بكركي، الثلاثاء 22 فبراير 2011 (Zenit.org). –
ننشر في ما يلي البيان الختامي للدورة الرابعة والأربعين لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، والتي امتدت من 14 وحتى 19 من فبراير الجاري.
* * *
مقدّمة
1. عقد مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان دورته السنوية العادية الرابعة والأربعين، في الصرح البطريركي الماروني في بكركي، من الرابع عشر الى التاسع عشر من شهر شباط 2011، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة، الكردينال مار نصرالله بطرس صفير بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، ومشاركة أصحاب الغبطة، غريغوريوس الثالث، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والاسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك، ومار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، البطريرك الأنطاكي للسريان الكاثوليك، ونرسيس بدروس التاسع عشر، كاثوليكوس بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك، وأصحاب السيادة مطارنة الكنائس الكاثوليكية في لبنان وقدس الرؤساء العامين، ومندوبين عن الرؤساء الأعلين وأعضاء مكتب الرئيسات العامات. وحضر جلسة الافتتاح سيادة السفير البابوي، المطران غبريال كاتشا.
2. تناولت الدورة موضوع "الكنائس الكاثوليكية في لبنان: شركة وشهادة، وتوصيات السينودس من أجل الشرق الأوسط" فقدّم له رئيس المجلس بكلمة استمطر في بدايتها رحمة الله على من نقلهم الربّ الى جواره من أعضاء المجلس، سائلاً ان يجازيهم خير الجزاء على تفانيهم في خدمة الكنيسة والمؤمنين. كما رحّب بالأعضاء الجدد.
ثمّ تحدّث عن موضوع الدورة الذي اختاره المجلس انسجامًا مع موضوع الجمعية الخاصة لسينودس الأساقفة من أجل الشرق الأوسط، التي التأمت في روما خلال شهر تشرين الأوّل 2010 برئاسة قداسة الحبر العظم البابا بندكتوس السادس عشر، وكانت فرصة مباركة التقى فيها بطاركة الشرق وألاساقفة الكاثوليك مع كرادلة واساقفة رؤساء الداوائر الفاتيكانية وعدد من أساقفة الكنيسة الجامعة بالاضافة الى ممثلين عن الكنائس الارثوذكسية والجماعات الكنسية، ومندوبين عن الديانات الاخرى. وتشاركوا في التفكير معاً حول حاضر المسيحيين في الشرق الاوسط ومستقبلهم. وخرجوا بتوصيات، ينظر المجلس في قسم منها في دورته الحالية، بهدف توطيد الشركة الكنسية، وتعزيز الشهادة المسيحية. وتمنّى في ختام كلمته النجاح لأعمال هذه الدورة.
3. ثمّ ألقى سيادة السفير البابوي كلمة أعرب فيها عن تقديره للبنان الغني بحضارته وتاريخه وميزة شعبه المضياف والمحبّ. ثمّ تطرّق الى أعمال الدورة التي تكمّل أعمال سينودس الشرق الأوسط، متوقّفًا بشكل خاص عند التوصيتَين الثانية والثالثة المرتبطتين بالكتاب المقدس وكلام الله في حياة الكنيسة ورسالتها. واشار الى اننا لا نستطيع فهم دعوتنا وهويتنا والتزامنا الاّ بالانطلاق من سماع الله الذي يكلمنا بالكلمة الذي صار بشراً وهو حاضر دائماً في التاريخ، ليجعل منه تاريخ خلاص. وذكّر سيادته بان كنيسة الشرق هي كنيسة القديسين والشهداء، وبهذا تسهم في حيوية الكنيسة الجامعة، فضلاً عن المساهمة التي يؤدّيها المسيحيون لمجتمعاتهم في تعزيز الحرية الدينية وحرية الضمير، والحوار مع الاسلام.
4. بعد ذلك، وجّه أعضاء المجلس برقية الى قداسة الحبر الأعظم، جددوا فيها شكرهم لقداسته على انعقاد جمعية سينودس الأساقفة الخاصة بالشرق الأوسط، واعلموه بأعمال دورتهم، والتمسوا بركته الرسولية عليهم وعلى كنائسهم ومؤمنيهم ووطنهم.
ثم استمع الحاضرون الى تقرير الهيئة التنفيذية والأمانة العامة، والى البيان المالي، وتباحثوا في مضمونهما. وباشروا بدرس موضوع الدورة، والاوضاع العامة في لبنان والمنطقة، واتخذوا قرارات راعوية وادارية، واصدروا البيان الختامي.
