بيان وفد الكرسي الرسولي حول تطبيق مسؤولية الحماية

نيويورك، الجمعة 31 يوليو 2009 (zenit.org).

ننشر في ما يلي بيان وفد الكرسي الرسولي أمام اللقاء العمومي السابع والتسعين للجمعية العامة – نقاش حول تقرير الأمين العام، تطبيق مسؤولية الحماية

سيدي الرئيس،

منذ أربع سنوات، انعقد أكبر لقاء لرؤساء الدول في الأمم المتحدة في سبيل لفت الانتباه إلى الحاجة إلى وضع نظام خاص بالأمم المتحدة قادر على تلبية احتياجات عالم متبدل. هناك اعتمد قادة العالم الوثيقة الختامية للقمة العالمية التي أكدت بخاصة على مسؤولية كافة الأمم والأسرة الدولية في حماية الشعوب من تهديد الإبادة وجرائم الحروب والتطهير العرقي وارتكاب الجرائم ضد البشرية.

وتشير الوثيقة إلى أن مسؤولية الحماية موجهة من خلال ثلاثة عناصر قوية وداعمة. أولاً، الواجب الرئيسي لكل دولة الذي يقضي بحماية شعبها من الإبادة وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد البشرية. ثانياً، واجب الأسرة الدولية الذي يقضي بمساعدة الدول على بناء القدرة على القيام بمسؤوليتها الأساسية. وثالثاً، واجب الأسرة الدولية بالتحرك الفوري عند فشل دولة في ممارسة سلطتها.

إن الأولوية الأولى هي أن تقوم الحكومات الوطنية بممارسة سلطتها بطريقة تحمي الأفراد والشعوب من أعمال وحشية مستقبلية. أما السلطات الوطنية والمحلية التي تفشل في التدخل لحماية المدنيين أو تعمل على مساعدة إدامة الجريمة، تفشل في وظائفها الأساسية ويتوجب عليها تحمل المسؤولية القانونية بسبب عملها وتقاعصها. في هذا الصدد، إن المقاربة الإنسانية لتنمية سياسات حماية الشعوب من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وتنمية القانون الإنساني، إلى جانب المعايير القانونية الدولية المتفق عليها، تشكل عناصر أساسية في تحقيق المسؤولية الوطنية. إضافة إلى ذلك، تبقى السياسات الوطنية التي تعزز احتضان وحماية الأقليات الدينية، العرقية والإتنية، الأولويات لتعزيز الحوار والتفاهم بين الشعوب.

ويندرج في الركيزة الثانية دور الأسرة الدولية في بناء قدرة الدول على حماية شعوبها. تتحمل الأسرة الدولية مسؤولية أخلاقية تقضي بإنجاز مختلف التزاماتها. ومن خلال تأمين الدعم المالي والتقني، تستطيع الأسرة الدولية أن تساعد على خلق الوسائل والآليات للتصدي للأزمات الإنسانية الناشئة. في هذا الصدد، ومن خلال معرفة المنطقة وفهمها، تؤمن المنظمات المحلية ومنها المنظمات العقائدية الدعم الأساسي لبناء جسور ثقافية ودينية بين الجماعات. إضافة إلى ذلك، يساعد الدعم المالي من البلدان المتطورة لتخفيف الفقر المدقع على تقليص الانقسامات الاقتصادية والسياسية الطويلة الأمد وعلى تخفيف بعض العوامل الدافعة للعنف. ختاماً، يؤمن تعزيز حكم القانون على الصعيد الوطني والدولي الإطار لتجنب أعمال الظلم المستمرة ويؤمن الآلية التي تضمن تحمل المسؤولين عن إدامة هذه الجرائم مسؤوليتهم بطريقة تعزز العدالة والسلام المستدام.

إن الركيزة الثالثة لمسؤولية الأسرة الدولية القائمة على التدخل عند فشل السلطات الوطنية في التحرك كثيراً ما تدعو إلى التدقيق. مع الأسف كثيراً ما ركز هذا العنصر فقط على استخدام العنف في سبيل تجنب العنف أو إنهائه بدلاً من التركيز على مختلف الوسائل التي يمكن التدخل من خلالها بطريقة غير عنيفة. إن التدخل في الوقت المناسب الذي يشدد على الوساطة والحوار قادر أكثر من العمل العسكري على تعزيز مسؤولية الحماية. وتشكل الوساطة الملزمة إلى جانب التحكيم فرصة للأسرة الدولية من أجل التدخل بطريقة تحول دون أعمال العنف. إضافة إلى ذلك، تشكل الإجراءات المستهدفة منها العقوبات التي تركز على تجنب انتشار العنف وليس على الشعوب المدنية، الوسائل التي يمكن للأسرة الدولية الموافقة عليها لتعزيز السيادة المسؤولة.

وفي سبيل اكتساب الركيزة الثالثة الزخم والفعالية، لا بد من بذل المزيد من الجهود لضمان أن يكون التدبير المتخذ وفقاً لصلاحيات مجلس الأمن شاملاً وأن توضع في الطليعة احتياجات الشعوب المتضررة بدلاً من نزوات الصراعات الجغرافية السياسية. بذلك، نتمكن من القيام بواجبنا الأخلاقي للتدخل بالنيابة عن الأشخاص المعرضة حقوقهم للخطر. لذلك من الضروري أن تتحرك البلدان القادرة على ممارسة سلطتها ضمن مجلس الأمن، وذلك بطريقة تعكس نكران الذات المطلوب لاعتماد مقاربة فعالة، مناسبة وإنسانية لإنقاذ الشعوب من الأعمال الوحشية الخطيرة.

إضافة إلى دور المؤسسات الوطنية والدولية، يؤدي القادة الدينيون دوراً مهماً في تعزيز مسؤولية الحماية. كثيراً ما سبب التعصب الإتني والعرقي والديني في العديد من مناطق العالم الكثير من أعمال العنف والقتل. إن استغلال العقيدة في تعزيز أعمال العنف هو فساد العقيدة والشعب، لذا فإن القادة الدينيين مدعوون إلى وضع حد لهذا التفكير. لا بد من اعتبار العقيدة سبباً للوحدة لا للانقسام لأن الجماعات والأفراد يتمكنون من خلال الإيمان من إيجاد القدرة على المغفرة لينشأ السلام الحقيقي.

في الوقت الذي احتاجت فيه الأسرة الدولية إلى العديد من السنوات والأرواح للتوصل إلى اتفاق، حسبما هو مذكور في الوثيقة الختامية للقمة العالمية، يرجو وفدي أن يطبق على أكمل وجه ممكن لإنقاذ الأجيال المستقبلية من العذاب الذي سببته الإبادات وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد البشرية للعالم أجمع.

شكراً سيدي الرئيس.