الديمان، الاحد 30 أغسطس 2009 (Zenit.org).
ننشر في ما يلي العظة التي تلاها البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير أثناء القداس الاحتفالي الذي ترأسه في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان.
* * *
"طوبى للرحماء فانهم يرحمون"
دعت المؤسسة المارونية للانتشار الى اقامة هذه الذبيحة الالهية لراحة نفس السيناتور تيد كينيدي الذي توفاه الله في الخامس والعشرين من آب الجاري في الولايات المتحدة الاميركية، وكان رحمه الله وجها بارزا في السياسة الاميركية، وقد اتخذ مواقف كثيرة دلت على محبته لبلده وخاصة للطبقة الفقيرة. وذكر دائما قول السيد المسيح:" طوبى للرحماء فانهم يرحمون". وهو قد تزوج من امرأة لبنانية الاصل هي السيدة فيكتوريا عريجي.
نقله الله الى جواره وهو في السابعة والسبعين من عمره، اثر مرض متأت من ورم في الدماغ منعه من التردد الى مجلس الشيوخ الذي انتخب عضوا فيه تسع مرات متتالية، اي طوال ما يقارب النصف قرن. وكان منتميا الى الحزب الديموقراطي، وهو ثاني اقدم عضو في مجلس الشيوخ، وثالث اقدم سيناتور في مجلس الشيوخ الاميركي.وقد عرف بمواقفه الجريئة، وهو الاخ الاصغر للرئيس المغدور جون كينيدي، وقد خلفه في مقعد الشيوخ منذ سنة 1962. وشقيق السيناتور روبرت كينيدي المدعي العام الذي ذهب ضحية الاجرام كشقيقه الاكبر.
وكان شديد الجرأة في قول الحق، وخطيبا مصقعا، وظفر بلقب اسد مجلس الشيوخ، وعمل على اصدار عدة قوانين لصالح الفقراء والمهمشين. وقد استصدر ما فوق الثلاثمائة قانون، ولعب دورا كبيرا في اصدار عدة قوانين تتعلق بالهجرة. وبالبحث السرطاني، والضمان الصحي، والحقوق المدنية، والصحة العقلية، والضمان الصحي للاولاد، والتربية وما سوى ذلك.وكان يعمل، حين وافته المنية، على التشريع الخاص بالصحة العامة الذي وصف بانه "عمل حياته". وقد اصدرت عائلة كينيدي، فور الوفاة، بيانا جاء فيه:" لقد خسرنا المركز الذي لا يمكن تعويضه في عائلتنا والوهج السعيد في حياتنا. لكن وحي ايمانه وتفاؤله وصموده، كلها ستعيش في قلوبنا الى الابد". وفي الثانية فجر الاربعاء اتصل الرئيس اوباما، بعدما ايقظه مساعدوه ليعلموه بوفاة صديقه، بزوجة الفقيد لتعزيتها. وبعد ساعات قليلة اصدر بيانا جاء فيه:" لقد وصلنا الى نهاية فصل مهم في تاريخنا. لقد خسرت بلادنا قائدا كبيرا حمل الشعلة من شقيقيه المغدورين ليصير اعظم سيناتور في أمتنا". وكانت المآسي تلاحق هذه العائلة التي اقتطعت لنفسها مكانة كبيرة في الحياة السياسية الاميركية.
واقترن الراحل بفيكتوريا عريجي التي هي مارونية من اصل لبناني، ومحامية، وقد احرزت شهادتها بنجاح كبير. وكانت عائلتها تهتم بالشأن السياسي، وتشدها الى عائلة كينيدي رابطة صداقة متينة. وكانت الى جانب قرينها تساعده في حملاته الانتخابية وفي اعماله على وجه الاجمال، وكانت خير مستشار له في شؤونه السياسية. وانقطعت عن ممارسة المحاماة لتنصرف الى الشؤون العائلية. وانصرفت الى الاهتمام بقرينها في حال مرضه، وهو تمنى ان تخلفه في منصبه.
ومعلوم ان عائلة كينيدي هي كاثوليكية، وقد تعاطى افرادها الشأن السياسي وتمرسوا به، لكن الظروف المأساوية لاحقت افرادها. والفقيد الذي نذكره اليوم بالرحمة الواسعة التي نستمدها له من الله من ابرز افرادها.
وانا اذ نتقدم بالتعزية من ارملة الفقيد ومن افراد عائلته ومن رئيس الولايات المتحدة وشعبها، نسأل الله ان يتغمد روح الفقيد الكبير بوافر العفو والرضوان.