أولاً، موضوع الدورة
5. اختار المجلس، من بين التوصيات الصادرة عن جمعية السينودس الخاصة بالشرق الأوسط، عشرين توصية تستدعي التشاور والتعاون لوضع خطة تطبيقية لها وفقاً لمرتكزات الجمعية السينودسية وهي ثلاث: الحضور المسيحي والشركة الكنسية والشهادة المسيحية. وقد حاضر فيها أصحاب خبرة واختصاص، من الإكليروس والعلمانيين، راسمين أطرًا عملية تسهم في نقلها الى حيّز التطبيق.
1. الحضور المسيحي في بلدان الشرق الاوسط
6. يندرج حضور المسيحيين في اطار تدبير الخلاص الذي يريد الله تحقيقه مع الناس ومن اجلهم في هذه المنطقة من العالم وفي هذه المرحلة من التاريخ. ينتمي المسيحيون المشرقيون الى كنيسة المسيح الواحدة المتنوّعة التقاليد الليتورجية والروحية والثقافية والتنظيمية، والتي انطلقت من هذا الشرق حاملة انجيل المسيح حتى اقاصي الارض. وهم بالتالي جزء ثمين ومحبوب من شعب الله، كما اكّد قداسة البابا بندكتوس السادس عشر في عظة افتتاح السينودس.
7. بما ان الحضور المسيحي ينجلي بهويته ورسالته في ضوء كلمة الله وتقليد الكنيسة الحي، تعمّق المجلس في التوصيتين 2 و3 المختصتين بكلمة الله وراعوية الكتاب المقدس. فيحثّ المؤمنين والمؤمنات على امتلاك الكتاب المقدس وقراءته والتأمل فيه، لكي يغتذوا منه، فيساعدهم على قراءة علامات الازمنة ومواجهة تحديات الحياة اليومية وطبع شؤونهم الزمنية بقيم الانجيل، ويكون بمثابة الروح والاساس لكل خدمة في الكنيسة والمجتمع. ان المجلس، اذ يشكر الله على النشاطات البيبلية المتنوعة القائمة، يثمّن المبادرات التي تقوم بها الرابطة الكتابية في لبنان والشرق الاوسط. وقد باشرت، تطبيقاً لتوصيات السينودس، بانشاء موقع بيبلي على الانترنت تُدخل فيه كتبها ومنشوراتها وابحاث اعضائها ومقالاتهم، وتعمل على وضع تفاسير مبسّطة للكتاب المقدس بالتعاون مع كليات اللاهوت، بالاضافة الى تنظيم دورات كتابية، والقاء دروس بيبلية في مراكز التثقيف الديني، واحياء لقاءات انجيلية، وتقديم برامج كتابية اذاعية وتلفزيونية. وقرر المجلس اعلان سنة بيبلية في لبنان تبدأ بعيد الميلاد سنة 2011 وتنتهي بعيد الميلاد 2012، واسبوعاً بيبلياً سنوياً في الاسبوع الذي يسبق عيد القديسين الرسولين بطرس وبولس بدءاً من العام 2012. وكلف الرابطة الكتابية باعداد برامجهما بالتنسيق مع اللجنة الاسقفية اللاهوتية الكتابية، واطلاع المجلس عليها في دورته المقبلة، لأخذ الموافقة.
8. ركّز المجلس على أنّ الحضور المسيحي يقتضي الترسّخ في الارض التي هي عنصر اساسي من هوية الاشخاص والشعوب، ومساحة حرية، كما نقرأ في التوصية 6. اطّلع المجلس على دراسة ميدانية عن أوضاع البلدات والقرى في الاقضية الحدودية وفرص التنمية فيها، وعلى ما يقوم في بعض الابرشيات من مبادرات ومشاريع تساعد المسسيحيين في المحافظة على اراضيهم، وتحدّ من بعض الاسباب التي قد ترغمهم على بيعها. ومهما كانت الحاجة ملحّة والمغريات كبيرة، فان المجلس يذكّر المسيحيين بان حضورهم في مجتمعاتهم يحمّلهم مسؤولية الشهادة للمسيح ولانجيله الخلاصي، ويشكل مساهمة في اغناء حضارة منطقة الشرق الاوسط. ويُذكّرهم بان محافظتهم على الارض هي امانة لهويتهم ورسالتهم وللمجتمع الذي يريده الله مكاناً لمسيرتهم التاريخية. فالارض مرتبطة بالانسان حتى النهاية ويشملها مثله عمل الفداء. ويوصي هذا المجلس بانشاء مؤسسة تهدف الى توفير وسائل التنمية للمسيحيين في الأرياف والمناطق الحدودية.
