الأب يؤانس لحظي أحد صناع الوثيقة التاريخية ” الأخوة الإنسانية ” كما تناول الحديث عدد من الموضوعات التى تحمل قراءة لمونسنيور المصري لواقع الكنيسة وتطلعاتها .
أجرى الحوار : ناجح سمعان
- شغلت سيادتكم العديد من المواقع في السلك الدبلوماسي لحاضرة الفاتيكان – كيف ترى هذه الخبرة في خدمة الكنيسة الجامعة؟
تعكس الخدمة الدبلوماسية شاسعة وعالمية الكنيسة الكاثوليكية والتي تمتد إلى أقاصي الأرض بنور الإنجيل وبخلاص السيد المسيح فللفاتيكان علاقات دبلوماسية مع أغلب بلدان العالم وحضور يتخطى اللغات والحدود والثقافات. وقد منّا الله علي بالخدمة في دولة الكونغو والجابون والعراق والأردن والهند وكذلك لأكثر من ثمان سنوات بأمانة دولة حاضرة الفاتيكان وهي خبرة فريدة في خدمة الكنيسة الأم والكنائس المحلية لأن ممثل قداسة البابا يعمل على مجالين الأول في تمثيل الفاتيكان لدى الدول والحكومات والهيئات والمؤسسات الدولة والثاني لخمة الكنائس المحلية في الدول التي يخدم بها.
- كان لكم الحظ كـأول مصري وعربي يشغل موقع سكرتير قداسة البابا.. ماذا يعني العمل تحت الرئاسة المباشرة للأب الأقدس؟
يعني خدمة خليفة القديس بطرس هامة الرسل، يعني عيش أفراح وأحزان ونجاحات واخفاقات أبناء الكنيسة في كل مكان، يعني التعلم في مدرسة الكنيسة كل يوم وكل دقيقة، يعني رؤية الأمور من منظور يتخطى حدودها الضيقة لوضعها في سياقه الأوسع والأشمل، يعني التتلمذ اليومي لمدة أكثر من ست سنوات في مدرسة البابا فرنسيس، رجل الله المتواضع.
- وصفت بأنك مهندس اتفاقية الأخوة الإنسانية التي وقعها قداسة البابا فرنسيس وفضيلة شيخ الأزهر الطيب.. ماذا تمثل الوثيقة من وجهة نظركم في مسيرة الحوار المسيحي الإسلامي؟
تمثل وثيقة الإخوة الإنسانية نقطة تحول في العلاقات المسيحية الإسلامية وفي تاريخ حوار الأديان، لأنها المرة الأولى بالتاريخ التي يتفق فيها رمزان على أن الايمان بالله لا يجب أن يدفعنا للتصارع بل للتعاون والعيش كإخوة. فالوثيقة تؤسس لعهد جديد من العلاقات يقوم على اليقين والاعتراف المتبادل بحرية الدين والعقيدة والضمير، على المساواة بين جميع البشر، رجالا ونساء، أطفالا وشيوخ، أغنياء وفقراء… على احترام دور العبادة وعدم التعرض بالإهانة للديانات والأخرى وحق المواطنة وعدم استغلال الدين في إشعال الصراعات الطائفية والعنف والإرهاب. إنها المرة الأولى التي نرى فيها رمزين بهذا الثقل ينقلان رسالة إخوة للإنسانية ويشهدان على أن ما يجمع أكثر مما يفرق، لتأكيد أن الإيمان الصحيح والحقيقي لا يمكن أن يكون أداة للعنف، وأن الإيمان بالله يجب أن يترجم من خلال احترام القريب وكل إنسان لا سيما الفقراء والضعفاء والمهمشين. إن أهمية الوثيقة تعود لكونها سحبت من المتطرفين كل تبرير للعنف والتطرف والإرهاب.
- كيف ترى إعلان الأمم المتحدة يوم 4 فبراير يوما للأخوة الإنسانية؟
أراه نجاحا لوثيقة الإخوة الإنسانية وتأكيدًا على عالمية محتواها ورسالتها. أراه انتصارا للإخوة على العنف وللاعتدالية على التطرف ولجميع المبادئ السابق ذكرها والتي وقع عليها قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الأمام الأكبر أحمد الطيب يوم ٤ فبراير ٢٠١٩. إنه انتصار أيضا للجنة العليا للإخوة الإنسانية المنبثقة من الوثيقة وللمجهودات الدبلوماسية لجمهورية مصر العربية ولدولة الإمارات العربية المتحدة.
- كان لجائحة ” كورونا ” ظلالها القاتمة على كافة البشر في مختلف دول العالم، كيف تستقرئ علامات الأزمنة من وراء هذا الوباء اللعين؟
لقد أوضح لنا الوباء وضوح الشمس مدى ارتباطنا ببعض البعض فمرض شخص واحد في أقصى المعمورة يؤثر على الجميع في كل مكان. فالجائحة لم تفرق بين دول غنية وفقيرة بين رؤساء دول وأشخاص غير معروفين، بين رجل وامرأة… لتعلمنا من جهة أننا إخوة شئنا أم أبينا ومن جهة أخرى هشاشتنا وهزيمة أدواتنا التكنولوجية واسلحتنا وعلومنا وعجزها في التغلب على هذا العدو غير المرئي. إن الجائحة وضعتنا أمام هشاشة حقيقتنا واحتياجنا الدائم لله ولبعضنا البعض.
- كيف ترى الإرادة الرسولية الصادرة عن قداسة البابا فرنسيس مطلع هذا العام 2021 في شأن منح النساء خدمة المذبح والقارئ بالقداس؟
تأكيد على حق المرأة في ممارسة خدمة المذبح وعلى دورها المهم في الرسالة وفي خدمة كلمة الله ولكنها أيضا تأكيد على عقيدة الكنيسة الكاثوليكية الثابتة في كون سر الكهنوت يمنح فقط للرجال بحسب إرادة السيد المسيح وتعاليم الكنيسة المقدسة الثابتة. فغنى الكنيسة يقوم على تنوعها وعلى عيش الكهنوت المريمي، تمثلا بالعذراء مريم التي من خلالها جاء ابن الله للعالم، وكهنوت السيد المسيح الخدمي والمنقول لنا عن طريق الرسل والأساقفة.
- منذ شهور قليلة عدت بسلامة الله إلى ارض الوطن مصر، ما أهم مشروعاتكم في خدمة الكنيسة الكاثوليكية بمصر؟
في الحقيقة ما زلت أخدم بأمانة سر دولة الفاتيكان وزياراتي لمصر هي من أجل متابعة المشروعات الخيرية التي نحاول تقديمها للكنيسة وأبنائها في منطقة العاصمة الإدارية الجديدة والمتمثلة في تشييد دار أيتام ومستشفى تخصصي لأطفال.