خطاب بندكتس السادس عشر إلى أعضاء السلك الدبلوماسي

الفاتيكان، الثلاثاء 12 يناير 2010 (Zenit.org).

ننشر في ما يلي خطاب البابا بندكتس السادس عشر لدى لقائه بأعضاء السلك الدبلوماسي، وسفراء الدول المعتمدين لدى الكرسي الرسولي في الفاتيكان، نهار الاثنين 11 يناير 2010.

* * *

أصحاب السيادة،

سيداتي سادتي،

إنها لمدعاة فرح بالنسبة لي أن ألتقي بكم في هذا اللقاء التقليدي في مطلع العام، بعد أسبوعين من الاحتفال بولادة الكلمة المتجسد. كما أعلنا في الليتورجية: "في سر الميلاد المعبود، هو، الكلمة اللامنظور المولود منذ الأزل، ظهر مرئيًا في جسدنا، وبدأ وجوده في الزمان، لكي يحمل في ذاته كل الخليقة وليرفعها من سقطتها" (مقدمة الميلاد الثانية). لقد تأملنا في الميلاد بسر الله وسر الخليقة؛ من خلال إعلان الملائكة للرعاة وصلت إلينا بشرى خلاص الإنسان والكون بأسره. لهذا السبب، في رسالة اليوم العالمي للسلام لهذا العام، دعوت كل البشر ذوي الإرادة الصالحة، الذين وعدهم الملائكة بالسلام، أن يحفظوا الخليقة. وبهذا الروح عينه يسرني أن أحيي كلاً منكم، وبشكل خاص الحاضرين للمرة الأولى في هذا الاحتفال. أشكركم شكرًا قلبيًا عن تمنياتكم التي عبّر عنها عميدكم، السيد السفير أليخاندرو فالادارس لانسا، وأجدد تقديري الحي عن الرسالة التي تقومون بها لدى الكرسي الرسولي. من خلالكم، أود أن أوجه تحيتي القلبي وتمنياتي بالسلام والازدهار إلى سلطات وسكان أوطانكم، التي تمثلونها بوقار. يمتد فكري أيضًا إلى كل دول العالم الأخرى: إن خليفة بطرس يترك أبوابه مفتوحة للجميع ويود أن يقيم مع الجميع علاقات تسهم في تطور العائلة البشرية.

منذ بضعة أسابيع، تم قيام علاقات دبلوماسية كاملة بين الكرسي الرسولي والاتحاد الروسي: وهذا الأمر هو مدعاة رضا عميق. بالشكل عينه، كانت ذات أهمية كبيرة الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية الاشتراكية الفيتنامية، وهي دولة عزيزة على قلبي، حيث تعيش الكنيسة سنة يوبيلية مئوية احتفالاً بحضورها منذ بضعة مئات السنوات في هذه الأمة. بروح الانفتاح هذا، في معرض العام 2009، استقبلت العديد من الشخصيات السياسية، من عدة دول، وزرت أيضًا بعضًا منها، وسأتابع قدر المستطاع في المستقبل هذه الزيارات.

الكنيسة منفتحة على الجميع، لأنه موجودة – في الله – لأجل الآخرين! ولذا فهي تشارك بكثافة بمصير البشرية، في مطلع هذا العام الذي بدأ الآن، والذي يظهر موسومًا بالأزمة الاقتصادية العالمة التي أدت إلى عدم استقرار اجتماعي متفشٍ. مع الرسالة العامة "المحبة في الحقيقة" دعوت إلى اكتشاف الجذور العميقة لهذه الحالة: في المقام الأخير، الأسباب تتجذر في العقلية السائدة الأنانية والمادية، التي تنسى حدودها وحدود كل خليقة. أود اليوم أن أشدد على أن هذه العقلية عينها تهدد البيئة. كل منا يستطيع أن يستشهد بمثل عن الضرر الذي تسببه هذه العقلية في أنحاء العالم. أستشهد بأحد هذه الأمثلة، من تاريخ أوروبا القريب: منذ عشرين سنة عندما سقط حائط برلين، وسقط الحكم المادي والملحد الذي كان قد سيطر على مدى عشرات السنين على قسم من القارة، لم يكن هناك من قياس للجرح العميق الذي خلاّه نموذج اقتصادي لا يرتكز على حقيقة الإنسان، ليس فقط في كرامة وحرية الأشخاص والشعوب، بل أيضًا في الطبيعة، مع تلوث الأرض، والماء والهواء. إنكار الله يشوه حرية الشخص البشري، ولكنه يدمر أيضًا الخليقة! وينتج عن ذلك أن الحفاظ على الخليقة لا يجب في المقام الأول على ضرورة جمالية، بل قبل كل شيء على ضرورة أخلاقية، لأن الطبيعة تعبر عن مشروع حب وحقيقة يسبقنا ويصدر عن الله.

