مَنْ يَصْبِرْ إِلى النِّهَايَةِ يَخْلُصْ

بقلم الخوري جوزف هلال

القبيات، الخميس 24 سبتمبر 2009 (Zenit.org).

 نقدم نصي رسالة وإنجيل قداس الأحد بحسب الطقس الأنطاكي السرياني الماروني مع تعليق مقتبس من "نشرة الأحد"  – "موقع القبيات الإلكتروني".

* * *

::: الرسالة :::

19 إِنْ كُنَّا نَرْجُو الـمَسِيحَ في هـذِهِ الـحَيَاةِ وحَسْبُ، فَنَحْنُ أَشْقَى النَّاسِ أَجْمَعِين!

20 وَالـحَالُ أَنَّ الـمَسِيحَ قَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات، وهُوَ بَاكُورَةُ الرَّاقِدِين.

21 فَبِمَا أَنَّ الـمَوْتَ كَانَ بِوَاسِطَةِ إِنْسَان، فَبِوَاسِطَةِ إِنْسَانٍ أَيْضًا تَكُونُ قِيَامَةُ الأَمْوَات.

22 فَكَمَا أَنَّهُ في آدَمَ يَمُوتُ الـجمِيع، كَذ,لِكَ في الـمَسِيحِ سيَحْيَا الـجَمِيع،

23 كُلُّ وَاحِدٍ في رُتْبَتِه: الـمَسِيحُ أَوَّلاً، لأَنَّهُ البَاكُورَة، ثُمَّ الَّذِينَ هُمْ لِلمَسِيح، عِنْدَ مَجِيئِهِ.

24 وَبَعْدَ ذـلِكَ تَكُونُ النِّهَايَة، حِيْنَ يُسَلِّمُ الـمَسِيحُ الـمُلْكَ إِلى اللهِ الآب، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَبْطَلَ كُلَّ رِئَاسَةٍ وكُلَّ سُلْطَانٍ وَقُوَّة،

25 لأَنَّهُ لا بُدَّ لِلمَسِيحِ أَنْ يَمْلِك، إِلى أَنْ يَجْعَلَ اللهُ جَمِيعَ أَعْدَائِهِ تَحْتَ قَدَمَيه.

26 وآخِرُ عَدُوٍّ يُبْطَلُ هُوَ الـمَوْت.

27 لَقَدْ أَخْضَعَ اللهُ كُلَّ شَيءٍ تَحْتَ قَدَمَيْه. وَحِينَ يَقُولُ الكِتَاب: "أُخْضِعَ لَهُ كُلُّ شَيء"، فَمِنَ الوَاضِحِ أَنَّهُ يَسْتَثْنِي اللهَ الَّذي أَخْضَعَ لَهُ كُلَّ شَيء.

28 ومَتَى أُخْضِعَ لِلابْنِ كُلُّ شَيء، فَحِينَئِذٍ يَخْضَعُ الاِبْنُ نَفْسُهُ لِلَّذي أَخْضَعَ لَهُ كُلَّ شَيْء، حَتَّى يَكُونَ اللهُ الكُلَّ في الكُلّ.

29 وإِلاَّ فَمَاذَا يَفْعَلُ الَّذِينَ يَتَعَمَّدُونَ مِنْ أَجْلِ الأَمْوَات؟ إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لا يَقُومُونَ أَبَدًا، فَلِمَاذَا يَتَعَمَّدُونَ مِنْ أَجْلِهِم؟

30 ونَحْنُ، فَلِمَاذَا نُعَرِّضُ أَنْفُسَنَا كُلَّ سَاعَةٍ لِلخَطَر؟

31 أُقْسِمُ، أَيُّهَا الإِخْوَة، بِمَا لي مِنْ فَخْرٍ بِكُم في الـمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا، أَنِّي أُوَاجِهُ الـمَوْتَ كُلَّ يَوْم.

32 إِنْ كُنْتُ صَارَعْتُ الوُحُوشَ في أَفَسُس، لِغَايَةٍ بَشَرِيَّة، فأَيُّ نَفْعٍ لي؟ وإِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لا يَقُومُون، فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَب، لأَنَّنَا غَدًا سَنَمُوت!

