تعليق على انجيل الاحد الثالث من بابة

مت 12/ 22ـ 27

شفاء الممسوس

للاب هاني باخوم

 

في انجيل اليوم يسوع المسيح يشفي رجلا ممسوسا، رجل به شيطان. هذا الشيطان جعل من هذا الشخص اعمى وأخرس. وبعد الشفاء اذا بالناس تستعجب ذلك الحدث فيبدأون في التساؤل: اترى هذا هو ابن داود؟ اهذا الذي ننتظره وينتظره كل الشعب؟ وامام هذه الاسئلة يرد الفريسيون، وهم علماء في الشريعة، ويقولون انه حليف ابليس. انه يطرد الشياطين بحيلة مع بعل زبول رئيس الشياطين كي يضلكم. انه من الشيطان.

الفريسيون والذي معنى اسمهم بالعبرية "المنفصلون، المميزون"، مشهورون في ايام المسيح على انهم يحافظون على الشريعة ويعملون بها. وبالرغم من كل هذا لا يستطيعون ان يتعرفوا او يعترفوا  بالمسيح، بالشفاء، بعمل الله الاب. بل بالاحرى يقولون انه من الشيطان.

ما اغرب هذا الامر!! اهم يدركون ان المسيح هو ابن الله، ابن داود ويقولون انه حليف الشيطان؟ هل من المعقول ان يصل بهم الفساد لهذا الحد؟ ولما كل هذا؟ ام انهم بالفعل لا يعلمون انه أبن الله ولا يدركون من اعماله انه ابن داود المنتظر؟ ما هذا الذي اعماهم؟ ولماذا لا يستطعيون ان يقولوا الحقيقة؟ لماذا هم خرس عن قول الحقيقة؟ من هو الممسوس اذاً في هذا الانجيل؟ الرجل ام الفريسسيين؟ هل هم خائفون من ان تتبع الناس المسيح فيفقدون سلطتهم عليهم؟ والسلطة تعني الاحترام والمال و و و و؟ هل هم خائفون من ان يفضح المسيح امرهم ويظهر ضعفهم فيسقط تمثالهم الوهمي من القداسة وحفظ الشريعة امام الشعب؟ هل هم ايضاً ممسوسون؟ الخوف من فقدان مكانتهم هل هو شيطانهم الذي جعلهم عميان عن رؤية عمل الله وخرس عن الكلام عن مجده؟ لماذا لا يستطيعون بعد التمميز بين عمل الله وعمل رئيس الشياطين؟  لا اعلم ولكن ما اعلمه هو انهم يشعرون بأن وجود المسيح هو خطر عليهم.

انجيل اليوم ليس هدفه بالمرة ان نحكم على الفريسيين او نصدر ضدهم قرار الرجم والكفر والفساد. لا. انجيل اليوم هو لي ولك. انجيل اليوم هو خبر مفرح لانه دعوة للتوبة.

كثيراً ما يشعر الانسان ان كيانه مهدد او ان كرامته في خطر او ان سعادته قد تمس واستقراره اوشك ان يتزعزع، امام شخص يهينه، او زوج ظالم او زوجة غير مطيعة. امام قرار من رئيس له يشعر فيه بالظلم. امام الوحدة او المرض او نقص المال، امام خطر عدم الضمان والشعور بالمحدودية. امام هذا  ينفجر في داخل الانسان بركان من الخوف ورغبة في حماية نفسه بنفسه. هذا  الخوف يمنعه من ان يرى الاحداث كما هي. يمنعه ان يرى في الاحداث حضور المسيح الشافي، يمنعه ويجعل منه اعمى غير قادر على رؤية الحقيقة فيعجز ان يتكلم بالحق ان يمجد الله. الخوف الذي يختبره الانسان بسبب الخطيئة، يأتي المسيح امامه كي يشفيه منه. فالمسيح لا يأتي ليأخذ منا شيئا بل ليعطينا هو كل شىء. وهذا ما اظهره على الصليب، بعيداً عن المشاعر والاحاسيس، الرب اظهر واقنع الانسان انه اتى لا لكي يؤذي الانسان بل ليأخذ عل نفسه اذى هذا الانسان.

انجيل اليوم هو دعوة للراحة لمن يشعر نفسه مهددا من شىء ما او من كل شىء، ان يتقدم للمسيح كي يزيل عنه سبب عماه وخرسه، ويمنحه الامكانية كي يتكلم ويبصر مثل رجل هذا الانجيل.

احد مبارك.