إعجوبة عرس قانا الجليل وأعجوبة لورد

بقلم نيران إسكندر

 

 في في 11/2/2010 إحتفلت الكنيسة الكاثوليكية بذكرى ظهور السيدة مريم العذراء للقديسة برناديت سوبيروس في قرية لوردز بفرنسا. وتُكرِّس الكنيسة هذا اليوم للصلاة من أجل المرضى وذلك لأن العذراء مريم طلبت من القديسة أن تغتسل وتشرب من ماءاً من موقع أشارت لها عليه، فما كان من القديسة إلا أن حفرت بأيديها في ذلك المكان وتدفّق من تلك الحفرة ماءاً أُستخدم لشفاء المرضى بصورة عجائبية لمجد الله. كما أن العذراء مريم طلبت من القديسة برناديت أن تطلب من كاهن الرعية أن يبني كنيسة في هذا الموقع، وتخبره بأن السيدة التي ظهرت لها تُدعى "المحبول بها بلا دنس أصلي" (ويا للعجب فلقد تم بناء ثلاث كنائس الواحدة فوق الأخرى كبناء واحد ضخم يقوم على الخدمة الروحية لزوار من مختلف قارات العالم الستة).  وفي القداس الإلهي بهذا اليوم تُقرأ القراءات التالية:

 

القراءة الأولى من سفر أشعياء 66: 10-14

 

 10 تَهَلَّلُوا مَعَ أُورُشَلِيمَ وَافْرَحُوا لَهَا يَا كُلَّ مُحِبِّيهَا، ابْتَهِجُوا مَعَهَا بِفَرَحٍ يَا جَمِيعَ النَّائِحِينَ عَلَيْهَا. 11 لِكَيْ تَرْضَعُوا وَتَشْبَعُوا مِنْ ثَدْيِ تَعْزِيَاتِهَا، وَلِكَيْ تَحْلِبُوا بِوَفْرَةٍ وَتَتَلَذَّذُوا مِنْ دِرَّةِ مَجْدِهَا. 12 لأَنَّهُ هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: هَا أَنَا أُسْبِغُ عَلَيْهَا الْخَيْرَ كَنَهْرٍ، وَأُجْرِي إِلَيْهَا ثَرْوَةَ الأُمَمِ كَسَيْلٍ مُتَدَفِّقٍ، فَتَرْضَعُونَ، وَتُحْمَلُونَ فِي الْحِضْنِ، وَعَلَى رُكْبَتَيْهَا تُدَلَّلُونَ. 13 وَأُعَزِّيكُمْ كَمَنْ تُعَزِّيه أُمُّهُ، وَفِي أُورُشَلِيمَ تُعَزَّوْنَ. 14 وَتَشْهَدُونَ فَتُسَرُّ قُلُوبُكُمْ وَتَزْدَهِرُ عِظَامُكُمْ كَالْعُشْبِ، فَتُصبِحُ يَدُ الرَّبِّ مَعْرُوفَةً عِنْدَ عَبِيدِهِ، وَيَنْصَبُّ غَضَبُهُ عَلَى أَعْدَاِئهِ.

 

قراءة الإنجيل المُقدّس من إنجيل يوحنا البشير الإصحاح الثاني 1-11:

 

1 وفي اليوم الثالث كان عرسٌ في قانا الجليل؛ وكانت أم يسوع هناك. 2 ودُعي أيضاً يسوع وتلاميذه إلى العرس. 3 ولما فرغت الخمر، قالت أم يسوع له: "ليس لهم خمر". 4 فقال لها يسوع: "ما لي ولك، يا امرأة؟ لم تأت ساعتي بعد". 5 فقالت أمّهُ للخُدام: "مهما قال لكم فإفعلوه". 6 وكانت هناك ستة أجران من حجارة موضوعة هناك، حسب تطهير اليهود، يسع كل واحد كيلين أو ثلاثة. 7 قال لهم يسوع: "إملأوا الأجران ماء". فملأوها إلى ما فوق. 8 ثم قال لهم: "إستقوا الآن، وقدّموا إلى رئيس الوليمة". فقدّموا. 9 فلمّا ذاق رئيس الوليمة الماء المحوّل خمراً، ولم يكن يعلم من أين هي، لكن الخدام الذين كانوا قد إستقوا الماء علموا، دعا رئيس الوليمة العريس، 10 وقال له: "كل إنسان إنما يضع الخمر الجيدة أولاً، ومتى سكروا فحينئذ الدون. أما أنت فقد أبقيت الخمر الجيدة إلى الآن". 11 هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل، وأظهر مجده، فآمن به تلاميذه.

