من هو الروح القدس

اسئلة المجموعات :

 

1- من هو الروح القدس ؟

2- ما هي صفات الروح القدس ؟

3- ماذا قال الكتاب المقدس عن الروح القدس ؟

4- ما دور الروح القدس في العهد القديم ؟

5- ما دور الروح القدس في العهد الجديد؟

6- ماهي رموز –  ثمارالروح القدس ؟

7 – ما هو عمل الروح في حياتنا؟

 

  

 

1- من هو الروح القدس؟

2- لاهوت الروح القدس

3-الروح القدس في العهد القديم

 4-الروح القدس في فترة ما بين العهدين

وفي العهد الجديد

5- الروح القدس في كنيسة الرسل

6- طريقة حلول الروح القدس

7- رموز الروح القدس

8- ماذا يعمل الروح القدس لبنيان الكنيسة؟

         9- الروح القدس في حياتنا الروحية

من هو الروح القدس؟

 

اسم علم الروح القدس

 روح قدس هذا اسم علم من نعبده ونمجده مع الآب والابن الكنيسة تقبلته من الرب وتعترف به في معمودية أبنائها الجدد.

تسميات الروح القدس

 – يسوع عندما يعلن مجئ الروح القدس ويعد به يسميه البارقليط ومعناه حرفيا الذي يدعي قرب

 (يو 14: 16، 26، 15: 26، 16: 17) وبارقليط تترجم عادة بالمعزي إذ أن يسوع هو المعزى الأول والرب نفسه يسمى الروح القدس روح الحق.

 وفضلا عن اسم علمه الأكثر استعمالا في أعمال الرسل والرسائل نجد عند القديس بولس التسميات التالية: روح الموعد (غل 3: 14، أف 1: 13) وروح التبني (رو 8: 15، غل 4: 6) وروح المسيح (رو 8: 11) وروح الرب (2 كو 3: 17) وروح الله (رو 8: 9، 14، 15: 19، 1 كو 6: 11، 7: 40) وعند القديس بطرس روح المجد (1 بط 4: 14).

تسميات كتابية اخرى

" روح الرب" (اش11: 2) – (حز11: 5). (أع5: 9).

" روح السيد الرب" (اش61: 1).

 "روح الرب صانعنى" (أي33: 4).

 " روح الحق" (يو14: 17)  (يو15: 26).   

" روح الحياة" (رو8: 2)

روح الله (أع5: 9).

" روح إبنه" (غل4: 6) " روح المسيح" (1بط1: 11).

" روح الله القدوس" (أف4: 30)، (2كو3: 3).

 

 

أن الروح القدس هو الله. الكتاب المقدس يقول لنا أيضا أن للروح القدس عقل وارادة.



(أعمال الرسل 3:5-4) فى هذا العدد يواجه بطرس حنانيا بكذبه على الروح القدس ويقول له أنه "لم يكذب على أنسان بل الى الله" . هذا يوضح لنا أن الكذب على الروح القدس هو كذب على الله. يمكننا أيضا معرفة أن الروح القدس هو اله لأن لديه العديد من صفات الله على سبيل المثال وجوده اللامحدود نراه فى (مزمور 7:139-8) " أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب. أن صعدت الى السموات فأنت هناك. وأن فرشت فى الهاويه فهل أنت". وأيضا فى (كورونثوس الاولى 10:2) نحن نرى صفه اللامحدوديه فى الروح القدس " فأعلنه الله لنا بروحه . لأن الروح يفحص كل شىء حتى أعماق الله . لأن من من الناس يعرف أمور الانسان ألا روح الانسان الذى فيه . هكذا أيضا أمور الله لا يعرفها أحد ألا روح الله".

يمكننا معرفه صفات شخصية الروح القدس حيث أن لديه عقل ، مشاعر ، وأرادة. ان الكتاب المقدس يذكر أن الروح القدس يفكر ويشعر ( كورونثوس الاولى 10:2) . الروح القدس يحزن ( أفسس 30:4) . الروح القدس يعضدنا (روميه 26:8-27). الروح القدس يتخذ قرارات بحسب مشيئته ( كورونثوس الاولى 7:12-11). فأن الروح القدس أيضا هو المعزى الذى وعدنا به يسوع المسيح في (يوحنا 16:14 و 26 و 26:15 ).

 

هناك العديد من المفاهيم الخاطئه عن شخصية الروح القدس. أن البعض يرون الروح القدس كقوة خفيه. والبعض الآخر يفهمون الروح القدس كقوة يتيحها الله لأتباعه.

 

 

 ـ "ما من أحد يستطيع أن يقول "يسوع رب" إلا بالروح القدس" (1 كو 12: 3) "أرسل الله إلى قلوبنا روح ابنه ليصرخ: أبا، أيها الآب" (غل 4: 6 ). فهذه المعرفة الإيمانية غير ممكنة إلا بالروح القدس. فهو الذي يؤتى إلينا، ويبعث فينا الإيمان. وبفضل المعمودية، السر الأول من إسرار الإيمان، فالحياة، النابعة من الآب ،والمقدمة لنا في الابن، تصل إلينا، بطريقة حميمة وشخصية، بالروح القدس في الكنيسة:

 

ـ الروح القدس هو الأول، بنعمته، في يقظة إيماننا، وفي الحياة الجديدة التي هي معرفة الآب والذي أرسله، يسوع المسيح. ومع ذلك فهو الأخير في الكشف عن اقانيم الثالوث الأقدس.

 

 ـ الإيمان بالروح القدس هو إذن الاعتراف بان الروح القدس هو احد أقانيم الثالوث الأقدس، الواحد الجوهر مع الآب والابن، "المعبود والممجد مع الآب والابن".

 

 ـ الروح القدس يعمل مع الآب والابن منذ بدء تصميم خلاصنا حتى نهايته ولكنه لم يكشف، ولم يوهب، ولم يعترف به ولم يعد أقنوماً، إلا "في الأزمنة الأخيرة" التي أفتتحها تجسد الابن الفدائى وهكذا فهذا التصميم الإلهي، المحقق في المسيح، "بكر" الخليقة الجديدة ورأسها، يستطيع أن يتجسد في البشرية بفيض الروح القدس: الكنيسة، شركة القديسين، غفران الخطايا، قيامة الجسد، الحياة الأبدية.

 

 ـ "ليس أحد يعرف ما في الله إلا روح الله" (1 كو 2: 11) والحال أن روحة الذي يكشفه يجعلنا نعرف المسيح كلمته كلامه الحي ولكنه لا يقول عن نفسه ما هو

          فهو يسمعنا كلام الآب أما هو فلا نسمعه  .

 

 – وإذ كانت الكنيسة هي الشركة الحية لإيمان الرسل الذي تنقله فهي موضع معرفتنا للروح القدس

·  في الكتب التي أوحي بها

·  في التقليد وآباء الكنيسة له شهود أبدا حاليون

·  في سلطة الكنيسة التعليمية التي يرافقها

·  في ليترجيا الأسرار من خلال أقوالها ورموزها حيث يجعلنا الروح القدس قي شركه مع المسيح

·  في الصلاة التي يشفع لنا فيها

·  في المواهب والخدمات التي تبنى بها الكنيسة

·  في علامات الحياة الرسولية والإرسالية

·  في شهادة القديسين حيث يظهر قداسته ويواصل عمل الخلاص

لاهوت الروح القدس و صفاته  اللاهوتيه

 

1-  أنه في الثالوث القدوس.

