خدمة بيت الناصرة

 

الشماس نبيل حليم يعقوب

فى هذا الزمان الذى لم يعُد فيه الحب إلاّ نغمـة حزينـة، جئنا نحن البشر مشردين الخُطى، مبددين، نبحث وندور، فلا نبيت غير كومـة من الدموع والأنيـن.

فها نحن ندور ونتلمس قبس من نور..

شوق..حنان..محبـة

أيها الصمت الـمرفرف فى الظلال بلا هدف جئنا نتلمس أصداء الكلـمة

لا بد أن نواصل السير ولا نحيـد

يشتعل الحنين فى صدورنا وفى عيوننا يفيض توقنا

جئنا راعشي الإحساس وممسكين بلوحي الإردواز نتلمس صدى الكلمات وبخور الإبداع والـمعجزات

يا أرض زبولون وأرض نفتالـي على طريق البحر وعبر الأردن

يا جليل الأمم، يا طريق الناصرة، جئنا نبحث عن آثار خطاه فى التلال والسواحل والكروم والسنابل والأحجار والسهول.

ندور ونبحث فى هذه الأروقـة عن الحلم، عن الحب، عن الطريق، وعن الحيـاة

لن ندق على كل باب ولن نفض الحجاب وننقب الأسقف بل جئنا لنراه

وليد العذراء هذا الذى سيُطلب منا حب الآخرين، ومن سيبرئ الأعمى ويبعث من قرار القبـر الـميت.

هذا الذى حرّكت عيناه دفء القلوب بكلماته المقدسّـة

وهذا الذى أحيت شفتاه كل يوم مقعد وخاطئ.

أين هو؟ هــو وليس آخر؟!

أين هو؟ الحقيقة، الخبز السماوي، المخلّص

ان مكانه معروف ومنظور وواضح ولكن قد يكون خلف أحد هذه الأبواب، أو..هنا أو هناك..تعالوا نبحث

فرغم السور الضخم والذى يحيط بالبلدة ورغم حديدها وفولاذها وتلالها ولكن الحقيقة يُسمع صوتها من وراء كل هذه الحواجز والأبواب.

"أنـا الحق…أنا الطريق…أنا الحيـاة"

اننا نريد ان نعرف ما هو الحق؟ واين هو الطريق؟ وما هى الحيــاة؟

أين هو؟

ها هو النجم، نجم قوي، نجم نوراني فلنسر على هديه حتى لا نتخبط فى طرقنا

وها هى الأجراس تدق فى عذوبة مستمرة، انها رنين لصوتـه الساحري

ها قد اقتربنا، فوسط الـمئات من الأبواب ومن بين التلال والأروقـة عرفنا الباب.

فأمام الباب يستغيث المظلوم ويصرخ المحتاج ويتآوه الـمتألـم ويئن الحزين والكل يصرخ ويطلب ويسترحم ويترجّى وفى طريق الأمل يريد الجميع أن يسيروا.

الباب مفتوح ولكن قبل ان نعبر اليه فلنهيئ قلوبنا لا إرتجالاً، لا بالسمع، لا بالأحاسيس، لا بالأقاويل، ولا بالمجاملات ولا بالتستر، ولكن بالحق والعدل.

ولنصعد درجات هذا البناء العظيم..بناء الإيمـان، بناء التضامن، بناء الـمحبـة، بناء الـمجد.

فى هذا البيت… جثا وصلّى

فى هذا البيت…استراح

فى هذا البيت…أكل وأقـام

فى هذا البيت…عاش وعمل

فى هذا البيت…أطاع وأحبّ

المحبّة عميقة، عميقة جداً، انها الله مالِك السموات والأرض

المحبّة لا تحسد ولا تبغض ولا تحتد

وهنا فى هذا البيت العتيق تجسدت المحبة فى سكون

تجسدّت المحبـة لا لتعطى وصيّة أو لتقول قولاً أو كلمة، بل تجسّدت المحبّة لتعطى ذاتها تجسيداً مستمراً

ترنيـمة

وأُرسل لهم إنساناً ووُجد الإنسان لنراه ونلمسه ونكلّمه

ووُجد الإنسان أرضي وهو غير أرضي، بشرياً وهو غير بشري

أُرسل الإنسان ليكون مع الإنسان وليعيش مع الإنسان وليشعر بشعور الإنسان

ان سر التجسّد هو سر الكمال، سر السماء، سر الوحي، سر الأنبياء، وسر الأسرار.

ترنيمة

فى هذا البيت، يوسف ابن يعقوب ومريم ابنة داود، والمحبّة فى بيت الناصرة هذا نجّار فقير وعذراء ومولود عجيب.

يا يوسف، يا من قبلت موهبة الطريق للحياة علّمنا هذا الإيـمان

يوسف: نعم انا فقير وعشتُ فقيراً وكافحت بعرق جبيني وحملت المنشار فى يدي ولكنني انتظرت فلا تكترثوا بأقاويل ولا تعبأوا بأباطيل أهل الأرض ولا تضطرب قلوبكم بل ثقوا دائما فيمن جعلكم تعيشون فى جسده السري اي كنيسته.

يا مريم أسمعينا صوتك وعلّمينا كيف نحب يسوع مثلكِ

مريم: سيروا نحو الحب، تعالوا الى الحب، لماذا تبتعدون ولماذا تخافون وتعودون

كما جئتم، لا تقولوا ان هناك خطيّة فالخطيّة بعيدة عن أبناء الله وأنتم هم الأبناء الذين اختارهم إبني، وأعطاهم أن يعرفوا أسرار ملكوت السموات فلا تخافوا، هو يدعوكم وهو معكم دائما، فقط تعالوا كما أنتم وأطلبوا منه المعونـة والقوة والسلام، فتدبروا وتيقظوا وأسرعوا وإله الحب يرعاكم.

ترنيمـة