ولذا، أشارك القلق الكبير الذي يتسبب به تردد بعض المراجع الاقتصادية والسياسية في الصراع ضد الانحطاط البيئي. إنها مصاعب لُوحظت في إطار الدورة الخامسة عشرة من مؤتمر الدول المشاركة في اتفاقية الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية، والتي عقدت بين 7 و 18 ديسمبر في كوبنهاغن.  أتمنى في العام الحالي، أولا في بون ومن ثم في مدينة المكسيك، أن يتم التوصل إلى اتفاق لمواجهة هذه المسألة بشكل فعال. التحدي كبير فهو يقرر مصير بعض الدول، وبشكل خاص الدول الجزر.

هذا ويجب أن يندرج هذا الالتزام البيئي في إطار التحديات الكبيرة التي تواجه البشرية. إذا أردنا أن نبني سلامًا حقيقيًا، فكيف لنا أن نفرق، أو حتى أن نعارض حماية البيئة وحماية الحياة البشرية، بما في ذلك الحياة الناشئة. من خلال احترام الشخص البشري بحد ذاته يظهر معنى مسؤوليته نحو الخليقة. فكما يعلم القديس توما الأكويني، يشكل الإنسان أنبل ما في الكون (راجع الخلاصة اللاهوتية، 1، 29، 3). علاوة على ذلك، وقد ذكرت بهذا خلال القمة العالمية لمنظمة التغذية العالمية حول تأمين الغذاء، "أن الأرض هي قادرة على تغذية جميع سكانها" (خطاب 16 نوفمبر 2009، 2)، إذا لم يؤد طمع البعض إلى سيطرتهم على الخيرات التي هي للجميع.

أود أن أشدد أيضًا على أن حفظ الخليقة يعني الاستعمال المناسب للموارد الطبيعية في الدول، وبشكل خاص تلك المتأخرة اقتصاديًا. يذهب فكري إلى القارة الإفريقية، التي حزت على فرح زيارتها في شهر مارس المنصرم، خلال زيارتي إلى الكاميرون وأنغولا، والتي كرست لها أعمال الجمعية الخاصة لسينودس الأساقفة. لقد أشار الآباء السينودسيون بقلق إلى عوامل التآكل والتصحر في الأراضي الزراعية، بسبب الاستغلال الزائد لها وبسبب تلوث البيئة (راجع الاقتراح 22). في إفريقيا، كما في أماكن أخرى، من الضرورة اعتناق خيارات سياسية واقتصادية تضمن "أشكال إنتاج زراعي وصناعي مطابق لنظام الخليقة وكافٍ لحاجات الجميع الأساسية" (رسالة اليوم العالمي للسلام 2010، عدد 10).

كيف يمكننا أن ننسى، من ناحية أخرى، أن الصراع للوصول إلى الموارد الطبيعية هو إحدى الأسباب الرئيسية للعديد من النزاعات، في إفريقيا أيضًا، لا بل هو مصدر خطر دائم في حالات أخرى؟ لهذا السبب أيضًا أردد بقوة أنه إذا ما أردنا أن نزرع السلام، لا بد أن نحافظ على الخليقة! هناك الكثير من المساحات الشاسعة في أفغانستان على سبيل المثال، أو في بعض دول أميركا اللاتينية، حيث يتم ربط الزراعة بإنتاج المخدرات للأسف، وحيث يشكل هذا الإنتاج موردًا لا يمكن تجاهله للعمل والعيش. إذا أردنا السلام يجب أن نحافظ على الخليقة من خلال النزوع عن هذه النشاطات وأود أن أطلب، مرة أخرى، إلى المجتمع الدولي ألا يستسلم لتجارة المخدرات وإلى العواقب الأخلاقية والاجتماعية الوخيمة التي تنتج عنها.

