عظة الأحد الثالث من الخماسين

السامرية في ضوء القيامة

بقلم  الأب / بولس جرس

راعى كاتدرائية العذراء سيدة مصر – بمدينة نصر

 

إعداد ناجي كامل-مراسل الموقع بالقاهرة

 

تستمر الكنيسة المقدسة في تقديم الغذاء الروحي الذي يناسب زمن الخماسين المقدسة فهي كالأم الحنون تعرف ما يلزم لحياتهم الروحية وتريد أن تدعم في داخلهم الإيمان بالقيامة وقد تسأل البعض لماذا تعاد قراءة إنجيل السامرية اليوم بعد أن قراناه في الأسبوع الرابع من الصوم ،ماذا تقدم لنا السامرية في نور القيامة ؟تعالوا نتأمل النصوص

+ البولس : من الرسالة إلى كولوسى 3/5-17

·   أميتوا أعضائكم التي على الأرض فهي مصدر: زنا ،نجاسة، شهوة رديئة ، بخل، عبادة أوثان ،غضب، سخط، تجديف، كلام باطل وكذب.

·   خلعتم الإنسان العتيق مع أعماله السابقة ولبستم الإنسان الجديد بالإيمان بالمسيح وقيامته ،هذا الإنسان جديد ليس كالعتيق المستعبد المستهلك بل يتجدد كل يوم مثل خالقه وله أحشاء رأفة ،لطف، تواضع، وداعة،أناه،احتمال الآخر،مقدرة على الغفران وعنده من المحبة وهى رباط البنيان وثابت في سلام المسيح.

·        كل أعمال المسيحي قولا وفعلا وعملا باسم الله وبشكر عميق

فكرة بولس هي أن الخليقة الجديدة تتمم ما خلقت من أجله فإذا كان الإنسان العتيق قد اغضب الله لدرجة جعلته يندم على خلقه للإنسان ويهلكه بالطوفان ، إلا انه ندم برحمته على إهلاكه ووعد بخلاصه خلاصا أبديا  وظل يدبر هذا الخلاص إلى أن أتمه في المسيح وبهذا صارت الخليقة الجديدة تتألق وتنمو حسب صورة العهد الجديد وخلقت الإنسان العتيق كثوب بال ولبست أحشاء المسيح التي هي حب خالص ورحمة خالصة وغفران لا يعرف حدودا . هذا هو المسيحي.

 

+ اكاثوليكون :  رسالة يوحنا الأولى 3/ 13- الخ

·       نعرف أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة لأننا نحب إخوتنا.

·       عرفنا المحبة بان ذاك المسيح يسوع القائم من الأموات وبذل ذاته لأجلنا .

·       وصية جديدة أن نؤمن "بقيامته وخلاصه" وان نحب بعضنا بعضا.

هناك نقلة نوعية كالتي تتحدث عنها القراءة السابقة وهذه النقلة التي تمت بخلاص الفادى أعطتنا حياة بعد موت وحياتنا الجديدة لا تعرف إلا المحبة  وكل من يبغض أخاه فهو قاتل.

 

+ الابركسيس : من سفر أعمال الرسل 10/ 24- 43

تقدم قراءة سفر الأعمال دستور الحياة الجديدة التي وهبت للمؤمنين بيسوع المسيح الذي حررنا وفدانا بموته على الصليب وقيامته من بين الأموات.

·   لم يعد شرط القبول عند الله جسديا بالانتماء إلى اليهود أو عشيرة سبط إسرائيل بل في كل امة وجنس ولسان يمكن أن نقبل بالتقوى وأعمال البر.

·       يتم ذلك بطريقة واحدة: عندما أرسل الله ابنه وكلمته مبشرا بالسلام .

·   الإيمان بالمسيح :الذي جال يصنع خيرا …ويحرر كل من قهره إبليس ،هو الطريق إلى الخلاص والقبول عند الله.

·       يقدم الرسل أنفسهم على أنهم شهود عيان على قيامة المسيح "أكلنا وشربنا معه بعد قيامته" .

