حوار عبر الزمن

مع القديس بطرس الرسول

للأخت سامية صموئيل – من راهبات القلب المقدس

أغسطس 2012

 

س: ممكن تعرفنا بنفسك ؟

 أنا سمعان إبن يونا الملقب بسمعان بطرس باليونانية وصفا بالعربية ومعنى اللقب بطرس هو " الصخرة " وقد نلت هذا اللقب من السيد المسيح. كنت واحد من نخبة الرسل (إثنى عشر رسولاً ) الذين إختارهم يسوع المسيح من بين أتباعه وسميوا بالتلاميذ.

 

 ولدت في قرية بيت صيدا الواقعة على بحر طبرية قبل ميلاد السيد المسيح بعدة سنوات، قد تصل إلى العشرة وتزيد قليلاً. وكنت أشتغل بصيد الأسماك شأني في ذلك شأن الكثيرين من سكان قريتي.

 

س: كيف تعرفت على السيد المسيح؟

 كان لقائي الأول بالرب يسوع، بعد أن أخبرني اندراوس أخي – بناء على توجيه يوحنا المعمدان – قد وجدنا المسيا واصطحبني إلى حيث المسيح… وفي ذلك اللقاء قال لي الرب "أنت سمعان بن يونا. أنت تدعي صفا " (يو 1: 35- 42)..

 أما دعوتي للتلمذة فكانت عقب معجزة صيد السمك الكثير، حينما طمأنني الرب بقوله " لا تخف. من الآن تكون صياداً للناس". وحالما وصلت بالسفينة إلى البر تركت كل شيء وتبعته أنا وأخي وابنا زبدي (لو 5: 1-11)…. وما لبثت أن شرفني الرب بدرجة الرسولية ودعاني "بطرس". . وأصبحت بعد ذلك قائدا لبقية رسل المسيح ، كما أن الكنيسة الاولى أقرت بسلطتي.

 كنت أحد التلميذين الذين ذهبا ليعدا الفصح الأخير، وأحد الثلاثة الذين عاينوا إقامة ابنة يايروس بعد موتها، وتجلي المسيح علي جبل طابور Mount Tabor، وصلاته في جتثيماني، وأحد الأربعة الذين سمعوا نبوته عن خراب أورشليم والهيكل.

 

س: حدثنا عن شخصيتك ؟

كما تعرفون من بعض دارسي العهد الجديد بأنني كنت في البدء تلميذا ليوحنا المعمدان، قبل أن التحق بالسيد المسيح وأصبح الشخص الأبرز بينهم حيث تم ذكري بشكل أكبر من بقية التلاميذ في الإنجيل فكنت السباق في طرح الأسئلة على سيدي، كما كنت السباق أيضا في إعطاء الأجوبة . أضافة إلى ذلك اختصني السيد المسيح مع يعقوب ويوحنا بمعاينة أحداث عظيمة يرويها الإنجيل كحادثة التجلي وغيرها .

 كنت ذا حب جم لسيدي وغيرة ملتهبة ولكني كنت متسرعاً ومندفعاً.. فأنا الأول الذي اعترف بلاهوت المسيح، والأول الذي بشر بالمسيح في يوم الخمسين. لكنه في اندفاعي حاولت أن أمنع المسيح أن يموت (مر 8: 31: 33) ولما قال لي المسيح أنني سأنكره ثلاثة مرات قبل أن يصيح الديك مرتين، أجبت في تحد "لو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك"… وفي لحظة القبض على المسيح استليت سيفي لادافع عن ذاك الذي مملكته ليست من هذا العالم!! كنت بحاجة إلى تجربة مره تهزني وتعرفني ضعفي..

فبعدما أنكرت سيدي ومعلمي بتجديف ولعن وأقسمت أمام جارية، لكني سرعان ما رجعت لنفسي وندمت ندماً شديداً وبكيت بكاءاً شديداً، وقصدت قبر معلمي باكراً جدا فجر يوم قيامته

وقد قبل الرب توبتي واظهر لي ذاته على بحر طبرية بعد قيامته وعاتبني في رفق مخاطبا إياي باسمي القديم قائلاً له "يا سمعان بن يونا أتحبني "…. وقد وجه إليً هذه الكلمات ثلاث مرات وذكّرني بإنكاره المثلث وردني إلى رتبتي الرسولية ثانية بقوله "أرع غنمي"

كيف بدأت خدمتك؟

 عقب تأسيس الكنيسة يوم الخمسين وحلول الروح القدس ، بدأت خدمتي بين اليهود من بني جنسي في اليهودية والجليل والسامرة… وكان الرب يتمجد على يديً ببعض المعجزات كشفاء المقعد عند باب الهيكل الجميل (أع 3)، وشفاء أينياس في مدينه اللد وإقامة طابيثا بعد موتها في يافا (أع 9)… وقد فتح الرب باب الأيمان للأمم بواسطتي في شخص كرنيليوس قائد المائة عقب رؤيا أعلنت لي بخصوصه (أع 10)...