إنه واحد مع الآب والأبن. وفي ذلك يقول السيد المسيح الرب أرسله القديسين " تلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والآبن والروح القدس" (أع28: 19) ونلاحظ هنا أنه يقول " باسم " وليس باسماء…

وفي رسالة القديس يوحنا الأولي، إذ يقول " فإن الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب والكلمة (اللوجوس) والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد" (1يو5: 7 ).

2-    أنه الحي ومعطي الحياة.

   نصفه  في قانون الإيمان  بأنه " الرب المحيى ".

يسميه بولس الرسول في (رو8: 2) انه روح الحياة .

: أنه هو الذي يحيى الموتى (حز37: 9، 10)

. ومن الذي يستطيع أن يحيى الموتي ويقيهم، إلا الله وحده.

الروح القدس هو أقنوم الحياة. هو مصدر الحياة في العالم كله، سواء الحياة بمعني الوجود أو البقاء، أو الحياة مع الله.

3- أنه مصدر الوحى.

" لأنه لم تأت نبوءة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بط1: 21).

ومادام الوحى من الروح القدس، إذن هو من الله، لأنه من روح الله.

" كل الكتاب موحي به من الله، ونافع للتعليم" (2تى3: 16).

" حسناً كلم الروح القدس آباءنا بأشعياء النبى قائلاً.." (أع28: 25 – 27).

 وكمثال لهذا الوحي قال حزقيال النبى "… وحل على روح الرب وقال لي : قل هكذا قال الرب…" (حز11: 5). ويقول الوحي الإلهى في سفر اشعياء النبى " أما أنا فعهدي معهم -قال الرب- روحى الذي عليك وكلامى الذى وضعته في فمك لا يزول من فمك، ولا من فم نسلك… من الآن وإلى الأبد" (اش59: 21).

ونصفه  في قانون الإيمان  بأنه " الناطق في الأنبياء ".

4- الروح القدس اشترك مع الآب والإبن في عملية الخلق.

فكما قيل عن الآب إنه بالإبن قد عمل العالمين (عب1: 2) " فإنه فيه خلق الكل ما في السموات وما على الأرض… الكل به وله قد خلق" (كو1: 16)

" كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان" (يو1: 3)…

هكذا يقول الكتاب عن الروح القدس:

" ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الأرض" (مز104: 30).

وقيل في سفر أيوب الصديق " روح الرب صنعنى" (أى 33: 4).

وهذا يدل على لاهوت الروح القدس، لأن القدرة على الخلق خاصة بالله وحده.

5- ازلية الروح القدس :

كما قيل عن السيد المسيح " فكم بالحرى دم المسيح، الذي بروح أزلى قدم نفسه لله بلا عيب" (عب9: 14).

6- وجوده في كل مكان.

وفي ذلك قال داود النبى للسيد الإله " أين أذهب من روحك؟! ومن وجهك أين أهرب ؟! إن صعدت إلى السموات فأنت هناك وإن فرشت في الهاوية فها أنت" (مز139: 7) . و الموجود في مكان هو الله.

ومن الدلاله على وجوده في مكان، عمله فينا.

يقول بولس الرسول " أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم" (1كو3 : 16) وأيضاً " أم لستم تعلمون ان جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم"

 ( 1كو6: 19). وسكنى الروح في كل المؤمنين، في كل أقطار الأرض، يدل على وجوده في مكان، وبالتالي على لاهوته.

إذن روح الله في كل مكان، يعمل في المؤمنين ويحل فيهم.

7- أنه عالم بكل شئ.

كما يقول القديس بولس الرسول "… لأن الروح يفحص كل شئ حتى أعماق الله" ( 1كو2: 10). 

 " وهكذا أيضاً أمور الله، لا يعرفها أحد إلا روح الله " (1كو2: 11). ويقول لنا الرب عن الروح القدس " يرشدكم إلى جميع الحق" ( يو16: 13) " يعلمكم كل شئ، ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يو14: 26).

8- الروح القدس قادر على كل شئ:

ومن صفات الروح في نبوءة اشعياء إنه " روح القوة" (اش11: 2). وهكذا يتحدث القديس بولس الرسول عن كرازته إنها كانت بقوة آيات وعجائب، بقوة روح الله" ( رو15: 19).

ويقول أيضاً  " برهان الروح والقوة… بقوة الله" (1كو2: 4). والسيد الرب يقول هذا، كما ورد في سفر زكريا النبى " لا بالقدرة ولا بالقوة، بل بروحي قال رب الجنود" (زك4: 6).

9- أنه مانح المواهب الفائقة.

 فإن كل المواهب ينسبها الكتاب إلى الروح القدس كما ورد في إصحاح المواهب (1كو12)، إذ يقول الرسول: " فأنواع مواهب موجودة، ولكن الروح واحد ".. (1كو12: 4). وبعد أن ذكر انواع المواهب ومنها الحكمة، والإيمان، ومواهب الشفاء، وعمل القوات، والنبوة وتميز الأرواح، والألسنة وترجمتها، وقال " ولكن هذه كلها يعمل الروح الواحد بعينه، ٌقاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء" (1كو12: 11). وطبيعى لا يمكن أن يمنح كل هذه المواهب، إلا الله.

10 – الروح القدس هو " المعزى البارقليط" (يو16: 7 ).

هذا المعزي، روح الله، حل على التلاميذ في يوم الخمسين (أع2: 1 4). وهو الذى وعد به الله في سفر يوئيل النبى قائلاً " ويكون بعد ذلك أنى اسكب روحى على كل بشر، فيتنبأ بنوكم وبناتكم، ويحلم شيوخكم أحلاماً، ويري شبابكم رؤي" ( يؤ2: 28). وقد ذكر القديس بطرس أن هذه النبوءة تحققت في يوم الخمسين (أع2 : 16، 17).

 ووصف هذا المعزى بصفات إلهية، فقال:

أ إنه " يمكث معكم إلى الأبد" (يو14 ك 16). إذن فهو ليس إنساناً يمكث معهم فترة ويموت، إنما هو روح الله الذي يمكث معهم إلى الأبد، بل قال عنه أكثر من ذلك إنه:

ب " ماكث معكم ويكون فيكم" (يو14: 17). وعبارة " يكون فيكم " لا ينطبق على إنسان. وقال عنه أيضاً :

ج " لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه" (يو14: 17). وهذه العبارة أيضاً لا تنطبق على إنسان يراه الناس ويعرفونه.

كيف قسم اللاهوتيون عمل الروح القدس؟

* قسموه بطرق مختلفة:

(1) في ما يتعلَّق بالعمل بهم:

 (أ) عمله المختص بالمسيح، كاشتراكه في تهيئة جسده، وحلوله عليه طول حياته كما أنبأ إشعياء (إش 11: 2 و42: 1 و61: 1). وقد ذكر الإنجيل تحقيق تلك النبوات، فقد حلَّ الروح عليه عند معموديته، وأصعده الروح إلى البرية ليُجرَّب من إبليس، ورافقه طول حياته.

(ب) عمله في الأنبياء وهو مساعدته لهم في الكلام والعمل، وإلهامهم وعصمتهم والوحي إليهم وإرشادهم في ما كتبوه من أسفار العهدين القديم والجديد.

 (ج) عمله في المؤمنين أفراداً، مثل مرافقته للكلمة في قلوبهم، وإنارتهم وتجديدهم وتعليمهم وإرشادهم وتقديسهم وتعزيتهم وتشجيعهم وتقويتهم، وشهادته لأرواحهم أنهم أولاد الله.

