الأحد الرابع من بابة

 

 لقد افتقد الله شعبه – الأب بولس جرس

 

البولس: 1 تيموثاوس 6 : 3 – 21

v   جاهد جهاد الإيمان الحسن و تمسك بالحياة الأبدية التي إليها…

v   الله الذي يحيي الكل و المسيح يسوع ….أن تحفظ الوصية بلا دنس و لا لوم إلى ظهور ربنا يسوع المسيح.

v   الذي سيبينه في أوقاته المبارك العزيز الوحيد ملك الملوك و رب الأرباب.

يوصي القديس بولس تلميذه تيموثاوس الحبيب " أوصيك أمام الله الذي يحيي الكل والمسيح يسوع" بأن يهرب من محبة المال لأنها أصل كل الشرور ويحدثه عن الشهادة ليسوع المسيح الذي يحيي كل من حفظ وصاياه في يوم ظهوره فهو الوحيد ملك الدهور ورب الأرباب "الذي وحده له عدم الموت ساكنا في نور لا يدنى منه الذي لم يره احد من الناس و لا يقدر أن يراه الذي له الكرامة و القدرة الأبدية. آمين."

الكاثوليكون:يعقوب 4 : 17 – 5 : 11

v   فتأنوا أيها الإخوة إلى مجيء الرب.

v   فتانوا وثبتوا قلوبكم لان مجيء الرب قد اقترب.

v   هوذا الديان واقف قدام الباب.

v   لان الرب كثير الرحمة ورؤوف.

يتفقد القديس يعقوب المؤمنين بالرب يسوع موصياً بالصبر واحتمال الالآم مثبتين قلوبهم عليه واثقين أن مجيئه قريب، وأنه رؤوف حنان

الابركسيس: اعمال  15 : 36 – 16 : 5

v    ثم بعد أيام قال بولس لبرنابا لنرجع ونفتقد اخوتنا في كل مدينة نادينا فيها بكلمة الرب كيف هم.

v    فاجتاز في سورية و كيليكية يشدد الكنائس.

v     واذ كانوا يجتازون في المدن كانوا يسلمونهم القضايا التي حكم بها الرسل الذين في اورشليم ليحفظوها.

v    فكانت الكنائس تتشدد في الايمان و تزداد في العدد كل يوم.

يخرج بولس وبرنابا من مجمع أورشليم ممتلئين بالفرح والعزاء ويقررا أن ينطلقا سوياً ليمرا على جميع الكنائس التي أقاموها كي يتفقدوها كما يتفقد الراعي رعيته، يسلمونهم ما حكمت به الكنيسة متمثلة في الرسل وبطرس من قرار مجمعي يوحد بين جميع المؤمنين بيسوع سواء كانوا من اليهود أو الأمم ويعفيهم من إتباع ناموس موسى…والثمرة هي نمو الإيمان وتنامي عدد المؤمنين كل يوم.

المزمور 79 : 13

شاكرين لك إلى الدهر، من جيل إلى جيل، لأننا نحن شعبك، وغنم رعيتك: شعب الله يقدم الشكر له إلى الدهر معترفاً بفضل الله وأعماله الجليلة من  جيل إلى جيل لأنها عظيمة هي أعمال الله ومعجزاته.

الإنجيل: لوقا 7: 11 – 17

إقامة ابن أرملة نائين

للأرملة واليتيم في الكتاب المقدس وعند الله وضعية خاصة جداً فهو يعلن نفسه مراراً أب للأيتام زوج للأرامل ولا يتوانى في الدفاع عنهم والذود عن حقوقهم والانتقام ممن يجور عليهم، فيسمع صراخهم ويسرع إلى نجدتهم حتى دون أن يطلبوه… وهكذا تثبت معجزة إقامة ابن أرملة نائين موقف الرب الثابت والأكيد، فهو على غير ميعاد ظاهري يخرج من كفر ناحوم على عجل، والجموع الغفيرة التي لم تشبع منه بعد تتبعه دون أن تدرك أن قلب  " الرب" ملهوف يجد في المشي ليلحق بالركب الحزين، وبدون انتظار وبدون طلب وبدون وساطة، يوقف الموكب ويمد يده بلمسة الحياة منادياً الشاب من عالم الموت ليسمع ويطيع ويأخذ بيده ويسلمه إلى أمه، فيتحول موكب الحزن إلى موكب فرح ويتحول البكاء والنحيب إلى سرور وتهليل…إنه الرب قد افتقد شعبه… تعالوا سوياً نتأمل الكلمات الوجيزة لتلك المعجزة العظيمة.