9. وارضنا في لبنان هي ارض الوحي البيبلي والحج الديني، على ما جاء في التوصية 8. لقد تقدست هذه الارض بقدوم الرب يسوع الى صور وصيدا ونواحيهما، وبمكوث بولس الرسول لأيام مع جماعة المسيحيين في صور. لبنان غنيّ بالأماكن المقدّسة التي تزيّنها المزارات وبيوت العبادة، والصوامع والأديرة التي خرج منها القدّيسون والقدّيسات، وهي خير مكان يحجّ اليه المؤمنون ليعودوا الى ينابيع خلاصهم. يشجّع المجلس المؤمنين على أن يحجّوا الى هذه الأماكن المباركة، طلبًا للتوبة والتجدّد، ويدعو المنظمّات والجمعيات التي تهتمّ بالحجّ والسياحة الدينية، للمحافظة على طابعه الروحي، ويشجّع "جمعية تنمية الحج والسياحة الدينية" على المضيء في الخطة التي وضعتها لتعزيز هذا القطاع على المستوى الوطني والشرق اوسطي، من اجل ابراز خصوصية لبنان الدينية وتثبيت الايمان واحياء التقوى الشعبية.
2. الشركة الكنسية
10. ان كنيسة المسيح شركةٌ تعاش بالوحدة والتنوّع على مثال الشركة الثالوثية. وقد تميّزت كنائسنا في الشرق، منذ نشأتها، بتنوّع التقاليد الليتورجيّة والروحيّة والثقافية والتنظيمية الخاصّة. وبما أنّ الشركة هبةٌ من الله تستدعي جواباً منّا، لا بدّ لكنائسنا الشرقية الكاثوليكية، في منطقة الشرق الاوسط، من تفعيل دينامية الوحدة في التنوّع نظراً لتأثيرها الكبير على حاضرنا ومستقبلنا، وعلى التزامنا وشهادتنا في محيطنا.
11. تناول المجلس موضوع الشركة ضمن الكنيسة الواحدة وبين الكنائس الكاثوليكية في لبنان والشرق الاوسط، كما جاء في الارشاد الرسولي " رجاء جديد للبنان"، وفي التوصية 16 بنقاطها الاربع: انشاء لجنة للتعاون بين اساقفة هذه الكنائس في الشرق الاوسط، وتنظيم لقاءات دورية منتظمة في ما بينها، واحياء التضامن المادي بين الابرشيات، وانشاء جمعية كهنوتية للتعاون والتبادل بين الابرشيات والكنائس. انه يوصي بحسن التعاون والتشاور بين مطارنة كل منطقة في المسائل الراعوية المشتركة، واحترام حدود سلطة الولاية، وتطبيق القوانين الكنسية بهذا الشأن. وفي سبيل المحافظة على الشركة بين المؤمنين الشرقيين مع كنائسهم البطريركية وتأمين خدمتهم الرعوية الملائمة، خارج الرقعة البطريركية، يوصي بمتابعة موضوع ولاية البطاركة مع الكرسي الرسولي، عملاً بالتوصيتين 18 و19.
12. وفي اطار الشركة بين الاساقفة والكهنة والمؤمنين رجالاً ونساءً، تطرق المجلس الى دراسة التوصية 22، المختصة بالسبل لتأمين معيشة لائقة للكهنة، لكي ينصرفوا الى رسالتهم الروحية والراعوية والاجتماعية، ويعمّقوا اتحادهم بالمسيح، ويكونوا شهوداً له وعلامة لحضوره في عيشهم وخدمتهم وحياتهم الروحية. يقدّر المجلس ما قُدّم له من اقتراحات عملية بهذا الشأن، ويثني على المبادرات الجارية في مختلف الابرشيات. ويطلب الى المطارنة، حيث تدعو الحاجة، ان يوفروا الضمان الصحي والمعاش التقاعدي للكهنة في ابرشياتهم.
13. وتوقف المجلس عند اهمية الحياة المكرسة الرسولية والديرية والنسكية، وعلى موقعها في قلب الكنيسة الشركة والرسالة، وفقاً للتوصية 26. كون الحياة المكرسة مشتلاً ثقافياً واجتماعياً وتربوياً وروحياً، منفتحاً على الجميع، دونما تمييز في العرق والدين والانتماء السياسي والاجتماعي والديني، فانها المكان المميّز لعيش الشركة وتعزيزها واظهارها في شهادة الحياة والعمل. فمن الضرورة ان يتأصل المكرسون والمكرسات في جذور دعوتهم، ويرسخوا علاقتهم بالكتاب المقدس، ينبوع كل قداسة وتكرّس. وتبنى المجلس الاقتراحات العملية المختصة بما تقوم به الكنيسة تجاه الاشخاص المكرسين ونشاطاتهم الرسولية، وبما يقوم به الاشخاص المكرسون تجاه ذواتهم وتجاه الكنيسة، وتختص ايضاً بالتنشئة النوعية للشخص المكرّس التي تذكي فيه النفحة النبوية وتمكّنه من حسن الاجابة على نداء الله وحاجات المجتمع، بكثير من الرجاء والفرح. وأنه يوصي الرهبانيات، الرجالية والنسائية، بتخصيص اديار وبيوت للصلاة والاختلاء الروحي، يؤمّها الشباب التوّاقون الى فسحة روحية، كما يوصي بالتعاون في رسم خطة رسالية تهدف الى تنسيق العمل بين مؤسساتها التعليمية والاستشفائية والاجتماعية في المناطق الجبلية والحدودية.