(د) عمله في الكنيسة، فقد حلَّ في المؤمنين يوم الخمسين، ثم أخذ يجمع المسيحيين الحقيقيين في كنيسة واحدة روحية يبنيها في الإيمان والتقوى، ويزيد عددها ويساعدها على الثبات أمام مقاوميها، وعلى بنيان ملكوت المسيح ببشارة الإنجيل في كل العالم، ويختار خدّامها ويعيّن لكلٍ منهم عمله، ويعطيه مواهب مخصوصة تمكنه من إتمام واجباته، ويحضر في اجتماعات الكنيسة لأجل العبادة والبحث في ما يخص بنيان ذلك الملكوت، ويبارك على مشروعات الكنيسة الخيرية لانتشار الإنجيل وتعليم الحق لجميع الأمم. وكثيراً ما يعمل بطريقة غير عادية في تحريك عواطف المسيحيين وحثّهم على الصلاة. وقد استيقظت الكنيسة بعمله هذا مراراً كثيرة من غفلتها، ونجحت في إقناع الناس بالحق، وإعادتهم إلى الإيمان المسيحي، لأن الروح رافق اجتهادها وبارك تعليمها.

(2) قسموا طبيعة عمل الروح القدس إلى:

 (أ) الإعلان وهو يعمُّ الوحي للأنبياء والرسل والكتبة الأطهار، وكشف الحقائق الروحية لعقول البشر وإقناعهم بها، وإرشادهم لفهم التعاليم الموحى بها. وهذا ما يُسمى غالباً بالإنارة الروحية.

(ب) التجديد وهو «الولادة من فوق» وهو عمل سري في قلوبنا به نقوم من الموت الروحي ونرجع إلى الله ونحيا حياةً جديدة روحية. وقد يتم التجديد بدون إدراك الحق، كتجديد الأطفال. لكنه يتم في البالغين بفعل نعمة الله بواسطة التعليم والتبشير والانتباه العقلي للحق الديني.

 (ج) التقديس، وهو ما يعمله الروح في المؤمنين لتربيتهم في القداسة ونموهم في الفضائل والتقوى والاختبار الروحي. وهو يستعمل لذلك وسائط كثيرة فيجعل الحق مؤثراً فيهم ويرافقهم في حياتهم اليومية ويحوّل مصائبهم وأثقالهم واختباراتهم لخيرهم وبنيانهم وتقدمهم في الحياة الروحية ونموهم على الدوام في المعرفة، وفهم الحقائق الإلهية.

(3) قسموا عمل الروح القدس في بنيان الكنيسة إلى:

 (أ) خارجي: وهو ما عمله استعداداً لإقامة الكنيسة،

(ب) داخلي: وهو ما يعمله في قلب كل المؤمنين ليبني الكنيسة وينميها في الروحيات ويساعدها على أعدائها. 

 

 

 

الروح القدس في العهد القديم

***************************************

 

إن الروح القدس، روح الله القدوس موجود منذ الأزل

 

1- منذ بدء الخليقة، وفي أول اصحاح من سفر التكوين، يقول الكتاب:

روح الله يرف على وجه المياه" (تك1: 2).

 

2-  اشترك الروح في عملية الخلق، إذ يقول المزمور " ترسل روحك فتخلق، وتجدد وجة الأرض" (مز104: 30).

3- روح الله هو الذي تكلم من أفواه الأنبياء.

كما نقول عنه في قانون الإيمان "الناطق في الأنبياء".

 وكما يقول القديس بطرس الرسول " لم تأت نبوءة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بط1: 21).

 ويقول القديس بولس الرسول " حسن كلم الروح القدس آباءنا باشعياء النبى قائلاً…" (أع28: 25).

ما أجمل قول نحميا، وهو يتذكر عمل روح الرب مع شعبه في إرشادهم عن طريق الوحى فيقول " وأعطيتهم روحك الصالح، لتعليمهم" (نح9: 20).

"قال الرب لزربابل ومن معه على فم حجي النبى " تشدد يا زربابل… وتشددوا يا جميع شعب الأرض… فإنى معكم يقول رب الجنود، حسب الكلام الذي كلمتكم به عند خروجكم من مصر، وروحى قائم في وسطكم" (حج2: 4، 5).

إذن روح الله كان قائماً في وسطهم، سواء أحسوا بهذا أم لا. وهو الذي كان يقودهم ويقويهم ويشجعهم في غربتهم.

4- روح الرب يحل على اشخاص  فيتنبأوا.

قال الرب لموسى النبى أن يجمع سبعين شيخاً لكى يساعدوه في الخدمة. ثم يقول الكتاب "فنزل الرب في سحابة وتكلم معه. وأخذ من الروح الذي عليه، وجعل على السبعين رجلاً الشيوخ. فلما حل عليهم الروح تنباوا" (عد11: 24، 25).

ويقدم لنا  الكتاب أيضاً : رجلين آخرين بقيا في المحلة إسم الواحد ألداد، وإسم الاخر ميداد. " فحل عليهما روح الرب… فتنبآ في المحلة" (عد 11: 26).

 وهنا يبدو أن روح الرب قد عمل في كثيرون، ومنحهم موهبة النبوة، ولو لوقت محدود. أما الشيوخ فاستمر فيهم روح الرب ليمنحهم الحكمة في القيادة.

 قال الرب لموسى النبى " خذ يشوع بن نون رجلاً فيه روح. وضع يدك عليه… واجعل من هيبتك عليه، لكى يسمع له كل جماعة بنى اسرائيل" (عد27: 18). وهنا نرى أن يشوع بن نون كان فيه روح الرب، ولكنه احتاج لوضع يد موسى لكى ينال من الروح موهبة القيادة وطاعة الشعب له…

كذلك حل روح الرب على شاول الملك لما مسحه صموئيل النبى " وأعطاه الله قلباً آخر ". ولما حل عليه روح الرب تنبأ، حتى تعجب جميع الذين عرفوه ن قبل وقالوا: " أشاول أيضاً بن الأنبياء؟!" (1صم10: 9 11).

5-  روح الرب يحل على بعض الحرفيين ليعطيهم حكمة في الصناعة الخاصة بالكهنوت.

مثال ذلك بصلئيل الذي أمتلأ من روح الله بالحكمة والفهم لعمل كل ما يلزم لخيمة الاجتماع

(خر31: 3). وكذلك حكماء القلوب الذين ملأهم الرب من روح الحكمة لكى يصنعوا ثياب الكهنوت لهرون (خر28: 3).

6- روح الرب يحل على اشخاص ليكرسهم له

 شمشون الجبار، وكان نذيراً للرب من بطن أمه (قض13: 5)، وقد بشر ملاك الله بولادته. هذا قيل عنه إن الرب باركه " وقيل أكثر من مرة إن روح الرب حل عليه ( قض4: 6، 19) (قض15: 14).

7-  الروح القدس في العهد القديم، يقود أحياناً بعض الملوك الأمميين، لصالح شعبه.

ونذكر من بين هؤلاء ثلاثة من ملوك فارس وما فعلوه من أجل إعادة بناء بيت الله وبناء سور أورشليم مما ورد في سفر عزرا ونحميا " ففي بدء السنة الأولى لكورش ملك فارس " نبه الرب روح كورش ملك فارس" (عز1: 1)، فإمر ببناء بيت الله في أورشليم، وأعاد آنيه بيت الرب التى أخرجها نبوخذ نصر من أورشليم (عز1: 7)، مع الإنفاق على كل هذا. وهكذا فعل داريوس الملك ( عز6: 3 12). (عز7: 11 25).

