عظة الاحد الاول من امشير

 

 

                                                            اخلاقيات العهد الجديد                                                                             

بقلم  الاب / بولس جرس

راعى كاتدرائية العذراء سيدة مصر بمدينة نصر –القاهرة

 

+ البولس : من الرسالة الاولى  إلى كورنثوس 5/11 إلى 6/10

  – لا تخالطوا : زانيا – مغتصبا – عابد اوثان – شتاما – سكيرا- خاطفا …

  – ارفعوا الشرير من بينكم

  – الاثمة لا يرثون ملكوت السموات

  – الفاسقون – الزناة – عابدى الاوثان – المفسدون – مضاجعوا الذكور- السارقون- الظالمون – الشتامون – الخطفة …

       تتطلب حقائق الايمان التى نؤمن بها سلوكا حياتيا يجب ان نتبعه فليس من الممكن أن اكون مؤمنا بالسلام وانا استخدم السيف اسلوبا للحوار ، وليس ممكنا ان اكون مناديا بالمحبة وانا اكره جميع الناس واحتقرهم ، وليس من المنطقى ان انادى بالعدالة و المساواة وانا اول من يعتبر نفسه فوق الجميع .

      لهذا يحث القديس بولس مؤمنى كورنثوس على التحلى بسلوكيات العهد الجديد ليس ذلك فقط بل ابلابتعاد عن مخالطة هذه الفئة من البشر التى يمكن ان تجذبنا إلى الشر الذى يسلكونه ، فالصداقة والعشرة السيئة تفسد الاخلاق الحميدة. قللى عن اصدقائك اقول لك من انت !

     اغلب مشاكل الاسرة مع الابناء وكل انواع الانحراف والإجرام والادمان يتم تعلمها خارج نطاق الاسرة فى "الشلة" او جماعة الرفاق والاصدقاء .

لذا ينصح بولس بالابتعاد عن كل نوعية من البشر يمكن ان تجذبنا إلى الخطايا التى يعددها بولس مرتين : فسق ، زنا، مضاجعة ذكور، اغتصاب، اختطاف …(ضد اعمال الطهارة) مفسدون ، سكيرون ، عابدى اوثان ، ظالمون ، سارقون، شتامون  (اعمال ضد الضمير)   

مراعاة تحصين النساء والبعد باولادنا واسرتنا عن مثل هذه المعاشرات الرديئة.

 

+ الكاثوليكون : من رسالة بطرس الثانية 3/ 14- 18

   – إسعوا ان توجدوا بلا عيب ولادنس

   – كما كتب اخونا الحبيب بولس متكلما عن هذه الامور ، فتحفظوا لئلا تضلوا بضلال الجهال .

   – فانموا فى النعمة وفى معرفة ربنا يسوع المسيح.

       يؤكد القديس بطرس فى رسالته على مصداقية كلام بولس اخيه الحبيب ، كما يؤكد على اهمية السلوك المسيحى كما وصفه القديس بولس فى رسائله .

وهو يشير إلى اهمية الابتعاد عن مرافقة الضالين والمفسدين والجاهلين بالإيمان والتحفظ فى التعامل معهم لئلا يضللونا بجهلهم وفسادهم.

اخيرا يؤيد عملية النمو المستمر فى النعمة بمعرفة المزيد عن يسوع والالتصاق به فلا تكفى المعرفة بل يجب النمو فى الايمان والفضيلة.

 

+ الابركسيس : من سفراعمال الرسل 9/1-9 " اهتداء شاول "

