السنة الكهنوتية: تأمل المونسنيور ماورو بياتشينزا

أمين عام مجمع الإكليروس

روما، الاثنين 20 يوليو 2009 (Zenit.org)

ننشر في ما يلي تأملاً اقترحه المونسنيور ماورو بياتشينزا، أمين عام مجمع الإكليروس، بمناسبة السنة الكهنوتية.

***

إخوتي الأعزاء في الكهنوت،

بأعين ما تزال ممتلئة من التجربة الروحية لافتتاح السنة الكهنوتية، خلال صلاة الغروب في عيد قلب يسوع الأقدس التي ترأسها الأب الأقدس بندكتس السادس عشر في بازيليك القديس بطرس في 19 يونيو الفائت، يسرني التوجه إليكم جميعاً في هذا "الزمن المقدس" الذي تمنحنا إياه العناية الإلهية.

خلال السنة الكهنوتية، ومن خلال تصفح نصوص ليتورجية السيامة، قرابة منتصف كل شهر، يسرني اقتراح تأمل وجيز نابع من القلب ومن المحبة للكهنوت الكاثوليكي، آمل أن يشكل مساعدة متواضعة لتأملنا المشترك ويصبح "رفيقاً مسيحياً وكهنوتياً"   في هذه السنة. ومع خليفة بطرس، نريد جميعاً أن تكون سنة "تجدد روحي" عميق.

لطالما علمتنا الكنيسة بحكمتها الوالدية أن الخدمة تنشأ من تلاقي حريتين: حرية الله وحرية الإنسان. إن كان يجب أن نتذكر من جهة أنه "ما من أحد يستأثر بهذه الخدمة لأن الله هو الذي يدعونا" (تعليم الكنيسة الكاثوليكية، 1578)، فإن "الأنانية البشرية الناشئة" بتاريخها وهويتها، بصفاتها وحدودها هي التي تستجيب للدعوة الإلهية من جهة أخرى.

إن الترجمة الليتورجية والسرية لهذا الحوار اللامتناسق والضروري بين الحرية الإلهية الداعية والحرية البشرية المستجيبة، موجودة في الأسئلة التي سمعها كل منا من الأسقف، خلال طقس سيامته، قبل التبريك. مجدداً وخلال الأشهر المقبلة، سنتناول معاً الحديث عن "حوار المحبة والحرية". لقد سئل كل منا: "أتريد ممارسة الخدمة الكهنوتية طوال حياتك بالتعاون مع الأسقف في خدمة شعب الله بهداية الروح القدس؟". فأجاب: "أجل، أريد ذلك".

هذه الإجابة الحرة والواعية تستند إلى فعل إرادة واضح ("أتريد ممارسة…" – أجل، أريد ذلك") نعلم أنه بحاجة إلى أن يستنير دوماً بحكم العقل ويحظى بدعم الحرية لكي لا يصبح إرادة عقيمة أو أسوأ من ذلك، لكي لا يتبدل على مر الزمان نحو عدم الأمانة. إن فعل الإرادة ثابت بطبيعته لأنه فعل بشري تتجلى من خلاله الصفات الأساسية التي أشركنا فيها الخالق.

من ثم فإن الالتزام الذي تعهدنا به يتعلق بـ "الحياة كلها" وليس تبعاً لحماسة ومكافآت بديهية نوعاً ما أو لمشاعر معينة. يؤدي الشعور دوراً حاسماً في معرفة الحقيقة، شرط أن يوضع في "المكان المناسب" كعدسة فلا يعيق المعرفة فقط بل يسهلها. مع ذلك فهو ليس سوى عامل من عوامل المعرفة ولا يمكن أن يكون حاسماً.

لقد قبلت إرادتنا بممارسة "الخدمة الكهنوتية" وليس بممارسة "مهن" أخرى! إننا مدعوون أولاً إلى أن نكون كهنة على الدوام، كما يذكرنا القديسون في كل ظرف، من خلال ممارسة هذه الخدمة التي دعينا إليها. نحن لا نزاول مهنة وإنما نمارس خدمة الكهنوت!

إخوتي الأعزاء، فلنجدد في هذه السنة الكهنوتية، إحساس النهوض كل صباح متذكرين من نكون وما يريدنا الرب أن نكون في الكنيسة، له ولشعبه ولخلاصنا الأبدي!

كل واحد منا هو عضو في "جسم" مدعو إلى التعاون من أجل تحديد رأس هذا الجسم. وذلك "بالتعاون مع الأسقف"، وامتثالاً للخير الذي يحدده، و"بهداية من الروح القدس"، أي من خلال صلاة دائمة. وحده الشخص الذي يصلي هو الذي يستطيع الإصغاء إلى صوت الروح! وكما ذكر الأب الأقدس في المقابلة العامة في الأول من يوليو، فإن "من يصلي لا يخاف، ومن يصلي ليس وحيداً أبداً، ومن يصلي يخلص نفسه!".

فلتساعدنا ولتحفظنا الطوباوية مريم العذراء. أتمنى متابعة جيدة للسنة الكهنوتية!  

المونسنيور ماورو بياتشينزا

رئيس أساقفة فيتوريانا

أمين عام مجمع الإكليروس

من الفاتيكان، في 15 يوليو 2009