سيداتي وسادتي، حقاً أن حماية الخلق تشكل عاملاً مهماً من عوامل السلام والعدالة! فمن بين التحديات العديدة التي تطلقها، يكمن الأكثر خطورة بينها في زيادة النفقات العسكرية، وصيانة الترسانات النووية وتطويرها. إذ تخصص موارد اقتصادية هائلة لهذه الغايات، في حين يمكن تخصيصها لتنمية الشعوب منها بخاصة الأكثر فقراً. لذلك، أرجو أن تُتخذ قرارات فعالة بشأن نزع السلاح التدريجي بهدف تحرير الكوكب من الأسلحة النووية، وذلك خلال مؤتمر استعراض معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية الذي سيعقد في مايو المقبل في نيويورك. بصورة أكثر عموماً، آسف لأن إنتاج الأسلحة وتصديرها يساهمان في إدامة الصراعات وأعمال العنف، كما يحصل في دارفور أو الصومال أو جمهورية الكونغو الديمقراطية. فإضافة إلى عجز الأطراف المعنية بشكل مباشر بالخروج من دوامة العنف والألم التي تولدها هذه الصراعات، يبرز عجز البلدان الأخرى والمنظمات الدولية عن إعادة إرساء السلام، إلى جانب اللامبالاة شبه الخاضعة التي يظهرها الرأي العام العالمي. والجميع يعلم أن الصراعات المماثلة تؤدي إلى تدهور البيئة وإلحاق الأضرار بها. وكيف ننسى الإرهاب الذي يهدد حياة الأبرياء ويثير قلقاً كبيراً؟ في هذه المناسبة الاحتفالية، أرغب في تجديد الدعوة التي وجهتها في الأول من يناير، قبيل صلاة التبشير الملائكي، للأشخاص المنتمين إلى جماعات مسلحة لكي يتخلوا عن درب العنف ويفتحوا قلوبهم لفرح السلام.

إن أعمال العنف الخطيرة التي ذكرتها، والمقرونة بآفات الفقر والجوع والكوارث الطبيعية وتدمير البيئة، تساهم في زيادة أعداد الأشخاص الذين يغادرون أراضيهم. أمام هجرة مماثلة، أرغب في حث السلطات المدنية المعنية على مختلف المستويات على العمل بعدل وتضامن وببعد نظر. وأذكر هنا بخاصة مسيحيي الشرق الأوسط الذين يغادرون أرض آبائهم حيث نشأت كنيسة القرون الأولى، نظراً إلى مختلف أشكال الاعتداءات التي يتعرضون لها، حتى في ممارسة حريتهم الدينية. وقد دعوت إلى عقد الجمعية الخاصة بالشرق الأوسط في سينودس الأساقفة خلال فصل الخريف المقبل، بغية حمل الدعم لهم وجعلهم يشعرون بقرب إخوتهم في الإيمان منهم.

