خطاب البابا إلى الشباب الجامعي في صلاة السبحة الوردية مع إفريقيا ولأجل إفريقيا

الفاتيكان، الاثنين 12 أكتوبر 2009 (Zenit.org).

ننشر في ما يلي خطاب قداسة البابا بندكتس السادس عشر بعد تلاوة صلاة الودرية بمناسبة العشية المريمية "مع إفريقيا ولأجل إفريقيا" في قاعة بولس السادس مساء السبت 10 أكتوبر 2009.

* * *

الآباء السينودسيون الأجلاء،

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

أيها التلاميذ الجامعيون الأعزاء!

في ختام لقاء الصلاة المريمي، أوجه للجميع أحر تحية قلبية، مع مشاعر عرفان للآباء السينودسيين الحاضرين. أشكر السلطات الإيطالية التي ساندت هذه المبادرة، وبشكل خاص أمانة السر العامة لسينودس الأساقفة ومكتب الرعويات الجامعية في نيابة روما الأسقفية، التي ترعى هذا الحدث وتنظمه.

أيها الأصدقاء الجامعيون الأعزاء في روما، أوجه إليكم شكرًا صادقًا، لأنكم تجاوبتم بكثافة مع دعوتي هذه. كما تعلمون، تقام في هذه الأيام في روما الجمعية الخاصة لسينودس الأساقفة من أجل إفريقيا. يشكل اجتماع خليفة بطرس والعديد من أساقفة الكنيسة في إفريقيا واختصاصيين كفوئين مدعاة فرح ورجاء، ويعبر عن الشركة ويغذيها. كان آباء الكنيسة يقارنون الجماعة المسيحية بأوركسترا أو بجوقة منظمة ومتناغمة، مثل تلك التي أحيت صلاتنا، والتي نوجه له الشكر.

كما في المرات السالفة، هذه المرة أيضًا نستعين بتقنيات الاتصال الحديثة لكي "نرمي شبكة" – شبكة صلاة! – تربط روما بإفريقيا. وبهذا الشكل، بفضل التعاون بين " Telespazio" والمركز التلفزيوني الفاتيكاني وراديو الفاتيكان، اشترك في هذه الوردية العديد من التلاميذ الجامعيين من عدة مدن إفريقية اجتمعت حول رعاتها. نوجه لهم تحية عطف.

أوجه تحية قلبية إلى الإخوة والأخوات الناطقين بالفرنسية، وبشكل خاص الآتين من بوركينا فاسو، من جمهورية الكونغو الديموقراطية ومن مصر. أدعوكم إلى البقاء متحدين بالصلاة مع اساقفة كل إفريقيا المجتمعين في روما من أجل السينودس لكي تتمكن الكنيسة من تقديم إسهام فعال من أجل المصالحة، العدالة والسلام في هذه القارة الحبيبة ولكي تكون علامة رجاء من أجل كل الشعوب الإفريقية، "ملح الأرض… ونور العالم". فلتحفظكم العذراء مريم، سيدة إفريقيا في السلام، ولتقودكم نحو ابنها يسوع المخلص! فليبارككم الله!

أيها الأصدقاء الأعزاء، أحي بعطف التلاميذ الشباب، وبشكل خاص الآتين من كينيا، نيجيريا، إفريقيا الجنوبية، والسودان، المجتمعين معنا للصلاة إلى مريم أم يسوع. لقد أوكلنا إلى عنايتها الأمومية نجاح الجمعية الخاصة الثانية لسينودس الأساقفة من أجل إفريقيا. فلتساند شفاعتها المسيحيين في كل مكان، وخصوصًا في إفريقيا، وليعلمنا مثالها أن ننظر إلى الرب، في الآلام والأفراح، ونثبت في الصلاة. أوجه تحية خاصة إلى الشبان والشابات الأفارقة الحاضرين في قلبي وفي صلواتي. كونوا دومًا شهودًا أمناء ومعززين فاعلين للعدالة، للمصالحة وللسلام.

أحيي الشباب الجامعيين الحاضرين في مابوتو وبيدهم الوردية واسم مريم على شفاههم، وهم يصلون مع إفريقيا ومن أجل إفريقيا، لكي يستطيع المؤمنون المسيحيون، وقد ملأهم الروح القدس أن يكملوا الرسالة التي تلقوها من يسوع: فيكونوا ملح أرض عادلة ونورًا يهدي العالم إلى المصالحة والسلام. شكرًا، أصدقائي، لأجل صلاتكم ولأجل شهادتكم المسيحية! فلتسهر عليكم العذراء الأم، التي أوكلها شبيبة الموزمبيق والدول الإفريقية الأخرى المتكلمة بالبرتغالية.

استعدادًا للقاء اليوم، أقيم في روما مؤتمر نظمته الإدارة العامة للتعاون من أجل النمو التابع لوزارة الشؤون الخارجية ولنيابة روما الرسولية، حول موضوع "من أجل ثقافة نمو جديدة في إفريقيا: دور التعاون المشترك الجامعي". إذ أعبّر عن تقديري وتشجيعي لمتابعة هذا المشروع، أود أن أشدد على أهمية شباب مفكّر والتعاون العلمي والثقافي بين الجامعات، وذلك لتقديم وتفعيل نمو بشري متكامل في إفريقيا وفي القارات الأخرى.

في هذا الإطار، أوكل إليكم بشكل مثالي، أيها الشباب، الرسالة العامة "المحبة في الحقيقة" التي أذكر فيها بضرورة التوصل إلى خلاصة أنسية جديدة (راجع العدد 21) تعيد إقامة الربط بين الأنثروبولجيا واللاهوت. وفي تأملنا بأسرار الوردية، التقينا مرة أخرى بوجه الله الحق الذي يكشف في يسوع المسيح عن حضوره في حياة كل الشعوب. إن إله يسوع المسيح يسير مع كل إنسان: وبفضله يمكننا أن نبني حضارة الحب (المرجع نفسه، 39).

أيها الجامعيون الأعزاء في روما وإفريقيا، أسألكم أن تكونوا في الكنيسة وفي المجتمع عاملين من أجل المحبة الفكرية، الضرورية لمواجهة تحديات التاريخ المعاصر الكبرى. كونوا في الجامعات باحثين صادقين ومولعين عن الحقيقة، فتبنوا جماعات أكاديمية ذات مستوى فكري عالٍ، حيث يمكن عيش العقلية المنفتحة والواسعة التي تفتح الطريق للقاء مع الله.

تعلموا أن تبنوا جسور تعاون علمي وثقافي بين الجامعات المختلفة، خصوصًا بين الجامعات الإفريقية. أوجه لكم أيها الشباب الإفريقون الأعزاء دعوة خاصة إلى عيش زمن الدرس كتحضير للقيام بخدمة إحياء ثقافي لأوطانكم. إن التبشير الجديد في إفريقيا يعتمد أيضًا على التزامكن السخي.

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، عبر تلاوة السبحة الوردية أوكلنا السينودس الثاني لأجل إفريقيا لشفاعة العذراء القديسة. فلنضع في يديها رجاء وانتظار ومشاريع الشعوب الإفريقية، مع صعوباتهم وآلامهم.

أمنح البركة الرسولية إلى جميع الذين يتابعوننا معكم من كل أنحاء إفريقيا، وإلى جميع الحاضرين هنا.

* * *

نقله من الإيطالية إلى العربية روبير شعيب – وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية – 2009.