33 لا تَضِلُّوا! إِنَّ الـمُعَاشَرَاتِ السَّيِّئَةَ تُفْسِدُ الأَخْلاقَ السَّلِيمَة!

34 أَيْقِظُوا قُلُوبَكُم بِالتَّقْوَى، ولا تَخْطَأُوا، فَإِنَّ بَعْضًا مِنْكُم يَجْهَلُونَ الله! أَقُولُ هـذَا لإِخْجَالِكُم!

(1 قور 15 /19-34)

::: حول الرسالة :::

بِدَايَةٌ قَوِيَّةٌ وَنِهَايَةٌ أَقوَى فِيهِمَا يُقَوِّي مَار بُولُس رَجَاءَنَا فِي الله الَّذِي أَخضَعَ كُلَّ شَيءٍ تَحتَ قَدَمَيهِ وَأَبطَلَ المَوت.

"وَإِنْ كُنَّا نَرجُو المَسيِح فِي هَذِهِ الحَيَاة وَحَسب، فَنَحنُ أَشقَى النَّاسِ أَجمَعِين". لِكَي نَفهَمَ هَذَا الكَلامُ بِعُمقٍ، عَلَينَا أَنْ نَسمَعَ يَسُوع يَقُولُ لَنَا "مَاذَا يَنفَعُ الإِنسان لَوْ رَبِحَ العَالَم كُلُّه وَخَسِرَ نَفسَهُ؟" أَو"مَاذَا يَدفَعُ الإِنسَان فِدَاءً عَن نَفسِهِ؟".

أَلَيسَ هَذَا وَاقِعُ حَالِ الكَثِيرِينَ مِنَّا الَّذِينَ يَربُطُونَ رَجَاءَهُم بَالمَسيحِ وَالله وَالكَنِيسَة وَالقِدِّيسِين فَقَط بِمَا يَربُطُهُم فِي شُؤُونِ وَشُجُونِ الأَرضِ، فَنُصَلِّي لِكَي يُعطِينَا الله المَال وَالنَّجَاح وَالصِّحَّة وَالعُمر وَالسَّعَادَة…. وَنَنْسَى طَلب مَلَكُوتِهِ ("أُطلُبُوا مَلَكُوتَ الله وَبِرَّهُ وَكُلُّ شَيءٍ يُزَادُ لَكُم")، فَنَعِيشَ لِذَوَاتِنَا بِأَنَانِيَّتِنَا وَكَثِيرٍ مِنَ الأَوقَات يَصُحُّ فِينَا مَثَلُ يَسُوع عَنِ الغَنِي الَّذِي أَغَلَّت لَهُ أَرضُهُ غَلاَّتٍ كَثِيرَة فَفَكَّرَ فِي نَفسِهِ أَن يَبنِيَ أَهراءً أَكبَرَ لِيَخزن فِيهَا غَلاَّتِهِ (مُتَنَاسِياً تَقَاسُمَ خَيرَاتِ الأَرضِ مَعَ مَنْ هُوَ بِحَاجِة ) فَقَالَ لَهُ الله:"يَا جَاهِل، اللَّيلَةُ تُؤْخَذُ مِنكَ نَفسُكَ وَهَذَا الَّذِي أَعدَدتَهُ لِمَنْ يَكُون؟".

أَمَامَ مَشهَدِ المَوت، أَلا نَقُول "ما حَدَا بيَاخُد مَعُو شِي؟"

فَلِمَاذَا نُفَكِّرُ فِي هَذَا فِي وَقتِ المَوت وَنَنْسَاهُ بَعدَ لَحَظَات، فَنَعُودَ إِلَى حَيَاتِنَا السَّابِقَة (وَنَنْسَى الله وَالِّلقَاءَ بِهِ )؟!

لِنَقِفْ لِبُرهَة وَنُفَكِّر، أَينَ هُمِ الَّذِينَ سَبَقُونَا؟ إِذَا كَانُوا تَحتَ التُّرابِ وَحَسب، فَمَا أَشقَانَا وَأَتعَسَنَا لأَنَّنَا بِالعَقلِ نَعرِفُ أَنَّ مَصِيرَنَا كَمَصِيرَهُم.