سعادة السفراء، لم أتحدث حتى الآن إلا عن بعض الجوانب المتعلقة بمسألة البيئة. مع ذلك، تعتبر جذور الوضع الواضحة للجميع أنها ذات طابع أخلاقي. لذا لا بد من معالجتها في إطار جهد تربوي كبير في سبيل تعزيز تبدل فعلي في الذهنيات، ووضع أساليب حياة جديدة. تبدي جماعة المؤمنين رغبة في المشاركة في ذلك، لكنها تحتاج إلى أن يتم الاعتراف بدورها العام في سبيل تحقيق مبتغاها. إننا مع الأسف نشهد في بعض البلدان منها الأوروبية بخاصة، انتشار شعور من الإهمال والعدائية، أو شعور من الازدراء تجاه الدين لا سيما الدين المسيحي، وذلك في الأوساط السياسية والثقافية، وفي وسائل الإعلام. ويتضح أنه لو اعتبرنا النسبوية كعنصر تكويني أساسي في الديمقراطية، فإننا نخاطر بعدم فهم العلمنة إلا من منظور الاستبعاد أو رفض الأهمية الاجتماعية للواقع الديني. لكن مقاربة مماثلة تسبب الصدام والشرذمة، وتقوض السلام، وتخل بالبيئة البشرية، وتصبح طريقاً مسدودة من خلال رفض المواقف المختلفة عن الموقف الشخصي. لذا من الضروري تحديد علمنة إيجابية ومنفتحة تعزز تعاوناً سليماً وروح مسؤولية مشتركة من خلال قيامها على استقلال النظام الزمني والنظام الروحي. من هنا، أفكر في أوروبا التي قامت مع سريان مفعول معاهدة لشبونة بفتح مرحلة جديدة من عملية اندماجها التي يتابعها الكرسي الرسولي باحترام واهتمام. إني إذ أشير برضى إلى أن المعاهدة تنص على أن يحافظ الاتحاد الأوروبي على حوار "منفتح وشفاف ومنتظم" (المادة 17) مع الكنائس، أتمنى أن تغرف أوروبا من منابع هويتها المسيحية الخاصة في عملية بناء مستقبلها. وكما سبق لي أن قلت خلال زيارتي الرسولية إلى الجمهورية التشيكية في سبتمبر الأخير، فإن هذه الهوية تلعب دوراً لا يمكن الاستعاضة عنه في "تنشئة ضمير كل جيل، وتعزيز إجماع أخلاقي أساسي ومفيد لكل شخص يدعو هذه القارة "موطني"! (اللقاء مع السلطات السياسية والمدنية ومع الهيئة الدبلوماسية، 26 سبتمبر 2009).

خلال مواصلة التفكير، لا بد من الإشارة إلى أن مسألة البيئة معقدة. ويمكن القول بأنها منشور متعدد الجوانب. تختلف المخلوقات عن بعضها البعض، ويمكن حمايتها أو على العكس تعريضها للخطر بطرق مختلفة، حسبما تظهر لنا التجربة اليومية. ينجم أحد هذه التعديات عن القوانين أو المشاريع التي تقوم بالتعدي على الواقع البيولوجي للاختلاف بين الجنسين، باسم مكافحة التمييز. أشير مثلاً إلى بلدان أوروبية أو بلدان القارة الإفريقية. وقد قال القديس كولومبان: "إن انتزعت الحرية، انتزعت الكرامة" (الرسالة الرابعة ad Attela في S. Columbani Opera، دابلن، 1957، ص. 34). غير أن الحرية لا يمكن أن تكون مطلقة لأن الإنسان ليس الله، وإنما صورة الله وخليقته. وبالنسبة للإنسان، فإن الدرب التي يجب اتباعها لا يمكن تحديدها عشوائياً أو بحسب الرغبة، وإنما يجب أن تتطابق بالأحرى مع البنية التي يريدها الخالق.

