سريلانكا: كاريتاس تغيث الجرحى والمعوقين والمهجرين

الأوضاع الإنسانية ما تزال مأساوية على الرغم من الاستسلام

روما، 20 مايو 2009 (Zenit.org)

فيما كانت منظمة الأمم المتحدة تستنكر الأسبوع الفائت "إراقة الدماء"، كانت كاريتاس تغيث الجرحى والمعوقين والمهجرين جراء الحرب الأهلية، حسبما أفادت "كنائس آسيا"، وكالة إرساليات باريس الأجنبية، في 12 من مايو الجاري، قبل إعلان استسلام المتمردين منذ يومين. ومع ذلك فإن الأوضاع الإنسانية ما تزال مأساوية.

يوم الثلاثاء 12 مايو، أحدث الجيش السريلانكي خرقاً جديداً في الصفوف الدفاعية لدى المتمردين التاميل (نمور تحرير التاميل إيلام) الذين تقلصت أرضهم إلى منطقة تبلغ مساحتها 2 كلم2 وتضم عشرات الآلاف من المدنيين العالقين فيها. ويقدر أن عدد هؤلاء المدنيين يتراوح بين 50000 و150000، إلا أنه لا يمكن التدقيق في هذه الأرقام لأن وسائل الإعلام ومراقبي منظمة الأمم المتحدة لا يسمح لهم بالاقتراب من منطقة القتال.

على أثر عمليات القصف التي جرت في 9 و10 من مايو الجاري والتي أوقعت أكثر من ألف قتيل من بينهم مئة طفل، استنكرت الأمم المتحدة "إراقة الدماء" التي يلقي المحاربون تبعتها على بعضهم البعض(1). "إن قتل المدنيين من بينهم 100 طفل خلال نهاية الأسبوع يظهر أن مسلسل إراقة الدماء قد تأكد"، حسبما علمت وكالة الصحافة الفرنسية من غوردون وايس، الناطق الرسمي باسم منظمة الأمم المتحدة. وفي ظل رفض نداءات الأسرة الدولية وتوصياتها الداعية منذ أشهر إلى وقف إطلاق النار في سبيل إنقاذ المدنيين، يبدو أن الطرفين مصممان على القتال حتى النهاية، على الرغم من تزايد الخسائر البشرية على مر الأيام ومع تقدم القوى المسلحة.

وقد قدرت الأمم المتحدة عدد المدنيين القتلى بأكثر من 6500 وعدد الجرحى بأكثر من 14000 خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة(2). أما عدد اللاجئين في مخيمات فافونيا، فإنه يتجاوز الـ 200000. وفي هذه المخيمات، باتت الأوضاع المعيشية عرضة لانتقادات الأسرة الدولية والكنائس المسيحية التي تشكل جزءاً من الهيئات القليلة المسموح لها بالدخول إلى منطقة المهجرين(3)، والتي استنكرت بدورها التمييز الذي يعاني منه هؤلاء المدنيون الذين ذاقوا ويلات الحرب. وفي رسالة وجهت في السابع من مايو الجاري إلى الرئيس السريلانكي ماهيندا راجاباكسا، طلب أسقف كولومبو الأنغليكاني، المونسنيور داليب دي شيكيرا "رداً سياسياً فورياً وفعالاً على أعمال الظلم المرتكبة ضد التاميل" وحذر من خطورة "وضع جماعة كاملة تحت المراقبة" مضيفاً "لا بد من التوقف عن رؤية شبح نمور تحرير تاميل إيلام في كل شخص تاميلي"(4).