 

8- المسحة المقدسة في العهد القديم

  المسحة المقدسة، التى كان يحل بها روح الرب، وكان يمسح بها الكهنة والملوك والأنبياء (خر30: 30) (لا8: 30) (1مل19: 15).

و استخدمت المسحة المقدسة في مسح بيت الله ولعلنا نجد أصداء لهذا الأمر في تدشين يعقوب أبى الآباء لأول بيت لله في التاريخ (تك28: 10 19).

وهكذا كان يمسح بيت الرب.كل مذابحه، فتتقدس بروح الرب وتتكرس لخدمته. (لا8: 10، 11).

ملاحظات  :

 1-  طريقة منح الله لروحه القدوس :

فموسى النبى يأخذ الروح مباشرة من الله، ثم يمنحه لهرون وبنيه، عن طريق المسحه التى من وضع الله نفسه. كان ممكناً لله أن يمنح الكهنوت لهرون وبنيه، بروحه القدوس، مباشرة. ولكنه لم يشأ ذلك، وإنما أراد أن يكون ذلك عن طريق عبده موسى الذي جعله أميناً على كل بيته.

وكان ممكناً أن يمنح الله الروح القدس لداود مباشرة.

ولكنه شاء أن يكون ذلك عن طريق عبده صموئيل، وبواسطة المسحة المقدسة التى هي من وضع الله نفسه. علينا إذن من هذا الأمر، أن نفهم طريقة الله في التعامل مع البشر، وخطة الله في اتخاذ وكلاء له من البشر، يأتمنهم على الأمور المختصة بملكوته.

كذلك نلاحظ أمراً هاماً جداً في إقامة السبعين شيخاً.

لم يمنحهم الله الروح من عنده مباشرة. إنما أخذ من الروح الذي على موسى وجعله عليهم، فحل عليهم الروح (عد11: 24).

 ونقف هنا  أمام عبارة " أخذ الرب الروح الذي على موسى ". إنه وكيله، ويريد أن الشيوخ يعترفون بمصدره الإلهى.

2-  كان روح الرب في العهد القديم يحل على أفراد.

كما حل على الأنبياء، وعلى بعض الملوك فتنبأوا، وعلى السبعين شيخاً وغيرهم فتنبأوا. وحل على البعض فأعطاهم مواهب، كما أعطي شمشون قوة خارقة. وكما أعطى بصالئيل حكمة ومعرفة في صنع كل ما يخص خيمة الاجتماعإلا أنه لم يكن عاماً كحلوله في العهد الجيد يصير جميع المؤمنين هياكل للروح القدس، وهو يسكن فيهم.

وعن هذا الحلول العام، وردت نبوءة في العهد القديم.

مثل قول الرب في سفر حزقيال النبى " وانزع قلب الحجر من لحمكم، وأعطيكم قلب لحم. واجعل روحى في داخلكم. واجعلكم تسلكون في فرائضى" (حز36: 26 / 27). وكذلك النبوءة التى وردت في سفر يويل النبى وتحققت في يوم الخمسين (يوء2: 28 ). ولكن لعل الجميع في العهد القديم لم يكونوا مستحقين لحلول روح الله فيهم بصفه عامة، لانحرافهم عن الإيمان، ولقسوة قلوبهم، ووقوعهم أحياناً في الوثنية.

 

 

الروح القدس في فترة ما بين العهدين

وفي العهد الجديد

 

كانت فترة عمل عميق من الروح القدس، وبخاصة في الأحداث التى عاصرت البشارة والتجسد. وسنخلصها في النقاط الآتية:

1 أهم عمل للروح القدس، كان عمله في التجسد الإلهى:

الروح القدس الذي طهر العذراء من الخطيئة الاصلية اتحبل بالابن يسوع المسيح

وقيل عن القديسة مريم العذراء إنها "وجدت حبلى من الروح القدس" (متى1: 18). وكان جبرائيل الملاك قد بشرها قائلاً

 " الروح القدس يحل عليك، وقوة العلى تظللك. فذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعي أبن الله" (لو1: 35).

وعندما راودت الأفكار يوسف النجار من جهة حبل مريم، وقال له ملاك الرب " الذى حبل به فيها، هو من الروح القدس" (متى1: 20).

الروح القدس ساعد على تكوين جسد المسيح في بطن العذراء بدون زرع بشر، لذلك نقول في القداس الإلهى عن السيد المسيح الرب " الذى من الروح القدس ومن مريم العذراء، تجسد وتأنس ".

 ونقول في قانون الإيمان " نزل من السماء، وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنس ". والروح القدس أيضاً قدس مستودع السيدة العذراء أثناء الحبل الإلهى، حتى أن المولود منها لا يرث شيئاً من الخطية الجدية الأصلية.

 

 قال ملاك الرب لزكريا في البشارة بميلاد يوحنا المعمدان:

ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس" (لو1: 15).

ولعل هذه أول إشارة في الإنجيل عن الامتلاء من الروح القدس. ولعله بسبب امتلاء يوحنا بالروح القدس وهو في بطن أمه، أن أمه قالت للقديسة العذراء لما زارتها "هوذا حين صار صوت سلامك في أذنى، ارتكض الجنين بابتهاج في بطني" (لو1: 44) . ارتكض بابتهاج، لأنه أحس بالروح وهو جنين، أنه أمام جنين آخر في بطن العذراء هو المسيح، فإبتهج بلقائه، وارتكض متحركاً لهذا اللقاء…!

 

3 امتلاء أليصابات من الروح القدس:

لما دخلت القديسة العذراء بيت زكريا، سلمت على زوجة أليصابات. وهنا يقول الكتاب " فلما سمعت أليصابات سلام مريم، ارتكض الجنين في بطنها، وامتلأت اليصابات من الروح القدس" (لو1: 41))… ترى أية قوة روحية كانت في هذا السلام؟!

4 امتلاء زكريا الكاهن من الروح القدس:

بعد ولادة يوحنا المعمدان، انفتح فم زكريا أبيه وتكلم وبارك الرب "وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس وتنبأ قائلاً.." (لو1: 64 67). وهنا نرى أسرة بأكملها تمتلئ كلها من الروح القدس: الأب، والأم والإبن وهو جنين. ومع الأب موهبة النبوة، ومع الأم موهبة الكشف الروحى الذى عرفت به أن مريم هي أم الرب، وأنها آمنت "أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" (لو1: 43 45).

5 عمل الروح القدس في سمعان الشيخ:

يقول الانجيل المقدس إن " الروح القدس كان عليه " وكان " قد أوحي إليه بالروح القدس "إنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب

. وإنه أتى "بالروح" إلى الهيكل (لو3: 25 27). ولذلك أمكنه بالروح أن يتعرف على المسيح وهو طفل، ويتنبأ نبوءات بشأنه…

ولا شك أن حنة النبية كانت بنفس الوضع في تسبيحها وكلامها عن الرب (لو2 ك 38).

6 الروح القدس قبيل العماد وأثناءه:

حل الروح القدس على السيد المسيح بهيئة حمامة (لو3: 22) (متى3: 16). والروح القدس هو أيضاً الذى أرشد يوحنا المعمدان إلى معرفة المسيح. وهو نفسه قال " وأنا لم أكن أعرفه. لكن الذى أرسلنى لأعمد بالماء، ذاك قال لي: الذى ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه، فهذا هو الذى يعتمد بالروح القدس" (يو1: 23).