يشتمل الحفاظ على الخلق تحديات أخرى لا يمكن مواجهتها إلا بالتضامن الدولي. أفكر في الكوارث الطبيعية التي بثت الموت والألم والدمار خلال السنة الفائتة في الفيليبين وفييتنام ولاوس وكمبوديا وجزيرة تايوان. وكيف لا نذكر أيضاً بإندونيسيا وبمنطقة أبروزي المجاورة لنا التي ضربتها هزات أرضية مدمرة؟ أمام أحداث مماثلة، ينبغي ألا تغيب المساعدة السخية أبداً لأن حياة مخلوقات الله في خطر. لكن الحفاظ على الخلق لا يتطلب فقط التضامن وإنما أيضاً استقرار الدول والوفاق بينها. عندما تبرز الاختلافات والأعمال العدائية بين هذه الأخيرة، لا بد لها من استكمال حوار بناء للدفاع عن السلام. هذا ما حصل قبل 25 عاماً مع معاهدة السلام والألفة بين الأرجنتين وتشيلي بفضل وساطة الكرسي الرسولي. وقد حملت ثماراً كثيرة من التعاون والازدهار استفادت منها كل أميركا اللاتينية. في هذه المنطقة من العالم، تسرني المصالحة التي حصلت بين كولومبيا والإكوادور بعد عدة أشهر من التشنجات. وفي مكان أقرب إلينا، يسرني التفاهم الحاصل بين كرواتيا وسلوفينيا حول التحكيم المتعلق بحدودهما البحرية والبرية. كما تسعدني الاتفاقية بين أرمينيا وتركيا بشأن استعادة العلاقات الدبلوماسية. وأرجو أن تتحسن العلاقات بين كافة دول جنوب القوقاز من خلال الحوار. خلال رحلة الحج إلى الأراضي المقدسة، وجهت دعوة إلى الإسرائيليين والفلسطينيين إلى التحاور واحترام حقوق الآخر. إنني أرفع صوتي مجدداً لكيما يتم الاعتراف دولياً بحق دولة إسرائيل في الوجود وفي الاستمتاع بالسلام والأمن في حدود معترف بها دولياً. ولا بد من الاعتراف أيضاً بحق الشعب الفلسطيني في وطن سيد ومستقل، وفي العيش بكرامة والتنقل بحرية. إضافة إلى ذلك، أود أن أطلب دعم الجميع في سبيل حماية هوية القدس وطابعها المقدس، وإرثها الثقافي والديني ذات الأهمية العالمية. هكذا فقط، تكون هذه المدينة الفريدة من نوعها، المقدسة والمضطربة، رمزاً للسلام الذي يريده الله للأسرة البشرية جمعاء. وبمحبة الحوار والسلام اللذين يحفظان الخليقة، أحث حكام العراق ومواطنيه على تخطي الانقسامات وأعمال العنف والتعصب ليبنوا معاً مستقبل بلادهم. تريد الجماعات المسيحية هي أيضاً تقديم إسهامها لكنها بحاجة إلى الاحترام والأمن والحرية لتحقيق مبتغاها. خلال الأشهر الأخيرة، شهدت دولة الباكستان أعمال عنف استهدفت بعض فصولها الأقلية المسيحية على نحو مباشر. هنا أسأل أن تبذل كافة الجهود اللازمة لئلا تتجدد اعتداءات مماثلة وليتمكن المسيحيون من الشعور بالاندماج التام في حياة بلادهم. بالحديث عن أعمال العنف المرتكبة بحق المسيحيين، لا يسعني إلا أن أذكر الاعتداء المؤسف الذي وقعت ضحيته الجماعة القبطية المصرية خلال الأيام الأخيرة لدى احتفالها بعيد الميلاد. وبشأن إيران، أرجو أن يتم إيجاد حلول مشتركة على الصعيدين الوطني والدولي من خلال الحوار والتعاون. أما في لبنان الذي تخطى أزمة سياسية طويلة، فأتمنى أن يواصل السير على درب الوفاق. وأتمنى أن تسير هندوراس نحو وضع سياسي واجتماعي سوي بعد مرورها بظروف من القلق. كما أرجو ذلك أيضاً لغينيا ومدغشقر بمساعدة فعالة ومترفعة من الأسرة الدولية.

سعادة السفراء، في ختام جولة الأفق هذه التي لا تستطيع ذكر كافة الأوضاع الجديرة بالذكر بسبب إيجازها، تتردد في ذهني كلمات الرسول بولس الذي يقول أن "الخليقة كلها تئن" و"نحن أنفسنا نئن في قرارة نفوسنا" (رو 8: 22، 23). حقاً أن البشرية تعاني من آلام كثيرة وأن الأنانية البشرية تجرح الخليقة بشتى الأشكال. لذلك، فإن انتظار الخلاص الذي يشمل كل الخلق هو أكثر أهمية، كما أنه حاضر في قلب جميع المؤمنين وغير المؤمنين. تشير الكنيسة إلى أن الإجابة عن هذا التطلع هي المسيح "البكر على كل ما قد خلق، إذ به خُلقت جميع الأشياء: ما في السماوات وما على الأرض" (كول 1: 15، 16). إني إذ أوجه نظري إليه، أحث كل أصحاب النوايا الطيبة على العمل بثقة وسخاء من أجل كرامة الإنسان وحريته. فليساعدنا نور يسوع وقوته على احترام البيئة البشرية مدركين بأن البيئة البيئوية ستستفيد من ذلك أيضاً لأن كتاب الطبيعة فريد وغير قابل للتجزئة! هكذا نتمكن من تعزيز السلام للأجيال الحالية والمستقبلية. أتمنى عاماً سعيداً للجميع!

* * *

نقله من الإيطالية إلى العربية روبير شعيب وغرة معيط– وكالة زينيت العالمية (Zenit.org)

حقوق الطبع محفوظة لمكتبة النشر الفاتيكانية – 2010.