 ولا يمكن أنكار الدور الرئيسي الذي قمت به لتأسيس الكنيسة، فالرسول بولس يذكرني مع الرسولين يعقوب ويوحنا على أننا مُعتبرون أعمدة في كنيسة الله…. جلت كارزاً بإنجيل الخلاص في جهات متفرقة من العالم القديم…. كرزت في إنطاكية – لكني ليس مؤسس كنيستها – وطفت بلاد بنطس وغلاطية وكبادوكية وبيثينية، وبعض مقطاعات آسيا الصغرى، وهي الأقاليم التي وجهت إليها رسالتي الأولي. ويعترف أغلب المسيحيين بقداستي أنا ( سمعان بطرس)، وبأنني أول باباوات روما بما في ذلك الكاثوليك الشرقيين. بينما تعتبرني طوائف مسيحية أخرى بأنني أول أساقفة أنطاكية ومن ثم أصبحت أسقف روما .

 

س: وماذا عن كتاباتك ؟

كتبت سفرين من اسفار العهد الجديد هما رسالة بطرس الاولى والثانية ، وفي معظم اللوحات التي رسمت لي ترونني أحمل في يدييَ مفاتيح ملكوت السموات (رمزقيادتي للكنيسة ).

 

س: ماذا تريد أن تقول لنا اليوم؟

لقد كانت حياتي مليئة بالصعوبات ومشاغل الصيد. وعندما دخل الرب يسوع إلى حياتي أصبحت شخصاً جديداً له أهداف جديدة وأولويات جديدة.

       تعلمت من السيد المسيح طريقة التعامل مع الناس،

       تعلمت من السيد المسيح أن أكون مسؤولاً متواضعاً، لا أفتخر لكوني هامة الرسل، وكنت أول من اندفع إلى حمل البشارة.

       في العشاء السري، تعلمت من السيد المسيح تواضع المسؤول حين غسل المسيح أقدام تلاميذه.

       تعلمت أني لكي أكون مسؤولاً عليً أن أكون خادماً. وهذا ليس مسلكاً سهلاً بالنسبة إلى كثير من الناس الذين يحملون مسؤولية، والذين يصعب عليهم خدمة واحترام الذين أدنى منهم أو أقل مقاماً أو أضعف قدرةً.

       تعلمت من السيد المسيح أنه يجب على المسؤول أن يتعامل مع الناس بالتساوي وبدون انحياز. وهكذا، لم أتردد عن المبيت في بيت سمعان الدباغ، والدباغة في نظر اليهود مهنة نجسة، لأنها تقتضي لمس الحيوانات الميتة.

       تعلمت من المسيح أن الصعوبات لا تعيق تحقيق مشيئة الله إذا كان المسؤول يعتمد على الله لا على ذاته وقدراته،

       تعلمت من المسيح ما هي الجرأة المسيحية. إنها ليست وقاحة ولا تهوراً، بل شجاعة في مواجهة الخوف وعمل بما نؤمن بأنه صواب وحق.

        تعلمت كيف يكون الجريء أكثر جرأة عندما يصلي ويستعين بقوة الروح القدس ليمنحه شجاعة إعلان المسيح أمام الآخرين. فشجاعة يسوع في جدالاته مع الفريسيين ومعلمي الشريعة، وتحديه للكهنة حين طرد الباعة، وصلاته لله قبل إقامة لعازر، كانت مصدر تأمل استنبطت منه دروساً لشجاعتي.

       تعلمت كيف يقبل المسؤول رفض الآخرين وانزعاجهم منه، ولا يعتبر هذا اضطهاداً بل فرصةً ليكون أكثر شجاعة وأشد التزام برسالته. هذا ما تعلمته من معاناة يسوع لمقاومة وانتقادات الفريسيين وأهل وطنه للرسالة التي ينشرها. فمن خلال هذه المقاومة ازداد المسيح شجاعة وإصراراً، واكتشفت أبعاداً جديدة لرسالتي بين الوثنيين.

 

وخلاصة القول: حين دخل المسيح إلى حياتي ، أصبحت مربياً ومسؤولاً مسيحياً. هذا ما تعلمته وما أريد أن اقوله لكم … تعلموا من السيد المسيح طريقة لحياتكم ومعاملاتكم اليومية في المجتمع الذي تعيشون فيه. ولكي تتعلموا لابد من تنصتوا له من خلال كلماته في الانجيل ، ومن خلال تعامله مع الاشخاص والطبيعة والاشياء ، اني أصلي لاجلكم لتزدادوا أيمانا وقت الشدة، لا تخافوا فهو معكم كل الايام والى إنقضاء الدهر.

 

وفـــــاته

. وقد اثبت القدّيسون: ديونيسيوس وايريناوس واوسابيوس وايرونيموس، كما تبيّن ايضاً من ألاثار التاريخيّة المكتشفة حديثاً في رومة. ان بطرس ذهب إلى روما بالاتفاق مع بولس. وبعد ان أسس كنيستها استشهد في عهد نيرون عام 67. وبحسب تقليد مختلف الكنائس يعتقد بأنه قتل صلبا بيد السلطات الرومانية. واستنادا إلى أحد كتب الأبوكريفا أي الكتب الدينية المرفوضة من أباء الكنيسة/ والذي يسمى بكتاب أعمال بطرس فإنه صلب بشكل مقلوب أي رأسه إلى الأسفل وقدماه للأعلى. ويحدد تقليد الكنيسة الكاثوليكية مكان دفنه تحت المذبح العالي في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان.

 

مراجع

(متى 16.18 ) و(يوحنا 21.15-16)