غلاطية: "المحبة والفرح والسلام، وطول البال واللطف والصلاح، والأمانة والوداعة وضبط النفس".