في هذه المخيمات المحاطة بالأسلاك الشائكة تحت حراسة الجيش، يعمل ممثلو مؤسسة كاريتاس على توزيع الأغذية وتوفير الرعاية الطبية. كما أنهم يحصون عدد الجرحى الذي يستمر في الارتفاع، ويضعون قائمة الاحتياجات بخاصة تلك الضرورية لإعادة تأهيل العديد من المعوقين. وتأتي تقاريرهم مخيفة شأنها شأن تقارير المتطوعين الذين يزورون المستشفيات ومراكز الرعاية. "هذا ما يضع علينا ضغوطاً شديدة لأن هؤلاء المعوقين بحاجة إلى مساعدتنا إلى حد يفوق قدرتنا"، حسبما أعلن مدير كاريتاس في مانار، الأب سانتيا جويس بابي سوساي، مضيفاً أنه طلب مئات الأعضاء الاصطناعية، وأجهزة تقويمية مختلفة، وعكازات ونقالات وكراسي مدولبة، وجبائر متنوعة للمرضى من كل الأعمار(5). وقال مانجولافاتي بيتر الذي يعمل أيضاً لبرنامج كاريتاس في أبرشية مانار: "حتى الآن، استطعنا تأمين أعضاء اصطناعية فقط لـ 200 شخص من بين كل الأشخاص الذين أعاقتهم الحرب".

من بين هؤلاء المدنيين، نذكر حالة الطفلة فاتاني التي ما إن احتفلت بعيد ميلادها الثامن حتى فقدت ساقها خلال عمليات القصف الجوية التي استهدفت قريتها فيسفامادهو الواقعة في شمال الجزيرة. كانت تركض مذعورة في حقول الأرز عندما أصيبت بشظية في ساقها. فاتاني وأمها أرونتاتي تم نقلهما على متن المعدية التابعة للجنة الصليب الأحمر الدولية إلى مستشفى ترنكومالي العام. من بعدها، نقلتا إلى مخيم شيتيكولام للاجئين حيث أمنت كاريتاس عضواً اصطناعياً للطفلة. تشكر أرونتاتي منظمة الأمم المتحدة على إعطاء أمل جديد لابنتها قائلة: "الآن، يمكنها السير مثل الآخرين بفضل الساق الاصطناعية".

ولكن مؤسسة كاريتاس في سريلانكا التي يعمل خمسون من أعضائها في منطقة الصراع ويساعدون السكان، دفعت هي أيضاً ضريبة كبيرة للحرب الأهلية. ففي الثامن من مايو الجاري، أدى قصف مدفعي إلى قتل أنطونيبيلاي أوتاياراج راج المتطوع الذي كان يقود سيارة تابعة لكاريتاس في المنطقة المسماة بالـ "الآمنة" في مقاطعة مولايتيفو والذي كان يبلغ من العمر 25 عاماً. وقد كان "رجلاً شجاعاً يعمل في مناطق الصراع منذ سنوات"، حسبما قال مدير كاريتاس في جافنا.

هذا وأصيب كاهنان من مؤسسة كاريتاس، هما الأب فاسانتايسيلان، مدير قسم فاني، والأب جايمس باتينايتن، عضو اللجنة الوطنية للعدالة والسلام والتنمية، بجروح خطيرة في شهر أبريل الفائت فيما كانا يوفران الرعاية في كنائس مقاطعة مولايتيفو(6). وأسف ألويسيوس جون، المسؤول عن منطقة آسيا في الإغاثة الكاثوليكية، كاريتاس فرنسا قائلاً: "هذه الكارثة هي أسوأ بكثير من كارثة تسونامي. هناك منطقة كاملة بحاجة إلى إعادة الإعمار بعد إصابتها بجرح عميق. إن جيلين من التاميل لم يعرفا إلا الحرب، فلا بد من إعطاء معنى لحياة هؤلاء الأشخاص"(7).

(1)        Associated Press، 11 مايو 2009؛ وكالة الصحافة الفرنسية، 11 مايو 2009.

(2)        وكالة رويترز، 12 مايو 2009.

(3)        كنائس آسيا 506.

(4)        آسيا نيوز، 8 مايو 2009.

(5)        Ucanews، 11 مايو 2009.

(6)        كنائس آسيا 506.

(7)        الإغاثة الكاثوليكية، 23 أبريل 2009.

يمكن إعادة نشر أخبار كنائس آسيا كلياً أو جزئياً شرط ذكر المصدر.