أين الطريق؟

أين الطريق؟

بقلم المونسينيور د. يوأنس لحظي جيد

كثيرا ما نجد أنفسنا في حالة حيرة أمام العديد من حالات الإحباط والتشرذم والتخبط والضبابية والتعثر، وكثيرا ما نتساءل ما الحل الأفضل؟ وما هو الطريق الأمثل للخروج من الازمات؟ وما هو العلاج الانجح لتحويل حتى الشدائد لفرص للتعلم وللنمو.

أمام هذه الأسئلة لا أحد يملك العصا أو المفتاح السحري، ولا يمكن لأي إنسان أن يدعي حيازته للدواء الناجع أو للوصفة الشافية الوحيدة. غير أن الصمت ورؤية الأوضاع بسلبية دون محاولة التفكير في حلول ممكنة لا يساهم في الشفاء، لأن الساكت عن الحق هو مشارك في الظلم، ولأن الله أحيانا يخاطبنا ويرشدنا عبر أبسط الأشياء وأضعف الأشخاص. فمن السهل دائما لعن الظلام واتهام الآخرين بالتقصير والتخاذل ولكن من الصعب كسر الصمت والمخاطرة بعرض وتلخيص ما يدور في النفوس والقلوب بمحبة واحترام وتواضع وغيرة رسولية.

الحل هو علاج الأسباب لا فقط الأعراض، وتحليل الدوافع وحساب النتائج قبل اتخاذ القرارات.

الحل هو الكشف بعقل وتروي عن مسببات أمراض الجسد قبل الشروع في علاج الأعضاء والاجزاء.

الحل في المواجهة بشجاعة وعدم دفن الرأس في الرمال أو تشتيت الجهد والوقت في معارك وحلول ثانوية.

الحل في الكف عن ضرب الناس بالحجارة بينما بيوتنا من زجاج و”من منا بلا خطيئة”؟

الحل في احترام سيادة القوانين واتباع الحِس السليم والحكمة والتأني والحصافة والحزم العادل.

الحل في طلب المشورة بتواضع ورفض المسكنات التي تُنتج مآزق أكثر عمقا ومزيدًا من التخبط والتمزق والضياع.

الحل في عدم تأجيل المواجهة لان نقل المشاكل يُزيدها تعقيدًا وسوء.

الحل في الكف عن تحويل الأصدقاء إلى غرماء، واختلاق أخطار وهمية وخصومات تصورية وانتصارات خرافية، ورؤية السوء في كل مكان، وتطبيق نهج العقوبات الجماعية.

الطريق في التصرف برِفعة وترفع وحكمة وحنكة وبطاعة بنوية وبمحبة أبوية.

الطريق في التخلي عن التفكير بالمصالح الشخصية واتباع الصالح المشترك والخير العام وخلاص النفوس.

الطريق هو اتباع مِثال المسيح الذي لم يأتي ليُخدَم بل ليخدِم ويعطي المثل بالفعل قبل القول ويقدم حياته لخلاص الجميع.

الطريق هو المسيح الذي انحنى وغسل أرجل تلاميذه كي يكونوا معه في فردوس النعيم، والذي رد على الظُلم بالغفران وعلى الاضطهاد بالبركة وعلى السب واللعن واللطم بالمحبة.

الطريق في تذكر كلمات القديس بولس: “إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة، فقد صرت نحاسا يطن أو صنجا يرن، وإن كانت لي نبوة وأعلم جميع الأسرار وكل علم، وإن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال، ولكن ليس لي محبة، فلست شيئا، وإن أطعمت كل أموالي، وإن سلمت جسدي حتى أحترق، ولكن ليس لي محبة، فلا أنتفع شيئا المحبة تتأنى وترفق. المحبة لا تحسد. المحبة لا تتفاخر، ولا تنتفخ ولا تقبح، ولا تطلب ما لنفسها، ولا تحتد، ولا تظن السوء ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق وتحتمل كل شيء، وتصدق كل شيء، وترجو كل شيء، وتصبر على كل شيء”.

الحل في تعلم أنه

إذا غابت الحكمة هيمن الضلال،

وإذا غابت المحبة تاه الجميع وتحجرت القلوب،

وإذا أُقصِي العدل تسلط الظلم وساد الظلام،

وإذا غابت الرؤية ضاع الهدف وتخبط الجميع بلا دليل، ونهش الكل لحم بعض، وصار المزاج هو الميزان، والانتقام هو المقياس، والتشهير هو المعيار،

وإذا تنحى الاحترام تعربد الجميع،

وإذا مات الضمير غاب الأمل وصار الإنسان ذئبًا لأخيه الإنسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *