كلمة البابا قبيل تلاوة صلاة التبشير الملائكي

 دعوة للكهنة للالتزام بدعوتهم

حاضرة الفاتيكان، الاثنين 8 فبراير 2010 (ZENIT.org).

ننشر في ما يلي الكلمة التي ألقاها البابا بندكتس السادس عشر قبيل تلاوة صلاة التبشر الملائكي يوم الأحد في ساحة القديس بطرس الفاتيكانية.

 

* * *

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،

ليتورجية هذا الأحد الخامس من الزمن العادي تقدم لنا موضوع الدعوة الإلهية. في رؤيا ملوكية، يجد إشعيا نفسه بحضرة الله مثلث القداسة، تأخذه الرهبة والشعور العميق بعدم استحقاقه. ولكن أحد الساروفيم يطهر شفتيه بجمرة متقدة ويمحو خطيئته، فيجد نفسه مستعداً ليلبي الدعوة فيقول: "هاأنذا يا رب، ارسلني!" (راجع إشعيا 6، 1-2 ؛ 3-8). الخبرة ذاتها نجدها في رواية الصيد العجائبي الذي يتحدث عنه المقطع الإنجيلي.

على رغم من فشلهم في الصيد، لبى سمعان بطرس والآخرون دعوة يسوع ليرموا الشباك. وثقوا بكلمته واصطادوا سمكاً كثيراً. أمام هذه المعجزة، لا يرتمي سمعان بطرس على عنق يسوع ليعبر عن فرحه بالصيد غير المتوقع، بل على العكس، يرتمي عند أقدامه قائلاً: "يا رب، ابتعد عني، فأنا رجل خاطىء". عندها يطمئن يسوع بطرس ويقول: "لا تخف، فمن الآن وصاعداً ستكون صياد بشر" (راجع لو 5، 10)، فترك كل شيء وتبعه.

وبولس أيضاً، متذكراً بأنه كان مضطهِداً للكنيسة، يعترف بأنه غير أهل لأن يدعى رسولاً، وفي الوقت عينه يعترف بأن نعمة الله صنعت فيه العجائب، وعلى الرغم من محدوديته، فقد اعطت له واجب وشرف التبشير بالإنجيل (راجع 1كو 15: 8-10). في هذه الخبرات الثلاث، نرى كيف أن اللقاء مع الله يحمل الإنسان على اكتشاف ضعفه، ومحدوديته وخطيئته. ولكن، على الرغم من هذا الضعف، يحوّل الرب، غزير الرحمة، حياة الإنسان ويدعوه لاتباعه.

التواضع الذي شهد له إشعيا، بطرس وبولس، هو بمثابة نداء للذين لبوا الدعوة الإلهية لكيما لا يركزوا اهتمامهم على محدوديتهم، بل إنهم مدعوون ليوجهوا نظرهم نحو الرب ورحمته العظيمة، ليتوبوا ويتابعوا معه بفرح ويتركوا كل شيء لأجله. فهو لا ينظر الى ما هو مهم في نظر الإنسان: "الإنسان يرى الظاهر، أما الرب فينظر الى القلب" (1 صم 19: 7)، ويجعل من الفقراء والضعفاء – المؤمنين به – رسلاً مقدامين ومبشرين بالخلاص.

في هذه السنة الكهنوتية، نصلي لرب الحصاد ليرسل فعلة لحصاده، ولكيما يعرف الذين يلبون نداء الرب أن لا يتكلوا على مقدراتهم الخاصة، بل أن ينفتحوا على عمل نعمة الرب. أدعو بنوع خاص جميع الكهنة الى إحياء استعدادهم السخي ليجيبوا كل يوم على دعوة الرب بنفس التواضع والإيمان الذين تحلى بهما إشعيا وبطرس وبولس.

إلى العذراء القديسة نوكل كل الدعوات، وبخاصة الدعوة الى الحياة الرهبانية والكهنوتية. فلتضرم مريم في قلب كل واحد الرغبة في قول "نعم" للرب، بفرح وعطاء ذات كلي.

نقله الى العربية طوني عساف – وكالة زينيت العالمية (zenit.org)