الكاثوليك في المناطق العربية وفي إسرائيل: لقاء مع الأب نيوهاوس

تمثيل جماعة صغيرة ناطقة بالعبرية في سينودس أكتوبر 2010

روما، الخميس 3 ديسمبر 2009 (Zenit.org)

 إن جماعة الكاثوليك الناطقين بالعبرية والمقيمين في إسرائيل موكلة إلى عناية نائب بطريركي هو الأب دايفيد نيوهاوس، الذي شارك في روما في اللقاء السنوي لمجلس الأساقفة اللاتين في المناطق العربية. ينتمي قسم من الجماعة إلى الشعب اليهودي، فيما يتحدر القسم الآخر من "الأمم"، فيشكلان معاً "جماعة واحدة في يسوع المسيح" في الكنيسة الكاثوليكية.

أراد الأب دايفيد نيوهاوس إيضاح مهمة مجلس الأساقفة اللاتين في المناطق العربية وحياة الجماعة المسؤول عنها لوكالة زينيت. هذا ويعقد سينودس في روما في أكتوبر 2010 ويضم جميع كنائس الشرق الأوسط.

زينيت – عقد اللقاء السنوي لمجلس الأساقفة اللاتين في المناطق العربية في روما من 16 ولغاية 19 نوفمبر 2009: ما هو مجلس الأساقفة اللاتين في المناطق العربية؟

الأب نيوهاوس – نشأ مجلس الأساقفة اللاتين في المناطق العربية سنة 1963 كثمرة المجمع، ويضم الأساقفة اللاتين في المناطق العربية أي (هذا ليس واضحاً تماماً نظراً إلى تعقيد عالمنا الكاثوليكي في الشرق الأوسط): لبنان، سوريا، العراق، الخليج العربي (الذي يشمل الإمارات العربية، المملكة العربية السعودية، اليمن)، الكويت، الصومال، دجيبوتي، مصر، والبلدان الأربعة في بطريركية القدس اللاتينية (الأردن، فلسطين، إسرائيل، وقبرص). يمثل مجلس الأساقفة اللاتين في المناطق العربية واقعاً متنوعاً على الرغم من البيئة الأكثرية المسلمة والناطقة بالعربية. يمثل الكاثوليك العرب أو الناطقين بالعربية، والمسيحيين العرب وغير العرب المقيمين في بيئة ذات أكثرية يهودية في دولة إسرائيل، الكاثوليك المقيمين في بيئة ذات أكثرية من الروم الأرثوذكس في قبرص، وبخاصة مئات آلاف العمال الأجانب في كافة هذه المناطق – الكاثوليك الفليبينيين، والهنود، والسريلانكيين، والسودانيين وغيرهم. فأكثرية الكاثوليك في بلدان الخليج والكويت تتألف من عمال أجانب.

يترأس بطريرك القدس مجلس الأساقفة اللاتين في المناطق العربية الذي يلتقي أساقفته مرة سنوياً. كل سنتين، ينعقد لقاء في روما كما حصل هذه السنة. تجدر الإشارة إلى أنه ليس من السهل أن تكون "لاتينياً" أي كاثوليكياً رومانياً، في مناطق تنتمي إلى العالم المسيحي في الشرق: فالكاثوليك اللاتين يشكلون في بعض هذه البلدان أقلية صغيرة بين الكاثوليك الذين يتبعون بمعظمهم الطقوس الشرقية. لذا فإن الحوار مع الكنائس الكاثوليكية الأخرى أساسي.

زينيت – ماذا تناولت أعمال روما؟

الأب نيوهاوس – يقوم قسم أساسي من هذه اللقاءات على التبادل بين الأساقفة حول الحياة في هذه الأبرشيات. الحياة ليست سهلة في أي مكان. فهناك تحديات كبيرة تؤثر على استمرار هذه الكنائس في أماكن يشكل فيها المسيحيون أقليات ويواجهون أحياناً مشاكل عديدة منها العنف والحروب وانعدام الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، والتمييز، وغيرها. ولكن هناك أيضاً أخبار سارة لأننا مدعوون لأن نكون شعب البشرى السارة. وعلى الرغم من هذه المشاكل الكبيرة، توجد جماعات مفعمة بالحيوية والفرح. وهناك مبادرات كثيرة لترسيخ إيمان المؤمنين وتنشئتهم وتجديد معنى هويتهم المسيحية ومساعدة الفقراء والمتألمين. ويتمثل أحد الأنباء السارة الذي كان مصدر فرح لجميع المشاركين في تطويب مؤسسة راهبات الوردية (الناشطات في العديد من هذه البلدان)، الفلسطينية المقدسية ماري ألفونسين غطاس – في الناصرة بعد مرور أيام قليلة على لقائنا.

