القيادة عند نحميا

موجز لسفر نحميا

إعداد ناجي كامل- مراسل الموقع بالقاهرة

**نحميا بن حكليا (1/1) من الأسفار التاريخية ومعنى كلمة نحميا = عزاء الرب

لم يكن نحميا كاهنا بل كانت وظيفته هي ساقيا للملك، حصل من الملك على إذن للرجوع إلى أورشليم (2/5)ليقوم في وطنه بإصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي وحين وصل وجد معارضة من خصومه لكنه وجد مساندة كبيرة من مواطنيه فأعاد معهم بناء أسوار أورشليم ووقف بجوار عزرا الكاهن وقرا وفسر شريعة الله (نح 8/1-12) وترجم كلمة الله إلى الآرامية لمن لا يفهموا العبرية وحينئذ سمع الشعب كلام الله وفهمها وجدد إلتزاماته نحو الله وقام نحميا ببعض الإصلاحات الدينية ( نح 12/44 إلى 13/31)

صفات القائد لعمل الله

1-الله يبحث عن شخص مستعد للعمل  الذي سيعمله بتكليف من الله  .والإحساس بالمسؤولية الكاملة تجاه نداء الله ، " هو يبكى على الحال الذي عليه أورشليم خصوصاً عندما سمع أن مساعي عزرا لبناء الأسوار فشلت أو أن الأعداء هدموا ما بناه عزرا. وقوله جلست وصليت وصمت  تشير لما يجب أن يفعله القائد  حين تواجهه مشكلة ما، أن يختلي في خلوة مع الله ويصلى. وصمت وصليت: الصلاة هي دعوة لله أن يتدخل ويحل المشكلة ومن المؤكد أن الله سيتدخل ولكن بدون صلاة فهذا يعنى أنني أريد حل المشكلة وحدي بدون معونة.

** ساقياً للملك: هي وظيفة سامية في بيت الملك.  والله دبر لنحميا هذه الوظيفة ليُعين شعبه. فالله يضع رجاله في قصر الملك لينفذوا خطته.

2- إن يحراساً:ائد بحياة الصلاة التي تتمحور حول كلمة الله ( لاحظ كم مرة صلى فيها نحميا نح 1/4-11" فصليت إلى إله السماء : هو صلى كثيراً و قبل وقوفه أمام الملك وبكى وتذلل وصلى ومع هذا وقبل أن يجيب الملك نجده يصلى ثانية .

 صلينا.. وأقمنا حراساً : الصلاة أولاً ثم العمل والاجتهاد  فكلاهما مكمل للآخر. فالصلاة وحدها لا تكفى بدون العمل. والعمل وحده لا يكفى بدون صلاة

 يكون القائد  قد اخذ كلمة من الله  بخصوص العمل الذي يريده الله أن يعمله.3

" إن رجعتم إلي وحفظتم وصاياي وعملتوها … فمن هناك اجمعهم وآتى بها إلى المكان الذي اخترت لإسكان أسمى فيه " ( نح 1/9)

4- أن يكون القائد  صاحب التزام تجاه العمل الذي يريد الله إتمامه و حكيم ولديه حسن تصرف في الأمور ومتخذ القرارات برؤية.

5-أن تكون له خطة /إستراتيجية – رؤيا لعمل الله فبدون رؤيا (بدون تخطيط)  يجمح الشعب (امثال29/18)

" فأتيت إلى ولاة عبر النهر وأعطيتهم "رسائل الملك" وأرسل معي الملك رؤساء جيش وفرسان"

 * رؤساء جيش وفرسان : نحميا لم يطلب ولكن الملك أرسل معه وهو كوالٍ يكون له قوة حراسة ومن يرسله الملك يرسل معهُ قوة حراسة.

القائد كمرسل من الله   ومن يرسله الله يرسل معه جيش ملائكة. نحميا لإيمانه ً لم يطلب بل الملك أعطاه فلماذا يرفض. فالله قد يسخر لنا وسائل بشرية عادية لحمايتنا.

6- أن يجعل الآخرين يشتركون معه في العمل.( العمل الجماعي  وروح الفريق )

7- أن يكون للقائد مواهب تنظيمية – موهبة التدبير والإدارة و توظيف الشخص المناسب ونجد أيضاً نظام العمل وتقسيمه. فنجد أن العمل قد تم توزيعه فكان لكل واحد من العاملين معه أو عائلته نصيباً من العمل وهذا مفهوم التكامل في الجسد الواحد أي الكنيسة فلكل دوره في بناء الكنيسة في المكان المناسب وفى الخدمة المناسبة.(نح 4/9-17 و7/1-4)

8- أن يكون القائد" صاحب فكر النجاح " إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبنى" ولاحظ أن نحميا لم يُشر للمرسوم الملكي الذي معه، فهو يعتمد على الله وليس الملك. وقال نحميا للمعارضين : سننجح بعون إله السموات  (نح 2/20)

9- القائد الحقيقي يتعرض للانتقاد و المقاومة ( نح 3/33-35 و4 /1-4)

نجد هنا مقاومة من الأعداء لعمل الله ، فالعمل الناجح لابد له من مقاومة داخلية وخارجية والشكاوى بدأت تظهر أثناء بناء السور وذلك لنعرف أن عمل الله له مقاومين من الخارج والداخل فنحميا عانى من الحروب الخارجية والحروب الداخلية. فبينما كان هناك شعب كثير مشغول بالبناء والحرب كان هناك في داخل الشعب من هو مشغول بالحصول على الربا من إخوته الفقراء.