v   وفي اليوم التالي: اليوم السابق كان يسوع في مدينة كفرناحوم وقام بشفاء عبد قائد المائة الوثني، بطلب متواضع منه وإلحاح من أهل المدينة لأجله " إنه يحب أمتنا"  متعجباً من إيمانه الذي لم يقابل مثله حتى في شعب إسرائيل.

v   ذهب إلى مدينة تدعى نايين: اسم عبري معناه لذيذة أو الجميلة أو الحسنة وتقع مدينة نايين على بعد 20 كم تقريباً جنوبي غربي بحيرة الجليل، ومهما كان حسن تلك المدينة الوادعة، إلا أنها اليوم حزينة باكية تعيش مأساة قاسية .

v   وذهب معه كثيرون من تلاميذه و جمع كثير: هؤلاء الذين يتبعون يسوع أينما ذهب يتمتعون لا بسماع الكلمة بل بمشاهدة العجائب والأعمال المجيدة التي يقوم بها وها هم شهود اليوم على هذه المعجزة العظيمة والفريدة.

v   لما اقترب إلى باب المدينة إذا ميت محمول: كان المسيح في طريقة للدخول إلى المدينة، وكان من المعتاد في ذلك الوقت أن يتم دفن الميت في مقابر خارج  أبواب المدينة، وقد يبدو الأمر مجرد صدفة، حتى غير سعيدة، لكن سبق واتفقنا أنه ليس عند الله صدف، فكل شيء بترتيب وميعاد، لقد كان الرب على موعد وعلى علم وفي كامل معرفة بما يدور في تلك المدينة لذلك أسرع إلى هناك.

v   ابن: الابن هو فرحة قلب الوالدين، هو نسمة الامتداد والخلود لحياتهما، هو تجسيد لأملهما وأحلامهما، والبنون بركة من الرب كما يقول المزمور.

v   وحيد: الإبن الوحيد عادة ما يكون مصب كل أحلام  وطموحات وعاطفة الوالدين فليس  هناك من ينافسه في هذه العواطف الجياشة.

v   لأمه: الأم هي أجمل تجسيد لعاطفة الحب والحنان والرعاية، وليس غريباً أن الأنبياء يشبهون عاطفة الله نحو أبناءه البشر بعاطفة الأمومة.

v   و هي أرملة: الأرملة هي من مات زوجها، ولم يعد لديها في الحياة من أمل ورجاء سوى الابن الذي من خلال وجوده تقيم نسلاً لاسم زوجها فلا ينقطع ذكره من بين أسباط إسرائيل كأنه ملعون، بموت ابنها غاب آخر شعاع لشمس الرجاء. ولم يعد لها ما تحيا لأجله، إلا أن المسيح جاء ليرد إلينا الأمل ويجدد فينا قوة الرجاء.

v   ومعها جمع كثير من المدينة: أمام هذه الفاجعة الأليمة :

       موت شاب في ريعان الشباب

       موت شاب وحيد لأبويه

       موت شاب لأم أرملة؛

خرجت المدينة كلها لتشارك تلك المرأة التي فقدت كل رجاء، حزنها وترثي لها، إلا يجب أن نتشارك في الأفراح والأتراح، فالذين خرجوا لواجب العزاء نالوا ما لم يحلموا به من عزاء وصاروا شهوداً لأعظم المعجزات.

v   فلما رآها الرب : "الرب"  يطلق البشير لوقا على المسيح هذا اللقب نحو عشرين مرة بخلاف المنادي يا "رب"بينما يذكر البشيران متى ومرقص اللقب مرة واحدة فقط في ( متى 21 : 3، مرقص 11 :3 ). يقدم لنا لوقا الطبيب الرب " كيريوس" كإله يشفي أمراضنا ويرثي لنا.

