المزمور أل151 في التقليد القبطي

أولاً: نص المزمور :-

مزمور لداود إذ قاتل جليات وحده:

« (1) كنت صغيرا بين إخوتي و فتى في بيت أبي .إذ كنت أرعى قطيع أبي وجدت أسدا ودبّا فقتلتهما ومزّقتهما تمزيقا. (2) يداي صنعتا آلة وأصابعي ركّبت كنارة.(3) من يدلّني علي ربّي؟ هو الربّ لي. (4) أرسل ملاكه وانتزعني (وأخذني) من بين نعاج أبي ومسحني بزيت المسحة .(5 )إخوتي حسان المنظر وطوال القامة, ولكنّ الربّ لم يرض بهم( 6 )خرجت للقاء الفلسطيني فلعنني بأوثانه,( 7 ) فاستللت سيفه وقطعت رأسه, واقتلعت (انتزعت) العار من بني إسرائيل . هللويا».

ثانيًا :البعد الكتابي لنص المزمور أل151:-

نجد هذا المزمور يخبرنا عن داود و صراعه مع جوليات. فبعض المقاطع مستلهمة من سفر الملوك الأول 16/1-13, و 17/40-51. فهذه النصوص تتحدث عن اختيار الله لداود ومسحه بالزيت وصراعه مع جوليات .

ثالثاً : تقليد المزمور :

عرف التقليد اليهودي والمسيحي أن الترجمة العبرية للمزامير هي مئة وخمسين مزمورًا فقط لا غير. ولكن الترجمة  اليونانية السبعينية التي ابتدأت في القرن الثالث قبل الميلاد.بالإضافة إلى ذلك نجد نص هذا المزمور أل151 باللّغة العبرية في مخطوطات قمران التي تعود لسنة 150 قبل الميلاد . وفي سداسية الكتاب المقدس أيّ نسخة الهكسبلة للكتاب المقدس في ستة عواميد قام بها العلامة أوريجانيوس لونيدوس الإسكندري( 185 – 253) ويذكر نص المزمور المؤرخ الكنسي أوسابيوس القيصري(260-340), ومن هنا نجد شهادات آباء الكنيسة تستشهد بآيات نص هذا المزمور في كتاباتهم و مقالاتهم وعظاتهم كالقديس أثناسيوس الرسولي (298-373), والقديس يوحنا ذهبي الفم (386-407), القديس باسيليوس الكبير أسقف كبادوكية (329-379), القديس ثيودورس, أسقف أنقير(+446).

رابعًا: المخطوطات التي تحوي نص المزمور:-

1- مخطوط الفاتيكاني السرياني 9( الورقة 142 أ).

2- مخطوط الفاتيكاني السرياني 98( الورقة 125 ب).

3-المخطوط الفاتيكاني السرياني 183.

 4-مخطوط الفاتيكاني السرياني 454(الورقة 221ب – الورقة 122 أ ).

5- مخطوط الفاتيكاني السرياني 263( الورقة 150 أ – 150 ب ).

6- مخطوط الفاتيكاني السرياني 265( الورقة 143 أ).

7-مخطوط بكركي 104( الورقة 170 أ – 170 أ).

8-مخطوط أنسبرغ 401( الورقة 168 أ – 168 أ ).

9- مخطوط فلورنسا شرقي 411 « سابقا 130» ( الورقة 185 ب – الورقة 186 أ ).

10- مخطوط جبيل 1( الصفحة 172).

11-مخطوط أبسالا السويد شرقي فهرس 486«قديم et 127».

12- مخطوط باريس , المكتبة الوطنية عربي 203.

13-مخطوط فاتيكان عربي 623 . 

14-مخطوط في بطريركية الأقباط الأرثوذكس وهو يحوي علي نص أجبية مرتبة علي 151مزمورًا, بمقدمة وفهرس, باللغة العربية, تاريخ هذا المخطوط مدون بالورقة 231(ظ), 17 بؤونة 1487 للشهداء أيّ 24 يونيه 177, برسم البطريرك يوأنس السابع عشر أل 107 ( 1769-1796), وقفه في القلاية, 233 ورقة, 11سطرا, مقاس 15×10, مسلسل 848, طقس 379.  

15-مردات المزامير المقروءة في جمعة الآلام, باللغة القبطية, ومزامير وأناجيل الساعة 12 من يوم الجمعة في أسبوع الآلام هي بنهرين أيّ باللغة القبطية والعربية, والتاريخ مدون في آخر ورقة (ظ) في يوم 26 بابة 1508 للشهداء أيّ 5 نوفمبر 1791, بخط القمص إقلاديوس خادم كنيسة أبادير وإيريني بناحية أسيوط, وقف الكنيسة المرقسية, 28 ورقة, 16سطرًا, مقاس 20×14, مسلسل 874, طقس 238.

