حــدد اتـجاهـك

الاخت سامية صموئيل

من راهبات القلب المقدس

 

" إن الشئ الاعظم في حياتنا هذه ، لا يكمن في موقفنا الآن ،

بل في أي اتجاه نتحرك " ( اوليفر هولمز ).

17/10/2011

يقول لنا الكتاب المقدس " لا تهمل الموهبة التي فيك " ( 1 تي 4:14). ويقول أيضا في ( 1 بط 4:10 ) "ليكن كل واحد بحسب ما أخذ موهبة يخدم بها بعضكم بعضا كوكلاء صالحين علي نعمة الله المتنوعة" ومن خلال الآيات السابقة يتضح لنا ما مسئوليتنا تجاه ما أعطانا الله من مواهب.

أن تحديد الاتجاه أمر مهم في نمو الشخصية ولتحقيق ذلك ، عليك أولا بتحديد الاهداف والنهايات حتي تستطيع أن تحقق النجاح الذي تصبو اليه.  ومن خصائص الهدف الجيد أن يكون واضحا ومحددا وقابلا للقياس … ولا نقصد بالهدف أن تقول " أن هدفي أن أمجد الله في حياتي" أو " أن اشهد للمسيح أمام الاخرين" . لا شك أن ذلك هدف نبيل حقا، لكنه ليس محددا، فالاهداف يجب أن تكون قياسية ، أي تقاس بالزمن ( متي سيحدث ذلك ؟) وكذلك تقاس بالعمل ( ماذا سيتم فعله ؟) وعندما نستطيع الاجابة علي هذين السؤالين ، نكون بذلك قد حددنا هدفنا ، ومن ثم يمكننا وضع الخطة المناسبة لتحقيق هذا الهدف.

كيف تضع خطة لحياتك؟

1-   تحديد الاهداف والاتجاهات مثلا:

         الحياة الروحية / الجسدية / العقلية / العائلة / المجتمع / الوظيفة / الحالة المادية ….. الخ .

2-   حدد الوقت المناسب والمتاح امامك لصرفه في كل إتجاه وفقا للاحتياجات المختلفة .

3-   دون أفكارك وحدد ما تقوم به بشأن كل هدف ، وبعناية شديدة.

4-   حدد هدف عام لكل هذه الجوانب الموجودة في رقم 1 لتصل الي تحديد الاتجاه.  وقرر المدة الزمنية اللازمة لذلك   ولتكن 3 أو 5 سنوات ، او كما تري انت .

5-    تخيل حياتك بعد هذه الفترة المحددة كيف تكون ؟

 

وإن لم تستطع وضع خطة طويلة الاجل لأهدافك ، فيمكنك وضع خطة لمدة أسابيع … ويري البعض انه من الافضل وضع امرا مهما كبيرا للسنة كلها ، مع تحديد برنامج زمني لتحقيقه . وهناك بعض الاسئلة قد تساعدك مثل :

         إذا كانت حياتي ستنتهي بعد عدة شهور ، فما عساي أن أفعل في ذلك الوقت ؟

         في نهاية حياتي – ماذا أريد أن يتذكرني الناس به ؟ !.

 

أن خطة وضع الاهداف تتطلب منك أن تنظر بنظرة مكبرة  Macro ، واخري مصغرة Micro  ، نحو أهدافك … فالمنظار المكبر يجعلك تمتد بذهنك وخيالك بحرية ، لكي تكتشف الامكانيات العديدة التي تكمن بداخلك. إلا أن هذا المنظار يركز علي الفرد ، دون مسئولياته تجاه الاخرين، فمثلا إذا ركز الفرد علي أن يعطي أشغاله كل الاولوية  ، فلن يجد فائضا من الوقت للراحة الشخصية ، أو أن يصطحب عائلته لقضاء يوم خارج المنزل .

 

        وتشمل النظرة المكبرة رؤية الشخص لأهدافه في ضوء قدراته الشخصية ، وتأثير هذه الاهداف علي الاخرين ، فمثلا الام التي تريد أن تبدأ عملا خارج المنزل ، عليها عليها أن تدرس التأثير الذي سيحدثه هذا التغيير علي علاقتها بزوجها واهتمامها بأطفالها.

 

        أما النظرة المصغرة ، فهي تزيد خياله حرية ، فقد تتخيل نفسك مع عائلتك في أجازة لمدة أسبوع مثلا . ولهذا فالاحلام والامنيات مهمة جدا ، وعليك تدوين كل ما يطرأ علي فكرك ، لأن هذه الاحلام مهما صغرت أمامك، فهي جزء من فكرك الداخلي .. وعليك أن تستعرضها بوضوح أمامك وتتفهمها . ولا تنسي أن تعطي حيزا للرب في خطتك، علينا كأولاد الله أن نثق في الرب أنه يستطيع أن يصنع أعظم من توقعاتنا.

 

أن عملية تصغير وتحديد الاختيارات للوصول إلي اختيارات وفقا لنظرة الله لحياتنا تسمي  " الأختيارات العليا " وهي تعني الأختيار الأكثر حكمة والتزاما من جهة تأثيرة علي الاخرين. مثالا لذلك : الوالدان اللذان يفضلان صرف نقودهما علي شراء العاب للطفل أكثر من شراء ملابس المدرسة له ، إنما ينظران للأمر بنظرة مصغرة .. فهم أختاروا الامر الأكثر متعة للطفل. والعكس صحيح ، فالوالدان اللذان يقومان بالتضحية بالالعاب الترفيهية مقابل شراء أحتياجات الطفل من الملابس ، هنا تكون نظرتهما مكبرة ، بمعني إنهما قررا ما هو الافضل وليس ما هو الامتع .

 

        فعندما تتحقق الاهداف العملية ، والخطوات الواقعية ، سوف يسهل تحديد أولويات الحياة والخطوات نحو الهدف ، خاصة إذا ما أقترن ذلك بالصلاة الحارة،  يجب أن تعكس اهدافنا مشيئة الله وأرادته لحياتنا.  وتحقيقها يتطلب مثابرة وعملا جادا والتزاما بالتطبيق.

 

        لقد كان بولس الرسول مثالا رائعا لنا في تطبيق وتحقيق الاهداف النبيلة ، والتي مجد بها الرب في حياته . فقد وضع أولا هدفا عاما لحياته ، وكان هذا الهدف هو "  فأجري نحو الهدف ، للفوز بالجائزة التي هي دعوة الله  السماوية في المسيح يسوع " ( في 3 : 14 ) ، ثم قام بوضع أهداف محددة تقوده نحو هذا الغرض "  وبعد ما أقوم بهذه المهمة ,اسلم اليهم تلك المعونة ، أمر بكم وأنا في طريقي الي اسبانيا " (رو15 : 28).  لقد أنجز بولس كثيرا من المهام الناجحة في حياته ، لانه وضع هدفه نصب عينيه ، وحدد الطرق العملية التي ستعينه علي هذه الرسالة ، والهدف وفقا لقيادة الروح القدس .

 

        لقد عرف بولس السؤالين الهامين : من يكون هو ؟ وماذا يريد أن يفعل بحياته؟ !.  ونحن أولاد الملك علينا أن لا نتجاهل المسئولية ، لنتعلم أكتشاف القدرات الخفية التي منحها الله لنا . والتي تستطيع أن تمدنا بالاتجاه الذي علينا أن نسلك فيه من اجل تمجيد قلب الرب .