عظة الأحد الرابع من طوبة

 

 

ما رأيك فيه؟ عجبا كيف لا تعرفون!   

بقلم الأب / بولس جرس

 إعداد ناجى كامل – مراسل الموقع من القاهرة

+ البولس : من الرسالة إلى رومية 11/13- 25

 – ما كان يطلبه بنو إسرائيل ولم ينالوه، ناله الذين اختارهم الله، أما الباقون فقست قلوبهم "أعطاهم عقلا خاملا وعيونا لا تبصر وأذانا لا تسمع "  ( تث 29/3- اشعيا 6/10- 29 / 10).

 – إذا كان في ذلة اليهود ومعصيتهم قد صار الخلاص للعالم، وفى نقصانهم غنى لجميع الشعوب فكم يكون الغنى في اكتمالهم.

 – أما هم فإذا توقفوا عن عدم إيمانهم يطعمهم الله، لان الله قادر أن يطعمهم من جديد في الزيتونة الأصلية.

 يناقش بولس الذي أعجبه لقب "رسول الأمم" أي مرسل الكنيسة إلى الضالين وغير العارفين من الشعوب الوثنيين، لدرجه أنت تبنى اللقب وأطلقه على نفسه في هذه الرسالة مفتخرا أن الله أعده أهلا وأداة يصل من خلالها إلى جميع الشعوب الغير يهودية وقد تابعنا مراحل الصراع بين اليهود المتنصرين وغيرهم من المتنصرين وقد انتهى في مجمع أورشليم بانتصار غير اليهود وعدم تطبيق الشريعة اليهودية عليهم.. لكن بولس يريد أن يوضح للمتنصرين أن النصر نعمة وان المسيحية نعمة وان اختيارهم نعمة.

"فإذا كان الاختيار بالنعمة، فهو ليس بالأعمال إذن، وإلا لما بقيت النعمة نعمة "

( رو 11/6) وان العمى الذي أصاب اليهود (إنجيل الأعمى منذ مولده ) صار خلاصا لغيرهم فماذا يكون عن إبصارهم. وإنجيل اليوم يتناول نفس الموضوع : فالأعمى منذ مولده يمثل الشعوب الوثنية وقد قابل المسيح وأبصر فآمن وسجد…

أما اليهود رفضوا الإيمان وأنكروا كل الآيات بل واستفزتهم المعجزات والعلامات وأصموا أذانهم عن السماع وبالغوا في اضطهادهم للمبصر بأن طردوه.

 

+ الكاثوليكون : من رسالة يوحنا الأولى 5/13- 18

 – من يؤمن بأن يسوع هو المسيح فهو مولود من الله

 – من أحب الوالد أحب المولود منه

 – من الذي يغلب العالم إلا من يؤمن بأن يسوع هو إبن الله "إيماننا انتصارنا"

 – من يكون له الابن فله حياة أبدية ومن ليس له الابن فلا حياة له

 – الحياة الأبدية هي لكم انتم الذين يؤمنون باسم ابن الله

 – هناك خطيئة تؤدى إلى الموت وهناك من الخطايا ما لا يؤدى إلى الموت.

 – المولود من الله لا يخطأ ويصون الله فلا يمسه الشرير

 يتناول القديس يوحنا في رسالته هذه نفس موضوع الولادة الجديدة أي الولادة في الله عبر يسوع المسيح الذي قبله المؤمنون وآمنوا به وعن طريقه وصلوا إلى البنوة الإلهية وبذلك انتصروا (مثل المولود أعمى) وصارت لهم حياة أبدية ؟

 ويتكلم عن الخطيئة المميتة وهى رفض الإيمان بابن الله كما فعل الفريسيون مع يسوع وهذه الخطيئة تعتبر تجديفا على الروح القدس الذي يعمل في الرب يسوع ولا مغفرة لها. أما أبناء الله الذين يؤمنون به حتى إذا كانوا ولدوا في الخطيئة، فأن الله قادر على أن يطهرهم ويجعلهم أبناء النور.