 

 

الروح القدس في كنيسة الرسل

 

حلول الروح القدس كان بدء عمل الكنيسة المسيحية.

لقد بدأ السيد المسيح في تكوين الكنيسة حينما اختار الرسل الأثنى عشر وأرسلهم ( متى10: 1 16). ثم أختار سبعين آخرون وأرسلهم (لو10: 1 20)، مع مجموعات متفرقة من أحبائة وتلاميذه هنا وهناك.

 ولكنه على الرغم من اختيار الرسل لم يسمح لهم بأن يبدأوا الكرازة إلا بعد حلول الروح القدس عليهم. فكان ذلك الحدث العظيم هو نقطة التحول العظيم في بدء الكرازة على أوسع نطاق.

فالروح القدس هو الذى منح القوة اللازمة للعمل الكرازى.

كان ارسال الروح القدس هو وعد من الرب" (يو14: 26) (يو15: 26) (يو16: 7). ولكنه مع ذلك قال لهم "ها أنا أرسل إليكم موعد أبى. فأقيموا في مدينة أورشليم، حتى تلبسوا قوة من الأعالى" (لو24: 49).

فمن أين تأتيهم تلك القوة؟ قال لهم عن هذا "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم. وحينئذ تكوون لى شهوداً وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض" (أع1: 8)..

كان روح الله لازماً جداً لهم، وبدونه لا يعملون:

وسنرى كيف عمل الروح القدس معهم في الكرازة والتعليم.

فانتظروا حسب أمر الرب. وكل أعدادهم السابق للخدمة على مدي أكثر من ثلاث سنوات، لم يكن يغنيهم عن الروح القدس وعمله وبهم. ولعل هذه الأيام العشرة التى أنتظروها كانت أيام صلاة ورجئ واستعداداً من القلب للعمل المقبل…

 

 

الروح القدس يعمل في الخدام. وهو الذى يعينهم:

هو الذى حل على الرسل في يوم الخمسين، ولم يبدأوا خدمتهم إلا بعد حلوله عليهم . وكان الامتلاء من الروح القدس شرطاً للخدمة، ليس فقط لدرجة الرسولية، إنما حتى للشمامسة إذ قال الرسول للشعب حينما أرادوا سيامة الشمامسة " انتخبوا أيها الرجال الاخوة سبعة رجال منكم مشهوداً لهم ومملوئين من الروح القدس والحكمة، فنقيمهم على هذه الحاجة" (أع6: 3)

. وكان الروح القدس هو الذى يدعو ويختار الخدام، كما قال "افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذى دعوتهما اليه" (أع13 :2) وهذان بعد وضع الأيدى عليهما، قيل أنهما " أرسلا من الروح القدس" (أع13 : 4). وقد قال القديس بولس الرسول لأساقفة أفسس "احترزوا إذن لأنفسكم ولجميع الرعية التى أقامكم الروح القدس فيها أساقفة" (أع20: 28).

والروح القدس كان هو الذى يحرك الخدام:

ففي قصة عماد الخصى الذى كان يقرأ نبوءة اشعياء في مركبته " قال الروح لفيلبس: تقدم ورافق هذه المركبة" (أع8: 28، 29).

وفي قصة عماد كرنيليوس لما وصل رجاله إلى بطرس " قال له الروح: هوذا ثلاثة رجال يطلبونك. قم وانزل واذهب معهم غير مرتاب في شئ. لأنى أنا قد أرسلتهم" ( أع 10: 19، 20). وفي خدمة بولس وسيلا ومن معهم " منعهم الروح أن يتكلموا بالكلمة في آسيا. فلما أتوا إلى ميسيا، حاولوا أن يذهبوا إلى بيثينية فلم يدعهم الروح" (اع16: 6، 7). وأخيراً دعاهم لتبشير مكدونية

 وفي رؤيا يوحنا يقول " فمضى إلى جبل عظيم عال، ورأيت المدينة العظيمة أورشليم…" ( رؤ21: 10). والقديس بولس الرسول يقول " والآن ها أنا اذهب إلى أورشليم إلى مقيداً بالروح، لا أعلم ماذا يصادفني هناك" (أع20: 21، 22)

 

طريقة حلول الروح القدس

                                                    

1 حل الروح القدس عليهم بهيئة ألسنة من نار. وكان نتيجة ذلك أن "امتلأ الجميع من الروح القدس" (أع2: 4). وصاروا يتكلمون بألسنة كل الشعوب المجتمعة في ذلك اليوم العظيم (حوالى 15 شعباً) متحدثين بعظائم الله (أع2: 9 11). وألقى بطرس كلمة، كانت نتيجتها أن نخس السامعون في قلوبهم، وقبلوا الكلام بفرح، واعتمد في ذلك اليوم ثلاثة الآف نفس (أع2: 37، 41).

2 ولكنهم فيما بعد كانوا يمنحون الروح القدس بوضع اليد. كما حدث لأهل السامرة، أذ يقول الكتاب إن الرسل أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا " اللذين لما نزلا ، صليا لأجلهم لكى يقبلوا الروح القدس " " حينئذ وضعا الأيادى عليهم، فقبلوا الروح القدس" (أع8: 15، 17). وكما حدث أيضاً لأهل أفسس، إذ يقول سفر أعمال الرسل "فلما وضع بولس يديه عليهم، حل الروح القدس عليهم، فطفقوا يتكلمون بألسنة ويتنبأون" (أع19: 6).

3 ثم صار منح الروح القدس بالمسحة المقدسة.

ولذلك لم تكن هناك فرصة لوضعه أيدى الرسل، بعد أنتشار المسيحية في بلاد عديدة . لذلك استخدمت المسحة التى هي حالياً الميرون المقدس. وقد أشار القديس يوحنا الرسول إلى هذه المسحه فقال " وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس…" (1يو12: 20) وأيضاً " وأما أنتم فالمسحة التى أخذتموها منه ثابته فيكم…" (1يو2: 27) [ أنظر أيضاً 2كو1: 31 ].

4 أما الكهنوت فقد أخذه الرسل بالنفخة المقدسة.

إذ أن السيد المسيح نفخ في وجوههم "وقال لهم: اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له. ومن أمسكتمم خطاياه أمسكت" (يو20: 22، 23).

 فالروح القدس الذى فيهم كان يغفر الخطايا أو ممسكها. عن طريقهم.

 

رموز الروح القدس

694 – الماء: رمز الماء يعبر عن عمل الروح القدس في المعمودية إذ انه يصبح بعد استدعاء الروح القدس العلامة السرية الفاعلة في الولادة الجديدة فكما أن حبل ولادتنا الأولى جرى في الماء كذلك يعنى ماء المعمودية في الحقيقة أن ولادتنا للحياة الإلهية نعطاها في الروح القدس ولكن "إذ كنا معمدين في الروح واحد" فنحن "مقيون من روح واحد" (1 كو 12: 13): فالروح هو إذن شخصياً الماء الحي الذي يتفجر من المسيح المصلوب كما من ينبوعه، والذي ينفجر فينا حياة أبدية .