  إذا كان شاول ممتلئا غضبا وقتلا

  – اضاء عليه بغتة نور سماوى فسقط

  – وسمع صوتا :شاول لماذا تضطهدنى

  – قم وانطلق إلى المدينة وهناك يقال لك ما ينبغى ان تفعل

      يتحدث سفر الاعمال عن لحظة مهمة فى تاريخ العهد الجديد وهى اهتداء شاول الممتلئ غضبا وقتلا إلى إلايمان المسيحى وبالتالى التخلى عن الغضب والحنق والقتل والاضطهاد والتحول إلى اخلاقيات العهد الجديد ،اخلاقيات بولس الرسول احشاء رأفة ومحبة و حنان ورفق وتواضع وصبر .. ياله من تحول لا يستطيع احدا ان يتممه إلا عبر معرفة يسوع المسيح معرفة حقيقية .لهذا ظهر له الرب يسوع ودعاه بإسمه وفرزه ليكون إناء مختارا يحمل إسمه إلى الامم وبعد أن اسقطه عن صهوة جواد الحنق والغضب و الاضطهاد و التنكيل والقتل والرجم والسجن، جعله يقوم وينطلق حاملا بشارة الانجيل إلى الامم بكل حب وسلام وإحتمال الآلام.ٍ

 

+ المزمور 60

  – الاعتراف والبهاء قدامه

  – الطهر والجلال العظيم فى مقدسه

  – الرب عظيم زممجد ومرهوب فوق جميع الآلهة.

      يؤيد المزمور الفكرة السائدة فى القراءات الثلاث السابقة وهى تغيير السلوك والحياة امام الرب فالتعامل مع الله والرب يسوع لا يتم كما يتعامل الوثنيون مع آلهتهم بل يتم اولا بالاعتراف بالخطايا والتوبة عنها والتطهر للدخول الى مقدس الرب بكل إجلال واحترام، سلوكيات جديدة لابناء عهد جديد.

 

+ الانجيل من يوحنا 6/22-27

      هذا المقطع من الانجيل يلى معجزة تكسير الخبز مباشرة، لقد اشبع المسيح الجموع بالخبر فاعاد إلى اذهاننا معجزات زمن الخلاص ، زمن الرفقة مع الله فى البرية زمن موسى العظيم الذى يظل فى اذهان ابناءه المشرع والمحرر والقائد والنبى والآب الذى يرعى ويداوى.

فهل يعيدنا هذا النبى العظيم الذى ظهر بيننا إلى الزمن الجميل الذى سمعنا عنه و لم نره، ولكننا نحلم بعودته وننتظر بفارغ الصبران نحيا تلك الخبرة مع الله …حيث كان يغذينا بالمن السماوى والسلوى والسمان وكان يروينا بالماء العذب ويفجره بعصا موسى من الصخور العاتية، وكان يظلل علينا من لفح شمس النهار وينير لنا الطريق بعامود الغمام باليل واهم من ذلك كله كان يسكن بيننا ويحل فى المحلة وينزل بمجده وسطنا حيث نقيم ويسير امامنا حين نرتحل …فهل يعودالزمان الجميل؟

 

      لقد سمعنا عن النبى الجديد ،وتكلم الجميع عن مولده وشهادة يوحنا له وتناقلت الالسنه بمعجزاته العظيمة وعجائبه التى لا تحصى ولا تعد ،ويتذكر العديد منهم عظاته الرهيبة التى غيرت كثيرا من المفاهيم القديمة "قيل لكم اما انا فاقول لكم" ولقد برهن على انه بنى عظيم . بالامس حين تحنن على الجموع وقدم لهم الخبز فى البرية فاكلوا من الخبز والسمك حتى شبعوا ورأوا ما تم جمعه من الكسر اثنتى عشر قفة حسب اسباط شعب إسرائيل كل هذا من خمس خبزات وسمكتين ،هلم نتبع هذا النبى العظيم ،تعالوا نقيمه ملكا وقائدا هلم نبحث عنه اينما مضى…

 

      لكن هذا الرجل مختلف ، أنه لا يريد ملكا ولا يطلب مجدا لقد توارى عنهم وذهب إلى حيث لا يرونه، لقد رأوا التلاميذ ينصرفون فى قواربهم فبقى معهم حتى صرفهم،انه القائد الحنون الذى يشفق على التلاميذ وقد ارهقتهم الخدمة ويشفق على الجموع وقد ارهقهم الجوع فيصرف اولئك ليرتاحوا ويطعم هؤلاء ويصرفهم فرحين ،حقا ما اروعه من قائد هلم نبحث عنه اين نجده؟!