v   تحنن عليها: ها هو قلب الرب كما نعرفه فالرب " حنان رءوف" طويل الأناة كثير الرحمة، لا يتحمل أن يرى بنيه الذين خلقهم للحياة والسعادة يدفعون ثمن خطيئة أبيهم الأول آدم، ها قد جاء آدم الثاني لينقض شوكة الموت ويرد الإنسان إلى سعادته وكرامته الأولى… نرى يسوع هنا هو الفاعل فلم يطلب منه أحد ولم تتجرأ الأرملة أن تقترب منه ولم يلفت التلاميذ نظره… فأمام الموت من يجرؤ أن يفتح فاه! لكنه بنفسه يشعر بضياع الإنسان إزاء عدو لا يملك أمامه من مواجهة، يتحنن على الأم ويشعر بما في قلبها من حسرة وما في نفسها من يأس…

v   وقال لها لا تبكي: لا تبك أيها الإنسان فأنت أمام يسوع الذي جاء ليحررك وليرد إليك الأمل ولرجاء ويهبك الحياة ويقيمك من رقاد موتك… لكني لا أعرفك يا سيد، من أنت؟ من أين أتيت؟ وماذا تقول؟ أسئلة دارت في نفس الأرملة الحزينة، بعينين دامعتين نظرت إليه دون كلام، لكن صمتها كان أقوى من كل كلام، بلا صراخ لكن سكونها كان أشد من صرخات العالم كله، بلا طلب أو ترجي، لكن لهفة قلبها كانت أقوى من كل رجاء…

v   ثم تقدم:  نعم يا امرأة إنك إن آمنت فسترين مجد الله، ظلت المرأة على صمتها وسكونها ولهفة قلبها وهي ترى هذا الرجل الذي ملأت كلماته قلبها سلاما وأسكتت نظراته صرخاتها الملتاعة وأوقف حنان قلبه المتدفق نهر الدمع الهاطل من عينيها… يتقدم إلى النعش، ماذا عساه فاعل؟

v   ولمس النعش: إنها لمسة الحياة، حيث نرى تذكرنا بلوحة مايكل أنجلو الشهيرة في كابيللا سيستينا بالفاتيكان، حيث انتهى الله من خلقة جسد آدم الذي يبدو في قمة الكمال لكنه بلا حياة، وهكذا يمد الرب يده فيلمسه، أو كما في الكتاب ينفخ في أنفه نسمة الحياة… ما أروعها من نسمة من لمسة من صورة. لا ليس نبياً من يلمسك أيها الشاب، ليس إيليا الذي ينطرح فوق الصبي ليرده إلى الحياة ولا أليشع الذي يتمدد ، هاهنا أعظم من كل ما يمكن أن تسمع الأذن أو ترى العين، لقد افتقد الرب شعبه.

v   فوقف الحاملون:  هم أيضاً  يتعجبون يتساءلون متحيرين فمنذ أيام إيليا وأليشع لم يُسمع قط عن نبي أقام ميتاً ماذا عساه فاعل ذاك النبي الجليلي الذي سمعنا عنه الكثير؟

v   فقال ايها الشاب لك أقول: إنه يتحدث إلى الميت ويكلمه معتقداً أنه يمكن أن يسمعه ومتى كان الموتى يسمعون ألا يقول المثل الشائع لا حياة لمن تنادي!!

v   قم:الكلمة اليونانية تعني انهض،استيقظ ويستعمل الفعل في العهد الجديد للتعبير عن قيامة الأموات.والكلمة من حرفين لكنها سر الحياة وهي الفارقة الحاسمة بين ما يقدمه الرب يسوع وما يمكن أن يقدمه الآخرون نعم إنها "القيامة".

v   فجلس الميت و ابتدأ يتكلم: لقد سمع الأموات صوته فهبوا من مراقدهم يتكلمون، ليت لوقا سجل لنا ماذا قال الشاب الذي ناداه يسوع من الموت وهو على شفا القبر، وهل سجل لنا يوحنا ما قال لعازر وقد أخرج من القبر؟ ليس المهم ماذا قالوا ، المهم أنهم عرفوا أن يسوع هو القامة والحياة وأن من يؤمن به وإن مات فسيحيى.