695 ـ المسحة: رمز المسح بالزيت يعنى أيضا الروح القدس، إلى حد انه يصبح مرادفاً له. وهو، في التنشئة المسيحية، العلامة الأسرارية لسر التثبيت، الذي تدعوه بحق كنائس الشرق "سر الميرون". ولكن، لكي ندرك كل قوة تلك المسحة، يجب الرجوع إلى المسحة الأولى التي قام بها الروح القدس: مسحة يسوع. فالمسيح (واللفظة مشتقة من العبرية "ماسيا" يعنى "المسوح" من روح الله هناك أناس "ممسوحون" من قبل الرب في العهد القديم، وبنوع خاص الملك دواد. ولكن يسوع هو الممسوح من الله بشكل فريد: فالبشرية التي اتخذها الابن هي بكاملها "ممسوحة من الروح القدس" فيسوع قد أقيم "مسيحا" بالروح القدس.

      وبالروح القدس حبلت مريم العذراء بيسوع وهو الذي بواسطة الملاك أعلن بيسوع مسيحا عند ولادته، وحمل سمعان على المجيء على الهيكل ليشاهد مسيح الرب وهو الذي ملأ المسيح، وقدرته هي التي كانت تخرج من المسيح لدى قيامه بأعمال شفاء وخلاص. وهو الذي أخيرا أقام يسوع من بين الأموات. ويسوع إذ ذاك، وقد أقيم بشكل كامل "مسيحا" في بشريته المنتصرة على الموت، يفيض بسخاء الروح القدس، إلى أن يكون القديسون، في اتحادهم ببشرية ابن الله، "هذا الإنسان الكامل (..) الذي يحقق ملء المسيح" (أف 4: 13): "المسيح الكلى" بحسب تعبير القديس أوغسطينوس .

696 ـ النار فيما الماء تعنى الولادة وخصب الحياة التي يهبها الروح القدس، ترمز النار إلى قدرة أعمال الروح القدس المحولة فالنبي إيليا، الذي "قام كالنار، وكان كلامه يتوقد كالمشعل" (سير 48: 1) أنزل على ذبيحة جبل الكرمل نار السماء، وهى صورة النار الروح القدس يحول ما يلمسه ويوحنا المعمدان، "الذي سار أمام الرب بروح إيليا وقدرته" (لو 1: 17 )، بشر بالمسيح معلنا أنه هو "الذي سيعمد بالروح القدس والنار" (لو 3: 16 )، هذا الروح الذي سوف يقول عنه يسوع: "لقد جئت لألقى على الأرض ناراً، وكم أود لو تكون قد اضطرمت" (لو 12: 49) وبهيئة ألسنة "كأنها من نار"، حل الروح القدس على التلاميذ في صباح العنصرة، وملأهم منه ولقد حفظ التقليد الروحي رمز النار هذا كأفصح تعبير عن عمل الروح القدس : "لا تطفئوا الروح" (1 تس 5: 19)

697 ـ السحابة والنور. هذان الرمزان لا ينفصلان في تجليات الروح القدس. فالسحابة منذ ظهورات الله في العهد القديم، تارة مظلمة وتارة منيرة، تكشف الله الحي والمخلص، وهى تحجب سمو مجده: مع موسى على جبل سيناء، وفى خيمة الموعد، وفى أثناء المسيرة في الصحراء، ومع سليمان لدى تكريس الهيكل. فهذه الصور قد أتمها المسيح في الروح القدس. فالروح القدس هو الذي حل على مريم العذراء وظللها لتحبل بيسوع وتلده وهو الذي، على جبل التجلي، "أتى في السحابة التي ظللت" يسوع وموسى وإيليا، وبطرس ويعقوب ويوحنا. وانطلق من السحابة صوت يقول :" هذا هو ابني، مختاري، فاسمعوا له " (لو 9: 35 )، والسحابة عينها هي أخيراً التي "أخذت يسوع عن عيون التلاميذ في يوم صعوده إلى السماء، والتي سوف تكشف أنه ابن البشر في مجده في يوم مجيئه الثاني".

698 ـ الختم: هو رمز قريب من رمز المسحة. فالمسيح هو "الذي ختمه الله نفسه" (يو 6: 27) وفيه يختمنا الآب نحن أيضا. وإن صورة الختم، لكونها تدل على مفعول مسحة الروح القدس الذي لا يمحى في أسرار المعمودية والميرون والكهنوت قد استعملها بعض التراثات اللاهوتية لتعبر عن "الوسم" الذي لا يمحى الذي تطبعه تلك الأسرار التي لا يجوز تكرارها للشخص الواحد .

699 ـ اليد: إن يسوع، بوضعه يديه، شفى المرضى وبارك الأولاد الصغار. وكما فعل هو فعل الرسل على مثاله وباسمه وأفضل من ذلك فالروح القدس إنما يعطى بوضع ايدي الرسل وتورد الرسالة إلى العبرانين وضع الايدي في عداد "الأمور الأساسية" من تعليمها. وتلك العلامة لسكب الروح القدس بكامل قدرته، قد حفظتها الكنيسة في صلوات استدعاء الروح القدس في الأسرار.

700 ـ الإصبع: كان يسوع "بإصبع الله يخرج الشياطين" وإن كانت شريعة الله قد كتبت على ألواح من حجر "بأصبع الله" (خر 31: 18 )، فإن "رسالة المسيح" التي فوضت إلى الرسل، "قد كتبت بروح الله الحي لا في ألواح من حجر، بل في ألواح من لحم، في القلوب" (2 كو 3: 2)

 

701 ـ الحمامة في نهاية الطوفان (الذي يتعلق رمزه بالمعمودية)، عادت الحمامة التي أطلقها نوح وفى فمها ورقة زيتون خضراء، دلالة على أن الأرض صارت من جديد قابلة للسكنى. وعندما خرج المسيح من ماء معموديته، نزل الروح القدس بهيئة حمامة وحل عليه. والروح ينزل ويحل في قلب المعتمدين المطهر وفى بعض الكنائس يحفظ القربان المقدس، الزاد الإفخارستى، وفى وعاء من معدن بهيئة حمامة معلق فوق الهيكل.

 

 

ماذا يعمل الروح القدس لبنيان الكنيسة؟

1-       ينير: قال الرسول إن البشر «مظلمو الفكر ومتجنّبون عن حياة الله لسبب الجهل الذي فيهم بسبب غلاظة قلوبهم» (أف 4: 18). أي أنهم في حالة الجهل والابتعاد عن الله. ولذلك أخذ الروح القدس على نفسه أن ينير عقولهم بكلمة الحق الإلهي المعلَن للبشر إلى أن يتمكن كل إنسانٍ من أن يرى حالته كما هي، ويرى احتياجه إلى الوسائط المعيَّنة لخلاصه. ولا وسيلة للتخلص من تلك الجهالة إلا بهذا العمل الإلهي. ولما كانت كلمة الله فعَّالة وكافية لتقشع ظلمة عقل الإنسان وتنيره وتوضح الحقائق له فيقدر أن يميّز الحق من الباطل ويغلب روح الضلال سُميت تلك الكلمة «سيف الروح».

2-       يُقنع سامع رسالة الإنجيل: يقنعه بأنه خاطئ تحت طائلة العقاب بمقتضى حكم شريعة الله العادلة، وأنه يحتاج لمن ينقذه من غضب الله الآتي. فالإقناع يتلو الإنارة، لأنه يجعل النفس تشعر باحتياجها، وبأنها بدون رحمة الله في حالة الهلاك الأبدي كما قال المسيح: «ومتى جاء ذاك (الروح) يبكّت العالم على خطيةٍ وعلى برٍّ وعلى دينونةٍ» (يو 16: 8).

