علاقة المسيحيين بالمسلمين واليهود في الشرق الأوسط

 

بحسب الخطوط العريضة لجمعية سينودس الأساقفة من أجل الشرق الأوسط

بقلم روبير شعيب

الفاتيكان، 21 يناير 2010 (Zenit.org).

تستعرض الخطوط العريضة التي قُدمت نهار الثلاثاء في الفاتيكان العلاقات المختلفة التي يعيشها المسيحيون في الشرق، إن مع اليهود أو مع المسلمين أو مع الدول والمجتمع بشكل عام.

العلاقة مع اليهود

بالحديث عن العلاقات مع اليهود، يوضح النص أنه بسبب حالة الصراع العربية الإسرائيلية، تعيش الكنيسة علاقة محدودة مع إسرائيل.

وتبنت الوثيقة تقييم مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك في حديثه عن العلاقة مع  في رسالته العاشرة العام الماضي حيث يشير إلى علاقة تقوم على 3 مستويات:

– المستوى الإنساني، كل شخص بشرى هو خليقة الله.  فعلى مستوى هذا اللقاء، يرى كل واحد منا وجه الله في الآخر، فيعترف بكرامته ويحترمه، أياً كانت ديانته أو قوميته.

– المستوى الديني، فالديانات مدعوة إلى الالتقاء والحوار، وإلى أن تكون عاملا للتقارب بين الناس، لاسيما في أزمنة الحرب والأزمات.

– المستوى السياسي: هذه العلاقة مازالت مدموغة بحالة عداوة بين  الفلسطينيين والعالم العربي من جانب، وبين الإسرائيليين من الجانب الآخر (تزيدها المفاهيم الدينية خطورة). وسبب هذه العداوة هو احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وبعض الأراضي اللبنانية والسورية.

وأوضحت الخطوط العريضة أن "علينا كمسيحيين أن ندعم كل وسيلة سِلميّة يمكن أن تقود إلى سلام عادل"، مستشهدة بكلمة يوحنا بولس الثاني: "لا سلام بدون عدالة، ولا عدالة بدون صفح".

العلاقة مع المسلمين

بالحديث عن العلاقة مع المسلمين، تشدد الوثيقة أولاً على مبدأ "المواطنية": "فمن جهة، بصفتنا مواطنين في بلد واحد ووطن واحد، نشترك في نفس اللغة ونفس الثقافة، كما في نفس أفراح وأحزان بلادنا". ولا تتناسى الوثيقة دور الشهادة المسيحية: فالمسيحيون هم فى مجتماعتهم ومن أجل مجتماعتهم، شهود للمسيح والإنجيل، وهذا الأمر يلاقي عائقًا كبيرًا، لأن "المسلمين يخلطون غالبا بين الدين والسياسة، مما يضع المسيحيين في موقف حساس وكأنهم ليسوا بمواطنين".

وذكرت الوثيقة بموقف المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الإيجابي من المسلين حيث يصرح مرسوم العلاقات مع الأديان: "تنظر الكنيسة بتقدير إلى المسلمين، الذين يعبدون الله الأحد، الحي القيوم ، الرحمن والكلّي القدرة ، خالق السماء والأرض،والذي تكلم إلى البشر".

إنطلاقًا من هذه المعطيات، تحث الوثيقة على العمل بروح المحبة والإخلاص، من أجل تثبيت المساواة الكاملة بين المواطنين على كافة المستويات: السياسية، والاقتصادية،  والاجتماعية، والثقافية، والدينية.

ولا تغفل الوثيقة الحديث عن "تصاعد الأصولية في بلاد  كثيرة" دون أن تهمل "استعداد عدد كبير من المسلمين لمقاومة هذا التطرف الديني المتنامي".

في هذه الأوضاع الصعبة تلعب المدارس الكاثوليكية دورًا هامًا في تهديم حواجز الجهل والأحكام المسبقة. في هذا الإطار تحض الوثيقة على السعي إلى التعارف المتبادل الذي هو أساس كل حوار. وإلى تقديم الإنجيل ببساطة اللغات المحلية.

مساهمة المسيحيين في المجتمع

تتحدث الوثيقة عن تحديين يواجهان أبناء الشرق الأوسط هما تحدي السلام، في خضم الصراعات والتدخلات العسكرية. وبالحديث عن السلام، تحث الوثيقة على تخطي الربط السائد عند غير المسيحيين في الشرق بين المسيحية والغرب. فحكومات الغرب في أيامنا هذه ليست مسيحية، بل علمانية وبعيدة كل البعد عن استلهام المبادئ المسيحية في سياساتها. ولذا لا يجب اعتبار القرارات السياسية الغربية كقرارات محسوبة على الإيمان المسيحي.

التحدي الثاني هو الحداثة، التي هي "واقع ملتبس". فالحداثة هي وجه الحرية وحقوق الإنسان، ولكنها أيضًا – في نظر المسلم المؤمن – وجه الإلحاد والفساد الأخلاقي. يعيش المسلم الحداثة "كغزو ثقافي يهدّده، ويخرّب نظام القِيَم الخاص به". ودور المسيحيين في هذا المجال، هو العمل من خلال المدارس ووسائل الإعلام على "تكوين أشخاص قادرين على التمييز بين الإيجابى والسلبي، للتمسّك فقط بالأفضل".

فالحداثة هي أيضاً "مخاطرة بالنسبة للمسيحيين" لأن "مجتمعاتنا هي أيضاً مهدَّدة بتغييب الله، وبالالحاد والمادية، وأكثر من ذلك بالنِسبية واللامبالاة". ولذا يجب على المسيحيين أن يذكروا "بمكان الله في الحياة المدنية كما فى الحياة الشخصية"، وأن يصيروا أكثر فأكثر رجال صلاة. مختصر القول: إن دور المسيحيين في الشرق يتحقق عبر عيش المواطنية والهوية المسيحية على حد سواء.