أما القسم الثاني المهم في هذه اللقاءات بخاصة عندما تعقد في روما، فيتمثل في فرص لقاء السلطات الكنسية والاستعلام عن المبادرات والنشاطات. فقد التقينا بأمين سر مجمع الكنائس الشرقية الجديد (الذي ينتمي إليه مجلسنا الأسقفي)، المونسنيور سيريل فاسيل؛ وحظينا بفرصة الاستماع إلى كلام الكاردينال جان لويس توران حول العلاقات مع العالم المسلم؛ وأمضينا وقتاً أطول مع المونسنيور فيتوريو نوتسا من كاريتاس إيطاليا ليعلمنا عن العمل الخيري في إيطاليا ولتعميق فهمنا لهذا العمل الأساسي الذي تقوم به الكنيسة. تمكن كل أسقف من مشاركة تجربته في المساعدة الخيرية في أبرشيته، وعرضنا للعمل العظيم الذي تقوم به الكنيسة على الرغم من عددنا الضئيل.

كذلك أرشدنا رجاء بدء عمل التحضير لسينودس الكنيسة في الشرق الأوسط (من 10 ولغاية 24 أكتوبر 2010). والتقينا بأمين عام السينودس، المونسنيور نيكولا إيتيروفيتش، وناقشنا معه بعض الجوانب، وسنرى التفاصيل في "الإرشادات الأولية" التي ننتظرها.

زينيت – لقد التقيتم في هذه المناسبة ببندكتس السادس عشر: ماذا قال لكم؟

الأب نيوهاوس – نهار الأربعاء 18 نوفمبر، كنا حاضرين في المقابلة العامة التي وجه الأب الأقدس في ختامها تحية لأعضاء مجلس الأساقفة اللاتين في المناطق العربية مؤكداً على صلاته من أجل جماعاتنا. أظهر لنا الأب الأقدس المودة التي تعتبر دوماً تعزية كبيرة لنا، وراح يتذكر رحلته التي قام بها إلى الأراضي المقدسة في شهر مايو الفائت، ولكنه يتحضر أيضاً لزيارة إلى قبرص في يوليو 2010: مما يشكل فرصة لتسليم "أداة عمل" السينودس الذي يعقد في أكتوبر 2010 للأساقفة الكاثوليك في كل الشرق الأوسط.

زينيت – إنكم تشغلون منصب النيابة البطريركية للجماعة الكاثوليكية الناطقة بالعبرية: كيف نشأت هذه النيابة؟

الأب نيوهاوس – في الواقع أن نيابتنا تندرج ضمن مجلس الأساقفة اللاتين في المناطق العربية لأننا ننتمي إلى بطريركية القدس اللاتينية ولكننا لا نعيش في العالم الإسلامي الناطق بالعربية، وإنما في العالم اليهودي الناطق بالعبرية. وربما يشكل حضورنا في هذا المجلس الأسقفي رمزاً أخروياً، ووعد سلام ومصالحة لأننا نؤمن من كل قلوبنا بأن: "ذاك الذي جعل الفريقين واحداً وهدم حائط الحاجز الفاصل بينهما، أي العداء" (أف 2، 14). إننا نعتبر أن التحدي يقوم على عيش الشركة مع إخوتنا وأخواتنا في الإيمان، العرب المسيحيين، في سياق صراع وطني، ويمكن لنجاحنا أن يكون رمز رجاء لبلادنا.

يعود تاريخ بدايتنا إلى سنة 1955 عندما أسس الرواد الرهبان والراهبات والكهنة والعلمانيين جمعية القديس يعقوب تلبية للواقع الجديد لقيام دولة إسرائيل وهجرة اليهود الواسعة التي كانت تشمل هؤلاء اليهود المهتدين، وأزواج يهود وكاثوليك جاؤوا للعمل في إسرائيل. خلال السنوات الأولى، نشأت جماعات رعوية ناطقة بالعبرية في كافة المدن الكبرى لآلاف الكاثوليك الذين لم يكونوا من العرب ولكنهم أصبحوا مواطنين في إسرائيل أو مقيمين فيها لفترة طويلة. وكانت الأنظمة التأسيسية للجمعية تشدد على العمل الرعوي، والالتزام بالحوار مع الشعب اليهودي والعمل من أجل المصالحة. وأصبحت هذه الجماعات مكان صلاة من أجل السلام وجسراً بين الكنيسة العربية الفلسطينية بأكثريتها والشعب اليهودي الإسرائيلي.

فكانت الصلاة بالعبرية، وعيش الكثلكة بالعبرية، والعيش كأقلية كاثوليكية في مجتمع يهودي، واقعاً جديداً للكنيسة. فبذل الرواد الذين سبقونا مجهوداً كبيراً لترجمة الليتورجيا، وتنمية موسيقى مقدسة بالعبرية، وخلق مفردات لاهوتية مسيحية بالعبرية، وإطلاق حضور مسيحي من المصالحة والمعرفة المتبادلة وسط المجتمع اليهودي.