14. وتناول المجلس التوصية 24 الخاصة بالمؤمنين العلمانيين، رجالاً ونساءً، فقدّر التعاون الرسولي الذي يقدّمونه لحياة الكنيسة من خلال مواهبهم وعملهم من أجل البشارة، وتقديس الأمور الزمنية، وتفعيلها مسيحيًا. وتطلّع الى آفاق رسالة العلمانيين في لبنان، بقراءة روحية للواقع الراهن في العالم العربي. وخلص الى دعوة المسيحيين اللبنانيين الى تعميق انفتاحهم على عالمنا العربي كما رسمه الارشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان"، والى السعي الى تحقيق الشركة مع المسيحيين في بلدانهم، والانخراط في دينامية التضامن مع إخوانهم من أبناء الديانات الأخرى. يحث المجلس المسيحيين اللبنانيين على عيش ايمانهم بكل مقتضياته، ويدعوهم لتطوير عملهم الرسولي وتحديثه، وفقًا لتوجيهات الكنيسة، انطلاقًا من تغيير الذهنيات الذي هو القاعدة الذهبية لتجديد الأشخاص والحركات والجماعات.
15. وفي اطار الشركة داخل الكنيسة، نظر المجلس في التوصية 17 الخاصة بدور الحركات الرسولية الجديدة. فاطلّع على ما تقوم به من دور في تعزيز الوحدة والشركة في الكنيسة على مستوى الابرشيات والرعايا اسوة بالحركات والمنظمات المحلية، واثنى على تنسيقها الكامل والوحدة مع السلطة الكنسية، وليتورجيتها وروحانيتها، وعلى نوعية حياتها الروحية والتزامها الراعوي والكنسي، وبخاصة على مستوى راعوية الزواج والعائلة، ونشر " كلمة الحياة" للتأمل فيها وعيشها وتبادل الخبرات حولها.
16. وتناول المجلس موضوع الشركة مع الكنائس الارثوذكسية والانجيلية، في اطار الحركة المسكونية، تطبيقاً للتوصية 28 بنقاطها الست. فاطّلع من جديد على تعليم المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني الذي شكلّ نقطة انطلاق جديدة في حياة الكنيسة على هذا المستوى. واستذكر ما جاء في الارشاد الرسولي "رجاء جديد للبنان" بشأن الحوار مع هذه الكنائس، موصيًا بخاصة بالتربية على الروح والفكر المسكونيَين. انه يشجّع على متابعة الجهود والممارسات المسكونية القائمة، وعلى تطبيق المبادرات الجديدة التي اقترحتها اللجنة الاسقفية للعلاقات المسكونية. وذكّر الكنائس الكاثوليكية بالدور المسكوني المنتظر منها، على اساس كلمة الله في الكتب المقدسة والتراث الآبائي المشترك، وبحكم شركتها مع كنيسة روما، وانتمائها مع الكنائس الارثوذكسية الى التقاليد الشرقية الرسولية.
17. وبما ان كنيسة الشركة هي كنيسة الحوار في المحبة والحقيقة. أولى المجلس اهتماماً خاصاً بالتوصية 40 حول الحوار الديني. واثنى على المبادرات القائمة التي تطلقها اللجنة الاسقفية للحوار المسيحي – الاسلامي، وسواها من المؤسسات المماثلة، داعياً الى الافادة من الخبرات الناتجة عنها. انه يوصي بتأمين التنشئة حول مبادى حوار الحياة والثقافة والعيش معاً للاكليريكيين والرهبان والراهبات وطلاب المدارس والجامعات، وبكتابة تاريخ وطني لبناني موحّّد، ووضع دليل تعريفي عن مبادىء الاديان وقيمها الروحية والانسانية، بالتعاون مع المرجعيات المعنية. وتعزيز مستوى الخدمات الاجتماعية من قبل المؤسسات الكنسية لتشمل اوسع شريحة من المواطنين من مختلف الطوائف والمذاهب.
3. الشهادة المسيحية
18. بمقدار ما تكون الكنيسة كنيسة الشركة، تكون كذلك كنيسة الشهادة. فالشركة تتجلّى في شهادة " المحبة بالعمل والحق " (1يو3: 18). ان هوية الكنيسة في جوهرها شركة وشهادة، على صورة الكنيسة الناشئة كما يصفها كتاب اعمال الرسل: " كان جماعة المؤمنين قلباً واحداً وروحاً واحداً… وكان كل شيء مشتركاً فيما بينهم" (اعمال 4: 32). فلا شهادة من دون شركة. والشهادة الكبرى هي حياة الشركة.