3-       يجدد: وهو عمل الروح القدس الخاص الذي به نولد ثانية ونبدأ حياة جديدة روحية. وأوضح المسيح هذا العمل الخطير في حديثه مع نيقوديموس (يو 3: 1-8). وسمَّاه بولس «تجديد الروح القدس» (تي 3: 5). وسمَّى الذين تجددوا في المسيح «خليقة جديدة» (2كو 5: 17). وهذه الولادة الروحية هي من أسرار الديانة المسيحية، لأننا لا نشعر بها إلا حين نجد أنفسنا في حياة روحية جديدة وقد كرهنا الخطية وأحببنا القداسة وآمنّا بالمسيح واخترنا طريق الصلاح، فنقول إذ ذاك كالإنسان الأعمى الذي نال البصر «نعلم شيئاً واحداً: : أننا كنا عمياناً والآن نبصر» وعند ذلك نمجد الله على عمله فينا

.

4-       يمنح التبني: سُمّي «روح التبني» (رو 8: 15). وهو الدخول في علاقة جديدة مع الله بالولادة الروحية والإيمان بالمسيح، فنصير أولاده ليس لأنه خلقنا فقط، بل لأنه فدانا أيضاً. وبذلك نصير ورثة الله ووارثين مع المسيح. وبما أن الروح القدس هو الذي يُدخلنا في هذه العلاقة، والذي يشهد لأنفسنا أننا أولاد الله، ويعلّمنا أن نقول «يا أبا الآب» وبه نقترب إلى الآب فيكون «لنا قدوم في روح واحد إلى الآب».

 

5- يقدّس: وهو فعله فينا، الذي به يطهّرنا من نجاسة الخطية ويجعلنا ننمو في القداسة والمعرفة وجميع الفضائل الروحية «اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم باسم الرب يسوع وبروح إلهنا» (1كو 6: 11). ويتمم الروح هذا العمل فينا بسيطرته على عواطفنا، ومرافقته لنا على الدوام، وإرشادنا (رو 8: 1-15) حتى تصير أجسادنا هياكل الروح القدس، ويحل روح المجد والله علينا (1بط 4: 14) وبذلك يقوينا في الداخل ويكملنا وينمي فينا أثماره المباركة (غل 5: 22، 23 وأف 5: 18-21). وقد سُمي «روح النعمة» إشارةً لعمله في قلوبنا (عب 10: 29). و«روح القداسة» لأنه يقدسنا (رو 1: 4). و«المعزي» لأنه يعزينا في أحزاننا (يو 14: 26). و«روح الموعد القدوس» لأنه هو الذي يبلغ مواعيد الله إلى قلوبنا، وهو أيضاً عربون إنجازها (أف 1: 13). وسُمي أيضاً «روح الرجاء» (رو 15: 13) ونتوقع الرجاء المبارك بالصبر والثبات حسب قول بولس «فإننا بالروح من الإيمان نتوقَّع رجاء بر» (غل 5:5).

6- يرشد وينشّط ويقوي على إتمام كل واجباتنا: فهو الذي يُعِين ضعفاتنا، ويشفع فينا بحسب مشيئة الله، ويرشدنا في الصلاة. «الروح أيضاً يعين ضعفاتنا، لأننا لسنا نعلم ما نصلي لأجله كما ينبغي، ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنّاتٍ لا يُنطق بها» (رو 8: 26). وقال يهوذا «مصلّين في الروح القدس» (آية 20).

7- يقيم أجسادنا في القيامة المجيدة: لأنه «إن كان روح الذي أقام يسوع من الأموات ساكناً فيكم، فالذي أقام يسوع من الأموات سيحيي أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم» (رو 8: 11).

 

الروح القدس في حياتنا الروحية

· الروح القدس هو اقنوم الحياة فأنه يعطينا الحياة .

 " جبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفساً حية" (تك2: 7). وكانت هذه أول عطية نلناها من الروح القدس، اعنى الروح، عطية الحياة. وإن كان روح الله قد وهبنا الروح والحياة، فطبيعى كذلك أنه وهبنا ما لهذه الروح من عقل وفهم وضمير وخلود، وباقى صفات الروح.

· روح الله يعمل في القيامة، فيعيد الحياة للبشر.

حسب قول الرب للعظام في سفر حزقيال " هأنذا داخل فيكم روحاً فتحيون… واجعل روحى فيكم فتحيون" (حز37: 5، 14).تقال هذه عن القيامة الجسدية، وعن القيامة الروحية أيضاً.

· الروح القدس يعمل في التوبة.

يقول الرب في ذلك "أعطيكم قلباً جديداً، واجعل روحاً جديدة في داخلكم… واجعل روحى في داخلكم، واجعلكم تسلكون في فرائضى، وتحفظون أحكامى وتعلمون بها " (حز36: 26، 27). الروح القدس هو الذى يبكينا على خطية (يو16: 8). وتبكيت الروح القدس أقوى جداً من تبكيت الضمير البشرى العادى. ولا يقتصر عطاء الروح على تبكيتنا، وإنما يقودنا في الحياة الروحية. وقد قال الرسول في ذلك " لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فاولئك هم أبناء الله (رو8: 14).

· الله يعطينا روحه القدوس ليسكن فينا.

"أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم" (1كو6 : 19).

والله يعطينا روحه بسخاء، كما قال المعمدان:

" لأنه ليس بكيل يعطى الله، الروح" (يو3: 34).

 

· الروح القدس هو مصدر جميع المواهب ومعطيها:

جميع المعجزات والمواهب الفائقة للطبيعة، وجميع العجائب والقوات، كلها بعمل الروح القدس في الإنسان، وليس بقوة بشرية خاصة. وقد شرح القديس بولس ذلك في اصحاح كامل من رسالته إلى كورنثوس (1كو12) فقال في ذلك:

"أنواع مواهب موجودة، ولكن الروح واحد… ولكنه لكل واحد يعطى إظهار الروح للمنفعة، فإنه لواحد بالروح يعطى بالروح كلام حكمة. ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد. ولآخر إيمان بالروح الواحد. ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد ولآخر عمل قوات. ولآخر نبوة ولآخر تمييز أرواح. ولآخر أنواع السنة ولآخر ترجمة ألسنة ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه، قاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء" (1كو12 4: 11).

وغرض هذه المواهب هو المنفعة الروحية.

حسب قول الرسول " يعطى اظهار الروح للمنفعة" (1كو12: 7)، وحسب قوله لتبنى الكنيسة" (1كو14: 4). وكما قال أيضاً " لأجل تكميل القديسين، لعمل الخدمة ، لبنيان جسد المسيح، إلى أن ننتهى جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله" (أف4: 12، 13).

فالمواهب التى يعطيها الروح القدس، ليست للافتخار والمجد الباطل، إنما لبنيان الكنيسة.

وأعظم العصور التى مرت على الكنيسة، هى العصور التى كان يعمل فيها الروح القدس بهذه المواهب.

فنمو الكنيسة وانتشار الإيمان، لم يكن نتيجة للنشاط البشرى أو الجهاد الفردى أو يكرز، والراعى يرعى. ولكن الروح القدس هو الذى كان ينخس القلوب، وبغيرها ويجددها ويعطيها حرارة… فالرسل كانوا يبشرون " شاهداً الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة، ومواهب الروح القدس حسب إرادته" (عب2: 4).