 

هذا الحدث وهذه القراءات تجعل من الأعجوبة الأولى التي فعلها السيد يسوع المسيح منهجاً لحياة المؤمن الذي يُسعد الآب السماوي حين يراه في الملكوت، وهذا المنهج يتّخذ الخطوات التالية:

 

1  وفي اليوم الثالث كان عرسٌ في قانا الجليل؛ وكانت أم يسوع هناك. 2  ودُعي أيضاً يسوع وتلاميذه إلى العرس. 3  ولما فرغت الخمر، قالت أم يسوع له: "ليس لهم خمر". 4  فقال لها يسوع: "ما لي ولك، يا امرأة؟ لم تأت ساعتي بعد". 5  فقالت أمّهُ للخُدام: "مهما قال لكم فإفعلوه".

6  وكانت هناك ستة أجران من حجارة موضوعة هناك، حسب تطهير اليهود، يسع كل واحد كيلين أو ثلاثة. 7  قال لهم يسوع: "إملأوا الأجران ماء". فملأوها إلى ما فوق. 8  ثم قال لهم: "إستقوا الآن، وقدّموا إلى رئيس الوليمة". فقدّموا. 9 فلمّا ذاق رئيس الوليمة الماء المحوّل خمراً، ولم يكن يعلم من أين هي، لكن الخدام الذين كانوا قد إستقوا الماء علموا، دعا رئيس الوليمة العريس، 10 وقال له: "كل إنسان إنما يضع الخمر الجيدة أولاً، ومتى سكروا فحينئذ الدون. أما أنت فقد أبقيت الخمر الجيدة إلى الآن".

11 هذه بداية الآيات فعلها يسوع في قانا الجليل، وأظهر مجده، فآمن به تلاميذه.

 

هذا الحدث وهذه القراءات تجعل من الأعجوبة الأولى التي فعلها السيد يسوع المسيح منهجاً لحياة المؤمن الذي يُسعد الآب السماوي حين يراه في الملكوت، وهذا المنهج يتّخذ الخطوات التالية:  

1.    يقوم المرشد الروحي الذي يعرف الله (ممثّلاً بمريم العذراء) بإرشاد المؤمن نحو السيد يسوع المسيح (كلمة الله) والطاعة له، طالباً منه أن يضع كلّ ثقته فيه. وهكذا يكون المؤمن قد بنى بيته (قلبه) على أساس من حجر.

2.    ملىء القلب (الجرن) بالماء الحي أي بالخير الذي أسبغه الله علينا من أورشليم كما وعد [أي بمحبة الآب السماوي]؛ هذا الماء المُتدفّق من الينابيع المتفجّرة من قلب الله التي لا تجف: المحبة، الرحمة، السلام والتعزية والإرشاد، العبادة والتقوى. هذا الماء الحي الذي أُعطي للبشرية من خلال السيد يسوع المسيح للشفاء والإرتواء الروحي فنولد من الماء. هذا الماء الحي المتواجد بالكنيسة التي تحوي نهر الماء الحي: كلمة الله والقربانة المقدّسة.

3.    ملأ الجرن إلى قمّته بالماء يستغرقُ وقتاً ويحتاج جهداً وصبراً ومثابرة، وهذا الإمتلاء لا يترك مجالاً لأي شيء آخر من أن يأخذ حيزاً في القلب، فتكون محبة الله فوق كل شيء، وحينها يستطيع المؤمن أن يعطي ما يفيض من هذا القلب للآخرين فيولد من الروح وتكون عبادته لله (قولاً وفعلاً) بالروح والحق، بروح المسيح بداخله، بروح إبن الله الذي به سُرّ.

4.    بعد الممات، وحين يتقابل المؤمن مع خالقه، يقف السيد يسوع المسيح (العريس) معترفاً به أمام أبيه السماوي إذ أَلْبَسَهُ بيديه المُقدّسة (أي المعونة الإلهية التي كانت بيننا: أقوال وأفعال وذات يسوع المسيح) ثوب العرس وبالتالي يُصبح مولوداً جديداً بلا دنس (غافراً له خطاياه بدمه الكريم فيخسأ الشيطان عدو الله الذي صبَّ الله عليه غضبه يوم صُلِب يسوع المسيح إذ لم يعُد له سلطان في هذا العالم)، ويدخل الملكوت فيفرح الآب بإبنه الجديد والإبن بلقاء أبيه. وكما أن ولادة الإبن هي ثمرة عرس، فلا عجب أن يكون التدبير الإلهي أن يبدأ يسوع المسيح بداية بشارته وعمله لخلاصنا بحفل عرس مليء بالفرح لنُولد نحن عندما تحين الساعة بعد معاناة آلام الولادة.

هذا على إعتبار أن كل جرن هو قلب إنسان.

 

والآن لو إعتبرنا أن كل نقطة ماء بالجرن هي قلب إنسان مؤمن وأن الجرن هو قارة، لعلمنا أن فرح الله يكتمل حين تمتلىء قلوب العالم أجمع بمعرفة ومحبة الله، وهذه هي مشيئته: "خلاص العالم أجمع"؛  وما يحتاجه هو فعلة لكرمه يعلمون ماذا حدث وأهميّته، فالحصاد كثير والحصّادون (الخدّام) قليلون.