كهنوت شعب الله

الأب/ يوسف رمزي

لقد اعلن قداسة البابا بيندكتوس الـ16 سنة مخصصة للكهنوت 2009-2010 لذلك رغبت ان اسلّط الضوء حول تعليم الكنيسة الكاثوليكية حول كهنوت المؤمنين المشترك او الكهنوت العام لاننا قليلا ما نتحدث عنه اولا لابد ان نوضح ان الله يدعو بعض المسيحيين إلى الخدمة الكهنوتية الخاصة اى الكهنوت الخدمي. ولكن المسيحيين جميعاً يشتركون في كهنوت المسيح، لأنهم، بالمعمودية خاصة وسائر الاسرار عامة، يصيرون أعضاء في جسد المسيح. فما الذي يميّز هذا النوع من الكهنوت؟

 كهنوت المؤمنين المشترَك

الكنيسة كلّها متّسمة بطابع الخدمة الكهنوتية. وجميع أعضاء شعب الله هم كهنة. فانهم، بالمعمودية يصيرون أعضاء للمسيح، ويشتركون بالتالي في رسالته كمعلم وكاهن وملك. هذا ما تدعوه الكنيسة "كهنوت المؤمنين المشترك"، لأنه مشترك بين جميع المسيحيين، علمانيين واكليروس. وفكرة الكهنوت المشترك هذه تعود إلى العهد الجديد. فيقول القديس بطرس صخرة الإيمان وهامة الرسل في رسالته الأولى: "ابنوا من أنفسكم، كمِن حجارة حية، بيتاً روحياً، كهنوتاً مقدّساً، لإصعاد ذبائح روحية، مقبولة لدى الله بيسوع المسيح… أنتم جيل مختار، كهنوت ملوكي، أمّة مقدسة، وشعب مُقتَنى لتشيدوا بحمد الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب، أنتم الذين لم يكونوا من قبل شعباً، وأمّا الآن فشعب الله، ولم يكونوا مرحومين، وأمّا الآن فمرحومون" (2: 5- 10).

وقد أكّد المجمع الفاتيكاني الثاني كهنوت المؤمنين المشترك في دستوره العقائدي في الكنيسة:

"إنّ المسيح الرب، الحبر المأخوذ من بين الناس، قد جعل من الشعب الجديد "ملكوتاً وكهنة لله أبيه" (رؤ 1: 6؛ 5: 9- 10). ذلك بأنّ المعمّدين قد تكرّسوا بالميلاد الثاني ومسحة الروح القدس لكي يكونوا مسكناً روحيًّا وكهنوتاً مقدّساً، ويقرّبوا بعملهم المسيحي كلّه قرابين روحية، ويعلنوا قدرة ذاك الذي دعاهم من الظلمة إلى نوره العجيب. فليقرّب إذن جميع تلاميذ المسيح أنفسهم، مواظبين على الصلاة وحمد الله (أع 2: 42- 47)، قرابين حيّة، مقدسة، مرضيّة لله (رو 12: 1)، ويشهدوا للمسيح في كل مكان، ويقيموا الدليل، في كل مطلب، على الرجاء الذي فيهم للحياة الأبدية (1 بط 3: 15).

"إنّ كهنوت المؤمنين المشترَك وكهنوت الخدمة الراعوية أو الخدمي مترابطان كلاهما بالآخر وإن اختلفا في الجوهر لا في الدرجة فقط. ذلك بأنّ كلا هذا وذاك يشتركان، كلٌّ على نحوٍ خاص، في كهنوت المسيح الواحد. فكهنوت الخدمة يُنشئ، بما له من سلطان مقدّس، الشعب الكهنوتي، ويقوده، ويقيم، في وظيفة المسيح، الذبيحة الافخارستية، ويقرّبها إلى الله باسم الشعب كله. وأمّا المؤمنون فيشتركون بكهنوتهم الملوكي في تقديم الافخارستيا، ويمارسون هذا الكهنوت بقبولهم الأسرار، ثم بالصلاة والحمد وشهادة السيرة المقدسة، ثم بانكار الذات والمحبة الفعّالة".

من هذا النص نستنتج الأمور التالية:

– المسيحيون هم جميعاً كهنة، بالمعمودية والتثبيت. إنّ المسحة التي يُمسَحون بها تمنحهم الروح القدس، فيكرَّسون كهنة. تذكّر تلك المسحة بالمسحة التي كان الكهنة في العهد القديم يُمسَحون بها. إلاَّ أنّ مسحة العهد الجديد، مسحة الروح القدس التي مُسح بها يسوع للتبشير والكرازة (راجع لو 4: 18 "روح الرب عليّ، وقد مسحني لأُبشِّر المساكين")، ثم مُسح بها التلاميذ بحلول الروح القدس عليهم يوم العنصرة، تشمل كل إنسان، حسب قول يوئيل النبي: "سيكون في الأيّام الأخيرة أنّي أفيض من روحي على كلّ بشر فيتنبّأ بنوكم وبناتكم" (يؤ 2: 28؛ أع 2: 17).

– يمارس المسيحيون كهنوتهم بتقدمة حياتهم وأعمالهم ذبائح روحية، وبالشهادة للمسيح في كل مكان، وبالاشتراك في الصلوات والأسرار، ولاسيّما الافخارستيا.