الكاردينال برتوني أمين سر دولة الفاتيكان في مقابلة مع قناة الجزيرة

الحرية وحقوق الإنسان في الحوار بين الأديان

روما، الاثنين 14 ديسمبر 2009 (Zenit.org)

 في التاسع من ديسمبر الجاري، أجرت المحطة التلفزيونية "الجزيرة" مقابلة مع الكاردينال ترشيزيو برتوني أمين سر دولة الفاتيكان الذي تحدث عن الفاتيكان، والكرسي الرسولي، ودور الحبر الأعظم، وعن الحرية وحقوق الإنسان في الحوار بين الأديان، وبخاصة عن الأقليات المسيحية في الشرق الأوسط.

قدمت لوسيرفاتري رومانو الصادرة بالإيطالية في 11 ديسمبر حصيلة هذه المقابلة التي ننشرها في ما يلي.

المقابلة التي أجرتها الجزيرة مع أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال برتوني

إن الحوار بين الكاثوليك والمسلمين "عامل مهم من عوامل السلام والاحترام" في الإطار الدولي الراهن وبخاصة في الظروف الصعبة التي يشهدها الشرق الأوسط. يختار أمين سر الدولة الكاردينال ترشيزيو برتوني منبراً استثنائياً كالجزيرة لإعادة إطلاق الدعوة إلى "تعايش سلمي بين الجميع". وفي أول حديث له مع المحطة العربية، ينتهز هذه الفرصة ليوجه للإسلام "تمنيات سلام وتعايش هادئ ومتضامن". ويعيد التأكيد على أن الكنيسة في كل بلد "تدافع عن حقوق الجميع، منها حق العيش، حق التعلم، حق التجمع، وحقوق كافة الأقليات".

يشدد الكاردينال هنا على ضرورة "ضمان حرية إقامة الشعائر الدينية من خلال التحاور والعمل معاً على مساعدة الأكثر احتياجاً. ويذكر أن الكنيسة "تعزز خير الأفراد بمعزل عن ديانتهم". كما يسأل أن يحظى المسيحيون "المتواجدون في بلدان مسلمة أو غير مسيحية" بالدفاع عن حقوقهم كأقليات، مما يعتبره "التزاماً يجب أن نتقيد به جميعاً". في هذا الصدد، يذكر مكالمة هاتفية مع البطريرك العراقي ديلي أجريت قبل يومين وبعد تعرض بغداد لسلسلة من الاعتداءات الدامية التي أسفرت عن وقوع مئات القتلى والجرحى. هنا يشجب أمين سر الدولة الوضع المأساوي الذي يعيشه المسيحيون في الشرق الأوسط قائلاً: "نحث المسيحيين العرب على البقاء لأنهم يؤدون دوراً إيجابياً". ويشدد على أن الموضوع يحتل محور المقابلات مع "المسؤولين السياسيين" في البلدان العربية الذين يزورون الفاتيكان.

يذكر الكاردينال برتوني بأن الشرق الأوسط هو مهد المسيحية، وأن المسيحيين العرب "فخورون" بانتمائهم العربي. ويتحدث بقلق عن تداعيات الحرب في العراق التي اندلعت قبل سبع سنوات، مطلقاً إنذاراً حول وضع الأشخاص الذين غادروا المنطقة. هذا ويوجه إلى الأسرة الدولية دعوة إلى عدم نسيان "اللاجئين الذين ما يزالون بعيدين عن أوطانهم" وإلى "الالتزام أكثر بخلق ظروف عودتهم".

يوضح أمين سر الدولة أن حماية حقوق الأقليات يجب أن تترافق مع ضرورة "مراعاة قوانين البلاد المضيفة". ولا بد من معالجة مسألة العلاقات بين المواطنين من مختلف الديانات من دون انغلاق أو تحيز كما حصل في سويسرا من خلال الاستفتاء الذي حظر بناء مآذن جديدة: هذا القرار "الناشئ عن الخوف فيما يجب أن تنشأ خيارات التصويت عن منظور وهدف إيجابيين"، بحسب الكاردينال برتوني.

هذا الحديث الذي أجراه محمد كيناوي مع الكاردينال ينطلق تحديداً من دور الأديان كصناع سلام ومصالحة في العالم، لتناول مسألة الحوار بين الكاثوليك والمسلمين. في هذا الصدد، يشدد الكاردينال على عملية الإنعاش التي باشرها بندكتس السادس عشر بخاصة عبر المجلس الحبري للحوار بين الأديان. ويشير إلى أن التعاون بين الأديان لا يسعه إلا أن يؤدي إلى التزام مشترك لمكافحة الفقر. ورداً على السؤال الذي طرحه الصحافي حول دور مركز الكثلكة ومهماته، يغتنم الكاردينال برتوني الفرصة لإيضاح التمييز بين الكرسي الرسولي والفاتيكان، وإبراز الشخصية الاستثنائية التي يمثلها الحبر الأعظم الذي تشكل سيادته على دولة الفاتيكان الصغيرة ضمانةً للحرية والاستقلال بالنسبة إلى سلطات أخرى. أما العلاقات مع الدولة الإيطالية، فيصفها بـ "الوطيدة"، ويلفت إلى "الاهتمام الاستثنائي" الذي يوليه البابا لحياة هذه الأمة. لكنه يشير أيضاً إلى أن الكنيسة تعطي التعليمات فقط وتعبر عن أحكام أخلاقية حول مختلف المسائل فيما يتمتع الكاثوليك، كسائر المواطنين، بحرية التصرف وفقاً لضميرهم المستنير بالإيمان.

هذه المقابلة التي أنتجتها Domino film وسجلت صباح الأربعاء 09 ديسمبر في قاعة الدراسات في أمانة سر الدولة تستمر حوالي 20 دقيقة. وستشكل أهم فقراتها جزءاً من فيلم وثائقي حول واقع الفاتيكان ستبثه الجزيرة في غضون الأشهر الستة المقبلة. هذا المشروع الذي جرى تقديمه خلال الأشهر الأخيرة تفحصه وطوره المجلس الحبري للاتصالات الاجتماعية. ومن المتوقع أيضاً إجراء مقابلات أخرى مع الكاردينال جان لويس توران، رئيس المجلس الحبري للحوار بين الأديان؛ المونسنيور جيانفرنكو رافاسي، رئيس المجلس الحبري للثقافة؛ المونسنيور كلاوديو ماريا تشيلي، رئيس المجلس الحبري للاتصالات الاجتماعية؛ والمونسنيور رينو فيسيكيلا، رئيس الأكاديمية الحبرية للحياة.

يوضح محمد كيناوي للوسيرفاتوري رومانو: "ينشأ قرار إنتاج الفيلم الوثائقي عن رغبة في تعريف العالم العربي والمسلم على واقع عالمي كالكنيسة الكاثوليكية، وبخاصة كالفاتيكان، الهيئة المستقلة والفريدة من نوعها التي يرشدها الحبر الأعظم الزعيم الروحي ورئيس الدولة في آن معاً". ويشدد على أنه "إسهام في الحوار بين الأديان الذي يحتاج إلى المعرفة المتبادلة ليكون فعالاً". كذلك يكشف كيناوي أنه "ذهل بالترحيب الإيجابي الذي لاقته المبادرة في الفاتيكان"، ويتمنى أن "تخدم في تعريف العالم العربي على شخصية البابا وعلى دور الكرسي الرسولي في الأوضاع الدولية الراهنة".

لوسيرفاتوري رومانو، 11 ديسمبر 2009 

ترجمة وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)