أعمى أريحا

(مرقس 10: 46 – 52)

للاب هاني باخوم

ووصلوا الى اريحا، وكما ذكرنا من قبل، اريحا مدينة تقع تحت سطح البحر ب 240 متر، اي ابعد مدينة عن السماء. بحسب احد التقاليد اليهودية، بعد الخطيئة وخروجه من الفردوس ذهب أدم وعاش في اريحا. فهي الى حد ما تمثل في الكتاب المقدس مدينة الخطيئة، لأن موقعها وطقسها ومناخها يجذب الكثير من الناس للنزهة وللترفيه. لكنها ايضاً ترمز في الكتاب المقدس للانتصار، انتصار الرب عليها وعلى اسوارها الحصينة، فتُسمى ايضاً مدينة سعف النخل، اي سعف الانتصار، علامة الانتصار كما يقول سفر الرؤيا ( 7: 9). فقد كانت اريحا مشهورة باسوارها الحصينة التي كانت تحميها ثم سقطت على يد شعب الله ايام يشوع بن نون.

اريحا اذاً هي علامة لعمق الارض الذي وصل اليه الانسان بعد ان خرج من السماء، بعد ان ترك الشركة مع الله. علامة للانسان المحكوم عليه ان يخدم نفسه ورغباته واهواءه، ولا يستطيع ان يخرج منها،  فاسوار اريحا اعلى من قدراته، ولا يرى الطريق للصعود منها.

"وبينما هو خارج من اريحا"، فقط المسيح يستطيع ان ينزل الى اريحا دون ان يُسجن فيها، دون ان يُحتَجز فيها، هو الوحيد الذي نزل فيها كي يصعد منها ولكن ليس بمفرده بل مع تلاميذه ومع من يصرخ له.

"واذا اعمى اسمه برطيماوس يصرخ له" هذا الاعمى يدعى برطيماوس، اي ابن الشرف، ابن من له قيمة غالية، هذا معنى برطيماوس. هذا القيم، يجد نفسه ملقى بجانب الطريق ولا يستطيع ان يعمل شيئا. وعندما سمع ان المسيح يمر بدأ يصرخ لكي يشفيه ويُصعده من تلك الاريحا.

رائعة تلك الكلمة "لما سمع" نفس الكلمة التي يقولها بولس الرسول بان الايمان يأتي من السمع (رو 10: 17). هذا الاعمى سمع عن المسيح الذي يمر فأمن به وبدأ يصرخ. فشفي وقام وتبع المسيح خارج اريحا.

هذا الاعمى هو صورة لكل من يختبر عمق وتعاسة واقعه بسبب الخطيئة ولا يستطيع ان يغير منه شيئا، يرى نفسه كلا شيء وحياته ليس لها قيمة، اضاع من كان برطيماوس (ذو قيمة)، واصبح حبيس اريحا. لكن الرب يرسل له اليوم من يكلمه عن المسيح، من يُسمعه عن المسيح، وهو عليه فقط ان يصرخ، ان يجبر المسيح على التوقف. كي يُرجع له قيمته الاصلية، اي برطيماوس، ابن الشرف، ابن الله.

 احد مبارك.