منذ تلك السنوات الأولى، انخفض عدد المؤمنين ليس فقط بسبب الهجرة بل بالأحرى بسبب التمثل. يميل الجيل الجديد من الكاثوليك الإسرائيليين الناطقين بالعبرية إلى إيجاد مكانه في المجتمع اليهودي العلماني. لا نملك أي مؤسسات تربوية أو غيرها. فجماعاتنا الصغيرة لا تخلق بيئة اجتماعية لشبابنا الذين يميلون إلى الزواج من يهود وغالباً ما يعتنقون اليهودية للزواج. إن التحدي الكبير الذي يواجهنا اليوم يكمن في محاولة نقل الإيمان إلى الجيل الجديد لكي لا يجد فيه فقط الخير وإنما الدعم له في حياته اليومية.

منذ عشرين عاماً، اغتنت هذه الجماعات مع وصول مهاجرين من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق. وكانت أعداد مئات آلاف الناطقين بالروسية تشمل عشرات آلاف المسيحيين ومنهم عدد من الكاثوليك. لدينا الآن إرسالية باللغة الروسية إلا أن أبناءها أصبحوا ناطقين بالعبرية. لذا يقوم التحدي على الحفاظ على الإيمان المسيحي في نفوس هؤلاء الأطفال وتحضيرهم لحياة وسط مجتمع يهودي، ناطق بالعبرية في إسرائيل.

سنة 1990، عين البطريرك اللاتيني ميشال صباح، للمرة الأولى نائباً بطريركياً لهذه الجماعات هو الأباتي البندكتي جان باتيست غوريون. وسنة 2003، منحه البابا يوحنا بولس الثاني درجة الأسقفية. كل ذلك ساعد على إمكانية رؤية وجود هذه الكنيسة في إسرائيل.

ويكمن أحد التحديات الجديدة والمهمة في الانفتاح على عالم العمال الأجانب القادمين لفترات طويلة، والذين يتعلمون العبرية لعملهم. أحياناً يولد أطفالهم هنا ويرتادون مدارس عبرية… فيصبح هؤلاء الأطفال بدورهم كاثوليك ناطقين بالعبرية.

زينيت – ما هو عدد الجماعات الموكلة إلى مسؤوليتكم الرعوية؟

الأب نيوهاوس – توجد حالياً ستة مراكز في البلاد وتسعة كهنة في خدمتنا. يقوم العمل على البحث عن الخراف الضالة، الأشخاص الذين لا يدركون أن هذه الكنيسة الناطقة بالعبرية موجودة وأنهم قادرون على عيش حياة كاثوليكية بالعبرية وسط المجتمع الإسرائيلي اليهودي.

زينيت – ماذا تنتظرون من سينودس الكنيسة في الشرق الأوسط الذي يعقد في روما من 10 ولغاية 24 أكتوبر 2010؟

الأب نيوهاوس – من المؤكد أن الكنيسة التي تعيش في بيئة ذات أكثرية مسلمة وناطقة بالعربية تنتظر هذا السينودس. مع ذلك، وعلى الرغم من التعقيدات، إلا أن دولة إسرائيل والمجتمع اليهودي يشكلان اليوم جزءاً من هذا الواقع في الشرق الأوسط. يمكن لحضور نيابتنا، على الرغم من تواضعه وصمته، أن يحمل شهادة مسيحية مهمة: التعايش، المصالحة، الحوار، الإثراء المتبادل وغيرها!

زينيت – من المؤكد أن هذا القطيع الصغير بحاجة إلى الدعم: كيف نظهر تضامننا؟

الأب نيوهاوس – تكاد تكون كنيستنا غير مرئية. أما الكنائس والمؤسسات الكاثوليكية (المدارس، المستشفيات، والمراكز الاجتماعية) فهي كلها ناطقة بالعربية أو أجنبية. نشعر بالسرور عندما يأتي الحجاج إلى الأراضي المقدسة ليس فقط لرؤية حجارة المقامات والأماكن المقدسة، وإنما أيضاً لرؤية الحجارة الحية – جماعات المسيحيين التي نشكل جزءاً منها. يعيش إخوتنا وأخواتنا الفلسطينيون العرب في أوضاع صعبة جداً، ونفرح عندما يظهر العالم المسيحي سخاءه تجاههم. ولنا نحن أيضاً احتياجاتنا، ومن الصعب أحياناً إيجاد الوسائل لتنفيذ عمل ما للحفاظ على هذا التعبير الأساسي للكنيسة في الأراضي المقدسة.

لقد وضعنا حالياً مشاريع مهمة منها نشر مجموعة كتب التعليم الديني لأطفالنا (صدر الأول "معرفة المسيح"، بمساعدة سخية من المنظمة الألمانية، عون الكنيسة المتألمة)، تنظيم نشاطات تنشئة ومخيمات صيفية للأطفال، تنظيم دورات للأزواج الجدد، وتنشئة كهنتنا ومعلمي الدين، وغيرها.

وكنا قد أطلقنا قبل سنتين موقعاً إلكترونياً بالعبرية والروسية والانكليزية وقليلاً بالفرنسية. لذا من يرغب في معرفة المزيد والاتصال بنا، يمكنه زيارة الموقع التالي:  www.catholic.co.il