شخصية الكاهن في تعاليم آباء الكنيسة (2)

 

للأخت سامية صموئيل

من راهبات القلب المقدس

 

يحدثنا القديس يوحنا ذهبي الفم عن شخصية الكاهن من عدة جوانب نذكر منها ما يلي :

 

الطموح عائق لخدمة الكهنوت

 

      يقول القديس يوحنا ذهبي  الفم أن الذي يشتهي أن يصل الى الكهنوت يجب بالضرورة أن يكون متحررا من كل طموح  أرضي ، ومن ثم ينبغي عليه أن يتقدم للمنصب الكنسي بطريقة نزيهة، وإلا فليتخلً عنه . فالطموح عائق عائق خطير للسلام الروحي للكاهن ويشكل خطرا رئيسيا ضد الخدمة الروحية المثمرة ، وفضلا عن هذا فإن محبة المجد الباطل تغرس في القلب كل أنواع الآلآم البغيضة مثل سرعة الغضب والكذب ، والافتراء ، والحسد،  وصغر النفس ……….الخ .

 

 

محبة الراعي الروحي لمخلصه

 

     يؤكد القديس يوحنا ذهبي الفم إنه ينبغي أن يكون للمتقدم للكهنوت قبل وفوق كل شئ حب لمخلصنا ، وهو العمود الفقري لحياة الراعي. وإننا نجد في سؤال الرب لبطرس (يو21 : 15-16 ) " أتحبني"؟  وبقية قوله " أرعى خرافي " ، تأكيدا شديدا على أن المخلص  يعتني بأولئك الذين جعلهم بدمه ورثة وأحبهم فوق كل شئ آخر .

 

علاقة الراعي برعيته

 

      يذكرنا القديس يوحنا ذهبي الفم بأن الكاهن هو بحق وكيل الله وآلة في يد المسيح مرسلة للكنيسة لاجل بنائها وتدبيرها. وعلى هذا الأساس وحده يمكنه أن يباشر سلطته الروحية ، ويصبح بحق راعيا لقطيع المسيح .

 

     وتنبع من هذه العلاقة واجبات كل من الراعي والرعية . والقديس يوحنا ذهبي الفم دائما ينبه الراعي الى مسئوليته ويدعوه الى نبذ الكبرياء وحب السلطة. ويحثه على التوجيه الحق لهؤلاء الذين عهد بهم إلى رعايته الروحية . وبالتالي يذكر الرعية بواجباتها نحو راعيها ، ويذكر أن سبب كل المحن في الكنيسة هو تمزق العلاقات بين القطيع ورعاته الروحيين ، فلم تعد الرعية بعد تكرم أو توقر الرعاة ، وبالتالي فهي أيضا لا تكرم أو توقر الله – حيث أن الكهنة هم رسل الله – فحيث يوقًر الراعي فالله في شخصه يوَقر.

 

 

علاقة الكاهن بالله

 

    يظهر الكاهن كوسيط ، وإليه توكل كل الجماعة حيث يشغل مكان الأب للمؤمنين . فهو كأب روحي لهم يتضرع إلى الله من أجلهم . لأجل هذا السبب يجب أن يفوق كل واحد في جميع الامور . وكما تُطلب مميزات معينة في الكاهن بالنسبة لعلاقته بالجماعة ، كذلك وربما على مستوى أعلى فهناك مميزات مشابهة مطلوبة بالنسبة لعلاقته بالله.

 

 

الراعي الروحي كمعلم

 

        يجب أن يمتلك رجل الدين ، بحسب قول القديس غريغوريوس ، القدرة على التعليم إلى جانب رصيده من المعرفة الأساسية النظرية. وهذا الأمر جوهري لأن الكارز بالكلمة الإلهية ملتزم أن يعٌلم ويفسر على نطاق واسع التعليم المسيحي والأسرار العميقة للشعب . ولكي يمكنه أن يواجه المستويات الثقافية المتباينة للشعب بفعالية ، عندما يلقي عظة تعليمية ، يلزم أن تكون عظته غير معقدة وميسورة الفهم، ولكن في نفس الوقت بحذق وبأسلوب صريح حتى تصل إلى كل قلب . ولكي يمنع القديس غريغوريوس الكارز الذي ينتبه إلى كل هذه النقاط الهامة من الوقوع في خطأ آخر ، يقدم له النصيحة التالية :

 

    إنه من المسٌلم أن الكارز ينبغي أن يأخذ في الأعتبار  أحتياجات كل فرد، ولكن بمراعاته لكل فرد ينبغي أن يتجنب التبسيط المبتذل . فيجب أن يكون هدفه مخاطبة الناس بصراحة وبحذر. لأجل هذا كان التأهيل بالمعرفة النظرية وحدها لا يكفي ، فالقلب أيضا يجب أن ينفعل ، بل ويلتهب عند التبشير بالأسفار المقدسة وتفسيرها . لذلك فالكاهن يجب أن يكون بكل وعيه  متحدا بالمسيح ، معالجا كل ما هو روحي بطريقة روحية ، حيث إنه متقدم إلى خزائن أسرار الله كمن يرى كنزى الصلاح والتقوى ومنهما يغني الآخرين.