· كان الروح القدس هو الذى يعطى الكلمة و النبوءة والتبشير والتعليم.

هذا ما قاله السيد المسيح لتلاميذه " لأن لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذى يتكلم فيكم" (مت10: 20). فها في كل خدمة تقوم بها، تكون أنت المتكلم أن تطلب من الروح القدس أن يعطيك كلمة، ويعطى السامعين تاثراً؟!

أما المعزى الروح القدس. فهو يعلمكم كل شئ، ويذكركم بكل ما قلته لكم" ( يو14: 26).

ويقول القديس يوحنا الرسول في ذلك "وأما أنتم، فلكم مسحه من الروح القدس، وتعلمون كل شئ" "كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شئ" (1يو2: 20، 27) . الروح القدس يعلمنا، ويرشدنا، ويذكرنا… كل هذه عطايا من عنده…

هكذا يقول معلمنا بولس الرسول عن كرازته "ونحن لم نأخذ روح العالم، بل الروح الذى من الله، الأشياء الموهوبة لنا من الله، التى نتكلم بها أيضاً، لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية، بل بما يعلمه الروح القدس، قارنين الروحيات بالروحيات" (1كو2: 12، 13).

الروح القدس أيضاً يعطى قوة.

ولذلك سمي روح القوة (2تى1: 7)، (أش11: 2)

 وهكذا قال الرب لتلاميذه "ولكنكم ستنالون قوة، متى حل الروح القدس عليكم، وحينئذ تكونون لي شهوداً" ( أع1: 8). وقال لهم في ذلك لا تبرحوا أورشليم إلى أن "تلبسوا قوة من الأعالى" (لو24: 49).

 ويقول القديس بولس الرسول " لكى يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه" (أف3: 16). وما أجمل كلمة الرب إلى زربابل "لا بالقدرة ولا بالقوة، بل بروحى قال رب الجنود" (زك4: 6).

· الروح القدس يعطى أيضاً ثمر الروح.

وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام، طول أناة، لطف صلاح إيمان، وداعة تعفف" (غل5: 22، 23).

 وعن المحبة التى هي أولى ثمار الروح يقول " لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا، بالروح القدس المعطى لنا" (رو5: 5). بل الفضائل كلها بلا استثناء، ننالها عن طريق شركتنا مع الروح القدس. فهو العامل فينا.

· حتى الإيمان، هو من الروح القدس:

وفي ذلك يقول الرسول " ليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب، إلا بالروح القدس" ( 1كو12: 3). ولعله بعمل الروح القدس، استطاع كرنيلوس أن يؤمن (1كو12: 9) . ولعله يقصد هنا الإيمان الذى يقول عنه الرب " كل شئ مستطاع للمؤمن" (مز9: 23).

· الروح القدس هو الذى يعطى العزاء

ولذلك سمى البارقليط، الروح المعزى. وعنه يقول السيد الرب لتلاميذه " ومتى جاء المعزى… روح الحق الذى من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لى" (يو15: 26 ) وأيضاً " وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الآبد، روح الحق…" (يو14: 15). وأما المعزى الروح القدس الذى سيرسله الآب باسمى، فهو يعلمكم كل شئ" (يو14: 26). والمقصود طبعاً أنه مصدر كل تعزية روحية. أو هو الذى يعطى العزاء الروحى.

· الروح القدس هو معطى القداسة:

ولذلك سمى أيضاً " روح القداسة" (رو1: 4). ولا يمكن لأنسان أن يصل إلى القداسة، إلا بعمل الروح القدس فيه… والأمر لا يقتصر على البشر فقط، وإنما أيضاً:

الروح القدس يقدس كل المقدسات:

الروح القدس بمسحة الميرون المقدس، يقدس الكنائس والمذابح، يدشنها. ويمنح القداسة لآوانى الخدمة المقدسة، وللمعموديات والايقونات… وكل ما ندهنه بزيت الميرون المقدس.

· والروح القدس يمنح الميلاد الجديد في سر المعمودية:

· إنه يقدس ماء المعمودية، ويمنح من يغطسه الكهنة فيه نعمة الميلاد الجديد أو الميلاد الثاني. ولذلك قال الرب لنيقوديموس " إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو3: 5) " المولود من الجسد، جسد هو. والمولود من الروح هو روح" (يو3: 6). وعن هذا الميلاد الثاني قال القديس بولس الرسول "… بل بمقتضى رحمته خلصنا، بغسل الميلاد الثاني، وتجديد الروح القدس" (تى3: 5).

· تذكرنا هذه الآية، بأن الروح القدس يمنح التجديد أيضاً:

· ولذلك فإن الذى يولد من الماء والروح في المعمودية يسلك " في جدة الحياة" ( رو6: 4)، أي في الحياة الجديدة في المسيح يسوع " عالمين هذا. أن إنساننا العتيق قد صلب معه" (رو6: 6) " وفي هذه الحياة الجديدة نلبس المسيح" (غل3 : 27) أي نلبس البر الذي من المسيح.

والروح القدس يمنح أيضاً الكهنوت وسلطانه، بوضع اليد. ويمنح الدعوة الإلهية:

أما عن الدعوة الإلهية فواضحة من قول الروح القدس "افرزوا لى برنابا وشاول، للعمل الذى دعوتهما إليه" (أع13: 2) فلما وضعوا عليهما الأيادى "هذان إذ أرسلا من الروح القدس.. انحدروا إلى سلوكية" (أع13: 4). ويقول القديس بولس الرسول لاساقفة أفسس " احترزوا إذن لأنفسكم ولجميع الرعية التى أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التى اقتناها بدمه" (أع20: 28) . ويقول عن ذلك في رسالتيه إلى تيموثاوس الأسقف "موهبة الله التى فيك، بوضع يدى" (2تى1: 6). "والموهبة التى فيك" (1تى4: 14).

· والروح القدس هو الذى يمنح المغفرة، عن طريق الكهنوت:

· ولهذا لما منح الرب تلاميذه سلطان الكهنوت، نفخ في وجوههم، وقال لهم: اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه، غفرت له، ومن امسكتموها عليه امسكت" (يو20 : 22، 23). فبالروح القدس الذى أخذوه يغفرون الخطايا. وهكذا يقول الأب الكاهن في صلاة سرية في أواخر القداس عن الشعب " يكونون محاللين من فمى، بروحك القدوس".

في كل سر من أسرار الكنيسة، الروح القدس يمنح نعمة سرية:

فكما تحدثنا عما يمنحه في المعمودية والميرون، وسر التوبة وسر الكهنوت، نتحدث عن باقى أسرار الكنيسة أيضاً. على أنه في سر الكهنوت لا يمنح فقط سلطان المغفرة، سلطان الحل والربط (مت18: 18)، إنما يمنح أيضاً سلطاناً آخر لممارسة المقدسة، وسلطاناً في الرعاية أيضاً. وفي مسحة الملوك بواسطة الأنبياء في العهد القديم، كان أيضاً يمنح سلطاناً مديناً. في سر مسحة المرضى يمنح الشفاء. وفي سر الزواج، يمنح شريعة الحياة شرعية الحياة الزوجية، ويمنح الوحدة بين الزوجين، فلا يكونان اثنين بل واحد (مت19: 6). وهذا هو الفرق بين الزواج الكنسى، والزواج المدنى الذى لا نستطيع أن نقول فيه "ما جمعه الله".