الشماس نبيل حليم يعقوب-لوس انجلوس
نقرأ فـى العهد القديم عند ظهور الرب للشعب كانت هناك حدود وقواعد معينة تصحب هذا الظهور الإلهـي (خروج 10:19-19)…
أولا: كان يجب عليهم أن يتقدّسوا – "قال الرب لـموسى أمض إلـى الشعب وقدّسهم اليوم وغداً وليغسلوا ثيابهم ويكونوا مستعدين لليوم الثالث" ..
وثانيا: كان هناك حداً بين الله والشعب – "أجعل حداً للشعب من حواليه وقل لهم احذروا من أن تصعدوا الجبل أو تمسوا طرفه فإن كل من مسّ الجبل يُقتل قتلا"
ثالثا: كان الظهور يصحبه بروق وظواهر طبيعية خارقة – "وفـى اليوم الثالث عند الصباح انها كانت أصوات بروق وغمام كثيف على الجبل وصوت بوق شديد جداً" ، "الجبل وطور سيناء مدخّن كله لأن الرب هبط عليه بالنار فسطع دخانه كدخان الآتون وارتجف كل الجبل جداً".
رابعا: كان الظهور يصحبه خوف – "فارتعد جميع الشعب الذين فى الـمحلّة"، " وكان الـمنظر هائلاً حتى إن موسى قال إنـي خائف ومُرتعد" (عب 21:12)
خامسا: خاف الشعب أن يكلّمه الرب مباشرة – " وكان جميع الشعب يشاهدون الرعود والبروق وصوت البوق والجبل الـمدّخن فلما رأى الشعب ذلك إرتاعوا ووقفوا على بعد وقالوا لموسى كلمنا أنت فنسمع ولا يكلّمنا الله لئلا نموت" (خر 18:20-19)..
سادسا: كان الظهور برهبة لكى لا يخطئ الشعب "فقال موسى للشعب لا تخافوا إنما الله جاء ليمتحنكم ولتكون مهابته أمام وجوهكم لئلا تخطؤوا" (خر 20:20)
واليوم عند إقتراب ذكرى إحتفالنـا بظهور الله فـى الجسد ..
هذا الظهور الـمستمر وليس فقط منذ ألفي سنة ..
فهل ظلّت صورة الظهور الإلهـي كـما كانت فـى العهد القديـم ؟ ..
يُعلن لنا الوحي الإلهى على لسان بولس الرسول "لـم ندنوا إلى جبل ملموس ولا إلى نار متقّدة وضباب وظلام وزوبعة وهُتاف بُوق وصوت كلمات استعفى الذين سمعوه أن يُزادوا كلمة" (عب 18:12-19) ..
"بل دنونـا إلـى جبل صهيون ومدينة الله الحي أورشليم السماوية وإلـى محفل رِبوات من الـملائكة…وإلـى يسوع وسيط العهد الجديد" (عب 22:12-24).
يسوع هـو الله الـمتجسد ..كـما يُعلن الوحى على بولس الرسول "الذى إذ هو فـى صورة الله لم يكن يُعتد مُساواته لله إختلاساً لكنه أخلى ذاته آخذا صورة عبد صائراً فى شبه البشر وموجوداً كبشر فـى الهيئة" (فيليبي 6:2-7)…
وكـما أعلن لنـا ذلك السيد الـمسيح :"من رآنـي فقد رأى الأب" (يو9:14)..
الظهور الجديد لا يوجـد فيه حدود تـمنع فهو القائل: "تعالوا إلـيّ".."أنا هو الباب" (يو7:10) ، "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 6:14).." أنا هو الراعي الصالح" (يو11:10)
الظهور الجديد يصحبـه فرح: "هأنذا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب" (لو10:2)
الظهور الجديد يصحبه تقديس من الله لنـا: "قدّسهم بحقك إن كلمتك هى الحق".."ولأجلهم أقدّس ذاتى ليكونوا هم أيضا مُقدّسين بالحق" (من صلاة يسوع الأخيرة يوحنا 16:17،19).
الظهور الجديد يصحبه كلام مباشر من الله للإنسان: " أنـي أجعل شريعتي فـى ضمائرهم وأكتبها على قلوبهم وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لي أمة ولا يُعلّ بعد كل واحد قريبه وكل واحد أخاه قائلا اعرف الرب لأنّ جميعهم سيعرفونني من صغيرهم إلى كبيرهم" (عب10:8-11).
فهـل نفهـم ونعـي مـاذا يعنـي ذكرى الـميلاد؟!
أو هـل نُدرك أنـه تجديداً للظهـور الإلهـي؟!
لا يجب أن نجاري العـالـم عند إحتفالهـم بهذه الذِكرى والتى قد يقضونهـا فـى السلوك فـى الشهوات وسَرف الخمر والـمنادمات (1بط 3:4) ..
1. بـل يجب أن نتقدس ولهذا رتّبت الكنيسة صومـا للإستعداد
صـومـاً لا للخصومـة والـمشاجرة مع اللـه ..بل صومـا محبوبا فيه حلّ لقيود النفاق..
وفيه كسر الخبز للجائع ..وكسوة للعريان (اش 6:58-7)..
2. يجب البحث عن الـمولود.."أين الـمولود؟" (متى 1:2-2) ..
أين يـا تُرى الـمولود فـى حياتك؟!..
أين نجـمه؟!..لـماذا إختفـى ذاك النجم من حياتك؟!
لهذا صارت حياتك كأنها سحب بلا مـاء تحملها الرياح أو كأشجار خَرفية غير مثمرة ..أو كأمواج بحر عاتيّة مُزبدة..أو كنجوم تائهـة (يهوذا 12-13) ؟!
3 يجب أن نحضـر أمام الرب بقلوب متواضعة، فصلاة الـمتواضع تنفُذ الغيوم (يشوع بن سيراخ 20:35)
4. يجب أن نحضر أمام الرب بتقدمـة "لاتحضر أمام الرب فارغاً" (يشوع بن سيراخ 6:35) فلا تتحجج فالنعـمة التى فيك "تُغني كثيرين" (2كور10:6)
فلـماذا لـم تأتِ وتسجد وتُـقدّم ذهبك ولبُانك ومُرك؟!
5. الظهور الإلهـى مستـمر وليس مُحتاج أن نُظهر الـمولود داخل مغارة من ورق أو من خلال زينات فهو موجود فـينـا ..نراه ..نلمسه ..نسمعه (1يو2:1-3)..
أليس الرب هو القائـل " لا يرانـى العالـم أمـا أنتم فترونـي لأنـي حي" (يو19:14).
وبعد أيهـا الأخوة..أفرحوا ..تعزّوا ..استعدوا..عيشوا التجسد الحقيقي وليس تجسد الذِكرى..أظهروا الرب للعالـم لكى يكون كل إنسان كاملاً فـى الـمسيح (كولوسي 38:1) ونعمـة ميلاد الرب تكون مع جميعكم.