v   فدفعه إلى أمه: هذه المعجزة تذكرنا بمعجزة النبي إيليا ( املوك 23: 17).، ها أنا أرد الحياة لا لابنك الميت فحسب، بل إليك أيضاً أيتها الشقية اليائسة، لتعرفين أنه قد آن زمان افتقادك وتتعلمين أن تجعلي رجاؤك في الرب وحده، فهو من لا يخيب أبداً رجاء، وأن تجعلين على الرب اتكالك، فلا تتكلين على ما بين يديك، إذ هو  قابل للزوال والتلاشي، وألا تفضلين على الرب شيئاً "فمن فضل عني شيئاً أو شخصاً لا يستحقني".

v   فاخذ الجميع خوف: الخوف هو الشعور السائد لدى إحساس الإنسان أنه في حضرة من هو أعلى وأعظم منه، لقد خاف الشعب حين تجلى الله على جبل سيناء وخاف زكريا حين رأى الملاك وخاف الرعاة حين رأوا الملائكة…لذا يبادر الرب دوما بالقول " لا تخافوا" …

v   ومجدوا الله قائلين: المجد لله، هذه هي رسالة يسوع" مجدت اسمك على الأرض" فمجدني بالمجد الذي كان لي عندك منذ إنشاء الدهر" عمل يسوع ليس لشخصه ولا لمجده بل هو عمل لإظهار ملكوت الله وها قد ظهر الملكوت وشعر الناس بحضرة الله ومجدوه ما أعظم ذلك!

v   قد قام فينا نبي عظيم: نبي عظيم : يذكر العهد القديم أن ايليا ( 1موك 17: 17- 24 ) وأليشع ( 2مل 4 : 18 -37، 20:13، 21 ) هما النبيان الوحيدان اللذان أقاما ميتاً من بين الأموات.وهما مع موسى أعظم أنبياء العهد القديم على الإطلاق، لكن اليوم هناك من هو أعظم قدرا، من لا يتضرع ولا ينبطح من يأمر فيطاع ويطلب فيستجاب له.

v   وافتقد الله شعبه: الفعل افتقد في الكتاب المقدس قاصر على الله وحده ويستخدم للدلالة على حدوث عمل عظيم وهو ما بشر به الملائكة الرعاة" اليوم ولد لكم مخلص من بيت داود" لوقا 1: )، فالشعب الجالس في الظلمة وظلال الموت أبصر نوراً عظيماً..

v   وخرج هذا الخبر عنه في كل اليهودية و في جميع الكورة المحيطة: لا يبحث يسوع عن الشهرة بل يتحاشاها ويتوارى من الجموع التي تريد تنصيبه ملكاً فليس ملكوته من هذا العالم وكل همه أن يؤسس ملكوت أبيه.

الرسالة : يتفقد القديس بولس إيمان تلميذه تيموثاوس برسالة رائعة يذكره فيها بطفولته وجهاده مشجعاً له على الثبات إلى مجيء المسيح الحي والمحيي.

في الكاثوليكون : يوصي يعقوب المؤمنين بالسهر إلى مجيء المسيح الذي سيتفقد ويحيي كل المؤمنين به حياة أبدية.

في الأعمال: نرى كيف ينطلق الرسل فرحين ليتفقدوا الكنائس الناشئة مشجعين لهم معلنين قرار المجمع بالمساواة بين اليهود والأمم في المسيح.

في المزمور:  يترنم شعب الله بالشكر معترفين بفضل الله ومعجزاته، فهو يتفقد دوماً الذين يطلبونه.

وفي الإنجيل: نرى يسوع يواجه قوة الموت وينتصر عليها فاتحاً طريق الحياة لكل من يؤمن به.

رسالة اليوم: روح الله روح الانتصار:

رغم ضعف الإنسان أمام قوة الموت الرهيبة، يقدم المسيح قيامة مجانية ويظهر قوة سلطانه على ذاك العدو الذي لم يقهره أحد سواه.فأين شوكتك يا موت وأين سلطانك يا هاوية زال سلطان الموت أمام المسيح.