خامسًا : شهادة القرآن عن نص المزمور :-

نجد في سورة البقرة 250-252« ولما برزوا لجالوت و جنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرًا و ثبّت أقدامنا وانصرنا علي القوم الكفرين فهزموهم بإذن الله و قتل داود جالوت وءته الله الملك والحكمة وعلّمه …»

سادسًا : طقس نص المزمور في التقليد القبطي :-

المزمور أل 151 في بدايته يتكلم عن داود الذي اختاره الله من وراء الغنم ليصير ملكًا علي إسرائيل, وقد خلص إسرائيل من جليات الجبار بحجر في مقلاعه بقوة رب الجنود. ولكنه بصوت النبوة يتكلم عن يسوع المحتقر من اليهود والمرزول منهم وهو الراعي الصالح ملك إسرائيل الذي خلص ليس إسرائيل فقط بل المؤمنين باسمه من جميع الأمم ونزع عنا عار الخطية, فتهلل الرب علي خلاصه.  وفي سنة 1219 يخبرنا شمس الرياسة ابن الشيخ الأسعد المسمي بأبي البركات المعروف بابن كبر و هو كاهن كنيسة المعلقة , في كتابه « مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة », في الباب 18«… أن رهبان دير أنبا مقار في بداية ليلة سبت الفرح تقرأ المزامير كلها هكذا : خمسون مزمورًا للقسوس, وخمسون مزمورًا للشمامسة, وخمسون مزمورًا للمرتلين, وكلما قرئت عشرة مزامير يقول القس أوشية وعشر مرات كيرياليسون ». وبعد الانتهاء من قراءة كتاب المزامير يتم وضعه على المنجلية ويرتدي رئيس الكهنة  البرنس ( رداء مستدير واسع مفتوح من الأمام يرتديه رئيس الكهنة و خاصة في القداسات و الأعياد السيدية ألكبري و الصغرى والاحتفالات الأخرى ) وتوقد الشموع وترتل« المجد لك يا إلهنا هللويا» بلحنها المعروف أمام الهيكل ثم يكشف كبير الكهنة رأسه ويقرأ نص المزمور 151 وهو متجه نحو الشرق وفي يديه كتاب المزامير الذي يحوي 150مزمورًا ويكون ملفوف بستر حرير أبيض  يقوله ( المزمور أل151) باللغة القبطية ثم يفسره رئيس الشمامسة باللغة العربية و يقول بين كل آيتين من المزمور ثلاث مرات« هلليويا » وتكون عددهم 12مرة على عدد أسباط بني إسرائيل علاوة علي عدد تلاميذ يسوع المسيح . وفي آخر تلحين المزمور يقول كل منهما «المجد لإلهنا ». ثم يحمل رئيس الكهنة كتاب المزامير الملفوف بستر حرير أبيض يطوف رئيس الكهنة مع الشمامسة الهيكل والكنيسة ثلاث مرات وهم يرتلون لبش الهوس الثاني ( كلمة لبش هي قبطية معناها شرح أو تفسير لبعض القراءات الخاصة في التسبحة أما الهوس فهي كلمة قبطية تعني تسبحة أو تسبيح للرب ) « فلنشكر : المسيح إلهنا : مع المرتل : داود النبي …» ثم تقرأ التسبحة الأولي لموسي النبي ( الهوس الأول ) من خروج 15/1-21. 

و على حسب مخطوط قبطي قديم كان يقرأ نص المزمور أل 151 على « كلاب الرعاة فلا يعضوك ويرفع الخوف بإذن الله . علاوة علي ذلك يقرأ إذا كان الإنسان عليه روح رديء و شيطان رجيم والشيطان لا يتكلم وأردت أن تجعله يتكلم اقرأ عليه في أذنه الشمال المزمور أل 151وبعد ذلك يصرخ الشيطان ويتكلم معك علي حسب ما تريد بإذن الله». وفي نياحة الأب البطريرك في التقليد القبطي تقرأ أل150مزمورًا حول سريرة وعندما ينقلون نعشه إلى الكنيسة يرتلون المزمور أل 151 قبل حمل نعش البطريرك.

وفي الحقيقة هذا المزمور هو دخيل علي سفر المزامير أل150, حتى أن الصفي بن العسال في مؤلفه المجموع الصفوي يذكر أل150 علاوة علي ذلك أثناء المساعي الوحدوية التي جرت بين الحبر الروماني البابا إكليمنس الثامن (1592- 1605)  والبطريرك القبطي اليعقوبي الأنبا غبريال الثامن (1590- 1601) يسطر هذا البطريرك للحبر الروماني المذكور  في الرسالة المحررة في شهر يناير لسنة 1597 أن عدد المزامير 150 مزمورًا فقط لا غير . ونستنتج من ذلك أن نص هذا المزمور هو نص طقسي فقط لا غير والدليل على ذلك تسرد لنا رواية الترجمة السبعينية اليونانية التي ابتدأت في عصر بطليموس الثاني (283-246قبل الميلاد) أمر أن يأتي علي حسابه الخاص 72يهوديا, لترجمة كتب التوراة من العبرية إلي اليونانية ليتمكن زائر مكتبة الإسكندرية من قراءتها باليونانية, وعرفت بالترجمة السبعينية نسبة 72 يهوديًا الذين قاموا بها. ويقول لنا رونكاليا أن الدافع الأول للقيام بهذه الترجمة هو دافع طقسي وليس ثقافيا, وأفاد هذا كثيرا في تسهيل اتصال اليهود السكندريين بمواطنيهم. ولا يضم نص المزمور أل 151إلي  سفر المزامير لأنه ليس من نص الكتاب المقدس بل نص أبو كريفي أيّ منحول لأن هناك من يقومون بطبع سفر المزامير يضعون هذا المزمور من ضمن سفر  المزامير وهذا ليس صحيح. 

 

الأب إسطفانوس دانيال جرجس

خادم مذبح الله بالقطنة والأغانة – طما