10- يستنكر القائد ببر كل مقاومة أو عائق ضد عمل الله . كانا يضمران لي سوء.فوجهت إليهما رسلا وقلت لهم أنا أقوم بعمل كبير فلا اقدر أن انزل إلى لقائكما لئلا يتعطل العمل إذا تركته (نح 6/2-3)

11-أن يكون القائد متواجدا مع معاونيه  – مع الشعب – مع تابعيه  عندما يقومون بعمل الله

(عمل نحميا السور مع الشعب و قال للمسئولين عن العمل : " ليت كل واحد منكم مع معاونيه في وسط أورشليم ليكونوا لنا في الليل حرسا وفى النهار عمالا"(نح 4/16)

* يحتاج القائد دائما إلى جماعة تقف خلفه وتدفعه إلى الأمام وتسانده وتؤيده .

* ينبغي أن يكون القائد أول ما يشغله ويركز فيه اهتمامه هو خير خدمته ولست أظن أن هناك ما هو أسوأ من أن نسمع الأعضاء يقولون عن قائدهم الطموح وصاحب الرؤى "انه يبنى ملكوته الشخصي الصغير "

* قد يقول القائد "يستطيع اى خادم أن يأتي إلى لمقابلتي في اى وقت " وكان الكل يعرفون ذلك جيدا ويعلمون انه مشغول جدا ولكن مشاغله الكثيرة لم تكن تعوقه عن أن ينصت إليهم جيدا .

12- أن يكون الشخص ذا تكريس كلى لعمل الله (نح13/14)

13- مصغيا : لا يرفض الإصغاء إلى النصيحة والقابلية للتعليم و الانفتاح لتقبل كل إدراك وفهم حديث والقابلية للتصحيح والتقويم ولا يسمح أن يلتهى عن القيام بعمل الله .

14- أن يكون القائد نزيها: " فمن يوم امرنى الملك أن أكون واليا في ارض يهوذا …اى مدة اثنتي عشرة سنة لم أكل أنا ولا اخوانى من تلك الوظيفة أما الولاة الأولون الذين كانوا قبلي فثقلوا على الشعب وكانوا يأخذون منهم كل يوم… بل كانوا يظلمون الشعب …إنما أنا "أنى أخاف الله …حتى صرفت كل جهدي إلى بناء السور حتى أنى لم اقتنى حقلا ..ومع هذا كله لم اطلب أجرة عن منصبي كوال"  ( نح 5/14-19)

15- أن يكون صاحب ثقة عظيمة في الله وفى نفسه ( نحميا كان متيقنا انه يعمل عملا عظيما للرب وان الله دعاه للقيام بهذا العمل ، وهذا أعطاه ثقة لا تتزعزع بينما كان يقوم بالعمل الذي ائتمنه عليه الله .)

16- أن يكون القائد  ذو شجاعة لا تعرف الخوف ، فلم يستطيع احد أن يوقف نحميا عن إتمام بناء السور)

17- أن يكون القائد شخص له هدف اولوي ( نح 10/30-37)

18- القائد عليه أن يحمل عصا الراعي : " كراعي صالح " ليقود ويؤدب الشعب – كوالد – ينبغي أن يحب القائد شعبه كفاية لكي يستطيع تأديبهم .

الرعاة الصالحون  يعرفون خرافهم والقادة الصالحون يعرفون تابعيهم

* إن القائد لا يجب عليه أن يستخدم طاقاته ليكتسب شهرة لنفسه ولكن بالأحرى لكي يزود خرافه بالغذاء من أفضل وأجود المراعى ولكي يخزن ما يلزم لطعام الشتاء كما يبحث عن أنقى المياه ولا يدخر جهدا في تهيئة المأوى الذي يقي الخراف من العواصف.

19- أن يكون واعي  لطبيعته البشرية الضعيفة بل أيضا لطبيعة الناس الذي يقودها.القائد القوى هو الذي يستطيع أن يكون لطيفا  ويخطئ بعض الناس إذا ظنوا أن القادة اللطفاء هم قادة ضعفاء.(نح9)

20- هو أن يكون للقائد التصميم على إتمام عمل الله ( نح 6/15-16) و لتمجيد الله  وليس لتمجيد ذاته .

* فلماذا نجح نحميا فيما فشل فيه آخرون ولماذا استطاع أن يبنى السور الذي ظل 140سنة مهدوماً؟

(أ)-الله يريد أن العمل يتم . والشيطان يريد أنه لا يتم. لذلك فكل عمل صالح لابد ويقابل بمقاومة. فلو توافقت المقاومة مع تقاعس داخلي عند الخدام يتوقف العمل ليس لأن الشيطان قوى ولكن لأن الخادم متقاعس وفاتر.

(ب)- حينما وُجد نحميا ذو القلب الغيور، رجل العمل والصلاة، الذي قلبه مشغول بمجد الله وحال شعبه واهتم أن يعمل تذللت أمامه كل المعوقات وظهر ضعف إبليس أمام قوة الله. فقوة الله تظهر مع من يطلب بأمانة ومن يضع في قلبه أن يعمل.