عظة الأحد الثانى من الخماسين

طعام للحياة الابدية

بقلم  الأب / بولس جرس

راعى كاتدرائية العذراء سيدة مصر – بمدينة نصر

 

إعداد ناجي كامل- مراسل الموقع بالقاهرة

+ البولس : من رسالة افسس 2/19 إلى 3/10

أن كل ما تحقق بموت المسيح على الصليب وقيامته المجيدة حول التاريخ وغير العالم فبعد أن كان شعب الله هم اليهود فقط ،صارت جميع الأمم والقبائل والشعوب خاضعة له تقول له يا ابى وهو يدعوها أبناء. ويعلن القديس بولس هذه الحقيقة في رسالته اليوم:

·        لستم بعد غرباء ولا دخلاء بل شركاء مع أهل مدينة القديسين أهل بيت الله .

·        انتم قد بنيتم على نفس الأساس بل واقوي فانتم على أساس الرسل و الأنبياء تأسستم في بنيان الكنيسة الواحدة المبنية على حجر الزاوية يسوع المسيح .

·        على هذا الأساس يصير كل مسيحي مهما كان جنسه أو لونه  هيكلا مقدسا للرب .

·        بولس يكشف عن سر أوحى إليه هو شخصيا ولا يعرفه احد غيره ، ما هو هذا السر الذى لم يكشف لأجيال طويلة.؟

·        " الأمم شركاء في الميراث " شركاء في الموعد ، شركاء في الجسد، هذا ما أعلنه الروح القدس الآن وصار بولس منذ تلك اللحظة خادما لهذا الإعلان .

– شركاء في الميراث : أبناء بكل ما تحمل البنوة من حقوق وواجبات

– شركاء في الجسد : اى ليسوا أبناء لقطاء بل من صلب نفس ألآب الذي ولدهم جميعا من آب واحد ومتساوون في عينيه.

– شركاء في الموعد: كان الوعد الأول لحواء "سيخرج من نسلك من يسحق رأس الحية ونحن جميعا أبناء ادم وحواء وإذا كان اليهود أبناء إبراهيم بالجسد ويزعمون أن لهم وحدهم أعطى الوعد ، فالله يعلن أن وعده الآن قد تحقق للجميع يهودا وأمما.

إذن فالجميع مدعوون للحياة الجديدة ، الحياة الأبدية .

 

+ الكاثوليكيون: من رسالة القديس يوحنا 5/ 1- 20

تناول نفس الموضوع:

"الله إعطانا الحياة الأبدية ، هذه الحياة في ابنه ، من له الابن فله الحياة ومن ليس له الابن فليس له  الحياة " لكم الحياة الأبدية أيها المؤمنون باسم ابن الله .

* حيث قد وهب موت المسيح وقيامته للبشرية كلها حياة جديدة وعهدا جديدا غير مكتوب على ألواح حجرية بل منقوش في القلوب ، وغير مقتصر على شخص ،فقبيلة فشعب فامة (إبراهيم ونسله ،شعب إسرائيل ،الأمة اليهودية ) بل يشمل كل من قبل شهادة الرسل بل شهادة الله التي شهد  بها الابن اذ أقامه من بين الأموات .

 * كل من يؤمن بالمسيح كابن الله ، له الحياة الأبدية ويصير هو نفسه ابنا ووريثا لكل العهود والمواثيق التي ابرمها الله مع شعبه وبالتالي فهي ميراث وحق لجميع الشعوب التي تقبل المسيح .

 

+ الابركسيس: من سفر أعمال الرسل  20/ 1- 12

بولس  الرسول في أيامه الأخيرة قبل السفر إلى أورشليم وقد اشتدت مشاكله مع اليهود وصاروا متربصين به أينما حل يترصدون كلماته ويرفضون كرازته التي ساوى فيها بينهم وبين باقي الشعوب وكأن هذه المساواة إهانة لهم …

بولس الذي لبس المسيح  كرداء وصارت حياته حياة المسيح لدرجة أن يصرخ لست أنا الحي بعد ، بل المسيح يحيا في ، ينطرح على الشاب الميت الذي سقط من الدور الثالث وها هو بقدرة رب القيامة قادرا أن يقيم الموتى ، واتوا بالفتى حيا وتعزوا تعزية ليست بقليلة .