وَلَكِن إِذَا عَرَفنَا بِالإِيمَانِ أَنَّ مَصِيرَنَا بَعدَ هَذِهِ الحَيَاة هُوَ اللِّقَاءُ مَعَ الله وَالعَيش مَعَهُ فِي حَيَاةٍ أَبَدِيَّة. فَمَا هُوَ المَطلُوب؟

فَيُطِلُّ عَلَينَا بُولس بِكَلامِهِ القَوِي بِقَولِهِ :"أَيقِظُوا قُلُوبَكُم بِالتَّقوَى ، وَلا تَخْطَأُوا".

فَلنُوقِظْ قُلُوبَنَا بِالصَّلاة. فَالصَّلاةُ هِيَ صِلَتُنَا الوَحِيدَة الَّتِي تَربِطُنَا بِالله لِمَعرِفَةِ إِرَادَتِهِ وَعَيشِهَا لِنَصِلَ إِلى مِلءِ مَحَبَّتِهِ وَمَلَكُوتِهِ.

وَلا نَخطَأْ فالخَطيِئَةُ هِيَ ضِدُّ المَحَبَّة. فَعِندَمَا طَلَبَ مِنَّا الله عَيشَ المَحَبَّة، لَم يَطلُبهَا لِذَاتِهِ بَل لِذَاتِنَا. فَقَد قَالَ لَنَا َأنْ نَفعَلَ لِلآخَرِينَ مَا أَرَدْنَا أن يَفعَلَ الآخرون لنا. فَهَل نَرضَى بِغَيرِ المَحَبَّة لِنَفسِنَا؟

فَلنَعِشْهَا مَعَ الآخَرِين، هَذِهِ هِيَ الشَّرِيعَةُ وَالأَنبِيَاء.

مِن هُنَا نسأَل كَيفَ أَعِيشُ حَيَاتِي اليَوم؟

هَل أَربُطُهَا بِالإِيمَان وَأُضِيئُ عَلَيهَا بِكَلِمَةِ الله؟ هَل أُمَلِّحُهَا بِمِلحِ المَحَبَّة؟

أَم إِنِّي أَعيشُ حَيَاتِي بَعِيداً عَن الله، غَيرَ عَارِفٍ بمَا يَنتظِرُنِي بَعدَ المَوت؟ فَأُشبِهُ بِذَلِكَ الحَيَاة الحَيوَانِيَّة، آكُلُ وَأَشرَبُ وَأَعيش غَيرَ مُدرِكٍ الله وَمَصِيرِي؟

فَهَل أَخجَل لأُخَلِّصَ نَفسِي؟

 

::: الإنجيل :::

1 وخَرَجَ يَسُوعُ مِنَ الـهَيْكَلِ ومَضَى. فَدَنَا مِنهُ تَلامِيذُهُ يُلْفِتُونَ نَظَرَهُ إِلى أَبْنِيَةِ الـهَيْكَل.

2 فَأَجَابَ وقَالَ لَهُم: "أَلا تَنْظُرونَ هـذَا كُلَّهُ؟ أَلـحَقَّ أَقُولُ لَكُم: لَنْ يُتْرَكَ هُنَا حَجَرٌ عَلى حَجَرٍ إِلاَّ ويُنْقَض".

3 وفيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلى جَبَلِ الزَّيتُون، دَنَا مِنْهُ التَّلامِيذُ على انْفِرَادٍ قَائِلين:" قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هـذَا، ومَا هِيَ عَلامَةُ مَجِيئِكَ ونِهَايَةِ العَالَم؟".

4 فَأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُم: "إِحْذَرُوا أَنْ يُضِلَّكُم أَحَد!

5 فكَثِيرُونَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلين: "أَنَا هُوَ الـمَسِيح! ويُضِلُّونَ الكَثِيرِين.

6 وسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وبِأَخْبَارِ حُرُوب، أُنْظُرُوا، لا تَرْتَعِبُوا! فلا بُدَّ أَنْ يَحْدُثَ هـذَا. ولـكِنْ لَيْسَتِ النِّهَايَةُ بَعْد!

7 سَتَقُومُ أُمَّةٌ عَلى أُمَّة، ومَمْلَكَةٌ عَلى مَمْلَكَة، وتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وزَلازِلُ في أَمَاكِنَ شَتَّى،

8 وهـذَا كُلُّه أَوَّلُ الـمَخَاض.