19. بما ان الشهادة تقتضي تنشئة عليها. باشر المجلس بدراسة التوصية 32 بشأن المدارس والمؤسسات التربوية الكاثوليكية. فشجعها على ان تبقى امينة لرسالتها في تربية الاجيال الصاعدة، وهي مستقبل مجتمعنا، على روح المسيح والقيم الانسانية والخلقية، وعلى ثقافة الانفتاح والعيش معاً. وفيما يعرب عن تقديره للمدارس الكاثوليكية لما تقدّم من مساعدات لطلابها المحتاجين، يشجّع على المضي بالمشروع المقترح لدعم التعليم فيها. ويطالب الدولة من جديد باقرار "البطاقة المدرسية"، خدمة ً للعائلات.
20. وأولى المجلس اهتماماً خاصاً بتنشئة البالغين على الايمان الحي في مراكز التثقيف الديني واعداد معلمي التعليم المسيحي، كما جاء في التوصية 30. بعد الاطلاع على واقع المعاهد والمراكز من كل جوانبه، أثنى على الخطة العملية التي اقترحتها اللجنة الاسقفية للتعليم المسيحي ودائرة معاهد ومراكز التثقيف الديني، من اجل حسن تطبيق التوصية وتلبية حاجات المناطق. انه يوصي بان يتاح لاكبر عدد ممكن من المسيحيين ان ينالوا ثقافة دينية ملائمة للشهادة المسيحية المنتظرة منهم، تطال ايضاً التنشئة على الاحتفال بالاسرار والمشاركة الواعية والمثمرة فيها.
21. وتوقف المجلس عند التوصية 35 المتعلقة بالاسرة ومراكز الاعداد للزواج والاصغاء والتوجيه. فالاسرة هي الخلية الاساسية للمجتمع، والمدرسة الطبيعية للقيم الانسانية والاخلاقية، والكنيسة المنزلية حيث يُنقل الايمان من جيل الى جيل. يثني المجلس على التصوّر العملي الذي وضعته اللجنة الاسقفية للعائلة والحياة من اجل تطبيق التوصية. يتناول هذا التصوّر مراحل التحضير للزواج، ومراكز الاصغاء لمساعدة الازواج المتعثرين، وراعوية الزيجات المختلطة، وتحديث قوانين الاحوال الشخصية المختصة بحقوق الابوة والامومة وخير الاولاد القاصرين، واعداد " دليل راعوية العائلة "، والحاجة الماسّة الى تهيئة كهنة وازواج ورهبان وراهبات للعمل في راعوية الزواج والعائلة بمتابعة الدروس التي يقدمها فرع الشرق الاوسط لمعهد يوحنا بولس الثاني في جامعة الحكمة – بيروت. ويوصي من جديد بالزامية التحضير للزواج في مراكز خاصة بكل ابرشية او في مراكز مشتركة.
22. وفي اطار الشهادة المسيحية على مستوى الشباب تدارس اعضاء المجلس التوصية 36 التي تسمّيهم مستقبل الكنيسة ومرسلين وشهوداً في مجتمعهم وفي بيئتهم الحياتية. فشددوا على الالتزامات التي توصي بها، وهي تكثيف التواصل واللقاء معهم والاصغاء اليهم والاجابة على تساؤلاتهم وحاجاتهم، وتأمين تنشئة روحية ولاهوتية تساعدهم في عملهم، وبناء جسور حوار معهم، وتحفيز ابداعهم ومهاراتهم والافادة منها. يثني المجلس على خبرة الحركات الرسولية في التعاطي والعمل مع الشباب على المستوى الروحي والراعوي، وعلى ما تقوم به اللجنة الاسقفية لرسالة العلمانيين والمجلس الرسولي العلماني في هذا الاطار. ويوصي باحياء يوم الشبيبة السنوي في كل الابرشيات والمناطق، بالتعاون مع مختلف الكنائس، ويشجّع الشباب على المشاركة في الأيام العالمية للشبيبة. والى الشبان والشابات نقول إن الكنيسة تحبّكم وتحتاج اليكم وتعتمد على حماسكم والتزامكم وشهادتكم حيثما أنتم. فثقوا وسيروا الى الأمام.
