كلمة البابا إلى بطريرك أنطاكية الجديد للسريان

شركة كنسية مع غبطة البطريرك إغناطيوس يوسف الثالث يونان

روما، الخميس 25 يونيو 2009 (Zenit.org)

ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها بندكتس السادس عشر يوم الجمعة المنصرم بمناسبة زيارة بطريرك أنطاكية الجديد إغناطيوس يوسف الثالث يونان مانحاً إياه الوحدة الكنسية بناءً على طلبه.

***

غبطة البطريرك،

تسرني الزيارة التي تقومون بها إلى روما لتكريم ضريحي الرسولين واللقاء بخليفة بطرس. بمحبة صادقة وأخوية، أجدد اليوم تحية وقبلة السلام في المسيح اللتين تبادلتهما معكم في بداية السنة غداة انتخابكم بطريرك أنطاكية للسريان. أشكركم على الكلمات الحارة التي وجهتموها إلي باسم كنيستكم البطريركية. وأرغب بدوري في التعبير عن شكري لنيافة الكاردينال إغناطيوس موسى داوود، العميد المتقاعد لمجمع الكنائس الشرقية، وغبطة البطريرك إغناطيوس بطرس عبد الأحد، وجميع البطاركة المتقاعدين في كنيستكم، وجميع أعضاء سينودس الأساقفة. تتحول كلمات شكري إلى صلاة بخاصة لكم غبطة البطريرك الجديد فيما أرافق الخطوات الأولى لخدمتكم الكنسية بتضامن أخوي.

غبطة البطريرك، اختارتنا العناية الإلهية خدام المسيح ورعاة قطيعه المميز. لذا دعونا نبقي أعين قلوبنا شاخصة إليه هو الراعي الأكبر وأسقف أرواحنا واثقين بأنه لن يتخلى عنا أبداً بعد أن نلنا النعمة الأسقفية. إن المسيح ربنا هو الذي أقام الرسول بطرس كـ "الصخرة" التي يقوم عليها صرح الكنيسة الروحي، طالباً من تلاميذه السير في وحدة تامة معه، بإرشاده وبإرشاد خلفائه. خلال تاريخكم الذي يتجاوز عمره الألف سنة، لطالما ترافقت الوحدة مع أسقف روما مع الأمانة للتقليد الروحي للشرق المسيحي، علماً أنهما تشكلان الجوانب المكملة لإرث إيمان رائع تجاهر به كنيستكم الموقرة. معاً، نجاهر بهذه العقيدة الكاثوليكية الواحدة ونضم صوتنا إلى صوت الرسل والشهداء والقديسين الذين سبقونا، رافعين إلى الله الآب في المسيح وفي الروح القدس نشيد التسبيح والشكر على هذه النعمة العظيمة التي أوكلت إلينا نحن الضعفاء.

إخوتي الأعزاء في الكنيسة السريانية الكاثوليكية، فكرت بخاصة فيكم خلال الاحتفال الافخارستي بعيد جسد الرب. وفي العظة التي ألقيتها في بازيليك القديس يوحنا في اللاتران، استشهدت بالعلامة الكبير القديس افرام السرياني الذي يقول: "خلال العشاء السري، ضحى يسوع بنفسه؛ أما على الصليب، فقد ضحى به الآخرون". هذا الشرح المهم يسمح لي بالإشارة إلى الجذور الإفخارستية للوحدة الكنسية التي منحتكم إياها غبطة البطريرك عند الانتخاب السينودسي. في الوقت المناسب، أردتم إظهار هذا الرابط الوثيق الذي يجمعكم مع أسقف روما والكنيسة جمعاء بطريقة علنية خلال سر الافخارستيا الذي احتفلتم به البارحة في بازيليك القديسة مريم الكبرى والذي شارك فيه ممثلي المكلف عميد مجمع الكنائس الشرقية، نيافة الكاردينال ليوناردو ساندري. ففي الواقع أن سر الافخارستيا هو الذي يؤسس مختلف تقاليدنا في وحدة الروح ويجعلها ثروة لشعب الله أجمع. فليحفظكم الاحتفال بسر الافخارستيا، مصدر وقمة الحياة الكنسية، راسخين في التقليد السرياني القديم الذي يطالب بإتقان لغة الرب يسوع فيما يفتح أمامكم آفاق الشمولية الكنسية! فليجعلكم دوماً متنبهين إلى ما يوحيه الروح للكنائس، وليفتح أعين قلوبكم لكيما تتمكنوا من تفحص علامات الأزمنة على ضوء الإنجيل ومن تحقيق آمال البشرية، من خلال تلبية حاجات الأشخاص الذين يعيشون في الفقر. إن القربان هو خبز الحياة الذي يغذي جماعاتكم وينميها كلها في الوحدة والمحبة. إستمدوا إذاً من سر الافخارستيا، سر الوحدة والمشاركة، القدرة على تخطي الصعاب التي واجهتها كنيستكم خلال السنوات الأخيرة، بغية إيجاد سبل المغفرة والمصالحة والمشاركة.

إخوتي الأعزاء، أشكركم مجدداً على زيارتكم التي تسمح لي بالتعبير لكم عن اهتمامي الكبير بمسائلكم الكنسية. إنني أرافق برضىً استئناف عمل سينودسكم وأشجع الجهود التي تسعى إلى الوحدة والتسامح والمغفرة والتي يجب أن تعتبروها دوماً كواجبات أساسية لبناء كنيسة الله. كذلك أصلي بلا انقطاع من أجل السلام في الشرق الأوسط بخاصة من أجل المسيحيين الذين يعيشون في الأمة العراقية الحبيبة التي أقدم آلامها يومياً إلى الرب خلال الاحتفال بسر الافخارستيا.

ختاماً، أود أن أشاطركم أحد اهتماماتي الكبرى المتعلقة بحياة الكهنة الروحية. اليوم في عيد قلب يسوع الأقدس، يوم التقديس الكهنوتي، يسرني افتتاح السنة الكهنوتية في الذكرى المئة والخمسين لوفاة خوري آرس القديس. أعتقد أن هذه السنة اليوبيلية الخاصة التي تبدأ مع نهاية السنة البولسية ستكون فرصة مثمرة للكنيسة جمعاء. على الجلجلة، كانت مريم واقفة مع الرسول يوحنا عند الصليب. واليوم، نتوجه نحن أيضاً روحياً إلى الصليب مع جميع كهنتكم لننظر إلى الذي طُعن والذي ننال كمال نعمه. غبطة البطريرك، فلتحفظكم مريم سلطانة الرسل وأم الكنيسة ولتحفظ السينودس والكنيسة السريانية الكاثوليكية جمعاء! وأنا أؤكد لكم على مرافقتكم بصلواتي وأمنحكم بركتي الرسولية التي أشمل بها جميع المؤمنين في كنيستكم الموقرة المقيمين في مختلف أمم العالم.

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية 2009