9 حِينَئِذٍ يُسْلِمُونَكُم إِلى الضِّيق، ويَقْتُلُونَكُم، ويُبْغِضُكُم جَمِيعُ الأُمَمِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي.

10 وحِينَئِذٍ يَرْتَدُّ الكَثِيْرُونَ عَنِ الإِيْمَان، ويُسْلِمُ بَعْضُهُم بَعْضًا، ويُبْغِضُ بَعْضُهُم بَعْضًا.

11 ويَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ ويُضِلُّونَ الكَثِيرِين.

12 ولِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَفْتُرُ مَحَبَّةُ الكَثِيْرين.

13 ومَنْ يَصْبِرْ إِلى النِّهَايَةِ يَخْلُصْ.

14 ويُكْرَزُ بِإِنْجيلِ الـمَلَكُوتِ هـذا في الـمَسْكُونَةِ كُلِّهَا شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَم، وحينَئِذٍ تَأْتِي النِّهَايَة.

(متى 24/ 1-14)

 

 

::: تأمّل من وحي الإنجيل :::

عِندَمَا نَقرَأُ هَذَا الإِنجِيل، يَدخُلُ الرُّعبُ إِلَى قُلُوبِنَا، فَنَظُنُّ أَنَّنَا نَعِيشُ الزَّمَنَ الأَخِير وَأَنَّ القِيَامَةَ سَتَقُومُ وَسَوفَ يَنتَهِي العَالَم لا مَحَالَة.

أَلَيسَ هَذَا مَا نَعيِشُهُ فِي أَيَّامِنَا؟ فَالحربُ مُعلَنَة فِي أَكثَرِ الدُّوَل، وَنِصفُ العَالَمِ جَائِعٌ، وَهُنَاكَ خَوفٌ مِنْ مَجَاعَةٍ عَالَمِيَّة، وَكلُّ يَومٍ نَسمَعُ بِزِلزَالٍ فِي هَذَا البَلَدِ أَو ذَاك مُخَلِّفاً دَمَاراً وَرُعباً، نَاهِيكَ عَنِ الأَوبِئَة الَّتِي تَدُقُّ لَهَا مُنَظَّمَة الصِّحَّة العَالَمِيَّة نَاقوسَ الخَطَر وَآخِرُهَا ِإنفلُوَنزا الخنازير الَّذي أَصبَحَ وَبَاءً عَالَمِيّاً حَاصِداً الآلاف.

وَأَكثَرُ مِنْ ذَلِكَ، تَمُرُّ الكَنيسَة بِأَصعَبِ أَيَّامِهَا مِنْ خِلالِ الإضطهادِ الَّذِي يَأْتِي مِنْ خَارِجِهَا وَمِنْ دَاخِلِهَا.

فَقَتلُ المَسيحِيِّين أَصبَحَ مُوضَةً رَائِجَة وَاضطِهَادُهُم مُتعَةً كَونَهُم مِنْ أَتبَاعِ يَسُوعَ المَسِيح، الإِلَه المَصلُوب، بينما ما زالت الكَنِيسَةُ تُنَادِي بَالعَدلِ وَالمُسَاوَاة وَالمَحَبَّة.

وَمِنْ دَاخِلِهَا، فَالمَحَبَّةُ تَجُفُّ وَالبُغضُ يَتَنَامَى بَينَ الإِخوَة وَبَينَ أَبنَاءِ الكَنَيسَة، وَهَذَا خَطَرٌ كَبير (فَأَينَ شَهَادَةُ المَحَبَّة؟).