      لا يعلمون بالطبع كيف امضى الرب ليله فى الصلاة ولايعرفون كيف عبر البحر سيرا على المياه ولم يكونوا مع التلاميذ فى القارب حين شاهدوه ماشيا على المياه فصرخوا من الرعب ولم يختبروا مع بطرس السير على المياه… فاتهم كل هذا ويبحثون عمن يوصلهم الى البر ويحتملون حر النهاروبرد الليل والجوع و العطش والترحال فى سبيل البقاء معه.

* فلما رات الجموع ان يسوع ليس هناك ركبوا السفن يطلبون يسوع ، الناس فى حاجة اليه يطلبونه ويعرفون فيه حب الله وحنانه.

* يا معلم متى صرت إلى هنا؟

بلهفة المشتاق و عطش المحروم يلقون بانفسهم عليه فرحين ،اخيرا وجدناك يارب!

لماذا اختفيت ،لماذا ابتعدت ، اين ذهبت ،لا لا تتركنا.

* الحق الحق اقول لكم انكم لم تتطلبونى لانكم نظرتم الايات بل لانكم اكلتم المن فى البرية وشبعتم .

      انت فعلا مختلف ،وكانك ترفض هذا النوع من الجموع ،تمانا كما فعلت مع المرأة المهلله"طوبى للبطن الذى حملكوللثدين الذين رضعتهما" ترفض هذا النوع من التبعية الفظية التى لا تدخل إلى عمق المعنى بل تظل محلقة حول الاطراف ،بل انك تعرف ما يدور فى النفوس وما تشعر به القلوب،انت فاحص القلوب والكلى تقرأ الافكار تكشف العقول والقلوب … انك تعرف كل شئ ولا تقول إلا الحق ،الحق كل الحق يا سيدى …نعم نحن نتبعك لاننا اكلنا و لانعرف الشبع إلا معك نعم نحن نبحث عنك لتحل مشاكلنا وتداوى جراحنا وتشفى امراضنا ،نحن نطلبك لسداد احتياجاتنا وإكمال ما ينقص عندنا …نحن لا نختلف كثيرا عن تلك الجموع الزاحفة صدمتك كلمتك سيدى.

* إعملوا لا للطعام الفانى:

     نحن نعترف ان الطعام الفانى يشغل فكرنا واننا نقضى نصف عمرنا نبحث عن طعامنا والنصف الآخر سعيا لهضمه ونشغل وقتنا بالبحث عن التوفير والادخار ولامتلاك المزيد منه، نعم نحن لا نفكر كثيرا فى غير ما يشبع جوعنا المادى والمعنوى والنفسى ولانفكر كثيرا فى جوعنا الروحى … نعم كثيرا ما نجد انفسنا جوعى ونحن متخمين طعاما ،عطشى ونحن مشبعون شرابا ، فارغى اليد ونحن نمتلك مالا يحصى، خاوى القلوب والعالم ملتف حولنا ..نعم اننا قد تعاملنا ونتعامل فقط مع الطعام الفانى….

* بل للطعام الباقى للحياة الابدية:

    سيدى اعطنا من هذا الخبز دائما ،هذا حلمنا،هذا سعينا، بحثنا عنه دوما ولم نجده؟

هذا الطعام لا يستطيع العالم ان يمنحه لكم ،انا وحدى لا سواى املك ان اهبه لكم واعطيه لمن اشاء، لكن هذا يستوجب تغيير حياه ، تغيير اسلوب ، تغيير سلوك، يغير كيان.

هذا يتطلب أن تؤمنوا وإلايمان يعنى اليقين بما لايرى والرجاء بنا لا يشاهد، فهل تؤمن؟

هل تؤمنون؟ انى انا هو الرب انى خبز الحياة ،انى الماء الحى ،انى الطريق والحق والحياة…؟

    إذا كنتم آمنتم   فغيروا مقايسكم

                       غيروا اسلوبكم

                       غيروا سلوكياتكم

                       غيروا اصدقائكم

                       غيروا حياتكم

                                     وتعالوا اتبعونى.

 

إعداد ناجى كامل – مراسل الموقع من القاهرة