23. ثم تناول المجلس التوصية 27 الخاصة بالمرأة، متوقفاً عند السبل الآيلة الى "تعزيز انخراطها ومشاركتها في العمل الراعوي". وتبنى الاقتراحات المقدمة وهي: استعمال صيغة تشمل الرجال والنساء وتنشئة المرأة على ميزات الانوثة وعلى دعوتها ورسالتها في الكنيسة والعائلة والمجتمع، واشراكها في الهيكليات الكنسية والراعوية ومواقع القرار، وانشاء لجنة بين الكنائس لهذه الغاية، بحيث تكون مشاركة المرأة في حياة الكنيسة وهيكلياتها فاعلة، ومنظمة ضمن حدود صلاحياتها وحقل عملها. ويوصي المجلس بتعزيز لجنة المرأة ضمن اللجنة الاسقفية لرسالة العلمانيين.
24. وفي حقل الشهادة للمحبة، أولى المجلس اهتماماً خاصاً بتعليم الكنيسة الاجتماعي وفقاً للتوصية 38. فيثني على خدمة المحبة الاجتماعية المتنوعة التي تقوم بها المؤسسات الكنسية والهيئات واللجان في الأبرشيات والرعايا. ويقدّر عمل المستشفيات ودور العجزة والايتام والمعوَّقين، ومرشدية السجون، ومراكز مكافحة الادمان على المخدرات واعادة تأهيل المدمنين، ويحث على متابعته بروح رسولية وبكوادر متخصصة. ويدعو الى المزيد من تفعيل خدمة المحبة هذه وفقًا لتعليم الكنيسة الاجتماعي، والى التنشئة عليه وتطبيقه في كل المؤسسات. واطّلع المجلس على ما تقوم به حركة "عدالة ومحبة"، في هذا المضمار، وأثنى على مبادراتها بنشر هذا التعليم باللغة العربية، وشرحه. ويوصي المجلس بإدخاله مادة تعليمية في الصفوف الثانوية والجامعات ومراكز التثقيف الديني والمعاهد الاكليريكية.
25. ونظر المجلس اخيراً في التوصية 33 الخاصة بوسائل الاعلام والمؤسسات السمعبصرية التي اولاها السينودس اهمية خاصة لما لها من دور في اعلان الانجيل ونقل الايمان والتنشئة الدينية والتربية على السلام وتوطيد الشركة بين الكنائس والشهادة للمسيح وللقيم المسيحية، وتشكيل ثقافة التواصل وتعزيز التنمية الشاملة في المجتمعات. فيؤكد المجلس على ضرورة التثقيف على حسن الاستعمال التقني لوسائل الاعلام، وعلى فنّ التواصل والشركة. انه يدعو الى بناء مواقع الكترونية تفتح مساحات للتلاقي، والى السهر على الوقاية من تأثيرات وسائل الاعلام السلبية مثل انتشار البدع والعنف والخلاعة والعدائية الدينية. ويشدد على ضرورة دعم الوسائل الاعلامية الدينية وبخاصة تلفزيون تلي لوميار ونور سات واذاعة صوت المحبة التي تقدم خدمة كبيرة لمسيحيي الشرق الاوسط وسواهم في هذه المنطقة وبلدان الانتشار، من اجل تطويرها المهني والتقني، شاكراً وداعياً الفعاليات ذوي القدرة على مواصلة دعمها المالي. كما يقدّر غنى برنامج التنشئة الكتابية الراعوية الذي تقدمه المؤسسات السمعبصرية في كنائسنا، ويعمل فيه اختصاصيون في المجال اللاهوتي والتقني، موصياً مطارنة الابرشيات بانشاء مراكز سمعبصرية في المناطق التي تحتاج اليها، بالتنسيق مع المركز الرئيسي في بيروت.
ثانياً، الاوضاع العامة في لبنان والمنطقة
26. ولئن كان الهدف الاساسي من جمعية السينودس الخاصة بالشرق الاوسط راعوياً، فإنه يحتاج من اجل تطبيقه الى توفير الاستقرار والعدالة والسلام. إنّ هذه الاوضاع تمكّن المسيحيين وسواهم من العيش الكريم في وطنهم، وهذا حق اساسي من حقوق الانسان. ولقد دعا آباء السينودس في التوصية 9 الى تحمّل المسؤولية المشتركة في توفير السلام والعدالة ولاسيما من قبل الحكومات المحلية والاسرة الدولية.