مِنْ هَنَا سُؤَالٌ مَصِيرِيٌّ نَطرَحُهُ : هَل فِعلاً سَيَنتَهِي العَالَم وَبِهَذَا الشَّكلِ الَّذِي سَرَدَهُ الرَّبُّ فِي هَذَا النَّص؟

طَبعاً وَبِحَسَبِ تَعَاليمِ يَسُوع، لَيسَ هَذَا مَا قَصدَهُ، فَهُوَ الَّذِي قَالَ: "تُعَانُونَ مِنَ الشِّدَّةِ فِي العَالَم وَلَكِنْ ثِقُوا إنِّي قَد غَلَبتُ العَالَم "(١٦/۳۳)

وَفِي مَكَانٍ آخر قَال: "إنَّ الله أَحَبَّ العَالَم حَتَّى أَنَّهُ جَادَ بِابنِهِ الوَحِيد لِكَي لا يَهلُكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِن بِهِ بَلْ تَكُونَ لَهُ الحَيَاة الأَبَدِيَّة. فَإِنَّ الله لَم يُرسِل ابنَهُ إِلَى العَالَم لِيَدِينَ العَالَم بَلْ لِيُخَلِّصَ بِهِ العَالَم" (يو۳/١٦–١٧).

مِنْ هَنَا ، قَالَ يَسُوع " لا تَرتَعِبُوا فَلا بُدَّ أَن يَحدُثَ هَذَا".

وَتَكَلَّمَ يَسُوع عَنِ المَخَاض بِقَولِهِ "هَذَا كُلُّهُ أَوَّلُ المَخَاض".

وَنَحنُ نَعرِفَ أَنَّ المَخَاضَ هُوَ الأَلَمُ الكَبِير الَّذِي تُعَانِي مِنهُ المرأَةُ حِينَ تَلِدُ وَلَكِنَّ هَذِهِ الآلام تَزُولُ وَتَتَلاشَى حِينَ يُولَدُ إِنسَانٌ فِي العَالَم (يو ١٦/۲۰–۲۲).

فَالعَالَمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ عَنهُ يَسُوع هُوَ عَالَمُ الشَّرِّ وَالبُغضِ وَالحَسَدِ وَالكَرَاهِيَة وَالأَلَمِ وَالمَوتِ …. ( عَالَمُ الخَطِيئَة ). هَذَا العَالَمُ سَيَزُولُ حِينَ يُكرَزُ بِإِنجِيلِ المَلَكُوتِ فِي المَسكُونَةِ كُلِّهَا حِينَئِذٍ تَأْتِي النِّهَايَة.

وَلِكَي تَأْتِيَ هَذِهِ النِّهَايَة، عَلَى العَالَم أَن يَتَأَلَّم وَيَتَمَخَّضَ لِيُولَد مَلَكُوت الله، مَلَكُوت العَدلِ وَالسَّلامِ وَالمَحَبَّة.

وَلِكَي نَدخُلَ أَكثَر فِي فِكْرِ الرَّبِّ وَقَصدِهِ، عَلَينَا العَودَةَ إِلَى عِظَةِ يَسُوع عَلَى الجَبَلِ ( مَتَّى / الفصل ٥)، فَنَعرِفَ السَّعَادَة الحَق وَكَيفِيَّةَ الدُّخُولِ إِلَى مَلَكُوتِ الله، مَلَكُوتِ السَّلام فَيَنتَهِي العَالَم الَّذِي قَصَدَهُ الرَّب فِي هَذَا الإِنجِيل.

فَهَل أَضَعُ ذَاتِي فِي خِدمَةِ مَلَكُوتِ الله حَامِلاً صَلِيبَ الإِضطِهَادِ، صَلِيبَ المَحَبَّةِ، صَلِيبَ الخَلاصِ، نَابِذاً عَنِّي مَا يُسيءُ إِلَى مَلَكُوتِ المَحَبَّة، مُصَلِّياً هَذِهِ الصَّلاة الَّتِي عَلَّمَنَا إِيَّاهَا فِي صَلاةِ الأَبَانَا "لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرض" وَأَكُونُ عَامِلاً بِحَسَبِ مَشِيئَتِهِ؟ وَاستَحِقُّ هَذِهِ الطُّوبَى "طُوبى لَكُم إِذَا سَلَمُوكُم وَاضطَهَدُوكُم وَافتَرَوا عَلَيكُم كُلَّ كَذِبٍ مِنْ أَجلِي وَافرَحُوا وَابتَهِجُوا إِنَّ أَجرَكُم فِي السَّمَواتِ عَظِيمٌ فَهَكَذَا اضطَهَدُوا الأَنبِيَاءَ مِنْ قَبلِكُم" (متَّى ٥/١١).