تجليات الآلم . . .

 

خاص بالموقع – 03 ابريل 2013

 

قال أحد القديسين عن سر الألم في الحياة : "إن الله قُبلةُ حب ومشاركة في عُمق الإنسان المتألم .. والإنسان المتألم دمعةُ إيمان ورجاء في قلب الله الحنون!" هذا ما اختبره القديسون في تأملاتهم أمام يسوع المصلوب ..

وعند زياراتهم وخدمتهم للمتألمين المصلوبين مع المسيح .. هذا ما يعيشه ويلمسه كلٌّ من كرّس حياته من اجل تخفيف آلام الناس في الكنيسة والمجتمع على مثال المسيح الذي "كان يطوف يصنع خيراً … " على مثال الأم تريزا ومنصور دي بول وفرنسيس الأسيزي وغيرهم .. وهذا أيضاً ما يحاول الإنسان المتألم أن يعيشه في إيمان وصبر ورجاء في مسيرته نحو السماء .. خاصة في زمن الصوم الأربعيني المقدس استعداداً لعيد القيامة .

ومن أجمل ما اختبرته في خدمتي الرهبانية هى رسالة أعضاء حركة " إيمان ونور" وبيت الرجاء  Fair Heaven" " بالإسكندرية وغيرهم الذين يرعون بكل الحب والعطاء ذوى الإحتياجات الخاصة. إنها معجزة الحب في هذا العصر ! تُرى وجوه مضيئة بالرحمة والبذل وقلوب فياضة بالفرح والإيمان والصبر . . .

سر الألم في الإنسان يفوق إدراكنا وإمكانياتنا الثقافية والمادية . إنه سر الله ! لا نستطيع أن نفهمه ولانقبله إلاّ على ضوء المسيح المصلوب الذي أعطى معنى وقيمة للألم ، وجعله وسيلة لتقديس النفوس والخلاصية ! وايضاً وسيلة لتضامن الإنسان مع أخيه الإنسان المتألم . وهذا ما يدعونا إليه بولس الرسول الذي قال : "إني أفرح الآن في آلامي لأجلكم ، وأكمل ما ينقص من شدائد المسيح في جسمي أجل جسده السري وهو الكنيسة (جماعة المؤمنين) " (1كور) .

فحاول ، يا صديقي ، أن تخفف آلام الآخرين وآلامك أنت ، وتحولها إلى بيت للرجاء . . إلى ينبوع للإيمان والحب والفرح ! إشترك مع جميع المتألمين في محيطك وفي هذا العالم بالصلاة والتضامن مع كل إنسان متألم في حاجة إلى عونك وتضحيتك . وما أجمل ما كتبه الكردينال برتوني ، سكرتير دولة الفاتيكان ، عن تجلّي الحب الإلهي في ألم الإنسان . يقول : "إن إلهنا يختار الصمت ويفضل أن يبقى بين ذراعى المريض ، صامتاً في ألم ، مختفياًَ ، وفاعلاً بحبه في آن واحد : يتألم معه .. ويعزيه في أوجاعه .. وأيضاً ينقيه بنار حبه الإلهي .. حتى يتّمجد فيه! إن حبه لا يحمينا من الألم ولاينزعه منا .. وإنما يرافقنا به لكى يُظهر لنا قيمته الخلاصية . . . قيمة أنتصار حبه الإلهي بموته وقيامته .. على الموت وعلى آلامنا في هذه الأرض .. وبذلك يُشعل فينا نور الرجاء والصبر والإنتظار السعيد لمجد القيامة معه ".

هذا ما يؤكده لنا بولس الرسول عندما قال : "إن آلام هذا الدهر لا تقاس بالمجد المزمع أن يتجلّى فينا."

"يارب ، كن مُسَبحاً من أجل الذين يُقاسون المرض والشدة وهم صابرون . . طوبى للذين من أجلك يحملون صليبهم بسلام . . لأنهم ، أيها العلى ، يُكللون!" (فرنسيس الأسيزي)تطيع أن نفهمه ولانقبله إلاّ على ضوء المسيح المصلوب الذي أعطى معنى وقيمة للألم ،

 

الأب/ يوسف المصري