الاحد الاول من بابة

للاب هاني باخوم

شفاء مقعد في كفرناحوم

 مرقص 2 / 1 -11

يعود يسوع الى كفرناحوم، ومعناها بيت التعزية، الى بيت بطرس. هذا البيت الذي يصبح صورة للكنيسة، المكان الجديد الذي يسعى اليه كل من يحتاج الى الشفاء ولقاء المسيح.

واذا ببعض الاشخاص يحملون مقعداً ويحاولون الدخول به الى المسيح ليشفيه من مرضه. لكن الجموع كثيرة داخل البيت، لدرجة انهم صعدوا به الى السطح وانزلوه من السقف.

ماذا يفعل هؤلاء؟ االى هذا الحد هم في عجلة من امرهم؟  لماذا هذا العمل الغير عادي والمبالغ فيه؟ كان باستطاعتهم ان ينتظروا دورهم. كان بامكانهم الطلب من الناس ان يفسحوا لهم المجال للتقدم الى الامام. لكنهم لم يفعلوا. فتحوا السقف وانزلوه. امام هذا المشهد نستطيع ان نرى عنف هؤلاء الاشخاص، او عدم احترامهم للجمع والمرضى الاخرين. نرى تسرعهم ورغبتهم في سباق الاخرين… ولكن كما يقول الانجيل، المسيح راى شيئاً اخر، راى ايمانهم. نعم، المسيح لم يرى العنف والتسرع، او الرغبة في سباق الآخرين، لكنه راى مادفعهم لذلك: الايمان.

 من افضل من المسيح يعلم، ان الحب والايمان، يدفع بالانسان الى القيام باعمال تفوق العادة المتفق عليها بين البشر، تفوق الواجب والمفروض، تفوق ما هو طبيعي. المسيح راى ايمانهم.

وامام هذا الايمان يقول المسيح للمقعد: يا رجل غفرت لك خطاياك. هنا ايضاً المسيح يرد على ايمان هؤلاء بشيء غير عادي. مريض يتقدم من المسيح، والذين يرافقونه فعلوا كل هذا ليحملوه امامه، خاطروا بكل شيء، وفي النهاية سمعوا هذه الكلمات: مغفورة لك خطاياك.

انه مقعد. ماذا ينتظر من حُِرمَ  نعمة السير لسنين عديدة؟ ماذا ينتظر اقاربه الذين تعبوا من حمله على سرير؟ هو مقعد وينتظر الشفاء. لكن المسيح يرد على ايمان الاشخاص بفعل يفوق ما توقعوه. المسيح يعطي المقعد الشفاء من مشكلته ومرضه العميق، المسيح يعطيه مغفرة الخطيئة. يَعرض عليه الشفاء مما يجعل الانسان مقعداً ابدياً حتى وان كان باستطاعته السير، مما يشل الانسان ويجعله غير قادر عل النهوض و التقدم من الاخرين: الخطيئة. المسيح يشفي الانسان من مرضه الحقيقي الخفي. وان كان الانسان يكتفي بالقليل، يرغب فقط بالسير. ان يكون بلا عيب خارجي، ان يحيا حياةً كالاخرين. لكن المسيح راى ايمانهم وامام هذا يعرض على المقعد اكثر من الشفاء، بالاحرى يعرض عليه الشفاء الحقيقي.

وهنا الجموع تتذمر. من له المقدرة على مغفرة الخطايا؟ بالحق يتكلمون. من يستطيع ان يغفر الخطيئة؟ الخطيئة هي فعل قد تم وله عواقبه. فمن يستطيع ان يمحيها؟ الانسان يستطيع ان ينساها، ان لا ينظر اليها من جديد، لكن من يستطيع ان يغفرها، اي ان يعيد خلق هذا الانسان الذي اخطأ من جديد. مغفرة الخطيئة لا تعني فقط عدم العقاب بسببها، او نسيانها و كانها لم تكن. لا. فمغفرة الخطيئة معناها خلق جديد للخاطىء. ليست فقط فرصة جديدة له، بل هي حياة جديدة. فمن يستطيع ان يخلق من جديد؟ بالحق يتكلمون.

لكن هناك ما ينقصهم: لم يعرفوا ان الله القادر على هذا الخلق الجديد حاضر في المسيح. لذلك يقول المسيح: "فلكي تعلموا ان ابن الانسان له المقدرة على مغفرة الخطايا"، قال للمقعد: قم واحمل سريرك. شفاء المقعد الجسدي اصبح علامة مرئية لخلقه الجديد.

هذا هو الانجيل الذي تعطيه لنا الكنيسة في هذا الاحد المبارك. لكل من يشعر انه مقعد، ومحمول، لا يستطيع ان يسير تجاه الاخر، فقد المقدرة على السير، مشلول، مقيد بسبب الاوجاع او الاحزان، مكبَل بسبب خطاياه او خطايا الاخرين تجاهه، فليترك نفسه يُحمل من الكنيسة الى المسيح، ويترك نفسه يولد من جديد، ليس فقط لكي يعاود السير، بل ليحيا حياة جديدة.

احد مبارك.

للاب هاني باخوم