 

+ الابركسيس : من سفر أعمال الرسل 11/2-14

 – وسمع الرسل والإخوة في اليهودية أن غير اليهود أيضا قبلوا كلام الله

 – قصة رؤية القديس بطرس في يافا" ما طهره الله لا ينجسه إنسان"

 – إذا كان الله قد وهب هؤلاء ما وهبنا نحن عندما آمنا بالرب يسوع، فمن أكون أنا لأقاوم الله.

 – فلما سمع الحاضرون هدءوا ومجدوا الله قائلين انعم الله إذن على غير اليهود وأيضا بالتوبة سبيلا إلى الحياة

يتناول هذا الفصل من أعمال الرسل نفس موضوع "المولود أعمى" أي الأمم الذين أبصروا النور عبر يسوع المسيح ويوضح أن هذه هي أرادة الله وتحقيقه وعمله عبر الرسل والكنيسة وتوضح رؤيا بطرس هذه الفلسفة وهذا التوجه الجديد أن العميان يبصرون ويعتمدون معترفين بالرب يسوع ربا وإلها وإن الروح القدس نفسه حل عليهم وان الله وهبهم ما وهب اليهود أنفسهم متى أطاعوه.

 

+ المزمور: 39

 – يارب إلى السماء رحمتك وإلى الغيوم أمانتك

 – أنت تخلص البشر و البهائم ما أكرم رحمتك يا الله

 – في ظل جناحيك يحتمي البشر أجمعون ومن دسم بيتك يشبعون ومن شهد نعيمك، تسقيهم ينبوع الحياة عندك وبنورك نعاين النور

 يمجد داود النبي بالروح الله مخلص جميع الكائنات بشرا وحيوانات لأنه كريم والجميع يحيون من فرط كرمه وجوده ويحتمون به وهو يعطيهم طعامهم ودسما يشبعهم ويرويهم من نهر نعمته، لديه ينبوع الحياة وهو النور الذي من خلاله نرى النور. وكأن داود قد سبق ورأى الأعمى منذ مولده ورأى الشعوب الوثنية وهى تلوذ بالرب يسوع وتصرخ نحوه "يا يسوع بن داود ارحمني" وقد ألتفت الرب إليها وأعاد خلقتها وجددها فعادت مبصرة وهى التي ولدت في الظلام.

ما أعظم قلبك أيها النبي داود حقا انك ترى بقلب الله.

 

+ الإنجيل من يوحنا 9/1- 28

 – هل هذا أخطا أم أبويه ؟ بل لتظهر فيه أعمال الله. .. أنا نور العالم

 – بصق في التراب وجبل من ريقه طينا

 – ليس هذا الرجل من الله. ..نحن نعلم أن هذا الرجل خاطئ

 – استدعوا والديه وسألوهما.. و دعوا الرجل الذي كان أعمى فأبصر

 – قلت ما سمعتم فماذا تريدون أن تسمعوا ثانية

 – عجبا كيف لا تعرفونه؟

 – أتؤمن أنت بابن الإنسان ؟فقال أؤمن يا سيدي وسجد له.

 ( نقرا هذا الإنجيل في زمن الصوم تحديدا في أحد التناصير ولكن اليوم نقرأه

 في نور الميلاد لذا نتأمله من منظور آخر.)

 "الشعب الجالس في الظلمة أبصر نورا عظيما "نورا تجلى للأمم ومجدا لشعبك إسرائيل (لوقا 1/2 و32) نشيد سمعان في الهيكل.

انتظر الشعب اليهودي ومازال إلى اليوم ينتظر حلول المسيح المخلص وقد جاء المخلص وقد عميت عيونهم عن رؤيته وصمت أذانهم عن سماعه ورفضوه واضطهدوه وقتلوه معلقين إياه على خشبة " أعمى عيونهم " وهذا أمر محزن للغاية فهم الزيتونة الأصلية هم كرم الرب الذي يحبه ويريد له أن يخلص و لكنهم رفضوه.

 الله يعيد الخلق من جديد "يجبل طينا من ريقه" يمزج ذاته بذاتنا يتجسد ويأخذ صورة الإنسان ويعطى الإنسان من صورته وريقه.. جبله من تراب والآن يجدد الخليقة..