27. ان الاوضاع الراهنة في لبنان تستدعي تضافر الجهود للخروج من ازمة تأليف الحكومة التي توتّر الاجواء بين المواطنين وتزيد من انقساماتهم ومن التخاطب بلغة التخويف والعنف والوعيد، وتعطل عمل المؤسسات الدستورية والادارات. بنتيجة هذا الواقع، تتفاقم الازمة الاقتصادية والمعيشية، ويعيش المواطنون معاناتهم اليومية، وتتضاءل عندهم فسحة الامل بمستقبل أفضل. ان موجة الاحتجاجات الشعبية والتظاهرات والاعتصامات القائمة في المنطقة التي تسقط الحكام وتبدّل الانظمة وتدعو الى التغيير، انما تذكّر المسؤولين السياسيين انهم مؤتمنون على توفير الخير العام في المجالات الاجتماعية والامنية والاقتصادية والانمائية للمواطنين التي تمكنهم من تحقيق ذواتهم وتأمين العيش بكرامة. فاذا لم يفعلوا، فقدوا مبرر وجودهم وثقة شعوبهم. لذا يدعو المجلس المسؤولين السياسيين في لبنان للتعالي على مصالحهم الخاصة والفئوية، والاقلاع عن زجّ البلاد في سياسة المحاور الاقليمية والدولية، وعن التمحور في احلاف خارجية تخوض صراع نفوذ على ارضنا وعلى حسابنا، مع الحرص على الانفتاح والتعاون في اطار جامعة الدول العربية ومنظمة الامم المتحدة والشرعية الدولية.
28. أما الاعتداءات التي وقع ضحيتها المسيحيون في العراق ومصر وسواهما من البلدان، فقد آلمت أعضاء المجلس الذين يعربون عن تضامنهم معهم، ويطالبون حكومات هذه البلدان والمنظمات الإقليمية والدولية بالعمل على أن يتمكّن المسيحيون من العيش في أمان ومن مواصلة مساهمتهم في تنمية مجتمعاتهم بحكم المواطنية. كما يطالبون أن يحموا جميع، المواطنين، من التعديات الإرهابية. وبما أن المسيحيين في بلدان الشرق الأوسط مواطنون أصيلون وأوفياء لأوطانهم ويؤدّون كامل واجباتهم تجاهها، فإنّ هذا المجلس يطالب حكومات هذه البلدان بتمكينهم من التنعّم بكل حقوق المواطنة، وبحرية الضمير والعبادة، وبالحرية في مجال التربية والتعليم، وفي استعمال وسائل الاتصال الاجتماعي، كما يطالبون المرجعيات الاسلامية بقول الحقيقة بشأن الاصوليات الدينية والاعتداءات الارهابية على المسيحيين بسبب ايمانهم المسيحي.
ثالثًا، شؤون وقرارات راعوية وإدارية
29. اطّلع المجلس على تقارير إدارية بدءًا باللجنة الأسقفية للتعليم العالي والجامعي، حول صعوبة التنسيق بين الجامعات ووضع شرعة للتعليم العالي على غرار المدارس الكاثوليكية، بسبب أن لكلّ جامعة خصوصيتها. ومع ذلك، يطلب المجلس أن يحافظ رؤساء الجامعات على اجتماعاتهم لتنسيق شؤونهم المشتركة، وأن تستمرّ اللجنة الأسقفية في نشاطها، سعيًا الى تحقيق أهدافها وممارسة مهامها.
30. واستمع المجلس الى تقرير العمل الرعوي الجامعي عن السنوات الثلاث الأخيرة، فاثنى على نشاطاته وخدمات المرشدين، وجدّد الدعوة الى المثابرة في هذا النشاط الروحي الخيّر، وشكر الأبرشيات الرهبانيات الرجالية والنسائية على الاستمرار في تأمين مرشدين يتفرّغون للعمل الرعوي الجامعي بشكل متواصل.
31. واطّلع المجلس على تقرير رابطة الأخويات في لبنان الذي تناول إنجازات الرابطة على كلّ من الصعيد الروحي والقانوني والرسولي والتنظيمي والإعلامي، وتواصلها مع هذا المجلس ومع السادة المطارنة. وفيما يثني على نشاط الرابطة ويقدّر التزام الأخويات وكهنة الرعايا مرشديها، فإنّه يطلب الى المرشدين أن يضاعفوا اهتمامهم بالمنظمات الرسولية وبتأمين التنشئة الروحية واللاهوتية لأعضائها، الكفيلة بتعزيز الروحانية التي تطبع حياتهم ونشاطاتهم.
32. وكان تقرير عام عن الأعمال الرسولية البابوية في لبنان لخمس سنوات. فأثنى المجلس على المشاريع التي تحقّقت على الصعيدين المحلي والعالمي، وقدّر المشاريع المخطّط لها. وانه يجدّد التوصية الى الأبرشيات والرهبانيات بجمع صواني اليوم العالمي للرسالات في كلّ آخر أحد من شهر تشرين الأول، وإرسالها الى المكتب الوطني لهذه الأعمال الرسولية من اجل تحقيق أهدافها، وتوفير مساعدات مالية من " صندوق التضامن العالمي" في الفاتيكان، لنشاطات محلية من خلال طلبات منظمة.