 

+ المزمور: 88/ 1-7

* بمراحمك أرنم إلى الأبد : رحمة الرب وفداؤه لكل أبنائه تمت في فداء المسيح بالموت على الصليب وبالقيامة مما يجعل المؤمنين في حالة تهليل  وترنيم ابدي.

* أعلن أمانتك بفمي: يتحقق الإعلان بالبشارة بالرب يسوع وبقيامته كما فعل الرسل في العالم كله .

* من يتشبه بالرب بين أبناء الله: الرب وحده لا إله مثله ولا يقارن بأحد ، هو تشبه بنا وصار إنسانا وجعل جميع أبناء البشر أبناء الله .

+ الإنجيل : يوحنا 6/ 27- 46

عملية البحث عن الحياة عملية بدأت مع ظهور الحياة على الأرض ، لم يقتنع الإنسان قط انه كائن ، وان أيامه المعدودة على الأرض هي كل شئ ، طمح دوما إلى ما ابعد وابقي فنسى دوما عما وراء الحياة القصيرة العابرة على الأرض . تتحدث القصص والأساطير عن شجرة الحياة ، ونبع الحياة والمحروسين بالتنين العظيم والمحاطين بالعديد من المخاطر والأحوال التي لا يستطيع احد تجاوز ها للوصول إلى نبع الحياة ، أو نبع الشباب الدائم سوى ذلك البطل الاسطورى الذي عند وصوله منتصرا على جميع الصعوبات يصير احد الإلهة الخالدين .

·   وحتى في الكتاب المقدس وضع الله ملاكا بسيف من نار على باب الفردوس لئلا يرجع ادم وقد عرف الخير والشر ليأكل من شجرة الحياة .

·   ظلت البشرية عبر القرون تخاف الموت وترهبه وتخضع له وتحاول تحاشيه وتعرف أنها مصيره إليه مكبلة بقيوده … ولم يكن هناك اى بصيص من الأمل أو الرجاء إلى أن بدأت إشارات الوحي في الكتاب المقدس تشير إلى " المخلص " الذي سيصل يوما ويقهر تنين الموت ويحرر البشر جميعا من سلطان الهاوية.

·   عادة ما ينشغل الناس من الأهداف السامية العليا بأهداف مرحلية وأمور ثانوية ، كثيرا ما تنتهي حياة الكثيرين منهم دون الوصول إلى تحقيق هذا الهدف وقد انشغل الشعب اليهودي كغيره من الشعوب ،بالمسيح المعلم وتبعوه أينما ذهب وأرادوا اختطافه ليقيموه ملكا عليهم فقد قدم لهم حلا للمعادلة الصعبة التي تشغل بال الإنسان في كل عصر "البحث عن لقمة العيش" لاسيما في أيامنا هذه التي يعانى فيها الناس من الغلاء وارتفاع الأسعار.

·   فهم الرب يسوع أن انشغالهم به هو انشغال زائف وان بحثهم عنه هو بحث عن لقمة العيش ، وأراد أن يوضح لهم أن هذا العيش عيش محدود في إطار الزمان والمكان والتاريخ ولا يجب الاهتمام به اكثر من اللازم بل الاعتماد على الرب الذي يعرف ما انتم محتاجون إليه قبل حتى أن تطلبونه ، ويجب الالتفات إلى ما هو اهم وما هو ابقي ، "الطعام الباقي للحياة الأبدية " وحين ذكر هذا وكل مرة أشار إلى هذه النقطة وجد في قلب الإنسان جوعا وفى قلب السامرية عطشا وفى نفس الأعمى منذ مولده رجاء أن يروا ويتعرفوا على هذا الخبز الذي من يأكل منه لا يجوع ، هذا الماء الحي الذي من يشربه لا يعطش ابدا وهذا النور الذي من يراه لا يسير في الظلام.

·   المسيح في نور القيامة يقدم نفسه من جديد على انه الطعام الباقي للحياة الأبدية وان كل من يقبل إليه ويؤمن به مهما كان لونه أو جنسه أو أصله سيجد مائدة شخصية ممتدة تنتظره وأحضانا أبوية دافئة تستقبله وحياة أبدية لا تعرف غروبا يحيا فيها متحدا مع فاديه ومخلصه .