البحر وسفر الرؤيا 2

للاب هاني باخوم

" ورأيتُ سماءً جديدة وارضاً جديدة، لأن السماء الأولى  والأرض الأولى قد زالتا، وللبحر لم يبقَ وجود" (رؤيا 21 : 1). رأينا في المرة السابقة، ان هذه الاية تشير انه في السماء، في الحياة الابدية، بعد قيامة الاموات، لن يكون هناك البحر، علامة الشر والشيطان. علامة الموت وما يرتبط به. "فللموت لن يبقى وجود بعد الان، ولا للحزن ولا للصراخ، ولا للالم لن يبقى وجود بعد الان، لان العالم القديم قد زال" (رؤيا 21: 4).

كم هو رائع!! كم هو رائع سيكون هذا العالم الجديد. لكننا الان نحيا في هذا العالم القديم، حيث نسمع صراخ، ونقاسي الالم، نحزن، ونري الموت باعيننا ينمو ويتكاثر. فماذا نفعل الان؟ هل فقط ننتظر مجىء هذا العالم الجديد؟ في العالم الجديد الرب يحضره بلا الم، بلا صعاب، بلا موت. فماذا حضر لنا في هذا العالم؟ هل فداء المسيح يقتصر فقط على العالم الجديد الاتي؟

لا نستطيع الرد بأختصار على كل هذه الاسئلة، لكن نستطيع ان نسرد حدث قد تم لبطرس (مت 14: 22- 32)، وهناك اعتقد، اجابة لكثير من هذه الاسئلة.

احد المرات ترك المسيح تلاميذه بسفينة وذهب ليصلي. فأبتعدت السفينة عن البرّ، وبدأت تلطمها الامواج، بدء يعلو عليها البحر. نفس البحر السابق، بحر سفر الرؤيا، يعلو، ويعلو. واثناء الليل يأتي المسيح اليهم ساراً على المياه، وعندما يروه يخافوا، لانهم اعتقدوا انه شبح. فقال لهم المسيح لا تخافو انا هو. فيرد بطرس اذا كنت انت مُرني ان اتي اليك على المياه. فقال له تعال. وبالفعل يبدء بطرس ينظر اليه، للمسيح،  ويمشي على المياه. بطرس يبدء يخاف فينظر اسفله فيبدء في الغرق فيرفعه المسيح.

هذا الحدث ليس فقط معجزة لنتأمل قدرة المسيح وايمان بطرس او ضعفه. هذا الحدث هو مثال لما هو من الممكن ان تكون عليه حياتنا في هذا الدهر، هذا العالم الحالي. عالم ملىء بالمياه، بالبحر، وبكل ما يعنيه. والمسيحي يستطيع ان يسير عليها، ان يتسلطها، ان لا تغمره، بل بالاحرى يسودها، بمقدار نظره للمسيح. فالمياه لا تفارقه لكن ليس لها سلطة بعد عليه، تؤلمه لكن لا تحطمه. تحاصره لكن لا تهزمه.

في هذا العالم يسوع المسيح لا يزيل البحر من الوجود (سيكون هكذا في السماء) بل يعطينا قدرة ان نسير عليه دون ان نغرق فيه.  يكفي ان ننظر اليه،للمسيح، اي يكون هو هدف وصولنا، ومرسى سفينتنا.

المسيحي في العالم مدعو الى ان ينظر للمسيح كي يمشي على المياه. فالبحر لا يكف عن الوجود الان، بحر سفر الرؤيا في هذا العالم مازال موجود، لكننا نستطيع ان لا نغرق فيه بأن ننظر للمسيح. ان ينادينا هو وننظر اليه فنسير فوق المياه. ويبقى السؤال كيف يمكننا ان ننظر للمسيح؟