33. قدمت اللجنة الاسقفية اللاهوتية والكتابية تعميماً تبنّاه المجلس بثلاث نقاط:
أ) منع ممارسة التقسيم على الاشخاص والارواح، من قبل الكهنة أو الشمامسة أو العلمانيّين، إلاّ بموجب إذنٍ خطّي من الاسقف المحليّ صادرٍ بعد الاوّل من كانون الثاني 2011، ولكلّ حالةٍ بمفردها.
ب)إنشاء لجنة مختصة تضمّ لاهوتيّين وأطباء ومعالجين نفسيّين ومرشدين اجتماعيّين، تساعد الاسقف على التمييز بين المسّ الشيطاني والارواح الشريرة والحالات المرضيّة.
ج) منع التقسيم العلنيّ في وسائل الإعلام كافة.
34. أجرى المجلس انتخابات تناولت الوظائف المنتهية مدّة ولايتها، فانتخبوا حسب اللائحة التالية:
أ) في الوظائف الشاغرة في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان
· صاحبي السيادة المطران بولس مطر والمطران سليم غزال، قدس الأب ايلي ماضي، وحضرة الأم العامة دانييلاّ حرّوق، أعضاء في لجنة الترشيحات.
· قدس الأب العام طنّوس نعمه، نائبًا لرئيس اللجنة الأسقفية اللاهوتية والكتابية.
· حضرة الأم العامة فيليسيتيه ضوّ، نائبةً لرئيس اللجنة الأسقفية للعائلة والحياة.
· قدس الأب العام ايلي ماضي، نائبًا لرئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام.
· حضرة الأب سمير بشاره اليسوعي، مرشدًا عامًا لرابطة الأخويات في لبنان.
· حضرة الأب فادي بو شبل، مرشدًا عامًا للعمل الرعوي الجامعي.
· حضرة الخوري بول كرم، مديرًا وطنيًا للأعمال الرسولية البابوية.
ب) في الوظائف الشاغرة في رابطة كاريتاس لبنان
· السيّد هيكل دخيل البدوي، نائبًا لرئيس الرابطة.
· الأب كميل حنّا ملحم، مرشدًا عامًا للرابطة.
· الأب بول سعاده، ممثلاً للكنيسة اللاتينية في مجلس الرابطة.
· السيّد ميشال حبيس، ممثلاً لكنيسة السريان الكاثوليك في مجلس الرابطة.
· الدكتور جورج جان عزّو، ممثلاً للكنيسة الكلدانية في مجلس الرابطة.
· الأب جوزف شربل، والأب مخايل عوض، ممثلين للرهبانيات الرجالية في مجلس الرابطة.
· الأخت هدى حدّاد، ممثلة للرهبانيات النسائية في مجلس الرابطة.
· الدكتور الياس رشيد خليل، ممثلاً لأبرشية صور المارونية في مجلس الرابطة.
· الدكتور ناجي صعيبي، ممثلاً لأبرشية جبيل المارونية في مجلس الرابطة.
· العميد حنّا سليلاتي، ممثلاً لأبرشية زحلة المارونية في مجلس الرابطة.
· السيّد جوزف حكيم رحمه، ممثلاً للأبرشية البطريركية المارونية في منطقة الجبّة في مجلس الرابطة.
· السيّد أنطونيو إميل يمّين، ممثلاً للأبرشية البطريركية المارونية في منطقة زغرتا في مجلس الرابطة.
الخاتمة
35. يرفع أعضاء هذا المجلس صلاة الشكر لله على انعقاد جمعية سينودس الأساقفة الخاصة بالكنائس الكاثوليكية في الشرق الأوسط: شركة وشهادة، وعلى ما صدر عنها من توصيات كانت موضوع هذه الدورة الذي يوجّه عمل كنائسنا واللجان المشتركة والمؤسسات والهيكليات التابعة للمجلس. وقد اعتبر قداسة البابا بندكتوس السادس عشر إن هذه الجمعية السينودسية "عنصرة متجددة، ذلك أن العنصرة كحدث أصليّ، هي في دينامية مستديمة". وهكذا، على هدي الروح، تتجدّد كنائسنا في هويتها ورسالتها، فتظلّ في وطننا علامة الرجاء والأداة لتحقيق تدبير الله الخلاصي الشامل في المحبة، ويكون ابناؤها وبناتها في مجتمعاتهم في الشرق وبلدان الانتشار "كالملح في الطعام، والنور في البيت، والخميرة في العجين" (راجع متى 5: 13-15؛13: 33).
نسأل الله، بشفاعة أمنا مريم العذراء سيدة لبنان، أن يفيض علينا روحه القدوس ليشدّد روابط الشركة في الكنيسة الواحدة وبين الكنائس، بحيث "نكون دائماً قلباً واحداً وروحاً واحداً" (اعمال 4: 32)، وان يمنحنا "قوة من فوق فنكون شهوداً لمحبة المسيح حتى اقاصي الارض" (أعمال 1: 8).