 يبصر الأعمى ليفتح الطريق لجميع العميان والذين يتخبطون في ظلام العالم. ..تعالوا أيها الأمم فالله لا يميز في نعمته شعبا عن شعب "بل كل امة تصنع البر مقبولة لديه" مقدم هذه الحقيقة الفريسيين الذين يبصرون ولا يبصرون و يسمعون ولا يسمعون ويبحثون لا عن الحقيقة الساطعة بل عن توافه الشرائع.فشريعة السبت خلقها الله لراحة الإنسان ولتمجيد الله. فهل ضد راحة الإنسان وتمجيد الله أن يبصر الأعمى ويطلق المشلول ساقيه للريح ويمد الاشل ذراعه سليم، حقا أنهم لا يبصرون لأنهم وصلوا إلى نتيجة عكسية "ليس هذا الرجل من الله"، اخطأوا التفسير والتحليل ووصلوا إلى نتيجة عكسية ووقع خلاف أفلا يتعظون؟!على العكس يريدون في إصرار عجيب إثبات نظريتهم الخاطئة فيستدعون الرجل فيقول "انه نبي" ويستدعون والديه فيقولان "لا نعلم" أما هم فيصرون على خطأهم "نحن نعلم انه رجل خاطئ"

 من منكم يبكتني على خطيئة واحدة؟ لقد شاركتكم في كل شئ في الجوع والعطش والبرد والآلام والحزن والدمع لكن ليس الخطية فبأي ذنب تتهمونني ؟ آلانى أقول إنني ابن الله ونور العالم لست اشهد لنفسي بل أعمالي تشهد لي…

 أمام هذا النور الذي أشرق في حياة المولود أعمى وحياة الشعوب ذات الأصول الوثنية من الذين قبلوا يسوع يبدو الأمر بديهيا ومنطقيا وواضحا وضوح الشمس" عجبا كيف لا تعرفون؟" يتعجب العميان من عمى المبصرين ويستغرب المستجدين من جهل الأقدمين وتتساءل الأغصان البرية المطعم في الزيتونة الأصلية عن سبب منطقي واحد يجعل الأغصان الأصلية تتمرد على الأم"رفضوني أنا الحبيب" وكنت لهم كاب يحمل ابنه على ذراعيه ويرفعه"(هوشع 10)إنهم يرفضون التعليم "أتعلمنا وأنت كلك مولود في الخطيئة ؟

رفض كامل وعمى مطلق وصم مستحكم.

 يرفضون يسوع و يرفضون من يقبله، يرفضون النور وينكرون من يبصره طردوا المبصر من بينهم وصاروا قادة عميان "أعمى يقود أعمى يقعان كلاهما في حفرة "يسوع يبحث عن المبصر حتى يجده ليؤكد له انه أن تركه الجميع فهو لن يتركه، وان تخلى عنه أبواه خوفا فهو متمسك به، وان أن آمن فسيعاين لا نور العالم فقط بل نور المجد الأبدي. ويستوثق أن إيمانه قد تجاوز مرحلة الطفولة الروحية، أن يسوع نبي ورسول "انه نبي " فيسأله أن يدخل إلى العمق، هل تؤمن أنت بابن الله ؟هذا السؤال الذي كان الرسل يطرحونه على كل من يدخل إلى الإيمان المسيحي.

وحيث أنهم لم يكونوا قد عرفوا يسوع بعد فسؤال الأعمى :" من هو يا سيدي فأؤمن به" سؤال منطقي يتوجب من الرسل تقديم يسوع كابن الله مخلص العالم ونوره، كما سبق هو فقدم نفسه للأعمى "أنت قد رايته وهو الذي يكلمك" بآياته بنوره بشخصه بحضوره بعذوبة حبه ببحثه عنك وعنايته بك يكلمك فهل تؤمن ؟ما رأيك أنت؟ ما موقفك اليوم أمامه ؟ هل تبصر فتسجد ؟ أم تستعمى فتنكر الأمر عائد إليك! لكن الأكيد أن النور قد أشرق في الظلمة وانه حاضر في العالم حي فيكم.