·       أن المسيح المنتصر القائم طلب منهم وأمرهم أن يكرزوا  ويشهدوا بأنه ديان الإحياء والأموات.

·       كل من يؤمن بهذه الشهادة و يعترف بالرب يسوع "ينال غفران الخطايا والحياة الأبدية" .

 

+ المزمور :104/ 3- 4

·   ليفرح قلب الذين يلتمسون الرب : قلب الإنسان في كل زمان ومكان وحضارة يبحث عن الله وكانوا يلتمسونه ولا يعرفون …والآن كشف الله نفسه لهم في ابنه يسوع المسيح الذي أرسله مخلصا وفاديا، ويعتبر هذا النص نبؤه مسيانية عن زمن حلول الرب وسط شعبه .

·   اذكروا معجزاته التي صنعها آياته و أحكام فمه:  هذا هو عمل الرسل الذين جالوا يبشرون ويكرزون بالآيات والمعجزات التي صنعها يسوع و بشريعة العهد الجديد ، " قيل لكم أما أنا فأقول لكم "  .

 

+ الانجيل من يوحنا 4 / 1-42  " إنجيل السامرية "

الحكمة من تقديم هذا النص في زمن القيامة العظيمة فكما قابل المسيح المرأة السامرية وحدها ولم تعرفه وعندما تعرفت عليه انطلقت مبشرة أهل قريتها "تعالوا انظروا إنسانا اعلمنى بكل ما صنعت ،أليس هذا هو المسيح؟" بهذا انتقلت المرأة السامرية من عدم الإيمان وحالة الترقب إلى الإيمان الكامل والبشارة والفرح والخلاص الشامل فأي تحول يمكن أن تصنع معرفة المسيح في حياتنا ،تجعلنا نخلع الإنسان العتيق ونلبس الإنسان الجديد ، تجعلنا ننطلق نحو الآخر فرحين .

وإنجيل السامرية من هذا المنطلق يقدم لنا بعض أنواع الإيمان:

1-  الإيمان بالحواس: إيمان أولى مبدئي ،الطفل الذي لا يعرف معنى التفاحة يجب أن يرى صورتها ،أن يعرف لونها ، أن يلمسها، أن يرسمها أن يأكلها …عندئذ عندما نقول له تفاح فنحن نعرف انه يعرفها :هذا هو الإيمان بالحواس ،رأيناه في توما :إن لم المس وان لم أضع يدي … ونراه في السامرية :اعلمنى بكل ما صنعت ….والله لا يأخذ بالحواس.

2-  الإيمان بالإحساس : وهو نوع آخر عاشه التلاميذ بعد القيامة لكنها لم توصلهم إلى التعرف على الرب ،عاشه تلميذي عمواس وعاشه بطرس وبعض الرسل في القارب …"الم تكن قلوبنا مضطربة في داخلنا وهو يحدثنا طوال الطريق" هو جميل لكن الحواس والإحساس غير كامنين فكل العواطف متغيرة وزائلة … ولا يمكن أن يبقى إيمان مبنى على الحواس والأحاسيس فحسب.

3-  الإيمان بالعقل والمنطق: هذا النوع من الإيمان كان منتشر في العالم وقد حاول بولس أن يوصله أو أن يدخل به إلى أهل اثينا ولكن العقل مهما سما غير قادر على استيعاب كل حقائق الإيمان فالإيمان يتطلب شيئا آخر.

4-   الإيمان الحقيقي : هو السجود لله بالروح والحق

والساجدون الحقيقيون لله …  هو قبول يسوع المسيح ربا وإلها

هو الاعتراف بموته وقيامته ونحيا المحبة والسلام والغفران ،بهذا نعرف إننا قد انطلقنا من الموت إلى الحياة .

ويتجسد هذا الإيمان في السعي  الدائم لتحقيق إرادة الله أن يؤمن يعنى أن يصبح طعامي أن افعل مشيئة من أؤمن به واتمم عمله فيصبح جوابي اليومي على الله "لتكن إرادتك "  لا إرادتي ،"ليكن لي بحسب قولك".